Skip to main content

كلمة حق أريد بها الحق عن الفرس والصفويين والمجوس ومصائب أخرى ------------- د. عبدالوهاب الأفندي

كلمة حق أريد بها الحق
عن الفرس والصفويين والمجوس ومصائب أخرى
د. عبدالوهاب الأفندي
MAY 28, 2015
(1) منذ عقود، والخطاب السياسي العربي يشهد انحطاطاً متزايداً على وقع الدعاية الشعبوية لأنظمة وجماعات سياسية بدأت برفع شعارات التحرر وكرامة الشعوب والنهضة، قبل أن تنتكس أسفل سافلين. فقد دفعت الانهيارات المتلاحقة، والذعر الذي ضرب الأنظمة البعض إلى تبني خطاب غلبت عليه الشوفينية، إن لم نقل العنصرية، وساده التنابز بالألقاب، والترامي بالكبائر من خيانة وعمالة، وما إليها.
(2)
عم البلاء اليوم حتى أصبحت بعض الجهات «الإسلامية» لا تتورع عن مثل هذا الخطاب «الجاهلي» (وهو تعبير نبوي في إدانة التنابز العنصري بالألقاب حين قال لمن تورط فيه: «إنك امرؤ فيك جاهلية»).
فقد دأبت الدعايات العربية الهابطة في أيام الحرب العراقية-الإيرانـــية إلى وصـــف الإيرانيــــين بأنهم «الفرس» بقصـــد الذم، كأن انتساب فئة إلى عرق أو هوية ثقافية هو جريمة. بل ذهب البعض إلى وصف الإيرانيين بـ«المجوس»، في خطاب تكفيري تحقيري كله كذب.
(3)
لا يعيب شخصاً أن يكون فارسياً أو ديلمياً أو حتى مغولياً، حتى لو لم يكن مسلماً، فليس النسب بسبة. والفرس مع ذلك أهل حضارة وثقافة، قبل الإسلام وبعده. وقد كتبت بعض أروع منتجات العصر الإسلامي الثقافية باللغة الفارسية، من الشاهنامة ورباعيات الخيام، إلى حكم جلال الدين الرومي ثم أشعار محمد إقبال. وقديماً ذكرنا ابن خلدون بأن غالب حملة العلم الديني في الإسلام كانوا من العجم، ومن الفرس تحديداً. فمنهم الغزالي وأبوحنيفة والبخاري وكثيرون غيرهم. ولكن حتى لو لم يكن لأي جهة غير عربية علم أو ثقافة أو بلاء في أي مجال، فليس من الدين أو الخلق تعييرهم بأصلهم. فقد حكم الله من فوق سبع سموات بأن الأكرم عنده هو الأتقى.
وبما أن التقوى هي في علم الله وحده جل وعلا، فإن التفاضل يكون بظاهر العمل الصالح ونفع الخلق، أو في أضعف الإيمان، كف أذى النفس عنهم.
(4)
من أبشع ما يرتكب في هذا المجال رمي الإيرانيين بأنهم «مجوس»، وهي فرية كبيرة في حق المؤمنين بالله ورسوله، لأن نظير ذلك وصف العرب بأنهم مشركون من عباد اللات والعزى. فكما أن المجوسية كانت دين الفرس قبل الإسلام، كذلك كان الشرك دين العرب. وبالمثل يمكن وصف أهل الشام وشمال افريقيا بأنهم نصارى ويهود، وكله إثم عظيم. ويكون الأدهى حينما تصدر مثل هذه الاتهامات من قوم لا يلقون بالاً إلى الدين أصلاً، والكافر الملحد أحب إلى نفوسهم، وأرضى عندهم من القانت المتعبد.
(5)
للأسف ساهمت الثقافة العربية الموروثة ـ خاصة في العهد الأموي وشطرمن العباسي- في نشر هذه النزعات الشوفينية المناقضة لروح الإسلام والتمكين لها في الوجدان الشعبي. فقد تفاخر الشعراء بالقبلية، وأحيوا نعرات الجاهلية، وشجعهم على ذلك حكام ظلمة، ونخب نسيت تحذيرات الرسول الكريم من مغبة مثل هذه الانحرافات والضلالات. وقد أحيا البعض اليوم هذه النعرات في إطار إحياء الجاهلية ومنكراتها تحت ستار إحياء العروبة، بدلاً من إحياء قيم الإسلام الصحيحة التي تنكر مثل هذا التنابز بالألقاب، والتعظم الكاذب بالآباء والأنساب.
(6)
يحق لمن شاء أن ينتقد النظام الإيراني، أو يذم الميليشيات الطائفية التي تمارس القتل والإجرام والترويع، وكلاهما يستحق الكثير من النقد والذم بما كسبت أيديهما. ولكن لا يبرر هذا التهجم الظالم على كل الإيرانيين أو كل الشيعة، وإلا لوقعنا ما وقع فيه بعض من يرمي كل المسلمين بالإرهاب بحجة أن كثيراً ممن يرتكب جرائم الإرهاب هم ممن يدعون اتباع ملة الإسلام، ويقولون عن كبائرهم: «الله أمرنا بها».
(7)
بالقطع ليس هناك ما يبرر تعيير فئة بهويتها العرقية، أو ثقافتها أو بلدها ونسبها. فضلاً عن تكفير المسلمين وصفهم بالشرك والمجوسية. ومثل هذه التجاوزات تسيء لمن يقترفها، ولا تضر من وجهت إليه شيئاً. ويدخل في ذلك وصف شيعة العراق ـ أو بعض قياداتهم ـ بأنهم «صفويون»، وهي مذمة مزدوجة. فهي من جهة، تستعير مسبة على شريعتي للتشيع الإيراني التقليدي بأنه «تشيع صفوي»، كناية عن كونه محرفاً. ومن جهة ثانية تجرد العراقيين من مواطنتهم وتنسبهم إلى إيران، مقام الصفويين.
(8)
يجب أن يتركز النقد لسياسة معينة على أخطاء وخطايا تلك السياسات، لا على هوية من نفذها، فتكون المفاضلة بين من يريد أن يحيي ويعمر وينفع الناس، وبين من لا هم له إلا التدمير والقمع والتنكيل. وفي هذا المقام، يستوي حفتر والسيسي ومن ناصرهما، وهم يزعمون أنهم من السنة (ونحن أول من نبرأ إلى الله منهم) مع المالكي وسليماني ونصر الله، وهم يزعمون أنهم شيعة ينصرون أهل البيت ويدعون أن لبيك يا حسين، ويعنون أن لبيك يا بشار الذي قال عنه أنصاره أنه لا إله إلا هو (ونحن وأهل البيت أبرياء منهم ونشهد الله على ذلك). فكلهم قتلة يريدون استعباد الخلق من دون الله، وفجرة يقتلون الأبرياء، ويكذبون علينا وعلى أنفسهم وعلى الله ليل نهار. وهذ جريمتهم، وليس كونهم من الفرس أو المجوس. وليتهم كانوا وكفوا أذاهم عن المؤمنين.
(9)
يكفي أن أذى هؤلاء القوم يقع أول ما يقع على من يدعون أنهم يدافعون عنهم. فمعظم ضحايا النظام الإيراني هم من «الفرس» الشيعة الذي امتلأت بهم سجون إيران ومنافي أرض الله الواسعة ومحارق الدمار من صحارى العراق إلى جبال سوريا. وقد بشر حسن نصر الله أتباعه بهلاك ثلاثة أرباعهم، وأنذر السيسي المصريين بهلاك جيلين منهم في محرقته العبثية لإطفاء نور الله. وحفتر دمر ليبيا ويهدد بتدمير مصر ومن يقف خلفها من دول الخليج. فنصر الله خطر على الشيعة في لبنان قبل غيرهم، والسيسي وحفتر خطر على مصر وليبيا والخليج، والخامنئي وسليماني خطر على إيران. فقد دمر صدام العراق ودمر الأسد سوريا، وما كيد الظالمين إلا في تباب.
(10)
التنابز بالألقاب هو كذلك خطر على من يجترحونه، فهو كذب بواح أولاً، وانحطاط أخلاقي وديني، ومبرر للعنف والقطيعة. فليطهر الناس ألسنتهم من الفحشاء كما يجب أن يطهروا أيديهم من دماء المؤمنين. فإن من قتل مؤمناً متعمداً فإن جزاءه جهنم خالداً فيها، وإن كان من آل البيت، أو كان من نسل الكريم ابن الكريم ابن الكريم، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
٭ كاتب سوداني
د. عبدالوهاب الأفندي

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe