Skip to main content

في هدأة النفس- حمده خميس - كبش الفداء (1 - 2)

كبش الفداء (1 - 2)

تاريخ النشر: الإثنين 29 سبتمبر 2014
المثقف هو ذلك الإنسان الذي ينتج الثقافة. وهو إذ ينتج الثقافة بتعدد أنواعها، فإنه يبذل جهداً مضنيا، وعملا فكريا دؤوبا يستغرق الوقت، ويستهلك الطاقة الجسدية والمادية. فشروط إنتاج الثقافة ليست شروطا فردية مثالية لا تلمس الواقع ولا تتكئ عليه ولا يحتاج صاحبها إلى المادة التي تسير حياة الأفراد وتتحكم فيها. ففي كل العصور، كان الكتاب والورق والقلم سلعة تباع بثمن نقدي لا لبس فيه ولا غموض. وفي هذا العصر لم تصبح هذه الأدوات أغلى فقط، بل أضيفت إليها حاجات أخرى متعددة. كوسائل الثقافة السمعية والبصرية والكومبيوتر والإنترنيت. وكلنا يعلم أن المثقف لا يحصل عليها تبرعاً أو مجاناً. وإذا كان المثقف موظفاً في مؤسسة خاصة أو عامة، فإن جزءاً هاماً من دخله يذهب إلى توفير مستلزمات هذه الثقافة وإنتاجها. وإذا لم يكن موظفاً رسمياً ويعتاش من إنتاجه الثقافي وحده، إما اصطفاء أو قسرا فالله وحده يعلم أي ضنك يعاني في واقع لا يعترف بالثقافة كإنتاج يعلو على إنتاج كرسي في مصنع. وفي واقع يفرض شروطاً للعيش لم تخطر على بال مثقف قبل ثلاثين عاماً على الأقل، لا يكفي لهاث العمر كله لإيفائها.

إن المثقف المواطن لا ينتج الثقافة وهو معلق في فضاء الفراغ، بعيدا عن أشواك الأرض، وتروس الزمن. ولا ينتجها في ساعات الاستغراق في النوم اللذيذ الذي يعز مثله على المثقف ذي الحس اليقظ والقلق المضني. فكيف إذن والسؤال موجه إلى كل أجهزة الإعلام الخاصة والعامة، المقروءة والمسموعة والمرئية يجلس الإعلامي وراء مكتبه الوظيفي ويقرر استنطاق هذا المثقف حول استطلاع أو تحقيق، يملأ به صفحات الصحيفة، أو برنامج الإذاعة، أو محطات البث الفضائي، أو المحلي دون أن يدرك أن المثقف الذي أدلى بمعرفته، كان قد دفع ثمنها من عرقه وجهد فكره، وصحة بدنه، وزمن عمره. وهو بذلك قد قدم إنتاجاً ذا قيمة أدبية ومادية. فإذا كانت القيمة الأدبية يدفعها القارئ للمثقف، فإن القيمة المادية حق للمثقف على الجهاز الإعلامي الذي اشترى منه المعرفة ليبيعها بدوره إلى القارئ، والمستمع والمشاهد. أليس الإعلام وأدواته سلعة تباع وتشترى؟ هل يحصل المثقف المواطن على قنوات الثقافة كلها دون ثمن نقدي صرف؟ هل توزع الصحف على المثقفين مجانا؟ هل تبث الفضائيات والمحليات برامجها على الناس مجانا؟ ألا يدفع المثقف قيمة الأجهزة الموصلة للمعلومات والثقافة؟ ألا تقبض أجهزة الإعلام ثمنا باهظا على نشرها للإعلانات التي أصبحت الغاية والوسيلة؟ إذن أليست المعرفة كلها سوق بيع وشراء؟ فلماذا على المثقف المواطن تحديداً حين يعبئ صفحات الصحف بنتاجه الثقافي، وحين تجرى معه مقابلة صحفية أو على شاشات المحطات الفضائية، أو يحاضر في الندوات التي تنشط بها المؤسسات الرسمية والخاصة يكون متطوعاً ومجانياً، أي كبش فداء، لأنه مواطن فقط؟ هل تعتقد أجهزة الإعلام أنها بذلك تمن على المواطن بشهرة لم يكن ليستحقها لولا سعيها الكريم؟ وحين تستضيف أي مثقف من بلد آخر تجزي له العطاء وكل شروط الاستضافة؟ أم أنها تعتقد أن ثقافة المواطن أدنى في القيمة من ثقافة مواطني الدول الأخرى، كما عبر لي أكثر من مثقف من دول عربية وأجنبية، عن رأيهم المتدني في قيمة إبداع الخليجيين المترفين!

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe