العصيان المدني و ثورة الهامش(1) --- نجدة منصور ادم بشر

العصيان المدني و ثورة الهامش(1)
نجدة منصور ادم بشر
ملحوظة:
تم كتابة هذا الجهد المتواضع 2016 و كنت أنوي تحديثه و نشره قبل إعتقالي 25/12/2018 في صباح ثورتنا المجيدة. وقد تم إعداد مقترح ثورة الرايات الملونة الذي نشرت جزء منه بصفحة الفيس بوك كمساهمة في تغذية المجهودات القائمة الهادفة لإسقاط النظام: و قد تجاوز الفعل الثوري المقال. لذا ساقوم بنشره تمهيدا لنشر تحديث له لاحق مصحوبا بمقترح ثورة الرايات الملونة. 
مدخل
كتبت علي صفحتي بالفيس بوك بتاريخ 11/يناير 2016
"حدثني فتحي منصور و قد عاش ردحا من حياته في أروبا الشرقية. حدثني عن ألوان الرفض التي لبسها السود تعبيرا عن الرفض أبان فترات حركات التحرير في اوربا و امريكا و عن الراستافاريا ..قال لي ألوان الرفض هي هذه الألوان التي تفضلين ارتداءها و هذا هو جزرها التاريخي. إضافة لمسة للون ليصبح داكنا مقابل الألوان الفاقعة التي يضاف لها الأبيض أو الإضاءة ..و عن كيف أن جدائل الشعر هي أيضا وسيلة للتعبير عن الأفريكانية ...كنت سمعت عن المقاومة الناعمة التي صاحبت سرديات غاندي و مارتن لوثر كنج عن المقاومة السلمية. ثم رأيت زكي منصور و رفاقه يضربون عن تناول الطعام أيام نضالهم الطلابي و استوعبت حينها أن النضال الناعم هو الأقسى لأنه جهاد جهد ذاتي محض.. 
و قد عبر محجوب حسين عن موقفه و جدله لشعره كما سمعت من أحد أقاربه، أنه سيحتفظ باستايل جدائل شعره لحين أن تقوم الثورة،... وهذا شكل مختلف للمقاومة من خلال الرفض و لو شكل قطرة في محيط ثورة تتعدد لغاتها، و يظل ابتداع أنماط الرفض من خلال الحفر في تاريخ ثورات التحرير أو تبني أنماط رفض جديدة أحد إبداعات الثورات طويلة العمر راسخة الاهداف ،و التي تحدث ما تحدث من تغيير علي أساس ثبات المواقف و هي لذلك تشكل شكل قاسي علي الذات لطيفا علي تيار الثورات منعشا لها، و هذا قولي في تجربة فتحي بحيري التي أسماها "امتناع احتجاجي عن السكر" التي دخلت إسبوعها الثاني.
إن الترويج لهذا الإمتناع و إضاءته يشكل جانبا هاما لتحقيق أقصي ما يمكن من فعل احتجاج حيث يجب أن تعلو أصوات الثوار و أفعالهم و تتضامن محدثة كلا ثوريا متناغما. الثوار كالجسد الواحد لو امتنع ثائر عن السكر خرج السكر من كافة أجسادنا! لا تهاون! و حينما حدثني فتحي بحيري عن عهده للعام الجديد و امتناعه الاحتجاجي عن السكر شعرت بالمسئولية و ربما كنت عاطفية حينما قلت له "قليل من السكر لن يضر بالثورة يا صديق" لم أتلق ردا علي هذا و فهمت أنه ماض في فعله الخشن بالتخلي الإحتجاجي عن السكر.
..هنالك جدولة لبرجمة و تغطية الإعتصامات المطالبية و دعمها و الترويج لها و إسعاف الممتنعين عن الطعام و عادة تكون مثل هذه الإمتناعات ناجحة في تلبية المطالب كما قد لوحظ في الفترات السابقة ..غير أن الإمتناع عن السكر لم يتم بعد تحديد مآلاته الصحية أو وضعه علي خارطة آليات الحوار أو أساليب الضغط لهدف محدد مع تحديد الجهة التي يقدم لها الطلب! نحن نعلم تماما مدي قلة وانعدام حساسية النظام في التعاطي مع المقاومة غير المسلحة و بالتالي دعونا ندخل أدوات مصاحبة داعمة لتيارات الرفض القاسي علي الذات كالذي تبناه فتحي البحيري! هي مسئوليتنا الجماعية و لا أحد معفي ..!!!!
مقدمة 
ظل السودان منذ استقلاله عام 1956 و حتى إنقلاب الإنقاذ 1989 يعاني من أزمة حكم علي الرغم من مروره بفترات حكم مدنية تخللت النظامين العسكريين. مما جعل ميلاد الدولة السودانية الحديثة متعثرا. بعد دخول السودان في مرحلة الانقاذ تفاقم التردي في الاوضاع التنموية و انهارت المشاريع الاستراتيجية كالسكة حديد و مشروع الجزيرة، و ظل السودان يبتلع باستمرار مخلفات التطور الصناعي من نفايات و نفايات زرية و تردت الخدمات التعليمية مع استخدام نهج التعريب الذي لم يرسي اصوله. كما تردت الخدمة المدنية بسبب تطبيق سياسية التمكين التي اعتمدت الولاء الحزبي للحزب الحاكم بدلا عن الخبرة او المؤهل العلمي. و إنهارت النقابات.و تحولت ساحات النشاط الطلابي في الجامعات في عهد الانقاذ الي ساحات عنف و عنف مضاد. ما يشير في مجمله الي انعدام جميع اسس الحكم الراشد و الشفافية و غياب المحاسبية و حرمان المواطن السوداني من حقوقه المنصوص عليها في الدستور و تكميم افواه الصحافة و حرمانها حرية التعبير و تهديد الحق في الحياة مضافا للحرمان من الحق في النصيب العادل في الثورة و السلطة بشكل عام ولسكان الهامش خصوصا. و تحويل الدولة لخدمة آلة الحرب و صناعتها.مع فشل كامل في اسلوب ادارة المال العام و الميزانيات كل هذا استدعي مقاومة جبارة تزيح هذه الطغمة الفاشلة و احلالها بارادة الشعب. و التي يمكن تحقيقها عبر العصيان المدني.
يستمد العصيان المدني شرعيته لانطلاقه من اهداف عليا وهو يرتكز في هذا علي حق اهل السودان في استعادة السلطة التي سلبت قسرا عن طريق انقلاب عسكري لما يقارب الثلاثة عقود. اثبت فيها القائمين علي الدولة فشلهم الكامل في ادارة الدولة و التي قوض فيها اسس الحكم الراشد و الديموقراطية و المحاسبية و الشفافية و هي الاسس المعيارية لادارة الدولة.
و خيار العصيان المدني خيار مرجح لانه يناسب النظام القمعي و خيار مكلف للنظام.
جدول يوضح فترة حكم الرئيس-نوع الحكم-سبب تغيير النظام
الرقم الاسم نوع الحكم سبب تغيير النظام الفترة الرائسية
1 اسماعيل الازهري مدني انقلاب عسكري 1 يناير/كانون الثاني 1956- 17 نوفمبر/تشرين الثاني 1958
2 الفريق ابراهيم عبود عسكري ثورة شعبية 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 1958 - 21 اكتوبر/تشرين الأول 1963
3 جعفر محمد نميري عسكري ثورة شعبية 25 مايو 1969-6ابريل 1985
4 المشير عبدالرحمن سوار الدهب عسكري حكومة انتقالية 6مارس 1985-6ابريل 1985م
و6ابريل 1985م-22ابريل 1985م
5 احمد الميرغني مدني انقلاب عسكري 1986- 30يونيو 1989
6 عمر حسن احمد البشير عسكري حالي 30يونيو 1989م- 2016
يبين الجدول السابق غياب مبدأ التداول السلمي للسلطة و الفشل و التدني المضطرد في ادارة الدولة السودانية منذ الاستقلال.
تصاعدت موجة من الاحتجاجات الشعبية 2011 انطلقت شرارتها منذ 30 يناير متأثرة بموجة الاحتجاجات العربية في الوطن العربي و التي اندلعت في مطلع عام 2011 و خاصة الثورة التونسية و ثورة 25 يناير المصرية.منشور بموقع ويكيبيديا 2012. مستهدية بثورتي اكتوبر و ابريل و تلتها ثورة سبتمبر 2013 التي راح ضحيتها ما يربو عن 200 شخص.
ولم تحقق هذه الثورات برغم ضخامة التضحية ما كان يطمح الشعب السوداني اليه اسوة بموجات التغيير التي انتظمت العالم العربي مطيحة بالدكتوتوريات. و قد تحتم استمرار النضال السوداني بكافة اوجهه لمجابهة السلطة الحاكمة التي عمقت قبضتها و ضاعفت من وسائل سيطرتها علي الشارع السوداني . في موازاة مع بروز الحركات المطلبية في دارفور 2002 و التي تصاعدت لمقاومة مسلحة 2003 مع وجود تيار موازي لها في القطاع الطلابي اسس لارساء البنود المطلبية، و قاد معارك شرسة في الجامعات في سياق التاصيل لهذه الاهداف و من بينها حق التمييز الايجابي و الحق في الاعفاء من الرسوم الدراسية.
نشأ صراع جانبي قاده بعض الثوار و غالبيتهم من الهامش في اطار التعاطي مع القضايا الوطنية، و اعتبار قضية الحرب قضية محورية كانت من الاولي ان تستدعي الحراك الدائر الان لا ان ياتي الحراك متحفزا بالزيادات في الاسعار التي لا يمكن مقارنتها بمجمل المعاناة من موت و تشريد و غلاء اسعار الدائر في مناطق الحرب و لفترات طويلة .
من جانب اخر رأي الكثير من النشطاء ان الحراك الحالي يجب ان يتم توجيهه بشكل محايد و اعتباره حراك محايد خالي من الصبغة الحزبية و الوجهة السياسية او إعتباره حراك سلمي لا يمكن ادماج الحركات المسلحة فيه مبدئيا .كما تطرق ثوار المناطق التي عانت من المظالم التاريخية لإستسهال القتل في تلك المناطق و عدم تناولها في إطار القضايا الكلية.
تعريف العصيان المدني 
هو عمل سلمي مدني؛ وبموجبه يتوقف كل مواطن عن كافة أشكال التعامل مع كل السلطات القائمة وأجهزتها ومؤسساتها ودوائرها ومسئوليها.منشور بمدونة - علي كيفك 5فبراير 2012.
و في محاولة لتعريف العصيان المدني علي صفحتي في الفيس بوك كتبت:بتاريخ 29 نوفمبر 2016:
العصيان المدني كأداة إنقلاب مدني علي الأنظمة الاستبدادية الدموية يعتبر سلاح استراتيجي منقطع النظير..ففيه تقيف الانظمة عاجزة تماما حينما يجردها الشعب من اداتها القمعية و يقف بينها و بين إستخدام العنف. و تتخذ الشعوب موقعها الطبيعي كشعوب حرة و ذات إرادة و عزيمة و كرامة ..و تمارس حريتها و توقف الة الدولة المستبدة تماما. فالعصيان يجب ان يشمل و يغطي قوي خدمة مدنية تكفي لشل الدولة في حالة عصيانها. و علي الرغم من عدم وجود تخطيط استراتيجي كافي و تغطية شاملة الا ان اختبار العصيان المدني pilot civil disobedience اظهر قدرة الشعب السوداني علي التعاطي مع اكثر رسائل المقاومة تطورا. و بعث فينا الامل. واثبت قدراتنا الغير محدودة علي إحداث تغيير. و راكم في أفعال الثورة. و قربنا من الفعل الحقيقي. و الذي يجب ان يراعي جانب هام جدا و هو الرسالة التثقيفية للعصيان المدني تبسيطها و نشرها و ترويجها. كما نحتاج الصرف علي العصيان المدني و علي السودانيون/ات في الشتات دعم العصيان المدني لدفع ضريبة المقاومة الوطنية. فهذه حكومة فشلت في ادارة الدولة و فسدت و طغت. وعلينا تغييرها
و في تعريف ويكبيديا 2012للعصيان المدني: هو رفض الخضوع لقانون أو لائحة أو تنظيم أو سلطة تعد في عين من ينتقدونها ظالمة. وينسب هذا المصطلح للأمريكي هنري دافيد ثورو 
وكان قد استخدمه في بحث له نشر عام 1849، في أعقاب رفضه دفع ضريبة مخصصة لتمويل الحرب ضد المكسيك، بعنوان "مقاومة الحكومة المدنية". وفي أوروبا، حتى وإن كان اللجوء إلى مفهوم العصيان المدني قد تأخر صياغته، فان فكرة مقاومة قانون جائر أو غير عادل كانت موجودة قبل القرن التاسع عشر. أما اليوم فقد اتسع هذا المفهوم ليشمل العديد من الأشخاص الذين يمارسون أفعالا تسعى للإحلال إعلاميا محل " الحركات المناهضة للدعاية". ولا يرى البعض في هذه الأفعال إلا نوعا من الإضرار بالممتلكات. أما البعض الآخر فيجدونها أفعالا مفيدة تهدف إلى تغيير سياسة السلطات.
هنالك العديد من التعريفات للعصيان المدني و قد ورد في الحسابات الاجتماعية الرسمية لويكيبيديا العربية
العصيان المدني هو أحد الطرق التي ثار بها الناس على القوانين غير العادلة، وقد استخدم في حركات مقاومة سلمية عديدة موثقة؛ في الهند (مثل حملات غاندي من أجل العدالة الاجتماعية وحملاته من أجل استقلال الهند عن الإمبراطورية البريطانية)، وفي جنوب أفريقيا في مقاومة الفصل العنصري، وفي حركة الحقوق المدنية الأمريكية. وبالرغم من اشتراك العصيان المدني مع الإضراب (و خصوصا الإضراب العام) في كونهما وسيلتان تستخدمهما الجماهير للمطالبة برفع ظلم أصابها، إلا أن الإضراب متعلق بحقوق العمال في مواجهة صاحب العمل (والذي يمكن أن يكون هو الحكومة. ويعرف بير هرنكرين في كتابة طريق المقاومة Path Resistance العصيان المدني علي انه :
العصيان المدني هو نشاط شعبي يعتمد اساسا على مبدا اللاعنف‘ انشطة العصيان المدني هي ليست قانونية وهي عبارة عن تحدي لامر ما او لقرار ما0
•هدف النشاط المباشر هو ان يحافظ على ظاهرة معينة او ان يغير ظاهرة معينة في المجتمع0
•النتائج او التبعات الشخصية للنشاط هي الجزء المهم من الرسالة التي يوصلها هذا النشاط0
أهداف العصيان المدني
يلجأ الناس بشكل عام الي هذا الأسلوب السلمي المدني الحضاري عندما تمتنع السلطات ونظام الحكم عن الاستجابة لمطالب عامة للمواطنين التي يتبنّاها كل الرأي العام أو جزء مؤثر معتبر فيه؛ وبعد مطالبات بوسائل سلمية مختلفة وتعنّت من النظام الحاكم قد يصل إلى استخدام العنف ضد المواطنين. 
و قد إستدعي التعنت السياسي و الاستفراد بالحكم و عدم جدية الحكومة في تهيئة مناخ للتفاوض يسمح بوجود الفرقاء السياسيين علي طاولة المقاوضات مع الحكومة ، استدعي الدخول لمرحلة جديدة و هي اللاتفاوض و محاولة استقاط النظام خلال استخد ام الطرق السلمية، و لما اثبته النظام من استعداده لقتل كل مواطن سوداني (تصريح وزير الثقافة) و كما ورد في خطاب البشير في كسلا و كما اثبته المنهج الدموي الذي استخدمته الانقاذ في قهر الشعب السوداني و قتل المتظاهرين و الزج بهم في السجون كما حدث في سبتمبر و غيرها . اهتدت المقاومة الشعبية لمنهج العصيان المدني و اعتمدته كمنهج لاسقاط النظام. 
و ما حدث في دارفور و جنوب كردفان و النيل الازرق و الشرق و الشكل الذي تصدت به الحكومة بإشعال الحرب كرد علي الحركات المطلبية التي تحولت اثر ذلك لمقاومة مسلحة. و قد برهنت الحركات المسلحة علي انها حركات مطلبية المنشأ من خلال محاولتها المزاوجة بين الكفاح المسلح و اندماجها المستمر مع الاحزاب السودانية من خلال البرامج المشتركة لاحزاب نداء السودان و الجبهة الثورية و اخيرا من خلال اعلان العديد من الحركات الثورية دعمها لوسيلة العصيان المدني كوسيلة تهدف للتغيير النظام الحاكم .
ما يعني أن جميع تيارات العمل السياسي السوداني و الشعبي اعتمدت العصيان المدني كما اعلنت خلال تصريحاتها كمنهج يهدف إلي إسقاط نظام الخرطوم.
جدلية المقاومة المسلحة والسلمية
و بالرجوع لبعض التنظير المتصل بهذه القضية، ناقش الباحث محمد عبد العاطي، الجزيرة نت خلاف أصحاب نهج المقاومة المسلحة مع أنصار المقاومة السلمية علي انه ليس خلاف قائم على مبدأ "حالة التفاوض" في حد ذاته ولكن في توقيته ومبررهم أنه لن يكون مجديا إلا بعد مرور فترة على عمل مقاوم مسلح يجبر العدو على تقديم تنازلات " وأنصار نهج المقاومة السلمية يعتقدون أنهم "واقعيون وعقلانيون وليسوا حالمين أو متسرعين يفتقدون الحكمة ولا يجيدون فهم الواقع وتقدير موازين القوى وقراءة الظرف الإقليمي والدولي، ولذلك فالنهج السلمي هو الأسلم والأقل خسارة في تحقيق الأهداف المبتغاة". وكذلك يعتقد الذين يعتنقون أسلوب المقاومة المسلحة أنهم هم "العقلانيون وأنه على مدار التاريخ لم تتحرر أرض ولم يخرج محتل دون عمليات مسلحة موجعة وأن تراكم العمل المقاوم المسلح حتى وإن كانت موازين القوى غير متكافئة من شأنه إحداث قلق أمني وخلق حالة من عدم الاستقرار وبيئة مربكة ترفع من تكلفة بقاء العدو سواء أكانت هذه التكلفة مادية أو معنوية، وأنه لا يمكن إجباره في نهاية المطاف على تقديم تنازلات إذا ما بدأت المفاوضات إلا بهذا الأسلوب الذي ثبتت نجاعته في كل قارات العالم".
فخلاف أصحاب العمل المسلح مع أنصار المقاومة السلمية ليس في مبدأ التفاوض في حد ذاته ولكن في توقيته ومتى تجيء ساعته، إذ يعتقدون أنه لن يكون مجديا إلا بعد فترة من العمل المقاوم المسلح تجبر العدو على تقديم تنازلات تحقق مكسبا سياسيا حقيقيا وليس "وهما من أوهام السلام المزعوم".
لقد أثبتت الإنقاذ طيلة الفترة السابقة أنها لا تستمع سوي لصوت البندقية و هي تجري كافة مفاوضاتها وفقا لموقف قوتها او ضعفها في ساحة المعركة. و بالتالي فإن منهج الحركات المسلحة إن إتفقنا او اختلفنا معها في الدخول لساحات معركة مع الحكومة أتت مدفوعة بمنهجية الحكومة في التعاطي مع القضايا المصيرية. ما دفع هذه الحركات للعمل بمنهج الحرب لتحقيق مكاسب تمثلت في التوقيع علي بعض الاتفاقيات و التي مثلت مراحل تقدم نسبي و انتقال سياسي، مهما كان شحه و عدم مصداقيته او جدواه علي أرض الواقع السوداني.
المعيار والمنطق الذي يستند إليه كل طرف في اختيار أحد أسلوبي المقاومة يعود إلى "فهمه وإدراكه وتوصيفه للواقع وتصوراته عن موازين القوى وكيفية التعامل معها". و قد أدركت التيارات علي إختلافها اهمية وحدة الهدف و المصير المشترك.
لمحة تاريخية 
نشأة مفهوم العصيان المدني
العصيان المواطني
ظهر أول استخدام لمصطلح العصيان المواطني في 19 ديسمبر 1996 مع نشر" الدعوة إلى العصيان المواطني" من قبل عدة شخصيات سينمائية رافضة لقانون ديبري وما يتصل بالهجرة من أحكام. وقد ورد في نص الدعوة: "إننا ندعو مواطنينا إلى العصيان وألا يخضعوا لهذه القوانين غير الإنسانية".
وفي كتابهما بعنوان:من أجل عصيان مواطني أفضل" استخدم كل من جوزيه بوفيه وجيل لينو هذا مصطلح بناء على ترجمة صوتية عن الإنجليزية. وقد حددا ستة معايير مجتمعة لوصف هذا العمل وهي:
1. عمل شخصي ومسؤول: يجب على من يقوم به معرفة المخاطر المترتبة عليه بحيث لا يتهرب من العقوبات القضائية.
2. عمل يتجرد من المصالح الشخصية: فنحن نعلن العصيان تجاه قانون مخالف للمصلحة العامة وليس بغرض مصلحة شخصية.
3. عمل يقوم على المقاومة الجماعية: فنحن نتحرك من منظور مشروع جماعي أكثر اتساعا.
4. عمل سلمي: فنحن نهدف إلى تغيير الرأي والرأي الآخر وليس إثارة أي نوع من أنواع القمع أو الرد المسلح أو أي هجوم على الممتلكات ليس له سوى بعد رمزي.
5. عمل شفاف: فنحن نعمل بوجه مكشوف.
6. عمل سامي: فنحن نلجأ إلى العصيان بعد استنفاد الوسائل الأخرى مثل اللجوء إلى الحوار والأعمال القانونية. منشور بموقع ويكبيديا 2016م
كما وضع غاندي القواعد التالية:
- المقاوم المدني (ساتياجراهي) لن يداخله أي غضب.
- أنه سيتحمل غضب الخصم.
- أنه في سبيل ذلك سيحتمل هجوم الخصم عليه ولن يرد مطلقا، لكنه لن يخضع خوفا من العقاب إلى أي أمر يوجه إليه في غضب.
- عندما يعمد أي شخص في السلطة إلى اعتقال المقاوم المدني فإنه سيخضع طوعا للاعتقال كما أنه لن يقاوم مصادرة متاعه.
- إن كان أي من متاع المقاوم السلمي أمانة مودعة عنده فإنه سيرفض تسليمها حتى لو فقد حياته دون ذلك، لكنه مع ذلك لن يرد هجوما.
- رد الهجوم يشمل السب والشتم واللعن.
- لذا فإن المقاوم المدني لن يعمد إلى إهانة خصمه مطلقا، لذا فهو لن يشارك في أي من الصيحات التي تخالف روح فلسفة أهيمسا.
- المقاوم المدني لن يحيي علم الاتحاد ولن يهينه أو يهين الموظفين البريطانيين أو الهنود.
- خلال النضال إن أهان أحد موظفا أو اعتدى عليه فإن المقاوم المدني سيحمي الموظف من الإهانة أو الاعتداء حتى لو دفع حياته ثمنا.منشور بموقع ويكبيديا 2016
كان الكاتب الأمريكي هنري ديفيد ثورو (Henry David Thoreau) هو رائد النظرية الحديثة في هذه الممارسة في مقالته المنشورة عام 1849 بعنوان "العصيان المدني" (بالإنجليزية: Civil Disobedience) والتي كان عنوانها الأصلي "مقاومة السلطة المدنية" (بالإنجليزية: Resistance to Civil Government"). وكانت الفكرة الدافعة وراء المقالة هي الاعتماد على الذات وكيف أن الموقف الأخلاقي للفرد يكون سليما إذا كان بوسعه "مفارقة غيره" عند اختلافه معه؛ أي أنه ليس على الفرد محاربة الحكومة، لكن عليه أن لا يدعمها في أي شيء وأن لا يستفيد من دعمها له في أي شيء إن كان معارضا لها. كان لهذه المقالة أثر بالغ في عديد من ممارسي العصيان المدني لاحقا. في هذه المقالة يفسر ثورو أسبابه في رفض دفع الضرائب كفعل احتجاج ضد العبودية وضد الحرب المكسيكية الأمريكية.
عقب الحرب العالمية الثانية، وخلال محاكمة النازيين القدماء في نورنبيرج، كان السؤال التالي هو محور الجدل السائد: "إلى أى مدى، يجب أن يسود مبدأ الشرعية على مبدأ العدالة؟". كان النازيون القدماء يزعمون أنهم مجرد أداة تنفيذ، وأنهم مرغمون على الالتزام بالصرامة العسكرية والوحشية النازية وتوقيع العقوبة على كافة أشكال الانشقاق وبالتالى، لم يكتف القضاة في نورنبيرج بالاعتراف بحق الفرد في عصيان القواعد الظالمة فحسب، وإنما أدانوا أيضا أولئك الذين امتثلوا للأوامرو قد ورد في الموسوعة الحرة عنوان نورنبيرج: ( تعد محاكمات نوربيرج من أشهر المحاكمات التي شهدها التاريخ المعاصر و تناولت المحاكمات في فترتها الاولي مجرمي حرب القيادة النازية).
وبمقتضى ذلك تحول الحق في إعلان العصيان على أمر غير قانونى أو ظالم إلى واجب يستوجب عدم تنفيذه توقيع العقوبة المناسبة. و قياسا ععليه يمكن محاسبة كل جندي ضلع في حروب السودان.
في النصف الثاني من القرن العشرين، تولى مارتن لوثر كينغ، زعيم حركة المطالبة بحقوق المواطنة للسود في الولايات المتحدة الأمريكية، تبنى حركة العصيان المدنى. فتزعم حملة مقاطعة الحافلات في مونتجومرى بولايةألاباما في عام 1955، وهي الحملة التي بدأت حين رفضت روزا باركس أن تخلي مقعدها لراكب أبيض. كما تم استخدام العصيان المدنى من قبل مناضلون من أجل السلام والذين كانوا قد شككوا في فكر ودوافع التدخل العسكري في فيتنام. ومن ثم، قاموا بتنظيم اعتصامات شلت المناطق المركزية بالمدن الكبرى.
إن ما تقوم به حكومة الإنقاذ من ذج للخصوم السياسيين في المعتقلات و سوء معاملة الأسري و تحويل الجامعات لساحات معارك يشبه في مجانبته لإصول العدالة أسوأ الممارسات الجائرة في تاريخ العالم ما يستوجب وقفة صلدة ضد هذه الممارسات و تحويل منفذي اوامر الجنرالات و الجنرالات الي محاكم عادلة.
الخاتمة :
و في الختام نطمح أن نقدم خلال تجربة العصيان المدني السوداني 2016 ما من شانه أن يرسي اسس المقاومة السودانية المستهدية بالتجارب السابقة و المستقاة من تراكماتها و نوصي بأن ترتكز علي مجالات العصيان المدني التالية و التي وصفها موقع الثورة اليمنية كما يلي: 
خطوات العصيان المدني و كيفية البدء فيه كما يلي:
إن كيفية تنفيذ العصيان المدني تتلخص في الامتناع عن الفعل والتعاطي والتواصل والاتصال بأي جهة من جهات النظام الحاكم لأي غرض سوى استلام الرواتب بالنسبة لمن يتقاضون رواتب، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
١.وقف التقاضي في المحاكم
أ. وقف اللجوء إلى أقسام الشرطة.
ع. وقف دفع كل أنواع الرسوم والضرائب وفواتير الكهرباء والماء والتلفون والمجاري وغير ذلك، بالنسبة للشركات أو المؤسسات التابعة للسلطة.
٤. ليس من حق السلطات والمؤسسات أن تقطع تلك الخدمات عن المواطنين بشكل جماعي سواء كأحياء أو مدن أو غير ذلك.
خ. يقوم موظفو الحكومة وموظفو المؤسسات العامة بالتجاوب مع مواطنيهم فيبدأون بالعمل البطيء ثم بالتوقف عن كافة الأعمال عدا أولئك العاملين في الأعمال الضرورية مثل الصحة والكهرباء والمياه والمرور والمطافي والأرصاد والمطارات المدنية وتفريغ السفن الناقلة للمواد الغذائية والوقود والمواد الطبية. المنشور بصفحة (من هنا سيبداء التغيير- علي الفيس بوك ) 4ابريل 2011
ط.يتم وقف كل الأعمال والخدمات التي تستفيد منها منظومة الحكم.
ح. يستمر العصيان المدني حتى تتم الاستجابة الكاملة لكل المطالب الشعبية التي أدت إلى العصيان المدني.
التوصيات الخاصة بالمراحل التالية:
1.مشاركة المقاومة المدنية و المسلحة و جميع شرائح المجتمع السوداني في العصيان المدني مع تسهيل إمكانية الوصول من و إلي هذه الشرائح في جميع مراحل التخطيط. و من ثم،
2.البدء الفوري في خطوات إجرائية تمهيدا لارساء أسس حكومة تكنوقراط تؤسس لمرحلة تمكن جميع فصائل المعارضة و المجتمع المدني في المشاركة في الحكم علي اساس ديموقراطي و مراعي للتمثيل و حساس تجاه مسائل الهوية و التمييز الايجابي علي اساس النوع و مناطق الحرب. يليه،
3. تقديم الجناة و منفذي أوامر الحرب و مصدري اوامر الحرب و العنف داخل المدن لمحاكمات عادلة. يوازي ذلك،
4. النظر في ايجاد حلول للقضايا العالقة من ترسيم حدود و الديون و جدولة الإعفاء منها و جدولة الدفوعات و التوجه نحو معالجة اثار الحصار الاحادي و المعالجة الفورية لمشاكل العلاقات الخارجية و التعاون الدولي و الانخراط في سياسات معاجلات للقضايا السكانية و معالجة مشاكل الهجرة و النزوح و معالجة قضايا التنمية المتوازية عموما.
اي اننا يجب ان ننطلق من نقطة ارتكاز تجاه هدف اسقاط النظام الفاشل و معالجة اثار سوء ادارة الدولة و تشكيل دولة سودانية حديثة.