ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ.. ﺍﺫﻛﺮﻳﻪ ﻳﺎ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
ﻋﺼﺎﻡ ﻋﻴﺴﻰ ﺭﺟﺐ
19
26 ﺃﺑﺮﻳﻞ 2015
"ﻫﻜﺬﺍ/ ﻛﺎﻥَ ﻳﻐﻨﻲ ﺍﻟﻤﻮﺕُ/ ﺣﻮﻝَ ﺍﻟْﻌﺮﺑﺔ،" ﻭﻫﻜﺬﺍ،
ﻭﺣﻴﺪﺍً ﻭﻏﺮﻳﺒﺎً ﻳﺮﺣﻞ ﺍﻟْﻔَﻴﺘﻮﺭﻱ )1930 - 2015 (. ﺗﺄﺗﻲ
ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺷﺎﻋﺮَﻫﺎ ﻭﺣﻴﺪﺓً ﻏﺮﻳﺒﺔ، ﺃﺗُﺮﺍﻫﺎ ﺗﻬﻤﺲ ﻓﻲ
ﺭﻭﺣِﻪ ﻭﻗﺘﺬﺍﻙ: ﺳﺘﺮﺣﻞ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﻲ ﻛﻤﺎ ﺟﺌﺘﻚ، ﻭﺣﺪﻙَ
ﺗﺼﺤﺒﻚ ﻏﺮﺑﺘﻚ.
ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻜﻨﻪ ﺃﺭﻭﺍﺡ ﺷﺘﻰ، ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺗﻠﻜﻢ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻝ
ﻣﻜﺴﻴﻢ ﻏﻮﺭﻛﻲ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺘﻪ "ﻗﺼﺔ ﺣﻴﺎﺓ ﻣﺎﺗﻴﻔﻲ
ﻛﻮﺯﻳﻤﻴﺎﻛﻴﻦ،" ﺇﻥَّ ﻓﻲ ﺟﻮﻓﻬﺎ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺭﻭﺣﺎً،
ﻭﻟﻦ ﻳﻬﺪﺃ ﺑﺎﻟﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺠﺐ ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﻃﻔﻼً
ﻭﻃﻔﻠﺔ. ﻛﺘﺐَ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﺃﻛﺜﺮَ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﺭﻭﺍﺣﻪ
ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻫﺪﺃﺕ ﺭﻭﺣﻪ ﺍﻟﺘﻲ
ﻭﺯَّﻋﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺑﻠﺪ: ﺍﻟﺴُّﻮﺩﺍﻥ ﻭﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﻣﺼﺮ ﻭ..
ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ.
ﻳﺎ ﻟﺼﺨﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﻬﺎ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ، ﺳﻜﻨﺘﻪ
ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺣﻴﻨﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻨَّﺸﻴﺪ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺗﻪ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ
ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺗﻠﻬﺞ ﺑﺎِﺳﻤﻬﺎ "ﺃﻏﺎﻧﻲ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ" )1956 (
ﻭ"ﻋﺎﺷﻖ ﻣﻦ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ" )1964 ( ﻭ"ﺍﺫﻛﺮﻳﻨﻲ ﻳﺎ
ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ" )1965 ( ﻭﻣﺴﺮﺣﻴﺔ "ﺃﺣﺰﺍﻥ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ" )1966 (.
ﺷﻐﻠﺖ ﻗﺼﺎﺋﺪﻩ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﻴﻨﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻄﻮﺍﻑ
ﻭﺍﻟﺘﺠﻮﺍﻝ ﻭﺍﻟﺬﻳﻮﻉ ﻭﺍﻻﻧﺘﺸﺎﺭ، ﻭﻣﺪﺡ ﻣﻦ ﻣﺪﺡ ﻣﻦ
ﺣﺎﻛﻤﻴﻬﺎ، ﻣﺘﻨﺎﺳﻴﺎً ﻣﺎ ﻭﺻﻤﺘﻬﻢ ﺑﻪ ﺃﻧﺎﺷﻴﺪﻩ: "ﻟِﻤﺎﺫﺍ ﻳﻈُﻦُّ
ﺍﻟﻄُّﻐﺎﺓُ ﺍﻟﺼِّﻐﺎﺭ/ ﻭﺗﺸﺤُﺐُ ﺃﻟﻮﺍﻧُﻬﻢ/ ﺃﻥّ ﻣﻮﺕَ ﺍﻟْﻤُﻨﺎﺿِﻞِ
ﻣﻮﺕُ ﺍﻟْﻘﻀﻴَّﺔ/ ﺃﻋﻠَﻢُ ﺳِﺮَّ ﺍﺣﺘﻜﺎﻡِ ﺍﻟﻄُّﻐﺎﺓِ ﺇﻟﻰ ﺍﻟْﺒُﻨﺪﻗﻴَّﺔ/
ﻻ ﺧﺎﺋﻔﺎً/ ﺇﻥَّ ﺻﻮﺗﻲَ ﻣﺸﻨﻘﺔُ ﻟﻠﻄُّﻐﺎﺓِ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻭﻻ ﻧﺎﺩِﻣﺎً/
ﺇﻥَّ ﺭﻭﺣﻲَ ﻣُﺜﻘَﻠﺔٌ ﺑﺎﻟْﻐﻀَﺐْ/ ﻛُﻞُّ ﻃﺎﻏﻴﺔٍ ﺻَﻨَﻢٌ/ ﺩُﻣﻴَﺔٌ
ﻣِﻦْ ﺧَﺸَﺐْ."
"
ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺼﺒﺢ ﻓﻼ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻭﻻ ﺍﻟﺴﺠﺎﻥ ﺑﺎﻕ ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻟﻔﺠﺮ
ﺟﻨﺎﺣﺎﻥ ﻳﺮﻓﺎﻥ ﻋﻠﻴﻚ/ ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺤّﻞ ﻫﺎﺗﻴﻚ
ﺍﻟﻤﺂﻗﻲ
"
ﻭﺟﺎﺀَ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻗﺒﻞ ﺳﻨﻮﺍﺕ، ﻛﺎﻧﺖ ﺯﻳﺎﺭﺗﻪ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ
ﻟﻬﺎ، ﻭﻣﺪﺡ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻳﻀﺎً، ﻓﺎﺣﺘﻔﻰ ﺑﻪ ﻣﺎﺩﺣﻪ ﻭﻣﻨﺤﻪ
ﻭﺳﺎﻣﺎً. ﻭﺃﻏﻀﺐ ﻭﺃﺣﺰﻥ ﺫﻟﻚ ﻣُﺤﺒﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸّﻌﺮﺍﺀ
ﻭﺍﻟﻐﺎﻭﻳﻦ. ﻛﻴﻒ ﻻ، ﻭﻫﻢ ﻳﻜﺎﺩﻭﻥ ﻳﺤﻔﻈﻮﻥ ﻗﺼﺎﺋﺪ
ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ ﺍﻟﻄﺎﻏﻲ ﻓﻲ ﺛﻮﺭﻳَّﺘِﻪ "ﺃﻗﻮﺍﻝُ ﺷﺎﻫِﺪِ ﺇﺛﺒﺎﺕ،"
ﻭﻗﺼﻴﺪﺗﻴﻪ ﻓﻲ ﺛﻮﺭﺗﻲْ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ 1964 ﻭﺃﺑﺮﻳﻞ 1985
"ﻋُﺮﺱ ﺍﻟﻔﺪﺍﺀ" ﻭ"ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻦ ﻭﺳﻦ" ﻭ"ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺼﺒﺢُ"
ﻭﺍﻟﺘﻲِ ﺗﻐﻨَّﻰ ﺑﻬﺎ ﻓﻨَّﺎﻥ ﺍﻟﺴُّﻮﺩﺍﻥ ﻣﺤﻤَّﺪ ﻭَﺭﺩﻱ: "ﺃﺻﺒﺢ
ﺍﻟﺼﺒﺢ ﻓﻼ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻭﻻ ﺍﻟﺴﺠﺎﻥ ﺑﺎﻕ/ ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻟﻔﺠﺮ
ﺟﻨﺎﺣﺎﻥ ﻳﺮﻓﺎﻥ ﻋﻠﻴﻚ/ ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺤﻞ ﻫﺎﺗﻴﻚ
ﺍﻟﻤﺂﻗﻲ/ ﺍﻟﺘﻘﻰ ﺟﻴﻞ ﺍﻟﺒﻄﻮﻻﺕ ﺑﺠﻴﻞ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺎﺕ/ ﺍﻟﺘﻘﻰ
ﻛﻞ ﺷﻬﻴﺪ ﻗﻬﺮ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﻣﺎﺕ/ ﺑﺸﻬﻴﺪ ﻟﻢ ﻳﺰﻝ ﻳﺒﺬﺭ ﻓﻲ
ﺍﻷﺭﺽ ﺑﺬﻭﺭ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ." ﻛﻤﺎ ﺗﻐﻨﻰ ﺑﻘﺼﺎﺋﺪ ﺛﻮﺭﻳَّﺔ
ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻪ ﺍﻟﻔﻨَّﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﻋَﺮﻛﻲ ﺍﻟْﺒﺨﻴﺖ.
ﺛﻮﺭﻳَّﺔ ﺗﺮﻧﻮ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺻُﻮﻓﻴَّﺘﻪ ﺍﻟﻌﺬﺑﺔ
ﻣﺘﺠﻠّﻴَﺔً ﻓﻲ ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ "ﻣﻌﺰﻭﻓَﺔ ﺩﺭﻭﻳﺶ ﻣﺘﺠﻮّﻝ:" "ﻓﻲ
ﺣَﻀﺮﺓِ ﻣَﻦْ ﺃﻫﻮﻯ، ﻋﺒَﺜَﺖْ ﺑﻲ ﺍﻷﺷﻮﺍﻕْ/ ﺣﺪَّﻗﺖُ ﺑﻼ
ﻭﺟْﻪٍ، ﻭﺭﻗﺼﺖُ ﺑﻼ ﺳﺎﻕْ/ ﻭﺯﺣَﻤﺖُ ﺑِﺮﺍﻳﺎﺗﻲ ﻭﻃُﺒﻮﻟﻲ
ﺍﻵﻓﺎﻕْ/ ﻋِﺸْﻘﻲ ﻳُﻔﻨﻲ ﻋِﺸْﻘﻲ، ﻭﻓﻨﺎﺋﻲ ﺍﺳﺘﻐﺮﺍﻕْ/
ﻣَﻤﻠُﻮﻛُﻚَ ﻟﻜﻨِّﻲ، ﺳُﻠﻄﺎﻥُ ﺍﻟْﻌُﺸَّﺎﻕْ."
ﻭﻻ ﺃﻋﻠﻢ ﺃﺣﺪﺍً ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ ﺗﻐﻨَّﻰ ﺑﺄﺷﻌﺎﺭ
ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻏﻨَّﺎﻫﺎ ﺍﻟﻔﻨَّﺎﻥ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ
ﺍﻟﻜﺎﺑﻠﻲ ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﻏﻨّﻰ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻟﻠﻤﺘﻨﺒﻲ ﻭﺃﺑﻲ ﻓﺮﺍﺱ
ﺍﻟﺤﻤﺪﺍﻧﻲ ﻭﺍﻟﻌﻘَّﺎﺩ ﻭﺁﺧﺮﻳﻦ.
ﺣﻴﻦ ﻳﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺻُﻮﻓﻴَّﺘﻪ ﻳﺠﻴﺐ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ: "ﻛﺎﻥ ﻭﺍﻟﺪﻱ
ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺭ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺼُّﻮﻓﻴﺔ، ﻭﻗﺪ ﻋﺎﻳﻨﺘُﻬﺎ ﻃﻔﻼً ﻭﺻﺒﻴَّﺎً،
ﻭﺣﻔﻈﺖُ ﺍﻟﻘُﺮﺁﻥَ ﻛُﻠَّﻪ ﻋﻦ ﻇﻬﺮِ ﻗﻠﺐ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ.
ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥَّ ﻟﺠﻮﺋﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼُّﻮﻓِﻴَّﺔ ﻟﻴﺲ ﻟﺠﻮﺀﺍً ﺛﻘﺎﻓﻴَّﺎً ﺃﻭ
ﻓﻠﺴﻔﻴَّﺎً ﺃﻭ ﻓﻨﻴَّﺎ ﻟﻤﺠﺮَّﺩ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺃﻓﻖ ﺟﺪﻳﺪ. ﺇﻥَّ
ﺻُﻮﻓِﻴَّﺔَ ﺍﻟﺸَّﺎﻋﺮ ﺃﻭ ﺷﺎﻋﺮﻳَّﺔ ﺍﻟﺼُّﻮﻓﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺗﻜﻠَّﻢ ﻋﻨﻪ
ﻣﻮﻗﻒ ﺇﻧﺴﺎﻧﻲّ ﺇﻳﺠﺎﺑﻲّ ﻭﺍﻉٍ ﻣُﺪﺭِﻙ، ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻮﻗﻒ
ﺍﻟﺪَّﺭﻭﻳﺶ ﺍﻟْﻤُﻨﺠﺬِﺏ ﺇﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ
ﺍﻟﻤﺸﻮﺷﺔ، ﻭﺍﻷﺣﺎﺳﻴﺲ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳَّﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﺀ. ﺇﻧَّﻪ
ﺍﻟﺼُّﻮﻓﻲ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ، ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﺼُّﻮﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﻬﺎﻟﻚ ﺍﻟﻤﻬﺰﻭﻡ."
"
ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺷﺎﻋﺮﺍً ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻛﻤﺎ
ﻋﺮﻓﻮﻩ
"
ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺤﺮﻑ ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺷﺎﻋﺮﺍً
ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻛﻤﺎ ﻋﺮﻓﻮﺍ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ، ﺣﺘﻰ ﺣﻴﻨﻤﺎ
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻫﻮ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﺎً ﻭﺻﻴﺘﺎً ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ ﺃﺟﻨﺎﺱ
ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ. ﺃﺟﻞ، ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻬﺎ
ﺇﻟّﺎ ﺍﻟﻨﺰﺭ ﺍﻟﻴﺴﻴﺮ ﻣﻤّﺎ ﻧﺎﻟﻪ، ﻭﻋﻦ ﺟﺪﺍﺭﺓ ﻭﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ،
ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ.
ﻭﻟﻌﻠﻪ ﻣﻤﺎ ﻳﺤﺰّ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺃﻥ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ
ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﺳﺎﺩﺕ ﻭﺗﺴﻮﺩ ﻗﺼﺎﺋﺪﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﻥ ﻓﻴﻪ،
ﻭﻟﻜﻨﻚ ﺗﺴﺄﻝ ﻋﻨﻬﺎ ﺷﻌﺮﺍﺀ ﻭﻗﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ،
ﻓﻼ ﺗﺤﺲّ ﻟﻬﺎ ﺃﺛﺮﺍً... ﻛﻴﻒ ﻭﻗﺪ ﺭﺣﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻫﺆﻻﺀ
ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ: ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺍﻟﻤﺠﺬﻭﺏ ﻭﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻲ
ﻭﻣﺼﻄﻔﻰ ﺳﻨﺪ ﻭﺻﻼﺡ ﺃﺣﻤﺪ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ
ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻟﻴﺲ ﺇﻻ.
ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑـ ﻣُﻌﻤَّﺮ ﺍﻟﻘﺬﺍﻓﻲ ﻭﺁﺧﺮ ﻋﻬﺪﻩ ﺑﻪ؟!
ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻭﺩﻓﻊ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺗﻠﻚ ﺛﻤﻨﺎً ﻟِﺘﺸﺒُّﺜﻪ ﺍﻷﻋﻤﻰ
ﺑﺎﻟﺴُّﻠﻄﺔ، ﻭﺣﺴﺐَ ﺍﻟﺤﺎﺳﺒﻮﻥَ ﺍﻟﻔَﻴﺘﻮﺭﻱ ﺭﻗﻤﺎً ﻣﻦ ﺃﺭﻗﺎﻡ
ﻋﻬﺪﻩ، ﻭﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺸَّﺎﻋﺮ ﻭﺣﻴﺪﺍً ﻭﻏﺮﻳﺒﺎً ﻭﻣﺮﻳﻀﺎً
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ. ﺗﻨﺎﺩﻯ ﻣﺤﺒُّﻮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻜُﺘَّﺎﺏ ﺍﻟﺴُّﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ
ﻭﻗﺎﺭﺋﻴﻪ ﻟﻴﻔﻌﻠﻮﺍ ﺷﻴﺌﺎً ﻳُﻌﻴﻨﻮﺍ ﺑﻪ ﺷﺎﻋﺮﺍً ﻓﻲ ﺁﺧِﺮ ﺃﻧﻔﺎﺱِ
ﻗﺼﻴﺪﺗِﻪ. ﻭﻫﺎﻫﻮ ﻳﻨﺄﻯ ﻋﻦ ﻛُﻞِّ ﺫﻟﻚ ﻭﺻَﻤﺖٌ، ﻻ ﻳُﺸﺒﻪ
ﻓﻲ ﺷﻲﺀ ﺩﻭﻱَّ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﻳﻠﻔُّﻪ)ﻟﻌﻞ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﻣﻦ
ﺃﺣﺴﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺇﻟﻘﺎﺀً ﻟﻘﺼﺎﺋﺪﻫﻢ، ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ
ﺃﺣﺴﻨﻬﻢ (، ﻭﻳﻠُﻒُّ ﻣﺸﻬﺪﺍً ﺷﻌﺮﻳَّﺎً ﺳﻴﺸﻐﺮ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺇﻟﻰ
ﺣﻴﻦٍ ﻳﻄﻮﻝ..
19
ﺍﻗﺮﺃ ﺃﻳﻀﺎً
ﻏﺮﺍﻣﺸﻲ ﻣﺴﺘﺄﻧﻔﺎً ﻟﻤﺎﺭﻛﺲ
ﻋﺼﺎﻡ ﻋﻴﺴﻰ ﺭﺟﺐ
19
26 ﺃﺑﺮﻳﻞ 2015
"ﻫﻜﺬﺍ/ ﻛﺎﻥَ ﻳﻐﻨﻲ ﺍﻟﻤﻮﺕُ/ ﺣﻮﻝَ ﺍﻟْﻌﺮﺑﺔ،" ﻭﻫﻜﺬﺍ،
ﻭﺣﻴﺪﺍً ﻭﻏﺮﻳﺒﺎً ﻳﺮﺣﻞ ﺍﻟْﻔَﻴﺘﻮﺭﻱ )1930 - 2015 (. ﺗﺄﺗﻲ
ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺷﺎﻋﺮَﻫﺎ ﻭﺣﻴﺪﺓً ﻏﺮﻳﺒﺔ، ﺃﺗُﺮﺍﻫﺎ ﺗﻬﻤﺲ ﻓﻲ
ﺭﻭﺣِﻪ ﻭﻗﺘﺬﺍﻙ: ﺳﺘﺮﺣﻞ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﻲ ﻛﻤﺎ ﺟﺌﺘﻚ، ﻭﺣﺪﻙَ
ﺗﺼﺤﺒﻚ ﻏﺮﺑﺘﻚ.
ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻜﻨﻪ ﺃﺭﻭﺍﺡ ﺷﺘﻰ، ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺗﻠﻜﻢ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻝ
ﻣﻜﺴﻴﻢ ﻏﻮﺭﻛﻲ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺘﻪ "ﻗﺼﺔ ﺣﻴﺎﺓ ﻣﺎﺗﻴﻔﻲ
ﻛﻮﺯﻳﻤﻴﺎﻛﻴﻦ،" ﺇﻥَّ ﻓﻲ ﺟﻮﻓﻬﺎ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺭﻭﺣﺎً،
ﻭﻟﻦ ﻳﻬﺪﺃ ﺑﺎﻟﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺠﺐ ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﻃﻔﻼً
ﻭﻃﻔﻠﺔ. ﻛﺘﺐَ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﺃﻛﺜﺮَ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﺭﻭﺍﺣﻪ
ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻫﺪﺃﺕ ﺭﻭﺣﻪ ﺍﻟﺘﻲ
ﻭﺯَّﻋﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺑﻠﺪ: ﺍﻟﺴُّﻮﺩﺍﻥ ﻭﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﻣﺼﺮ ﻭ..
ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ.
ﻳﺎ ﻟﺼﺨﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﻬﺎ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ، ﺳﻜﻨﺘﻪ
ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺣﻴﻨﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻨَّﺸﻴﺪ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺗﻪ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ
ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺗﻠﻬﺞ ﺑﺎِﺳﻤﻬﺎ "ﺃﻏﺎﻧﻲ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ" )1956 (
ﻭ"ﻋﺎﺷﻖ ﻣﻦ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ" )1964 ( ﻭ"ﺍﺫﻛﺮﻳﻨﻲ ﻳﺎ
ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ" )1965 ( ﻭﻣﺴﺮﺣﻴﺔ "ﺃﺣﺰﺍﻥ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ" )1966 (.
ﺷﻐﻠﺖ ﻗﺼﺎﺋﺪﻩ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﻴﻨﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻄﻮﺍﻑ
ﻭﺍﻟﺘﺠﻮﺍﻝ ﻭﺍﻟﺬﻳﻮﻉ ﻭﺍﻻﻧﺘﺸﺎﺭ، ﻭﻣﺪﺡ ﻣﻦ ﻣﺪﺡ ﻣﻦ
ﺣﺎﻛﻤﻴﻬﺎ، ﻣﺘﻨﺎﺳﻴﺎً ﻣﺎ ﻭﺻﻤﺘﻬﻢ ﺑﻪ ﺃﻧﺎﺷﻴﺪﻩ: "ﻟِﻤﺎﺫﺍ ﻳﻈُﻦُّ
ﺍﻟﻄُّﻐﺎﺓُ ﺍﻟﺼِّﻐﺎﺭ/ ﻭﺗﺸﺤُﺐُ ﺃﻟﻮﺍﻧُﻬﻢ/ ﺃﻥّ ﻣﻮﺕَ ﺍﻟْﻤُﻨﺎﺿِﻞِ
ﻣﻮﺕُ ﺍﻟْﻘﻀﻴَّﺔ/ ﺃﻋﻠَﻢُ ﺳِﺮَّ ﺍﺣﺘﻜﺎﻡِ ﺍﻟﻄُّﻐﺎﺓِ ﺇﻟﻰ ﺍﻟْﺒُﻨﺪﻗﻴَّﺔ/
ﻻ ﺧﺎﺋﻔﺎً/ ﺇﻥَّ ﺻﻮﺗﻲَ ﻣﺸﻨﻘﺔُ ﻟﻠﻄُّﻐﺎﺓِ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻭﻻ ﻧﺎﺩِﻣﺎً/
ﺇﻥَّ ﺭﻭﺣﻲَ ﻣُﺜﻘَﻠﺔٌ ﺑﺎﻟْﻐﻀَﺐْ/ ﻛُﻞُّ ﻃﺎﻏﻴﺔٍ ﺻَﻨَﻢٌ/ ﺩُﻣﻴَﺔٌ
ﻣِﻦْ ﺧَﺸَﺐْ."
"
ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺼﺒﺢ ﻓﻼ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻭﻻ ﺍﻟﺴﺠﺎﻥ ﺑﺎﻕ ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻟﻔﺠﺮ
ﺟﻨﺎﺣﺎﻥ ﻳﺮﻓﺎﻥ ﻋﻠﻴﻚ/ ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺤّﻞ ﻫﺎﺗﻴﻚ
ﺍﻟﻤﺂﻗﻲ
"
ﻭﺟﺎﺀَ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻗﺒﻞ ﺳﻨﻮﺍﺕ، ﻛﺎﻧﺖ ﺯﻳﺎﺭﺗﻪ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ
ﻟﻬﺎ، ﻭﻣﺪﺡ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻳﻀﺎً، ﻓﺎﺣﺘﻔﻰ ﺑﻪ ﻣﺎﺩﺣﻪ ﻭﻣﻨﺤﻪ
ﻭﺳﺎﻣﺎً. ﻭﺃﻏﻀﺐ ﻭﺃﺣﺰﻥ ﺫﻟﻚ ﻣُﺤﺒﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸّﻌﺮﺍﺀ
ﻭﺍﻟﻐﺎﻭﻳﻦ. ﻛﻴﻒ ﻻ، ﻭﻫﻢ ﻳﻜﺎﺩﻭﻥ ﻳﺤﻔﻈﻮﻥ ﻗﺼﺎﺋﺪ
ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ ﺍﻟﻄﺎﻏﻲ ﻓﻲ ﺛﻮﺭﻳَّﺘِﻪ "ﺃﻗﻮﺍﻝُ ﺷﺎﻫِﺪِ ﺇﺛﺒﺎﺕ،"
ﻭﻗﺼﻴﺪﺗﻴﻪ ﻓﻲ ﺛﻮﺭﺗﻲْ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ 1964 ﻭﺃﺑﺮﻳﻞ 1985
"ﻋُﺮﺱ ﺍﻟﻔﺪﺍﺀ" ﻭ"ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻦ ﻭﺳﻦ" ﻭ"ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺼﺒﺢُ"
ﻭﺍﻟﺘﻲِ ﺗﻐﻨَّﻰ ﺑﻬﺎ ﻓﻨَّﺎﻥ ﺍﻟﺴُّﻮﺩﺍﻥ ﻣﺤﻤَّﺪ ﻭَﺭﺩﻱ: "ﺃﺻﺒﺢ
ﺍﻟﺼﺒﺢ ﻓﻼ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻭﻻ ﺍﻟﺴﺠﺎﻥ ﺑﺎﻕ/ ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻟﻔﺠﺮ
ﺟﻨﺎﺣﺎﻥ ﻳﺮﻓﺎﻥ ﻋﻠﻴﻚ/ ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺤﻞ ﻫﺎﺗﻴﻚ
ﺍﻟﻤﺂﻗﻲ/ ﺍﻟﺘﻘﻰ ﺟﻴﻞ ﺍﻟﺒﻄﻮﻻﺕ ﺑﺠﻴﻞ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺎﺕ/ ﺍﻟﺘﻘﻰ
ﻛﻞ ﺷﻬﻴﺪ ﻗﻬﺮ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﻣﺎﺕ/ ﺑﺸﻬﻴﺪ ﻟﻢ ﻳﺰﻝ ﻳﺒﺬﺭ ﻓﻲ
ﺍﻷﺭﺽ ﺑﺬﻭﺭ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ." ﻛﻤﺎ ﺗﻐﻨﻰ ﺑﻘﺼﺎﺋﺪ ﺛﻮﺭﻳَّﺔ
ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻪ ﺍﻟﻔﻨَّﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﻋَﺮﻛﻲ ﺍﻟْﺒﺨﻴﺖ.
ﺛﻮﺭﻳَّﺔ ﺗﺮﻧﻮ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺻُﻮﻓﻴَّﺘﻪ ﺍﻟﻌﺬﺑﺔ
ﻣﺘﺠﻠّﻴَﺔً ﻓﻲ ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ "ﻣﻌﺰﻭﻓَﺔ ﺩﺭﻭﻳﺶ ﻣﺘﺠﻮّﻝ:" "ﻓﻲ
ﺣَﻀﺮﺓِ ﻣَﻦْ ﺃﻫﻮﻯ، ﻋﺒَﺜَﺖْ ﺑﻲ ﺍﻷﺷﻮﺍﻕْ/ ﺣﺪَّﻗﺖُ ﺑﻼ
ﻭﺟْﻪٍ، ﻭﺭﻗﺼﺖُ ﺑﻼ ﺳﺎﻕْ/ ﻭﺯﺣَﻤﺖُ ﺑِﺮﺍﻳﺎﺗﻲ ﻭﻃُﺒﻮﻟﻲ
ﺍﻵﻓﺎﻕْ/ ﻋِﺸْﻘﻲ ﻳُﻔﻨﻲ ﻋِﺸْﻘﻲ، ﻭﻓﻨﺎﺋﻲ ﺍﺳﺘﻐﺮﺍﻕْ/
ﻣَﻤﻠُﻮﻛُﻚَ ﻟﻜﻨِّﻲ، ﺳُﻠﻄﺎﻥُ ﺍﻟْﻌُﺸَّﺎﻕْ."
ﻭﻻ ﺃﻋﻠﻢ ﺃﺣﺪﺍً ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ ﺗﻐﻨَّﻰ ﺑﺄﺷﻌﺎﺭ
ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻏﻨَّﺎﻫﺎ ﺍﻟﻔﻨَّﺎﻥ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ
ﺍﻟﻜﺎﺑﻠﻲ ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﻏﻨّﻰ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻟﻠﻤﺘﻨﺒﻲ ﻭﺃﺑﻲ ﻓﺮﺍﺱ
ﺍﻟﺤﻤﺪﺍﻧﻲ ﻭﺍﻟﻌﻘَّﺎﺩ ﻭﺁﺧﺮﻳﻦ.
ﺣﻴﻦ ﻳﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺻُﻮﻓﻴَّﺘﻪ ﻳﺠﻴﺐ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ: "ﻛﺎﻥ ﻭﺍﻟﺪﻱ
ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺭ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺼُّﻮﻓﻴﺔ، ﻭﻗﺪ ﻋﺎﻳﻨﺘُﻬﺎ ﻃﻔﻼً ﻭﺻﺒﻴَّﺎً،
ﻭﺣﻔﻈﺖُ ﺍﻟﻘُﺮﺁﻥَ ﻛُﻠَّﻪ ﻋﻦ ﻇﻬﺮِ ﻗﻠﺐ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ.
ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥَّ ﻟﺠﻮﺋﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼُّﻮﻓِﻴَّﺔ ﻟﻴﺲ ﻟﺠﻮﺀﺍً ﺛﻘﺎﻓﻴَّﺎً ﺃﻭ
ﻓﻠﺴﻔﻴَّﺎً ﺃﻭ ﻓﻨﻴَّﺎ ﻟﻤﺠﺮَّﺩ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺃﻓﻖ ﺟﺪﻳﺪ. ﺇﻥَّ
ﺻُﻮﻓِﻴَّﺔَ ﺍﻟﺸَّﺎﻋﺮ ﺃﻭ ﺷﺎﻋﺮﻳَّﺔ ﺍﻟﺼُّﻮﻓﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺗﻜﻠَّﻢ ﻋﻨﻪ
ﻣﻮﻗﻒ ﺇﻧﺴﺎﻧﻲّ ﺇﻳﺠﺎﺑﻲّ ﻭﺍﻉٍ ﻣُﺪﺭِﻙ، ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻮﻗﻒ
ﺍﻟﺪَّﺭﻭﻳﺶ ﺍﻟْﻤُﻨﺠﺬِﺏ ﺇﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ
ﺍﻟﻤﺸﻮﺷﺔ، ﻭﺍﻷﺣﺎﺳﻴﺲ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳَّﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﺀ. ﺇﻧَّﻪ
ﺍﻟﺼُّﻮﻓﻲ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ، ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﺼُّﻮﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﻬﺎﻟﻚ ﺍﻟﻤﻬﺰﻭﻡ."
"
ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺷﺎﻋﺮﺍً ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻛﻤﺎ
ﻋﺮﻓﻮﻩ
"
ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺤﺮﻑ ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺷﺎﻋﺮﺍً
ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻛﻤﺎ ﻋﺮﻓﻮﺍ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ، ﺣﺘﻰ ﺣﻴﻨﻤﺎ
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻫﻮ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﺎً ﻭﺻﻴﺘﺎً ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ ﺃﺟﻨﺎﺱ
ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ. ﺃﺟﻞ، ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻬﺎ
ﺇﻟّﺎ ﺍﻟﻨﺰﺭ ﺍﻟﻴﺴﻴﺮ ﻣﻤّﺎ ﻧﺎﻟﻪ، ﻭﻋﻦ ﺟﺪﺍﺭﺓ ﻭﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ،
ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ.
ﻭﻟﻌﻠﻪ ﻣﻤﺎ ﻳﺤﺰّ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺃﻥ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ
ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﺳﺎﺩﺕ ﻭﺗﺴﻮﺩ ﻗﺼﺎﺋﺪﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﻥ ﻓﻴﻪ،
ﻭﻟﻜﻨﻚ ﺗﺴﺄﻝ ﻋﻨﻬﺎ ﺷﻌﺮﺍﺀ ﻭﻗﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ،
ﻓﻼ ﺗﺤﺲّ ﻟﻬﺎ ﺃﺛﺮﺍً... ﻛﻴﻒ ﻭﻗﺪ ﺭﺣﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻫﺆﻻﺀ
ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ: ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺍﻟﻤﺠﺬﻭﺏ ﻭﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻲ
ﻭﻣﺼﻄﻔﻰ ﺳﻨﺪ ﻭﺻﻼﺡ ﺃﺣﻤﺪ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ
ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻟﻴﺲ ﺇﻻ.
ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑـ ﻣُﻌﻤَّﺮ ﺍﻟﻘﺬﺍﻓﻲ ﻭﺁﺧﺮ ﻋﻬﺪﻩ ﺑﻪ؟!
ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻭﺩﻓﻊ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺗﻠﻚ ﺛﻤﻨﺎً ﻟِﺘﺸﺒُّﺜﻪ ﺍﻷﻋﻤﻰ
ﺑﺎﻟﺴُّﻠﻄﺔ، ﻭﺣﺴﺐَ ﺍﻟﺤﺎﺳﺒﻮﻥَ ﺍﻟﻔَﻴﺘﻮﺭﻱ ﺭﻗﻤﺎً ﻣﻦ ﺃﺭﻗﺎﻡ
ﻋﻬﺪﻩ، ﻭﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺸَّﺎﻋﺮ ﻭﺣﻴﺪﺍً ﻭﻏﺮﻳﺒﺎً ﻭﻣﺮﻳﻀﺎً
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ. ﺗﻨﺎﺩﻯ ﻣﺤﺒُّﻮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻜُﺘَّﺎﺏ ﺍﻟﺴُّﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ
ﻭﻗﺎﺭﺋﻴﻪ ﻟﻴﻔﻌﻠﻮﺍ ﺷﻴﺌﺎً ﻳُﻌﻴﻨﻮﺍ ﺑﻪ ﺷﺎﻋﺮﺍً ﻓﻲ ﺁﺧِﺮ ﺃﻧﻔﺎﺱِ
ﻗﺼﻴﺪﺗِﻪ. ﻭﻫﺎﻫﻮ ﻳﻨﺄﻯ ﻋﻦ ﻛُﻞِّ ﺫﻟﻚ ﻭﺻَﻤﺖٌ، ﻻ ﻳُﺸﺒﻪ
ﻓﻲ ﺷﻲﺀ ﺩﻭﻱَّ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﻳﻠﻔُّﻪ)ﻟﻌﻞ ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﻣﻦ
ﺃﺣﺴﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺇﻟﻘﺎﺀً ﻟﻘﺼﺎﺋﺪﻫﻢ، ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ
ﺃﺣﺴﻨﻬﻢ (، ﻭﻳﻠُﻒُّ ﻣﺸﻬﺪﺍً ﺷﻌﺮﻳَّﺎً ﺳﻴﺸﻐﺮ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺇﻟﻰ
ﺣﻴﻦٍ ﻳﻄﻮﻝ..
19
ﺍﻗﺮﺃ ﺃﻳﻀﺎً
ﻏﺮﺍﻣﺸﻲ ﻣﺴﺘﺄﻧﻔﺎً ﻟﻤﺎﺭﻛﺲ
Comments
Post a Comment