مقتطفات من التفسير التوحيدى
(إن الَّذين كَفَرُوا سواء عَليْهِم أنذرْتُهمْ أمْ لمْ تُنذِرْهُمْ لايُؤْمِنُونَ ) (6)
الذين كفروا حقاً الذين غطوا فى نفوسهم فطرة الإيمان ، والاشارة فى الآية للكافرين فى مكة وحول المدينة الذين أحاطوا بالرسول والمسلمين ، لذا لم يتكثف ذكرهم كما تكثف فيما يلحق ذكر أهل الكتاب وذكر المنافقين فيما يلى مباشرة وهم ظهروا بثقلهم فى المدينة . وسواء عليهم ، على الذين كفروا ، ما كان من انذار الرسول منذ مكة أو لم يكن فهم لايؤمنون ، وذلك تثبيت لأمرالرسول بعد الأسى عليهم وتأسيس للعلاقة معهم على القطيعة التامة فلا رجاء فى إيمانهم ، بينما ذكر المتقون وأيمانهم وأعمالهم . الذين كفروا لايؤمنون ( بصيغة المضارع ) حالة متدرجة صاعدة متصلة ، فقد مضى أمرهم لم تجد فيهم النذارة حتى يذهبوا فيعتدوا فيصدعهم الجهاد والفتح وتنشرح قلوبهم للايمان .
(خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وعَلَىأبْصَارِهمْ غشاوةٌ ولهُم عَذابٌ عظيمٌ )(7)
كذلك مضيت فيهم عاقبة قدر بما فعلوا ، ختم الله طابعاً على قلوبهم وسمعهم وجاءت الغشاوة على أبصارهم ، لأن الغشاء على النظرحجبه عن البصر النافذ الى آيات الله ، والغشاوة لاتحجب السمع وإنما يحجبه الختم . ’وسمعهم ’ جاءت بالمصدر ، لأن وظيفة السمع جماعية فالصوت والكلام يلتقطه كل من حضر ، ولكن العين قد تنظر وتبصر ما لايبصره حاضر اخر فى نفس المكان فجاءت الابصار بالجمع لتعمّ . والآية فى ارتباط مع الاية قبلها ، تشير إلى كفار مكة وصلابة قلوبهم ونأيهم عن سماع القرآن ثم عن إدبارهم وعميانهم عن آيات الله ، ولهم مع تلك الصفات عذاب عظيم فى الدنيا والآخرة . والآيتان تذكّران بكفار مكة وقد مضى عهدهم عند نزول البقرة ، وثلاث آيات سبقت بذكر المؤمنين وعددهم قليل فى المدينة ، ولكن فى المدينة كثير من المنافقين الذين تذكرهم عدة آيات تاليات.
Comments
Post a Comment