Skip to main content

كلام عن العولمة الناقصة ----------- د. موزة العبار

كلام عن العولمة الناقصة

«عيش وحرية وعدالة اجتماعية»، شعارات طالما ترددت في كل ميادين بلاد ما يسمى «الربيع العربي».
العولمة أيضاً تؤمن «بالمساواة»، إلا أن سياساتها واتفاقياتها الاقتصادية والاجتماعية، تهتم بتحقيق المساواة بين الدول المتقدمة فقط، وليس بينها والدول النامية والفقيرة، كما أنها لا تحقق المساواة بين مواطني الدول المتقدمة، خاصة من المهاجرين أو من الأقليات الدينية أو العرقية.
هذا الفهم الجزئي والتطبيق القاصر للمساواة، يخلق مشكلات عديدة بين الدول وبين مواطني البلد الواحد، وتدعو العولمة للعدالة، لكن سياساتها واتفاقياتها الاقتصادية والاجتماعية، لا تحقق العدالة بالمفهوم المعروف لهذه القيمة، فتحاول العولمة تحقيق العدالة في الدول النامية والفقيرة، من منظور غربي يكون في معظم الأحيان متحيزاً، ولا يراعي ديانات تلك الدول ولا الثقافات المحلية فيها، ولا المصالح الاقتصادية للطبقات الفقيرة، إنما الأهم لديها هو نشر الهيمنة، وتأمين التجارة والمواصلات، ووجود القيادات الموالية لها.
هذا الفهم السلبي لقيمة العدالة، قد يؤثر في الدول الإسلامية، بأن يجعلها تسير في ركب الدول الغربية، بما يجعل بعض المسلمين في حيرة وارتباك، والبعض الآخر يقل الوازع الديني لديه، وفريق ثالث قد يتشرب الثقافة المستوردة.
لا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن العولمة لم تؤدِّ إلى دعم مبادئ الحرية والمساواة، كما ادعى مروجوها، بل العكس، فقد أدت إلى تزايد العنصرية ومعاداة الأجانب، وهذا ما أكده أحد تقارير المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
حيث أوضح أن الدول الفقيرة لم تستفد مما أفرزته العولمة من انفتاح الأسواق وثورة المعلومات، وغيرها من إيجابيات، بسبب تزايد الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وأن الدول الغنية والكبرى، فضلت الاحتفاظ بثرواتها لنفسها، دون أدنى محاولة لردم الفجوة بينها وبين الدول الفقيرة، بل عمدت إلى تعميق الكراهية ضد الأجانب القادمين من الدول الفقيرة لتحسين أحوالهم المعيشية، بتحميلهم مسؤولية كل الأمراض التي تعاني منها.
مصطلح العولمة Globalization، من أكثر المصطلحات استخداماً في السنوات الأخيرة من القرن العشرين، وعلى جميع المستويات، سواء الأكاديمي أم مستوى أجهزة الإعلام والرأي العام، أم على مستوى الأحزاب السياسية والتيارات الفكرية، وذلك لأن العولمة لها من الجوانب والزوايا ما يثير اهتمام كل هؤلاء. ويشير مفهوم العولمة إلى الانتشار المسيطر الواسع للأنظمة التجارية والمالية والاقتصادية والتقنية والثقافية والسياسية، في كل أنحاء العالم، بحيث يرتبط العالم كله بنظام واحد.
العولمة بمفهومها هذا، لها مدلولان مترابطان، وهما: المدلول الفكري، أو العقائدي الفلسفي، الذي ينظر إليها على أنها نظرية أيديولوجية تغاير الشيوعية التي فشلت من قبل، التي كانت تعتمد على ملكية الدولة واحتكارها للاقتصاد والسوق المغلقة، بينما تعتمد العولمة على الانفتاح على العالم، والحرية الاقتصادية والسياسية، ونظام السوق العالمي المفتوح.
أما المدلول الثاني للعولمة، فهو المدلول الذي ينظر لها على أنها عملية مادية، تتعلق بنقل ومبادلة السلع والخدمات والنقود والموارد والمعلومات عبر حدود الدول، من دون معوقات أو قيود، ما عدا قيود وأنظمة التجارة العالمية.
الحقيقة أن المدلولين مترابطان ومكملان لبعضهما، وهما وجهان لعملة واحدة، ولا شك في أن التقنية المتطورة في ثورة الاتصالات والمعلومات الحديثة، أسهمت وتسهم بدور كبير في انتشار مفهوم العولمة فكراً وسلوكاً.
أما في بلادي، دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي كانت، وبفضل من المولى سبحانه وتعالى، مع شقيقاتها الدول الخليجية، والتي لن تطالها «فوضى ونيران الربيع العربي»، فقد استطاعت تحقيق نسب عالمية غير مسبوقة في تحقيق مبادئ «العدالة الاجتماعية» بين مواطنيها والمقيمين على أرضها، بتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الذي أكد في كلمة لسموه بمناسبة اليوم الوطني الـ‏ «41»، أن العدل أساس الحكم، فالإمارات نموذج مختلف حقاً في هذا العالم.
إن سيادة القانون وصون الكرامة الإنسانية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير الحياة الكريمة، دعامات للمجتمع، وحقوق أساسية يكفلها الدستور، ويحميها القضاء المستقل العادل.
وهذا واقع الحال في الإمارات، ويأتي ذلك ترسيخاً لمبادئ وقيم المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي رسخ قيم «الود والعدل والتسامح» في نهج وسياسة دولة الإمارات، ولقد حلت الإمارات خلال عام 2014، في المرتبة الأولى إقليمياً، وال‏ـ 27 عالمياً في «سيادة القانون»، في تقرير مشروع العدالة العالمي لعام 2014، والسابعة عالمياً في مجال العدالة الاجتماعية.
ما نستطيع قوله: إن ظاهرة العولمة مرتبطة بظواهر كثيرة مختلفة، استجدت على معظم مجالات الحياة. ورغم كل ما يقال عن العولمة وتأثيرها في نظام القيم الإنسانية والأخلاقية، وتشكيل رؤية الفرد والتأثير في قيم الشعوب، لما أحدثته وما سوف تحدثه من تغيرات جوهرية أو نوعية في أنماط السلوك والمعايير، فلا سبيل لمواجهتها إلا بتحريك ما في الإنسان من عنصر سامٍ، ليسمو فوق مستوى العولمة وتحدياتها، من خلال وعي أخلاقي وفكر مستنير، حتى يعم الخير والتسامح، ويترسخ مبدأ العدالة الاجتماعية لجميع الأفراد وكافة الشعوب.

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil...

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن...

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m ...