الإعلام .. أفيون الشعوبأبجديات
تاريخ النشر: الأحد 28 سبتمبر 2014
أعتقد في أحيان كثيرة أن هناك فجوة كبيرة بين ما نتابعه هنا في عالمنا العربي عبر وسائل الإعلام (الصحف - الفضائيات.
|
الفجوة التي نعنيها تتعلق بمضامين الإعلام عندنا، بالمادة التي تغذينا وتصب في عقولنا كل ثانية، ولندع جانباً المادة الخبرية برغم ما تنطوي عليه من توظيفات سياسية وأيدلوجية وعدم دقة، لكن بخلاف نشرات الأخبار ماذا يقدم لنا الإعلام؟ يقولون إن الإعلام لم يخترع ليكون أداة للتثقيف (التليفزيون تحديداً) فمن يريد الثقافة يعرف طريقه جيداً نحو المكتبات، كما أنه لم يخترع للتوعية! وحتما ليس لحمل قيم المجتمع وطموحاته عالياً وتكريسها في نفوس الأجيال، إذن لماذا اخترع التليفزيون وما وظيفة الإعلام؟ قال لي أحد الأساتذة: التليفزيون وسيلة ترفيه أولاً وأخيراً، أما المطاليب الأخرى فتلك أمور غير ملزمة!!
في الإعلام هناك ما يعرف بنظرية المسؤولية الاجتماعية، تؤكد أن للإعلام مسؤولية كبيرة تجاه الفرد والمجتمع كالتوعية، التثقيف، الإخبار، تعزيز القيم.
.
.
إلخ، لكن هذه النظرية تراجعت، وتم تجاوزها والقفز عليها وفي فصول كليات الإعلام والصحافة يعتبرونها من مخلفات الحرب الباردة، كما ينظرون إليها باعتبارها إحدى نظريات الأنظمة الشمولية والديكتاتورية، وان الزمن قد تجاوزها لأن الحرية التي ترفعها الأنظمة الديمقراطية تسير بشكل معاكس لهكذا نظريات، الحرية لا تجعل للدولة دوراً ولا للآخر حقاً في فرض قيم أو توجيهات، ولذلك فالإعلام للترفيه ومتعة العين وتعزيز الشهوات وثقافة التسليع والاستهلاك، بمعنى آخر أن الإعلام مطلوب منه ليكون حراً أن يخدم قيم السوق لا أكثر، فما الفرق إذن بين النظم الشمولية والديمقراطية هنا في توظيف الإعلام لمصلحته وضد الفرد والمجتمع بشكل واضح؟
ليس مطلوباً أن تعود قبضة الدول الديكتاتورية على الإعلام حتماً، لكن من الصعب تصور أو قبول الإعلام وهو يغرد في واد والمجتمع في واد آخر، من غير المقبول أن نستمر للأبد نجتر نفس البرامج المقلدة والمعلبة والمواد المستنسخة والأفلام، فحتى وإن اختلفت العناوين فإن التوجهات والطروحات نفسها، برامج فارغة من أي مضمون، من أي فكرة سوى التفاهة -هذا إذا اعتبرنا التفاهة فكرة أصلاً - برامج تجند الجماهير لاستخراج مطرب أو راقص، برامج تعلي قيم التسطيح وتفريغ العقول والتي لا تختلف عن المخدرات والأفيون، حتى صار جائزاً أن نقول إن كثيراً من إعلامنا صار أفيون الشعوب فعلاً، هذا دون أن نغفل عن كتيبة المذيعين والمذيعات الذين لا يمتون للإعلام بصلة ولكن لكل ما من شأنه إثارة النعرات والقرف وعدم المهنية !
Comments
Post a Comment