أن كنت فقدت امتيازك كابن طاهر مُحباً لله وتحيا بكلمته وتعيش وصاياه، وسقطت صريع الجوع والعطش للبرّ وخارت كل قوة فيك، ولم يعد لك القدرة على القيام وممارسة الحياة الروحية، وسُدت نفسك عن الصلاة وقراءة الكلمة، ولم تعد ترى نور الحياة في المسيح يسوع، ونظرك صار مثبتاً في ضعفك ولا ترى سوى مشكلتك، ووصلت لطريق مسدود حتى يئست من نفسك تماماً في كل شيء، بل وترى نفسك فاشلاً وميتاً بالخطايا والذنوب لا أمل ولا رجاء فيك إطلاقاً، فأعلم يقيناً، وأنت في هذه الحالة المُرة، أنك الآن محل عمل الطبيب، فأنت وفي هذا الحال صرت شغل الله الشاغل وموضوع محبته الخاص ومحل عنايته الفائقة، لأن في الواقع أنت فقدت امتيازك كابن، لكنه لم يفقد امتيازه كأب، لأنه أب أبدي، أبوته لا تتوقف قط حتى لو تعطلت بنوتك، وهو لا يحتاج إلى إنسان غريب آخر يتوسل إليه من أجلك أو يحنن قلبه عليك، لأن محبته هي التي تتوسط بينك وبينه، وأحشاؤه الأبوية هي التي تأن عليك أنيناً وتحنو إليك، وهي وحدها من تلدك من جديد، لتصير أنت إنساناً جديداً آخر طاهراً غير الذي كنت عليه.
الأب حينما يجد ابنه العائد إليه، لأن ليس له آخر يلجأ له سواه، فهو يفرح فرح فائق جداً ويُسرّ للغاية، وبكون الله أصل كل أبوة ومصدرها المُشع، فأنه حينما يراك آتياً له ولو من بعيد جداً، فأنه يشدك ويجذبك نحوه سريعاً ليحتضنك ويقبلك بقلات أبوته الحانية، ويرد لك كل ما فقدته باستهتارك وعبثتك ولهوك في حياة الشرّ حتى أصبت نفسك بجروح وأوجاع لا تنتهي، فشوَّهت نفسيتك وحطَمتك بالتمام، حتى شعرت أنك منبوذاً عند ذاتك ومرفوضاً من الله، وهذا هو وهم الخطية وجرحها المُميت حينما تدخل الإنسان في اليأس ليفقد كل ثقه في أبيه السماوي…
فيا محبوب الله الحلو أخي الخاطي مثلي الذي يحبنا الله معاً لا لأننا مستحقين بل بكونه أب، عن خبرة أقول لك، واعرفك طريقة قبول أبيك السماوي لك الذي تظن أنه ينتظرك بالعقوبة التي تدَّعي أنك تعلمها جيداً، فها هي الطريقة التي يُصلح ويؤدب بها نفسك:
+ أنه يفتح أحضانه عن آخرها ويحتضنك بشوق عظيم جداً، ويعطيك عوض العقوبة قبله محبة أبوية فائقة، هذه التي لا تُقيم وزناً للخطية، بل تقيس رجوعك على المحبة، والمحبة وحدها فقط هي المقياس والميزان الذي يقيس الله عليه القلوب، فلا توبة بدون محبة، والمحبة بدايتها الاشتياق للأب السماوي والعودة إليه.
+ أنه يفتح أحضانه عن آخرها ويحتضنك بشوق عظيم جداً، ويعطيك عوض العقوبة قبله محبة أبوية فائقة، هذه التي لا تُقيم وزناً للخطية، بل تقيس رجوعك على المحبة، والمحبة وحدها فقط هي المقياس والميزان الذي يقيس الله عليه القلوب، فلا توبة بدون محبة، والمحبة بدايتها الاشتياق للأب السماوي والعودة إليه.
أيها الخاطي والفاجر حبيب الله ومحل عمله وشغله الشاغل، أعلم يقيناً أن الأب لا يفضح ولده، ولا يُشهر به قط، بل يضمد جراحاته ويعتني به جداً، ويظل محل رعايته الفائقة باهتمام شديد بالسهر والبذل الفائق والاهتمام البالغ إلى أن تعود صحته كامله ويقف بقوة ويلبس الملابس التي تليق به في بيت ابيه ويجلس على أفخر الموائد ليتمتع بشركة أبيه وسط إخوته، بل واسمه يلمع كشعاع شمس النهار الدافئ.
فالآن انسى الخطية وكل شيء عن نفسك وذاتك، وركز فقط على عودتك لحضن من يحبك وحده أكثر من أي شيء آخر في الدنيا كلها، حتى أصدقائك وكل معارفك حتى والديك لا يحبونك مثله أبداً، بل ربما الكل يتخلى عنك وقت ما تدخل في مشكلة عميقة بسبب خطاياك، لكن الوحيد الذي سيعتني بك ولن يتأفف أو يبتعد بسبب قُبح خطاياك وكل رزيلة فيك، بل سيحملها من على كتفك ويريحك ويضمك لحضنه بقوة ويسقيك من نبع نعمته الحلو ويغسلك لتصير أبيض أكثر من الثلج، ليفرحك ويفرح بيك ومعك، هو أبوك السماوي وحده..
فهل رأيت أم تتقزز من طفلها الصغير لأنه متسخ بكل وسخ وقذارة وذو رائحة منفرة، أم تراها أنها الوحيدة التي تحتمل رائحته الصعبة وتحمله على يديها التي تتسخ بوسخه، وتقبله وتحممه وتعطره بأغلى العطور وأثمنها وتلبسه افخر الثياب النظيفة لديها، إلى أن تُعيد له نضارته بالتمام ويصير أحلى وأجمل مما كان، ليصير نظيفاً ذو رائحة عطرة جميلة للغاية ويتمنى كل من هم حوله أن يقتربوا منه لأنهم ارتاحوا إليه بسبب عمل أمه معه، فأن كانت هذه محبة الأم فكم تكون محبة الله الذي زرع في كل أم هذه الغريزة المقدسة: [ هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها، حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساك ] (إشعياء 49: 15)
+++ اليوم يوم خلاص والساعة ساعة القبول وحضن الله مفتوح لك في المسيح الذي يُناديك كل لُحيظة قائلاً: [ تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أُريحكم ] (متى 11: 28) +++
Comments
Post a Comment