Skip to main content

*أزمة مكتومة بين مصر والسودان* - *هي احتِمالات الصّدام؟* --------*د. عبد الباري عطوان*

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏بدلة‏‏‏

*أزمة مكتومة بين مصر والسودان* 
*هي احتِمالات الصّدام؟*
*د. عبد الباري عطوان*
هُناك أزمةٌ “مكتومةٌ” بين مِصر والسودان انعَكست بشَكلٍ مُفاجِئ بعد إعلان شركة جنوب الوادي المِصريّة القابضة للنّفط عن طرح عطاءٍ عالميّ لعشرة مُربّعات بحُريّة لمنح تراخيص التّنقيب عن الغاز والنّفط في مُثلّث حلايب وشلاتين المُتنازع عليه بين البلدين ومِياهه الإقليميّة في البحر الأحمر.
السيد سعيد الدين حسين البشري وزير الدولة السوداني في وزارة النّفط احتجّ على هذه الخُطوة المصريّة، وقال “إنّ امتياز منطقة حلايب يقع تحت دائرة وصلاحيّات وزارة النّفط والغاز السودانيّة وِفق الخرائط المُعتَمدة من قبل الهيئة العامّة للمساحة ووزارة الدّفاع السودانيّة”، وأضاف “أن طرح أربعة مُربّعات للعطاء العالميّ للتّنقيب عن النّفط والغاز في البحر الأحمر بعد تدخّل مُباشر في منح تراخيص التّنقيب في هذه المِنطقة”.
الجانب المصريّ يلتزِم الصّمت، ولكن مصادر مُقرّبة منه قالت إنّ هذا الإجراء قانونيٌّ، وأنّ أعمال التّنقيب تتم في المناطق الاقتصاديّة في البحر الأحمر التي جرى تقسيمها بين السعوديّة ومِصر، ولم تعترِض عليها السودان، وجرى إيداع الاتّفاقات في هذا الصّدد لدى الأُمم المتحدة.
المنطق يقول أنّ الحُكومتين اللّتين تُواجِهان خطَرًا أكبر اسمه “سد النهضة” الإثيوبي، وخطرًا آخر يتمثّل في سعي تكتّل دول منابع النّيل وحوضه الأفريقيّة لتغيير مُعاهدة توزيع حِصص المياه التي تُعطي البَلدين، أيّ مِصر والسودان، الحصّة الأكبر منها، المنطق يقول بأنّ عليهما أن يتوحّدا لمُواجهة هذين الخَطرين إلى جانب أخطار أُخرى، خاصّة أن السودان دولة ممَر (حصّتها 18 مليار متر مكعب)، ومِصر دولة مصَب (حصّتها 56 مليار متر مكعب) أيّ أنّ جميع مصادر مياه النّهر تأتي من دول أفريقيّة أُخرى، خاصّةً إثيوبيا (85 %) وبعدها بُحيرة فيكتوريا الأوغنديّة.
العلاقات بين مِصر والسودان ظلّت محور شد وجذب طِوال الأربعين عامًا الماضية، وبلغ التوتّر بين البلدين ذروته عام 1996 عندما اتّهمت مِصر جارتها الجنوبيّة، ونظامها الإسلاميّ الإخوانيّ بالوقوف حول مُحاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك الفاشِلة أثناء مُشاركته في القمّة الأفريقيّة في أديس أبابا.
ظُهور هذه الأزَمَة على السّطح في وقتٍ يُواجه فيه حُكم الرئيس عمر البشير احتجاجاتً شعبيّةً صاخبة تُطالب بتنحّيته، يُوحي بأنّ هُناك علاقة لهذه الأزَمة المَكتومة بهذه الاحتِجاجات، وهُناك من يهمِس بأنّ الرئيس البشير غير راضٍ عن الموقف المصريّ “الباهت” تُجاه هذه الأزَمة.
من ناحيةٍ أُخرى لا يُمكِن تجاوز أسباب غضَب الجانب المصريّ من الطّرف السودانيّ في المُقابل أيضًا، وهو الغضب الذي يتمثّل في إيواء السودان لعناصر مصريّة مُعارضة، ومن حركة الإخوان المسلمين تحديدًا، وعلاقاته التحالفيّة القويّة المُتنامية مع إثيوبيا، وأخيرًا توقيعه مُعاهدة دفاع مشترك مع تركيا، ومنحها حق الاستثمار في جزيرة سواكن السودانيّة في البحر الأحمر، والتّنقيب فيها، وتحويلها إلى قاعدةٍ عسكريّةٍ تركيّةٍ، وهذا خط أحمر بالنّسبة إلى الحُكومة المصريّة والرئيس عبد الفتاح السيسي تحديدًا، الذي يعتبِر الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان أحد أبرز السّاعين للإطاحة بحُكمه، واحتضان المُعارضة المِصريّة الإخوانيّة سِياسيًّا وإعلاميًّا بالتّالي.
أزَمات الصّراع على الغاز التي تجتاح المِنطقة، وخاصّةً بين لبنان ودولة الاحتلال الإسرائيليُ، وبين قبرص واليونان من ناحية، وتركيا من ناحيةٍ أُخرى، بدأت تصِل إلى البحر الأحمر وتُهدّد بتفجير نزاعات، وربّما تتطوّر إلى حُروبٍ في المِنطقةِ مُستقبلًا.
لا نعرِف كيف ستتطوّر هذه الأزَمَة السودانيّة المِصريّة القديمة المُتجدّدة، ويبدو أنّ زيارة نائب الرئيس السوداني قبل أيّام إلى القاهرة على رأس وفد يضُم وزير الدفاع، ورئيس جهاز المخابرات، لم تتوصّل إلى نتائج إيجابيّة لتطويقها، وربّما لهذا السّبب طار الوفد من القاهرة إلى أديس أبابا في إطار المُناكفات المُتصاعدة والمألوفة بين البلدين.
الحوار الثّنائي والمُباشر هو الطُريق الأمثل والأقصر لتسوية هذه الأزمَة وتطويق ذُيولها في ظِل رفض مِصر قُبول المطلب السودانيّ باللّجوء إلى التّحكيم الدوليّ للفصل في قضيّة السّيادة على مُثلّث حلايب وشلاتين، ولكن يبدو أن قنوات الحِوار هذه شِبه مَسدودة، إن لم تكُن قد جرى إغلاقها كُلِّيًّا في الفترةِ الأخيرة، ممّا يُوحي بأنّ المُستقبل يحمل الكثير من التّصعيد والتّوتّر.. واللُه أعلم.
*“رأي اليوم”*

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe