كان الأدب ومازال يشكل مرآة عاكسة لما يدور داخل النفس على أرض البشر للمساهمة في صياغة وجدان إنساني سليم _ وقد حفلت حياة عمالقته بالعديد من القصص الزاخرة الغريبة والطريفة معاً ولعل أشهرها قصة الحب المستحيل ،التي تناقلها ذلك الوسط كانت _ قصة الأديبة مي زيّادة التي أحبها كل من ،الرافعي والعقاد وولي الدين يكن _ ولكنها أحبّت،جبران خليل جبران،من دونهم جميعا من علي بعد عشرة ألف كيلومترات ،المسافة الفاصلة ما بين القاهرة ونيويورك ،وتبادلا الرسائل رغم أنهم ما التقيا في حياتهما وجه لوجه قط !?_ وذلك ربما ما جعل كل من العقاد والرافعي وولي الدين يكن ،يعيشون جميعهم قصة حبهم بالاحتفاظ بها مع أنفسهم بعد إدراكهم أن لهم مكاناً وثيراً في الصالون الأدبي وليس القلب بالطبع ،وربما ذلك ما فسره البعض لسبب جفوة ممزوجة بغيرة و ربما حسد وحقد الرافعي الدفين على جبران خليل جبران __ ومن أغرب القصص ان أمير الشعراء أحمد شوقي كان يمنع ابنه حسين من قرض الشعر حتى لايشقي به مثله ،كما حكى شاعر النيل حافظ إبراهيم ذلك عندما سأل شوقي عن سبب رفض توريثه الشعر لابنه حسين فكانت إجابة شوقي _ من الأفضل له أن يعتني بالنثر والنظم لأن الشعر لا يتحمل الوسط وحسين لا يبلغ القمة فيه ،بحسب رأي شوقي في ابنه حسين _ فيما كان الدكتور جلال أمين برغم دراسته في الجامعة الأمريكية من اقسى ألنّقاد وظل حتى اللحظة الأخيرة من حياته معادياً الانصراف نحو الثقافة الغربية ،ومتعلقاً بالموروث العربي وضد كل من يحاول تلقيح_ الأصالة بالمعاصرة _ بوصفه أنه مجرد عربي مصري فلاح ولاشي ٔاخر _ ولذلك أعرب عن امتعاضه دوماً من كبار وأشهر المنفتحين على الغرب توفيق الحكيم في المسرح ،يوسف شاهين في السينما ،المطرب محمد عبد الوهاب في الموسيقى _ كما كان جلال أمين ،يعتبر أن كل ماهو بشري وجب نقده إذا لزم الأمر _وضد فكرة _ تأليه و اسطرة الكبار _ باعتبارها ظاهرة فرعونية قديمة بتصوير ان وجودهم معجزة. وظهور أمثالهم مستحيل ،وبانهم رغم المجد والتبجيل فإن عبقريتهم تعتمد على الصياغة والتنكيك أكثر من اعتمادها على مضمون العمل الفني _ وبأن انتاجهم الفكري متأثر بالغرب بخواء فلسفة الحياة لكونه لاينبع عن أصالة أكثر صدقاً واوفر مضموناً لتقوية الحس الوطني الاجتماعي _ باعتبار أن احترام الأمة لتراثها هو احترام لنفسها والعبث بذلك التراث.هو تحقير للذات واستخفاف بها _فاعترض على معظم أعمال المطرب محمد عبد الوهاب وغمز من تأثر توفيق الحكيم بالمسرح والأدب الغربي وعاب عليه أن كعبة طوافه كانت باريس _كما جلدّ المخرج يوسف شاهين بقسوة نتيجة حساسيته المفرطة من جميع المتأثرين بالثقافة الغربية ووصف افلامه السينمائية _ بأنها خلابّة من الناحية الشكلية ولكن هذا الجمال الشكلي لا يغفر لها عيوبها بوصفها مُبهرة للعين لكنها ثقيلة جداً على القلب _ كما أخذ دكتور جلال أمين ، على عملاق الأدب العربي _ نجيب محفوظ _ التخندق في القاهرة ورفضه الخروج منها طوال عمره الممتد لزيارة عاصمة غربية أو حضور عرض مسرحي أو المشاركة في مهرجان سينمائي عالمي ،حيث اعترض جلال أمين على نمط حياة صاحب نوبل _ بانه رجلٌ يجلس مع الكتب والورق والقلم أكثر بكثير مما يجلس مع الناس ،قد يهوى الاستماع إلى الناس بلا شك، ولكنه فيمايبدو يعشق القراءة أكثر من ذلك بكثير ،وهو زاهد جداً في السفر لرؤية بلاد جديدة ،وعلى الأرجح كذلك في التعُرف بمقابلة اشخاص جُدد ،_ وليس له تجربة ويقصد بذلك _ نجيب محفوظ _ في الصعيد والريف المصري ،الذي لم يتعرف عليه بحسب اعترافاته إلا من خلال مطالعة وقراءة الأعمال الأدبية _ كدعاءالكروان ،والأيام _ لطه حسين ،ولا ندري بحسب وصف جلال أمين للأديب نجيب محفوظ ،هل يعود ذلك لكسل الرجل !? أم لمجرد الافتقار إلى الرغبة في رؤية إماكن جديدة ،فحرم بذلك نفسه من المعرفة المبنية على المعاينة بالمشاهدة والملاحظة المباشرة _ ولا ندري ماذا سيكون رأي دكتور جلال أمين ،في اعترافات نجيب محفوظ بتاثره في صناعة الفن والروعة بكل من الأديب الفرنسي _ بلزاك _ والروسي تولستوي _ كما اعترف الأديب يوسف ادريس ومن بعده كل من الأدباء عبد الله الطوخي ،وصنع الله ابراهيم _ بتاثرهم بالاديب الروسي تيشكوف ،في التزام أدب الروعة والطبقات الكادحة !??_
مع تحياتي @ طلال محمود
Comments
Post a Comment