Skip to main content

ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﺷﺎﻋﺮ ﺍﻟﻄﻮﻃﻢ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻲ-ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ

ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﺷﺎﻋﺮ ﺍﻟﻄﻮﻃﻢ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻲ
ﺍﻟﻨﺴﺨﺔ: ﺍﻟﻮﺭﻗﻴﺔ - ﺩﻭﻟﻲ ﺍﻟﻨﺴﺨﺔ: ﺍﻹﺛﻨﻴﻦ٢٧ ، ﺃﺑﺮﻳﻞ/
ﻧﻴﺴﺎﻥ ٢٠١٥ )٠١:٠ (
ﺁﺧﺮ ﺗﺤﺪﻳﺚ: ﺍﻹﺛﻨﻴﻦ٢٧ ، ﺃﺑﺮﻳﻞ/ ﻧﻴﺴﺎﻥ ٢٠١٥ )٠١:٠ (
ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ

ﻭﻟﺪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺠﻨﻴﻨﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ
)ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ( ﻋﺎﻡ .1936 ﻋﺮﻑ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﻻﺩﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ،
ﻟﻜﻨﻪ ﻣﺎﺕ ﻣﻴﺘﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺛﺒﺖ ﺭﺣﻴﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ
ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺍﻟﺠﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ »ﺍﻟﺸﻴﺦ
ﺯﺍﻳﺪ « ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ. ﻭﻟﻌﻞّ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ
ﺍﻟﻘﻼﺋﻞ، ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺮﺃﻭﺍ ﺍﻟﻤﺮﺍﺛﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﺖ ﻓﻴﻬﻢ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ
ﻳﻤﻮﺗﻮﺍ، ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺘﺒﺎﺱ ﻓﻲ ﺧﺒﺮ ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ، ﻭﺍﻟﺸﺒﻬﺔ ﻓﻴﻪ.
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ ﻣﺜﻼً ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻋﻠﻲ ﻓﻮﺩﺓ
ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻴﻢ ﻓﻲ ﺑﻴﺮﻭﺕ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ،
ﻭﺑﻌﻴﺪ ﺍﻟﻘﺼﻒ ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﺍﻧﺘﺸﺮ ﺧﺒﺮ
ﻭﻓﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺃﻳﺎﻡ ،1982 ﻭﻛُﺘﺒﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﺮﺍﺛﻲ
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻗﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺣﻴّﺎً ﻳُﺮﺯﻕ، ﻓﻘﺮﺃ
ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﻓﻴﻪ ﻟﻴﻤﻮﺕ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﻣﻄﻤﺌﻨﺎً.
ﻭﺃﺷﻬﺮ ﻣﻦ ﺗﻢ ﺗﺪﺍﻭﻝ ﺧﺒﺮ ﻭﻓﺎﺗﻬﻢ ﻣﺮﺍﺕ ﻋﺪﺓ ﻓﻲ
ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ، ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺓ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ﻧﺎﺯﻙ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ
ﺗﻌﻴﺶ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ، ﺇﻻّ ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﻠّﻖ ﺑﺸﻲﺀ
ﻋﻠﻰ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﻣﻮﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺰﻋﻮﻡ ﺣﺘﻰ ﻭﺍﻓﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻨﻴّﺔ، ﻓﻜﺎﻥ
ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ. ﻭﻟﻌﻞّ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ
ﺍﻟﺮﺍﺳﺨﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.
ﺍﻟﻤﺮّﺓ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻧُﻌﻲ ﻓﻴﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﻓﻲ
ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﻳﺔ، ﻓﻲ
ﻋﺪﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﺆﺭﺥ ﻓﻲ 29 ﻣﻦ ﻧﻴﺴﺎﻥ )ﺃﺑﺮﻳﻞ ( ،2012
ﺣﻴﻦ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ﻓﺎﺭﻭﻕ ﺷﻮﺷﺔ ﺃﻧﻪ ﺳﻤﻊ
ﺑﻤﻮﺕ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﻣﻦ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀ ﻣﻐﺎﺭﺑﺔ، ﻓﻜﺘﺐ ﻟﻪ ﻣﺮﺛﻴﺔ
ﻃﻴﺒﺔ ﺗﻠﻴﻖ ﺑﻪ، ﻭﺃﻇﻦّ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﻗﺮﺃﻫﺎ ﻭﻗﺘﺬﺍﻙ ﻭﺿﺤﻚ
ﻓﻲ ﺳﺮّﻩ. ﻟﻘﺪ ﺍﻓﺘﺪﺍﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺷﺨﺺ ﺁﺧﺮ ﻳﺤﻤﻞ
ﺍﻻﺳﻢ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﺬﻫﺐ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺷﻬﺮﺓ.
ﻭﻟﻌﻞّ ﺍﻻﺷﺘﺒﺎﻩ ﺑﻤﻮﺕ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﻣﺮﺍﺕ ﻋﺪﺓ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ
ﺇﺻﺎﺑﺘﻪ ﺑﺠﻠﻄﺔ ﺩﻣﺎﻏﻴﺔ ﺷﻠّﺖ ﻧﺸﺎﻃﻪ ﺍﻟﺬﻫﻨﻲ
ﻭﺍﻟﺠﺴﺪﻱ ﻟﺴﻨﻮﺍﺕ، ﻓﺎﺳﺘﻤﺮ ﻳﻌﻴﺶ ﺣﻴﺎﺓ ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ )ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ( ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺧﺘﺎﺭﻫﺎ ﻣﺴﺘﻘﺮﺍً ﺃﺧﻴﺮﺍً ﻟﻪ،
ﺗﺴﺎﻋﺪﻩ ﺯﻭﺟﻪ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﺮﻳﻒ ﺃﻳﺎﻣﻪ
ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ. ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﺵ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﻘﻮﺩ،
ﺑﺪﺀﺍً ﻣﻦ ﺧﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻔﺎﺋﺖ ﺣﺘﻰ ﺃﻭﺍﺧﺮﻩ
ﺻﺎﺣﺐ ﺣﻀﻮﺭ ﺷﻌﺮﻱ ﺳﺎﻃﻊ.
ﻣﻨﺬ ﺑﺪﺍﻳﺎﺗﻪ، ﻟﻤﻊ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ ﻗﺼﺎﺋﺪﻩ
ﺑﺎﻟﺮﻭﺡ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺬﺑﺔ، ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﺍﻟﻠﻮﻥ
)ﺍﻟﺰﻧﺠﻲ ( ﺍﻟﻤﻀﻄﻬﺪ ﺑﺴﺒﺐ ﻟﻮﻧﻪ ﻭﻣﻮﻗﻌﻪ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ
ﻋﻠﻰ ﺣﺪّ ﺳﻮﺍﺀ. ﻓﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﺒﺘﻜﺮ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ﺷﻤﺴﻪ
ﺍﻟﻤﻨﻴﺮﺓ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ، ﺑﻘﻮﻝ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺍﻟﻤﺘﻨﺒﻲ، ﻭﺃﻥ
ﻳﺘﺤﺮﺭ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻣﻦ ﻛﻞّ ﻗﻴﻮﺩﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻮﻥ ﻭﺍﻟﺠﺴﺪ
ﻭﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ. ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻣﺒﺪﺃ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻛﺎﻥ ﻧﺎﺑﻌﺎً ﻣﻦ
ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ، ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﺤﺮّ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻛﺎﻥ ﻋﺒﺌﺎً ﺛﻘﻴﻼً
ﻋﻠﻰ ﺭﻭﺣﻪ ﺍﻟﺤﺮﺓ. ﻓﻈﻬﺮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ﻓﻲ ﺷﻌﺮﻩ
ﻭﻓﻲ ﺳﻠﻮﻛﻪ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻭﺍﺣﺪ. ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ »ﺃﻏﺎﻧﻲ
ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ « )1955 ‏‎smile‎‏ رمز تعبيري » ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻭﻧﻌﻞ ﺍﻟﺴﻴﺪ/ ﻭﺃﻧﻴﻦ
ﺍﻷﺳﻮﺩ ﺍﻟﻤﻀﻄﻬﺪ/ ﺗﻠﻚ ﻣﺄﺳﺎﺓ ﻗﺮﻭﻥ ﻋﺒﺮﺕ/ ﻟﻢ ﺃﻋﺪ
ﺃﻗﺒﻠﻬﺎ ﻟﻢ ﺃﻋﺪ «.
ﺷﺎﻋﺮ ﺷﻤﻮﺱ ﻭﻣﻌﺬﺏ
ﻋﺮﻓﺖُ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺇﻗﺎﻣﺘﻪ
ﻓﻲ ﺑﻴﺮﻭﺕ، ﻣﻨﺪﻭﺑﺎً ﺳﻴﺎﺳﻴﺎً ﻟﻠﻴﺒﻴﺎ، ﻓﻲ ﺳﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ
ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ. ﻭﺍﻟﺘﻘﻴﺖ ﺑﻪ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ، ﻓﻲ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ،
ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ، ﻭﻛﺎﻓﺎﻻ )ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻥ (. ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺑﺮﺯ ﻣﺎ ﻳﻄﺒﻊ
ﺷﺨﺼﻪ ﺍﻧﻪ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺷﻤﻮﺱ، ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻧﻪ ﻣﺴﺘﻨﻔﺮ، ﺑﻞ
ﺣﺎﺿﺮ ﻟﻼﺳﺘﻔﺰﺍﺯ. ﻭﺃﻏﻠﺐ ﺍﻟﻈﻦ ﺃﻧﻪ ﻳﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺭﻭﺡ
ﻣﻌﺬﺑﺔ ﻭﻛﺒﺮﻳﺎﺀ ﻣﺠﺮﻭﺡ. ﻫﻮ ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺑﺘﻔﻮﻗﻪ
ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ، ﻭﻗﺪﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺩﺍﺀ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ ﻭﺍﻟﺼﻮﺕ
ﺍﻟﻤﺮﺗﺠﻒ، ﻭﺍﻻﺗﻜﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻤﻨﺒﺮ ﺑﻴﻤﻴﻨﻪ، ﻟﻜﻲ
ﻳﻄﻠﻖ ﻧﻈﺮﻩ ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﺻﻮﺗﻪ، ﺑﻜﻠﻤﺎﺗﻪ ﺍﻟﺮﺍﺟﻔﺔ
ﺍﻟﻤﺘﻮﺗﺮﺓ. ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﺴﻜﻮﻧﺎً ﺑﺴﻮﺍﺩ ﻟﻮﻧﻪ، ﻭﺟﺴﻤﻪ
ﺍﻟﻀﺌﻴﻞ، ﻭﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻟﻠﺴﻴﻄﺮﺓ ﻭﺍﻟﻔﺤﻮﻟﺔ. ﻛﺎﻧﺖ
ﺗﺴﻜﻨﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ
ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ، ﺑـ «ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻭﻧﻌﻞ ﺍﻟﺴﻴﺪ «. ﻣﻦ ﻫﻨﺎ
ﺃﺳﺎﺱ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ ﺍﻟﻤﺘﻮﺗﺮﺓ ﺍﻻﺳﺘﻔﺰﺍﺯﻳﺔ، ﻭﻗﺪ ﺍﻧﻌﻜﺴﺖ
ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺭﺗﻪ ﻭﺳﻠﻮﻛﻪ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ. ﻓﻬﻮ ﺷﺎﻋﺮ ﺍﻟﻄﻮﻃﻢ
ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻲ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎﺯ، ﻭﻫﻮ ﺷﺒﻴﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﻮﻃﻢ ﺃﻳﻀﺎً.
ﻭﺣﻴﻦ ﻧﻘﻮﻝ ﺇﻧﻪ ﻣﺼﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﻛﻴﻤﻴﺎﺀ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺔ، ﻓﻸﻧﻪ
ﻳﺠﺮﻱ ﻓﻲ ﻋﺮﻭﻗﻪ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺍﻷﺏ، ﺩﻡ ﺳﻮﺩﺍﻧﻲ، ﻭﻣﻦ
ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺍﻷﻡ، ﺩﻡ ﻟﻴﺒﻲ. ﻭﻫﻮ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻭﻟﻴﺪ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺠﻨﻴﻨﺔ
ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻧﺸﺄ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻻﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ
ﻭﺗﻠﻘﻰ ﻋﻠﻮﻣﻪ ﻓﻴﻬﺎ، ﻓﺤﻔﻆ ﺍﻟﻘﺮﺍَﻥ ﻭﺗﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﻛﻠﻴﺔ
ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻷﺯﻫﺮ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ.
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺃﻳﻀﺎً، ﺧﻄﻰ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﺧﻄﻮﺍﺗﻪ
ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ، ﻓﺼﺪﺭ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ
»ﺃﻏﺎﻧﻲ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ « )1955 (، »ﻋﺎﺷﻖ ﻣﻦ
ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ « )1964 (، ﻭ «ﺍﺫﻛﺮﻳﻨﻲ ﻳﺎ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ « )1965 (،
»ﺃﺣﺰﺍﻥ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ « )1966 (. ﻭﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﺳﻠﻂ ﺍﻟﻀﻮﺀ
ﺍﻟﻨﻘﺪﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺃﻣﻴﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ،
ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺘﺐ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻣﺴﻬﺒﺔ ﻋﻦ ﺇﺣﺴﺎﺳﻪ ﺑﺎﻟﺪﻭﻧﻴﺔ ﻭﺗﻮﻗﻪ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻭﺍﺣﺪ. ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻧﺎﻗﺪﺍً
ﺍﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺎً ﻣﻠﺘﺰﻣﺎً، ﺃﺧﺬ ﺑﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﻬﺎ
ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﻓﻲ ﺩﻭﺍﻭﻳﻨﻪ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ، ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺃﺧﺬ ﺑﺼﻴﻐﺘﻪ
ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻘﻴﺖ ﻛﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ. ﺫﻟﻚ ﺃﻥ
ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﻴﺎﻻً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﻓﻲ
ﻛﻞ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﻭﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻭﻟﻪ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻓﻲ ﺷﻨﻖ
ﺍﻟﻤﻨﺎﺿﻞ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻣﺤﺠﻮﺏ،
ﺗﻢّ ﺗﺪﺍﻭﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﺳﺎﻁ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻳﺔ، ﺍﻟﺘﻲ
ﺍﻋﺘﺒﺮﺕ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﺷﺎﻋﺮﻫﺎ ﺣﻴﻨﺬﺍﻙ.
ﻭﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﻫﺬﻩ »ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ
ﻭﺍﻟﻤﺸﻨﻘﺔ « )1968 ( ﻧﻠﻤﺲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ
ﻭﺍﻟﺨﻄﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ. ﻓﻬﻮ ﻳﻘﻮﻝ ﻣﺜﻼً ﺑﻨﺜﺮﻳﺔ
ﺇﻋﻼﻧﻴﺔ: »ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻳﻈﻦ ﺍﻟﻄﻐﺎﺓ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ )ﻭﺗﺸﺤﺐ
ﺃﻟﻮﺍﻧﻬﻢ ( ﺃﻥ ﻣﻮﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺿﻞ ﻣﻮﺕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ «. ﺇﻧﻪ ﻧﺴﻴﺞ
ﺷﻌﺮﻱ ﺿﻌﻴﻒ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ. ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺇﺑﺪﺍﻉ
ﺷﻌﺮﻱ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﻣﺘﻤﻴﺰ، ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻷﺳﻠﻮﺑﻲ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﻳﺪﻱ
ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ، ﻓﻲ ﺩﻭﺍﻭﻳﻦ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻭﻓﻲ ﺷﻌﺮﻩ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻤﻠﺘﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ. ﺑﻞ ﻟﻌﻠﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﻭﺧﻄﺎﺑﺎﺕ ﺻﺤﻴﺤﺔ
ﺑﺒﻌﺪﻫﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺿﻌﻴﻔﺔ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ
ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ. ﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳُﻤﻜﻦ ﺍﻹﺷﺎﺩﺓ ﺑﺎﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﺷﻌﺮﻳﺎً
ﻭﺇﺑﺪﺍﻋﻴﺎً ﺇﻻ ﻓﻲ ﺛﻼﺙ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰﺓ ﻫﻲ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺍﻟﻲ: »ﻣﻌﺰﻭﻓﺔ ﻟﺪﺭﻭﻳﺶ ﻣﺘﺠﻮﻝ « )1971 (
ﻭ «ﺍﺑﺘﺴﻤﻲ ﺣﺘﻰ ﺗﻤﺮّ ﺍﻟﺨﻴﻞ « )1975 ( ﻭﺃﺧﻴﺮﺍً ﺩﻳﻮﺍﻥ
»ﻋﺮﻳﺎﻧﺎً ﻳﺮﻗﺺ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻤﺲ « )2005 (. ﻭﻓﻲ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺪﻭﺍﻭﻳﻦ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ، ﻇﻬﺮﺕ ﻓﺮﺍﺩﺓ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ
ﻟﻨﺎﺣﻴﺘﻴﻦ، ﺍﻟﻨﻜﻬﺔ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻓﻲ »ﻣﻌﺰﻭﻓﺔ
ﻟﺪﺭﻭﻳﺶ ﻣﺘﺠﻮﻝ « ﻭﺳﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻄﻮﻃﻢ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻲ
ﻭﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﻤﻌﺬﺑﺔ ﻓﻲ »ﻋﺮﻳﺎﻧﺎً ﻳﺮﻗﺺ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻤﺲ «.
ﺳﻘﻮﻁ ﻣﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺳﻘﻮﻃﻪ: ﺑﻘﺎﺀ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ
ﻋﻮﺍﻣﻞ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﺷﺎﻋﺮﺍً
ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺘﺒﺎﺳﺎﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﺆﺛﺮﺓ. ﻭﻟﻌﻞّ
ﺗﻜﻮﻳﻨﻪ ﺍﻟﺠﺴﺪﻱ ﻭﺭﻭﺣﻪ ﺍﻟﻄﺎﻣﺤﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ
ﻭﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺃﻭﺟﺪ ﺗﻮﺗﺮﺍً
ﻓﻲ ﻋﺒﺎﺭﺗﻪ ﻛﺄﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﻤﺴﻮﺳﺔ ﺑﺴﻠﻚ ﻣﻦ ﻛﻬﺮﺑﺎﺀ.
ﻟﻜﻦّ ﺭﻏﺒﺘﻪ ﺍﻟﻄﺎﻏﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﻴّﺪ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺟﻌﻠﺘﻪ
ﻳﺘﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺣﻜﺎﻡ ﻣﻌﺮﻭﻓﻴﻦ ﻛﺎﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺻﺪﺍﻡ
ﺣﺴﻴﻦ ﻭﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻠﻴﺒﻲ ﻣﻌﻤﺮ ﺍﻟﻘﺬﺍﻓﻲ. ﻟﻘﺪ ﻣﺪﺡ
ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﻛﻼً ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﻦ ﺑﻤﺪﺍﺋﺢ ﻫﻲ ﺃﺩﻧﻰ ﺷﻌﺮﻳﺎً
ﻭﻓﻨﻴﺎً ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺃﺷﻌﺎﺭﻩ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﺰﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ
ﻭﺍﻟﻄﻮﻃﻢ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻲ... ﻭﻧﺤﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﺻﺪﺩ ﻧﺼﺐ
ﻣﺤﻜﻤﺔ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ، ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺇﺑﺪﺍﻋﻪ
ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ. ﻓﺎﻟﻤﺘﻨﺒﻲ، ﻋﻠﻰ ﺭﻏﻢ ﻣﺪﻳﺤﻪ ﻟﻜﺎﻓﻮﺭ
ﺍﻹﺧﺸﻴﺪﻱ، ﻇﻞّ ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻭﻣﺒﺪﻋﺎً. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﻓﻜﺎﻥ
ﺿﻌﻒ ﺷﻌﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺍﺋﺢ ﻇﺎﻫﺮﺍً، ﺇﺫﺍ ﻗﻴﺲ ﺑﺴﺎﺋﺮ
ﺷﻌﺮﻩ. ﻭﻟﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺃﺛّﺮ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺨَﻔَﺖ ﺫﻛﺮﻩ ﺑﻌﺪ ﺭﺣﻴﻞ
ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﻦ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﻳﻦ. ﻟﻨﻌﺪ ﺇﺫﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮﻱ ﻣﻦ
ﺟﻮﻫﺮ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ. ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪﻩ ﻣﺘﻤﻴﺰﺍً ﻭﺟﺎﺭﺣﺎً
ﻭﺟﻤﻴﻼً. ﻓﻔﻲ ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ ﺍﻷﺧﻴﺮ »ﻋﺮﻳﺎﻧﺎً ﻳﺮﻗﺺ ﻓﻲ
ﺍﻟﺸﻤﺲ « )2005 (، ﻳﺴﺮّﺏ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺻﻮﺭﺓ ﺭﻗﺺ
ﻃﻔﻞ ﺃﻓﺮﻳﻘﻲ ﻣﻮﻟﻮﺩ ﻟﻠﺘﻮّ ﻛﺠﻮﻫﺮﺓ ﺳﻮﺩﺍﺀ، ﺗﺮﻓﻌﻪ ﺃﻣﻪ
ﺑﻴﺪﻫﺎ ﻭﺗﺮﻗّﺼﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ﺍﻟﻌﻤﻼﻗﺔ ﻭﺃﻣﺎﻡ ﺣﺮﺍﺏ
ﺍﻟﺰﻧﻮﺝ ﻭﺍﻷﻗﻨﻌﺔ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﺍﻟﻤﺨﻄﻄﺔ ﺑﺎﻷﺻﺒﺎﻍ.
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻮ ﺍﻟﺴﺤﺮﻱ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻲ ﻫﻮ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ،
ﻳﻀﺎﻑ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﻭﻳﺶ ﻓﻲ ﺭﻗﺼﻬﻢ ﺍﻟﺼﻮﻓﻲ،
ﻭﺍﻟﺠﻴﺎﻉ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﺓ ﻭﺍﻟﻤﻘﻬﻮﺭﻳﻦ. ﻓﻔﻲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ: »ﺭﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﺰﻝ ﺗﻠﻜﻢ ﺍﻷﺭﺽ ﺗﺴﻜﻦ
ﺻﻮﺭﺗﻬﺎ ﺍﻟﻔﻠﻜﻴﺔ/ ﻟﻜﻦ ﺷﻴﺌﺎً ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺤﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﺴﺮ/
ﺭﺑﻤﺎ ﻇﻞ ﺑﺴﺘﺎﻥ ﺻﻴﻔﻚ ﺃﺑﻴﺾ/ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻮﺍﺻﻒ/ ﻟﻜﻦّ
ﺑﺮﻕ ﺍﻟﻌﻮﺍﺻﻒ ﺧﻠﻒ ﺳﻴﺎﺟﻚ ﺃﺣﻤﺮ/ ﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻃﻘﺴﻚ
ﻧﺎﺭﺍً ﻣﺠﻮﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺷﺘﺎﺀ ﺍﻟﻨﻌﺎﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻔﺴﺮ/ ﺭﺑﻤﺎ
ﻛﻨﺖ ﺃﺻﻐﺮ ﻣﻤﺎ ﺭﺃﺕ ﻓﻴﻚ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺒﻮﺀﺍﺕ ﺃﻭ ﻛﻨﺖ ﺃﻛﺒﺮ/
ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻚ ﺗﺠﻬﻞ ﺃﻧﻚ ﺷﺎﻫﺪ ﻋﺼﺮ ﻋﺘﻴﻖ/ ﻭﺃﻥ ﻧﻴﺎﺯﻙ ﻣﻦ
ﺑﺸﺮ ﺗﺘﺤﺪﻯ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺃﻥ ﻧﺪﺍﺀ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺗﻐﻴﺮ/ ﻫﻜﺬﺍ
ﺍﻧﻄﻔﺄﺕ ﺷﺮﻓﺎﺕ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﺍﻟﻤﺸﻌﺔ ﺑﺎﻟﺴﺤﺮ/ ﻭﺍﻟﻠﺆﻟﺆ
ﺍﻷﺯﻟﻲ/ ﻭﺃﺳﺪﻝ ﻗﺼﺮ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺍﻟﻤﻨﺸﺪﻳﻦ/ ﺳﺘﺎﺋﺮﻩ/
ﻭﻛﺄﻥ ﻳﺪﺍَ ﺿﺨﻤﺔ ﻧﺸﺮﺕ ﺃﻓﻘﺎً ﻣﻦ ﺷﺮﺍﻳﻴﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ
ﺍﻟﺴﺪﻳﻤﻲ/ ﻫﺎ ﻗﺪ ﺗﺪﺍﺧﻠﺖ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﺟﺪﻝ
ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ «.
ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺪﻓﻌﺔ ﺍﻟﻨﺎﺭﻳﺔ ﻟﻠﺸﻤﺲ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ
ﺣﺘﻰ ﺗﺸﺘﺒﻚ ﻣﻊ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ. ﻓﻴﻄﻠﻊ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻣﻦ
ﻣﻨﺒﻊ ﺍﻟﺴﺤﺮ ﻭﺍﻟﻌﺬﺍﺏ، ﻭﺗﻈﻞّ ﻟﻐﺘﻪ ﻣﺸﺪﻭﺩﺓ، ﻣﺘﻮﺗﺮﺓ،
ﻛﺎﻟﻨﻴﺎﺯﻙ ﻓﻲ ﺳﻤﺎﺀ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ. ﺗﺪﻭﺭ ﻓﻲ ﻋﺘﻤﺔ ﻭﺗﺮﻗﺺ
ﻣﻊ ﺍﻷﺷﺒﺎﺡ.
ﻳﻌﻠّﻖ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺠﺐ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻣﺎ
ﻳﺸﺒﻪ ﺃﻛﻔﺎﻥ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ، ﻭﻳﺴﺘﻨﻄﻖ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻟﻠﻜﺎﺋﻨﺎﺕ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ، ﻓﻴﻘﻮﻝ: »ﻫﻲ ﺫﻱ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺭﺍﻫﺒﺔ ﺍﻟﺠﺰﺭ
ﺍﻟﻘﺮﻣﺰﻳﺔ/ ﺗﺪﻓﻦ ﻓﻲ ﻏﺎﺑﺔ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺃﺯﻫﺎﺭﻫﺎ/ ﻭﺗﻘﻴﻢ
ﻗﺪﺍﺩﻳﺴﻬﺎ/ ﻭﺗﻌﻤﺪ ﺟﺪﺭﺍﻥ ﻗﺒﻠﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪﻣﺎﺀ «.
ﺗﺴﻜﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪﻩ ﺭﻭﺡ ﺑﺪﺍﺋﻴﺔ ﻭﻃﻮﻃﻤﻴﺔ ﻛﻌﻴﻮﻥ ﺍﻟﺪﻣﻰ،
ﻭﻃﻴﻮﺭ ﺍﻟﺪﺟﻰ، ﺃﺷﺒﺎﺡ ﻭﻧﻴﺮﺍﻥ ﻣﺸﺘﻌﻠﺔ ﻭﺩﻣﺎﺀ ﻗﺮﺍﺑﻴﻦ.
ﻭﻗﺪ ﻧﻌﺜﺮ ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺤﻠﺐ ﺍﻟﻤﻴﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﺖ
ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺴﻘﻮﻑ، ﻭﻳﺘﺴﻠﻖ ﺍﻟﺠﺪﺭﺍﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺮﻓﺎﺕ.
ﺗﺤﻀﺮ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﻟﺨﻨﺎﺟﺮ ﺍﻟﻤﻐﺴﻠﺔ ﺑﺎﻟﺪﻣﺎﺀ، ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻳﺬ
ﺍﻟﻤﻌﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻗﺎﺏ، ﻭﺍﻟﻮﺷﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺘﻔﻴﻦ
ﻭﺍﻟﻄﻘﻮﺱ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ. ﺃﺿﺮﺣﺔ ﺍﻟﺮﺧﺎﻡ ﻭﺍﻟﻌﻈﺎﻡ
ﻭﺍﻷﺷﺒﺎﺡ، ﻛﻠّﻬﺎ ﻓﻲ ﺧﻄﺎﺏ ﺷﻌﺮﻱ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻮﻃﻢ
ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻟﻢ. ﺗﺘﺠﻠّﻰ ﻓﻲ ﺩﻳﻮﺍﻥ »ﻣﻌﺰﻭﻓﺔ
ﻟﺪﺭﻭﻳﺶ ﻣﺘﺠﻮﻝ « ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ، ﻭﻭﺟﻬﻪ ﺍﻵﺧﺮ، ﺍﻟﻤﺸﺘﻖ ﻣﻦ
ﻭﺟﻪ ﺃﺑﻴﻪ ﻣﻔﺘﺎﺡ ﺭﺟﺐ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ، ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺻﻮﻓﻴﺎً
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺸﺎﺫﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﻭﺳﻴﺔ ﺍﻷﺳﻤﺮﻳﺔ. ﻓﻴﺮﻗﺺ
ﻓﻲ ﺣﻀﺮﺓ ﻣﻦ ﻳﻬﻮﺍﻩ ﻭﺗﻌﺼﻒ ﺑﻪ ﺃﺷﻮﺍﻗﻪ. ﻳﺤﺪﻕ ﺑﻼ
ﻭﺟﻪ، ﻭﻳﺮﻗﺺ ﺑﻼ ﺳﺎﻕ، ﺛﻢ ﻳﺰﺣﻢ ﺑﺮﺍﻳﺎﺗﻪ ﻭﻃﺒﻮﻟﻪ
ﺁﻓﺎﻕ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ. ﻋﺸﻘﻪ ﻳﻐﻨﻲ ﻋﺸﻘﻪ، ﻭﻓﻨﺎﺅﻩ
ﺍﺳﺘﻐﺮﺍﻕ. ﻫﻮ ﻣﻤﻠﻮﻙ ﺍﻟﻤﻌﺒﻮﺩ، ﻟﻜﻨﻪ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻌﺸﺎﻕ،
ﻭﻃﺎﻭﻭﺳﻬﻢ، ﻭﺧﺎﺩﻡ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﻭﻳﺶ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﺫﻳﺐ
ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﻀﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺑﺪ

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil...

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن...

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m ...