لبنان:تعيين قائد الجيش بين الأصول والسياسة
29 أيار 2015- النهار
ثلاثة أشهر هي المدة المتبقية من مهلة تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي صدر بقرار من وزير الدفاع السابق فايز غصن في 31 تموز 2013، وتنتهي في 23 أيلول المقبل. لكن المعركة على المنصب، تعييناً أو تمديداً، فتحها رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون استباقياً، طارحاً، بطريقة مستترة، تعيين صهره العميد شامل روكز قائداً جديداً للجيش. والسؤال لماذا شامل روكز من دون غيره؟ ولماذا يحق له في نظر عون ما لا يحق لغيره؟
وفق المعلومات التي توافرت لـ"النهار" من مصادر ثقة، تضم المؤسسة العسكرية راهناً 100 عميد ركن مسيحي ماروني، من دورات الأعوام بين 1980 و1985، يحق قانوناً لواحد منهم أن يتولى مهمات القيادة، ولكن تطرح في التداول نحو 10 أسماء، يتمتع أصحابها بصفات مميزة، وسبق أن تولوا وظائف قيادية ومهمات عملانية ومراكز إدارية رفيعة، وخاضوا معارك مهمة أصيبوا خلالها وانتصروا، تخوّلهم تبوّؤ هذا المركز، تماماً مثل العميد روكز الذي لا ينكر أحد من زملائه الضباط كفاءته وشجاعته وخبرته الميدانية. ويسأل بعضهم لماذا لا تراجع على الأقل سيرهم الذاتية، من تاريخ دخولهم الكلية الحربية حتى حصولهم على رتبة عميد ركن، مروراً بالوظائف التي تسلموها وانتاجيتهم، وإذا كان ولاؤهم للمؤسسة العسكرية أو لفريق سياسي معيّن، لتحديد بالتالي من يستحق أو لا يستحق منهم التعيين.
متابعون للشؤون العسكرية يؤكدون أنه لدى اختيار قائد الجيش يُعتمد عاملان: الأول هو الكفاءة ويفضّل من له خبرة ميدانية، والثاني عدم الانتماء السياسي الى أي فر يق، ولا يؤخذ في الاعتبار عامل العمر أو الأقدمية، بل غالباً ما يتم اختيار الأحدث من بين المرشحين. ويلفتون الى أنه لم يعيّن مرة قائد جيش، وهو على أبواب تسريحه وتقاعده من المؤسسة.
تقتضي التراتبية العسكرية خدمة 8 سنوات برتبة عميد وسنتين برتبة عماد، وسن التقاعد للعميد هو 58 عاماً وللعماد 60 عاماً، وفي العودة الى أرشيف المؤسسة العسكرية في العقود الثلاثة الأخيرة يتبيّن أن العماد ابرهيم طنوس عيّن قائداً بعمر 53 عاماً، وخلفه العماد ميشال عون الذي عين قائداً للجيش بعمر 49، تلاه العماد إميل لحود بعمر 54، فالعماد ميشال سليمان بعمر 50 وأخيراً العماد جان قهوجي بعمر 55 عاماً. وهذا يظهر أن معدل أعمار قادة الجيش راوح بين 49 و53 عاماً، وسنوات الخدمة المتبقية تراوح بين 4 و6 سنوات.
من ناحية ثانية، تلفت المصادر المتابعة الى أنه اذا كان صحيحاً أن قائد الجيش يعيّن بمرسوم في مجلس الوزراء، فإن الصحيح أيضاً أنه يؤخذ دائماً برأي رئيس الجمهورية، فهو رئيس المجلس الأعلى للدفاع، والقائد الأعلى للقوات المسلحة. ولا يدرج بند التعيين على جدول أعمال مجلس الوزراء، إلا بعد حصول توافق على الاسم، ولم يسبق أن وقف وزراء ضد رغبة رئيس الجمهورية في هذا الخصوص.
مع التمديد أو التعيين؟ لكل رأي داعموه. فالذين يطرحون التمديد، أي تأجيل تسريح قائد الجيش، يعتبرون أن في هذا رسالتين، الأولى أن هناك إرادة فعلية وتوجهاً جدياً لانتخاب رئيس، وهو ما يشكل أولوية لدى هذه الحكومة التي تتمثل فيها كل الكتل السياسية. والثانية عدم استباق انتخاب رئيس الجمهورية بتعيين قائد الجيش، وفرضه عليه.
أما الذين يعارضون التمديد، ويطالبون بالتعيين، فتلفت المصادر المتابعة الى استياء بعض الضباط الطامحين الذين يرون في التمديد للعماد قهوجي حرماناً لحقّهم في هذا المنصب، خصوصاً أنه سبق أن حرم البعض من هذا الحق في السنتين المنصرمتين، بفعل التمديد لقهوجي، وسيحرم آخرون من الحق نفسه ثانية، إضافة الى اضطرار البعض للاستقالة علماً أن لا نص قانونياً يفرض على هؤلاء الاستقالة، لكن البعض منهم يقدم على هذه الخطوة لاعتبارات معنوية، أبرزها عدم قبول الإمرة ممن كان لهم حق الإمرة عليه.
وفي كلا الحالين تؤكد المصادر نفسها أن المنافسة والتعيين، إذا حصلا بحسب الأصول، لا يؤثران على معنويات الضباط، لكن ثمة امتعاضاً من تأجيل الاستحقاقات أيضاً في مواقع أخرى في المؤسسة العسكرية مثل مدير المخابرات ورئيس الأركان، وملء الشواغر في المجلس العسكري.
سبق أن ذكر العماد عون في أحد تصريحاته أن "هناك 500 عميد في الجيش، ألا يوجد واحد منهم يستحق أن يعيّن قائداً"؟ هذا صحيح. ولكن الجميع يسألون هل من هؤلاء لا يصلح الا العميد روكز؟ أين تكافؤ الفرص؟ ولماذا إقحام الجيش في البازار السياسي؟ وما الهدف من التأثير على معنويات الضباط والعلاقات في ما بينهم؟ ولماذا مصادرة حق رئيس الجمهورية في اختيار فريق عمله وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة؟ وفي هذا السياق تشير المصادر نفسها الى أن مجرد طرح أي طرف سياسي لاسم ضابط ما، بغض النظر عن مناقبية هذا الضابط وكفاءته، يترك أثراً سلبياً على الدور الوطني للمؤسسة وتماسكها، ويحد من حركة قائدها، ما ينعكس تالياً على فاعليتها، خصوصاً في هذه الظروف السياسية والمذهبية المتشنجة.
ويختمون أن حل هذا النزاع بسيط: انزلوا وانتخبوا رئيساً للجمهورية، فتستقيم الأمور، وفي طليعتها تعيين قائد للجيش وفق الأصول.
متابعون للشؤون العسكرية يؤكدون أنه لدى اختيار قائد الجيش يُعتمد عاملان: الأول هو الكفاءة ويفضّل من له خبرة ميدانية، والثاني عدم الانتماء السياسي الى أي فر يق، ولا يؤخذ في الاعتبار عامل العمر أو الأقدمية، بل غالباً ما يتم اختيار الأحدث من بين المرشحين. ويلفتون الى أنه لم يعيّن مرة قائد جيش، وهو على أبواب تسريحه وتقاعده من المؤسسة.
تقتضي التراتبية العسكرية خدمة 8 سنوات برتبة عميد وسنتين برتبة عماد، وسن التقاعد للعميد هو 58 عاماً وللعماد 60 عاماً، وفي العودة الى أرشيف المؤسسة العسكرية في العقود الثلاثة الأخيرة يتبيّن أن العماد ابرهيم طنوس عيّن قائداً بعمر 53 عاماً، وخلفه العماد ميشال عون الذي عين قائداً للجيش بعمر 49، تلاه العماد إميل لحود بعمر 54، فالعماد ميشال سليمان بعمر 50 وأخيراً العماد جان قهوجي بعمر 55 عاماً. وهذا يظهر أن معدل أعمار قادة الجيش راوح بين 49 و53 عاماً، وسنوات الخدمة المتبقية تراوح بين 4 و6 سنوات.
من ناحية ثانية، تلفت المصادر المتابعة الى أنه اذا كان صحيحاً أن قائد الجيش يعيّن بمرسوم في مجلس الوزراء، فإن الصحيح أيضاً أنه يؤخذ دائماً برأي رئيس الجمهورية، فهو رئيس المجلس الأعلى للدفاع، والقائد الأعلى للقوات المسلحة. ولا يدرج بند التعيين على جدول أعمال مجلس الوزراء، إلا بعد حصول توافق على الاسم، ولم يسبق أن وقف وزراء ضد رغبة رئيس الجمهورية في هذا الخصوص.
مع التمديد أو التعيين؟ لكل رأي داعموه. فالذين يطرحون التمديد، أي تأجيل تسريح قائد الجيش، يعتبرون أن في هذا رسالتين، الأولى أن هناك إرادة فعلية وتوجهاً جدياً لانتخاب رئيس، وهو ما يشكل أولوية لدى هذه الحكومة التي تتمثل فيها كل الكتل السياسية. والثانية عدم استباق انتخاب رئيس الجمهورية بتعيين قائد الجيش، وفرضه عليه.
أما الذين يعارضون التمديد، ويطالبون بالتعيين، فتلفت المصادر المتابعة الى استياء بعض الضباط الطامحين الذين يرون في التمديد للعماد قهوجي حرماناً لحقّهم في هذا المنصب، خصوصاً أنه سبق أن حرم البعض من هذا الحق في السنتين المنصرمتين، بفعل التمديد لقهوجي، وسيحرم آخرون من الحق نفسه ثانية، إضافة الى اضطرار البعض للاستقالة علماً أن لا نص قانونياً يفرض على هؤلاء الاستقالة، لكن البعض منهم يقدم على هذه الخطوة لاعتبارات معنوية، أبرزها عدم قبول الإمرة ممن كان لهم حق الإمرة عليه.
وفي كلا الحالين تؤكد المصادر نفسها أن المنافسة والتعيين، إذا حصلا بحسب الأصول، لا يؤثران على معنويات الضباط، لكن ثمة امتعاضاً من تأجيل الاستحقاقات أيضاً في مواقع أخرى في المؤسسة العسكرية مثل مدير المخابرات ورئيس الأركان، وملء الشواغر في المجلس العسكري.
سبق أن ذكر العماد عون في أحد تصريحاته أن "هناك 500 عميد في الجيش، ألا يوجد واحد منهم يستحق أن يعيّن قائداً"؟ هذا صحيح. ولكن الجميع يسألون هل من هؤلاء لا يصلح الا العميد روكز؟ أين تكافؤ الفرص؟ ولماذا إقحام الجيش في البازار السياسي؟ وما الهدف من التأثير على معنويات الضباط والعلاقات في ما بينهم؟ ولماذا مصادرة حق رئيس الجمهورية في اختيار فريق عمله وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة؟ وفي هذا السياق تشير المصادر نفسها الى أن مجرد طرح أي طرف سياسي لاسم ضابط ما، بغض النظر عن مناقبية هذا الضابط وكفاءته، يترك أثراً سلبياً على الدور الوطني للمؤسسة وتماسكها، ويحد من حركة قائدها، ما ينعكس تالياً على فاعليتها، خصوصاً في هذه الظروف السياسية والمذهبية المتشنجة.
ويختمون أن حل هذا النزاع بسيط: انزلوا وانتخبوا رئيساً للجمهورية، فتستقيم الأمور، وفي طليعتها تعيين قائد للجيش وفق الأصول.
Comments
Post a Comment