هل العنج هم عجوبه الخربت سوبا؟ (العقل الرعوي 20)
د.عبد الله علي إبراهيم
يعتقد الدكتور النور بأن جفاة الأعراب هم من خربوا مُلك النوبة المسيحية في سوبا خاصة. وهي عقيدة أذاعها ابن خلدون في تاريخه "كتاب العبر" لا المقدمة. فقال إن جهينة تكاثرت وتغلبت على النوبة وأزالت ملكهم. وهو نص احتوشته الطعون منذ عقود. فنقض مؤرخون للنوبة والسودان وصفه لهجرات جهينة من الجزيرة العربية، ولمنازلها في السودان، وأدوارها المزعومة في تخريب النوبة. فضَعّفوا وثوقيته تضعيفاً لم يبق بعده، في رأي المؤرخ أحمد الياس حسين، قِبْلةً للباحثين إلا بفضل شهرة كاتبه.
خلص أحمد الياس، في سياق مشروعه لإزالة مسلمات شاعت عن تاريخ السودان في
العصر الوسيط، إلى أن ابن خلدون لم يكن دقيقاً في معلوماته عن جهينة، وعمم أحكامه
برغم أنه لا مصداقية لشطر كبير منها. بل خالف سائر معاصريه ممن أرخوا لهجراتها لأفريقيا ومساراتها. فجاء وحده بدور مخرب غير أكيد لها هدت به دولة النوبة. وهي أخطاء
مستغربة منه في قول أحمد الياس لأنه جاء إلى مصر في 1382 وتوفي بها في 1406،
مقيما بها لنحو ثلاثة عقود، قريباً من مسرح الأحداث التي صحبت إسلام ملوك المقرة
المسيحية وأعقبته.
لم تهز تلك المآخذ قناة نص ابن خلدون. وظل الباحثون يأخذون به على عواهنه. وربما كان تعويل المؤرخين عليه راجعاً إلى أن خبره هو ما أحتاجوا له لتعذر العلم عن فترة خراب سوبا بغيره. فسمى يوسف فضل حسن فترة القرنين الخامس عشر والسادس عشر بعد سقوط المقرة في منتصف القرن الرابع فترة إظلام تاريخي. فلا نعرف إلا القليل عنها. وهذا النذر المعروف انحصر في أدب القبائل وروايات الأنساب.
وقد بدأ من قريب فض مغاليق تاريخ هذه الفترة المجهولة. وأهمية هذا الكشف عن هذا التاريخ المجهول في مناظرتي للنور أنه برأ العرب من "إثم" تخريب علوة وحمّله للعنج. والعنج جماعة معلومة بالأسم غير أن فعلها في التاريخ مجهول. وقيض الله لنا من قريب باحثاً ذرباً هو الدكتور أحمد المعتصم الشيخ جعل الكشف عن غموض العنج موضوع رسالته للدكتوراه في التاريخ من جامعة الخرطوم في 2002. وقد جاء فيها لا بالقول الفصل في المسألة (فليس القول الفصل مطلب في البحث العلمي) بل بما نزع الغموض الثقيل عن هذه الجماعة الغامضة المثيرة. فعرّف معتصم بهم ووأرجعهم إلى أصل، ووصف دورهم التاريخي المجهول، وألقى ضوءاً على الغموض الذي أحدق بفترة سيادتهم على النيل الأوسط والجزيرة من منتصف القرن الرابع عشر إلى نهاية القرن الخامس عشر الميلاديين. وهي فترة بلغ من غموضها أن سماها المؤرخون قرون الظلام في تاريخ السودان كما مر.
بعد قراءة معمقة لكافة المكتوب عن العنج أرجعهم معتصم إلى شعب البجا بشرق السودان. وقال إن مواطنهم الأولى ربما كانت هي منطفة القاش ودلتاها. وربما كانوا أمة رديفاً لشعب الحلنقا والبلو، أو هم نفس البشر. ولن نزيد على ذلك خوف التشقيق الذي لا يحتمله مقال عابر كهذا. وقال إن بطوناً من العنج تحالفت للسيادة على شرق السودان حتى نهر العطبرة وربما أجزاء من البطانة. وارتبطت هذه الجماعة بإحسان ركوب الخيل ذات الحجم الأكبر نسبياً. وهناك إشارات أنهم خضعوا حيناً لملك الحبشة. وقد تمكنوا من ميناء سواكن فكان لهم نصيب في جماركه.
وكان العنج مملكة. وصف معتصم نظامهم ب "الإقطاعي". فهو مقسم بصورة جامعة مانعة إلى رعايا وحكام (أصلهم كلهم في البجا) تحكمه أعراف تؤسس لدونية الرعايا وامتياز الصفوة التي تستولى على فائض الإنتاج بتسخير الرعايا في نشاطات إنتاجية عائدها للسادة. ودين العنج موضع خلاف. فقد قيل إنهم تنصروا ثم أسلموا. وإن وصفوا عامة بتجاهل الدين. وقد استثمروا قوتهم بإحسانهم ركوب الخيل، ومواردهم من المؤاني والتجارة الشرقية. فأخضعوا معظم البجا لهم. وبدأوا منافسة ممالك النوبة مثل مملكة الأبواب (وهي مملكة قامت في دار الجعليين أو شملت دار الرباطاب) ودولة علوة في عائد تجارة البحر الأحمر والتعدين في صحراء البجا.
والجديد في دراسة معتصم هو قوله بالنزاع بين دولة العنج البجاوية والأبواب والمقرة النوبيتين. فالخصومة لم تكن محصورة بين العرب والنوبة كما هو مشهور. فقد كان اللاعبون في الميدان ثلاثة لا اثنين. وكانت القلاع الحصينة بمنطقة الرباطاب، وهي من الأبواب، من أطرف مصادر معتصم. وهي قلاع مبنية كلها على الضفة الشرقية للنيل مما يشير إلى المصدر الشرقي للخطر الذي بنيت للدفاع عنه. وما يزال اسم هذه القلاع السائر بين الرباطاب هو "قلاع العنج". ويعتقد أحمد أن شعب الأبواب تعرض لغارات العنج البجاويين لفترة ثم خضع لهم في فترة تلت 1317 بقليل. وبسيطرة العنج على دولة الأبواب أصبحوا على بوابة سوبا، عاصمة علوة وهي خصم ومنافس أيضاً. وأصبح سقوطها مسألة الوقت. وربما يفسر هذا عبارة "كاتب الشونة" الغامضة "إن العنج كانوا تغلبوا على النوبة" بغير تحديد زمان أو مكان أو تفصيل. وهذا أيضاً ما تواتر عند كثير من الجماعات السودانية. فالتقاليد السودانية الشفاهية تقول أيضاً إن الذي أطاح بعلوة هم العنج.
وستساعدنا دراسة أحمد، التي عزت سقوط النوبة المسيحية في الأبواب وعلوة إلى العنج البجاويين، في إعادة النظر في المعارف الموروثة لذلك السقوط. فقد ساد عندنا كما تقدم أن الذين أسقطوا علوة المسيحية هم العرب بواسطة تحالف قاده عبد الله جماع من جماعة القواسمة. وقد سمى "عبد الله" بجماع لتمكنه من تجميع حلف بدوي ضد مملكة علوة الظالمة في نهاية القرن الخامس عشر. ولا غضاضة في خراب قوم ملك قوم لولا أن ما قام به العرب في زعم الزاعمين قد جري وصفه كعمل من أعمال الفوضي. وهي صورة مستوحاة بصورة أساسية من ابن خلدون كما مر. فقد نسب تحول النوبة إلى الإسلام إلى سقوط دولتهم نتيجة لغارات العربان عليهم بصورة عاثوا فيها إضطراباً وسلباً. وأضاف شبه متحسر أنه هكذا تمزقت دولة النوبة أشتات وورثها العرب الذين خلا ملكهم من دبارة الحكم. فالعربي يستنكف الخضوع لأمر أخيه. وقد سادهم بالنتيجة الخلاف في السودان إلى يوم ابن خلدون ذاك. فانعدمت بالقطر سلطة مركزية تلم شعثه. وربما كان قول ابن خلدون هذا تطبيقاً لنظريته في العمران والعصبية لم يصادف محله أو أهله. فالذي أسقط علوة المسيحية في رأي معتصم هم العنج. وهم أصحاب مملكة ونظم مرعية في الحكم والإدارة. أما الذي ربما أطاح به العرب (مع الفونج) فهو دولة أخرى قامت على أنقاض سوبا المسيحية. وهي العنج. وربما كانت لهم أسبابهم القوية لإسقاطها.
طلب النور أن نتحرى تاريخنا وننقيه من الأوهام مثل عزتنا الجوفاء بإسلامية الفونج وتعريبها بينما هي غير كذلك. ورأينا مثل هذه الهمة أعلاه عند السفير الدكتور معتصم. صبر على وكد الأكاديمية حتى انتهى إلى تجديد الهواء في غرفة تاريخ سوبا وخرابها الذي تلقيناه عن ابن خلدون مطأطي العقل مستنيمين له. وهو ما لم يقبله فشق طريقاً وعراً لحقيقة خراب سوبا الباكر. وقام اجتهاده في هذه الناحية على تجشمه فتح أرشيف وثائقي مبتكر من مرويات القبائل والآثار. وتوافر مثل هذا الإرشيف هو شرط التجديد في كتابة التاريخ . وأتمنى أن يكون استنطاقه هذه المصادر المستحدثة وخلاصته منها موضوعاً يبعث راقد التاريخ فينا. أو راكضه. وهكذا
د.عبد الله علي إبراهيم
يعتقد الدكتور النور بأن جفاة الأعراب هم من خربوا مُلك النوبة المسيحية في سوبا خاصة. وهي عقيدة أذاعها ابن خلدون في تاريخه "كتاب العبر" لا المقدمة. فقال إن جهينة تكاثرت وتغلبت على النوبة وأزالت ملكهم. وهو نص احتوشته الطعون منذ عقود. فنقض مؤرخون للنوبة والسودان وصفه لهجرات جهينة من الجزيرة العربية، ولمنازلها في السودان، وأدوارها المزعومة في تخريب النوبة. فضَعّفوا وثوقيته تضعيفاً لم يبق بعده، في رأي المؤرخ أحمد الياس حسين، قِبْلةً للباحثين إلا بفضل شهرة كاتبه.
خلص أحمد الياس، في سياق مشروعه لإزالة مسلمات شاعت عن تاريخ السودان في
العصر الوسيط، إلى أن ابن خلدون لم يكن دقيقاً في معلوماته عن جهينة، وعمم أحكامه
برغم أنه لا مصداقية لشطر كبير منها. بل خالف سائر معاصريه ممن أرخوا لهجراتها لأفريقيا ومساراتها. فجاء وحده بدور مخرب غير أكيد لها هدت به دولة النوبة. وهي أخطاء
مستغربة منه في قول أحمد الياس لأنه جاء إلى مصر في 1382 وتوفي بها في 1406،
مقيما بها لنحو ثلاثة عقود، قريباً من مسرح الأحداث التي صحبت إسلام ملوك المقرة
المسيحية وأعقبته.
لم تهز تلك المآخذ قناة نص ابن خلدون. وظل الباحثون يأخذون به على عواهنه. وربما كان تعويل المؤرخين عليه راجعاً إلى أن خبره هو ما أحتاجوا له لتعذر العلم عن فترة خراب سوبا بغيره. فسمى يوسف فضل حسن فترة القرنين الخامس عشر والسادس عشر بعد سقوط المقرة في منتصف القرن الرابع فترة إظلام تاريخي. فلا نعرف إلا القليل عنها. وهذا النذر المعروف انحصر في أدب القبائل وروايات الأنساب.
وقد بدأ من قريب فض مغاليق تاريخ هذه الفترة المجهولة. وأهمية هذا الكشف عن هذا التاريخ المجهول في مناظرتي للنور أنه برأ العرب من "إثم" تخريب علوة وحمّله للعنج. والعنج جماعة معلومة بالأسم غير أن فعلها في التاريخ مجهول. وقيض الله لنا من قريب باحثاً ذرباً هو الدكتور أحمد المعتصم الشيخ جعل الكشف عن غموض العنج موضوع رسالته للدكتوراه في التاريخ من جامعة الخرطوم في 2002. وقد جاء فيها لا بالقول الفصل في المسألة (فليس القول الفصل مطلب في البحث العلمي) بل بما نزع الغموض الثقيل عن هذه الجماعة الغامضة المثيرة. فعرّف معتصم بهم ووأرجعهم إلى أصل، ووصف دورهم التاريخي المجهول، وألقى ضوءاً على الغموض الذي أحدق بفترة سيادتهم على النيل الأوسط والجزيرة من منتصف القرن الرابع عشر إلى نهاية القرن الخامس عشر الميلاديين. وهي فترة بلغ من غموضها أن سماها المؤرخون قرون الظلام في تاريخ السودان كما مر.
بعد قراءة معمقة لكافة المكتوب عن العنج أرجعهم معتصم إلى شعب البجا بشرق السودان. وقال إن مواطنهم الأولى ربما كانت هي منطفة القاش ودلتاها. وربما كانوا أمة رديفاً لشعب الحلنقا والبلو، أو هم نفس البشر. ولن نزيد على ذلك خوف التشقيق الذي لا يحتمله مقال عابر كهذا. وقال إن بطوناً من العنج تحالفت للسيادة على شرق السودان حتى نهر العطبرة وربما أجزاء من البطانة. وارتبطت هذه الجماعة بإحسان ركوب الخيل ذات الحجم الأكبر نسبياً. وهناك إشارات أنهم خضعوا حيناً لملك الحبشة. وقد تمكنوا من ميناء سواكن فكان لهم نصيب في جماركه.
وكان العنج مملكة. وصف معتصم نظامهم ب "الإقطاعي". فهو مقسم بصورة جامعة مانعة إلى رعايا وحكام (أصلهم كلهم في البجا) تحكمه أعراف تؤسس لدونية الرعايا وامتياز الصفوة التي تستولى على فائض الإنتاج بتسخير الرعايا في نشاطات إنتاجية عائدها للسادة. ودين العنج موضع خلاف. فقد قيل إنهم تنصروا ثم أسلموا. وإن وصفوا عامة بتجاهل الدين. وقد استثمروا قوتهم بإحسانهم ركوب الخيل، ومواردهم من المؤاني والتجارة الشرقية. فأخضعوا معظم البجا لهم. وبدأوا منافسة ممالك النوبة مثل مملكة الأبواب (وهي مملكة قامت في دار الجعليين أو شملت دار الرباطاب) ودولة علوة في عائد تجارة البحر الأحمر والتعدين في صحراء البجا.
والجديد في دراسة معتصم هو قوله بالنزاع بين دولة العنج البجاوية والأبواب والمقرة النوبيتين. فالخصومة لم تكن محصورة بين العرب والنوبة كما هو مشهور. فقد كان اللاعبون في الميدان ثلاثة لا اثنين. وكانت القلاع الحصينة بمنطقة الرباطاب، وهي من الأبواب، من أطرف مصادر معتصم. وهي قلاع مبنية كلها على الضفة الشرقية للنيل مما يشير إلى المصدر الشرقي للخطر الذي بنيت للدفاع عنه. وما يزال اسم هذه القلاع السائر بين الرباطاب هو "قلاع العنج". ويعتقد أحمد أن شعب الأبواب تعرض لغارات العنج البجاويين لفترة ثم خضع لهم في فترة تلت 1317 بقليل. وبسيطرة العنج على دولة الأبواب أصبحوا على بوابة سوبا، عاصمة علوة وهي خصم ومنافس أيضاً. وأصبح سقوطها مسألة الوقت. وربما يفسر هذا عبارة "كاتب الشونة" الغامضة "إن العنج كانوا تغلبوا على النوبة" بغير تحديد زمان أو مكان أو تفصيل. وهذا أيضاً ما تواتر عند كثير من الجماعات السودانية. فالتقاليد السودانية الشفاهية تقول أيضاً إن الذي أطاح بعلوة هم العنج.
وستساعدنا دراسة أحمد، التي عزت سقوط النوبة المسيحية في الأبواب وعلوة إلى العنج البجاويين، في إعادة النظر في المعارف الموروثة لذلك السقوط. فقد ساد عندنا كما تقدم أن الذين أسقطوا علوة المسيحية هم العرب بواسطة تحالف قاده عبد الله جماع من جماعة القواسمة. وقد سمى "عبد الله" بجماع لتمكنه من تجميع حلف بدوي ضد مملكة علوة الظالمة في نهاية القرن الخامس عشر. ولا غضاضة في خراب قوم ملك قوم لولا أن ما قام به العرب في زعم الزاعمين قد جري وصفه كعمل من أعمال الفوضي. وهي صورة مستوحاة بصورة أساسية من ابن خلدون كما مر. فقد نسب تحول النوبة إلى الإسلام إلى سقوط دولتهم نتيجة لغارات العربان عليهم بصورة عاثوا فيها إضطراباً وسلباً. وأضاف شبه متحسر أنه هكذا تمزقت دولة النوبة أشتات وورثها العرب الذين خلا ملكهم من دبارة الحكم. فالعربي يستنكف الخضوع لأمر أخيه. وقد سادهم بالنتيجة الخلاف في السودان إلى يوم ابن خلدون ذاك. فانعدمت بالقطر سلطة مركزية تلم شعثه. وربما كان قول ابن خلدون هذا تطبيقاً لنظريته في العمران والعصبية لم يصادف محله أو أهله. فالذي أسقط علوة المسيحية في رأي معتصم هم العنج. وهم أصحاب مملكة ونظم مرعية في الحكم والإدارة. أما الذي ربما أطاح به العرب (مع الفونج) فهو دولة أخرى قامت على أنقاض سوبا المسيحية. وهي العنج. وربما كانت لهم أسبابهم القوية لإسقاطها.
طلب النور أن نتحرى تاريخنا وننقيه من الأوهام مثل عزتنا الجوفاء بإسلامية الفونج وتعريبها بينما هي غير كذلك. ورأينا مثل هذه الهمة أعلاه عند السفير الدكتور معتصم. صبر على وكد الأكاديمية حتى انتهى إلى تجديد الهواء في غرفة تاريخ سوبا وخرابها الذي تلقيناه عن ابن خلدون مطأطي العقل مستنيمين له. وهو ما لم يقبله فشق طريقاً وعراً لحقيقة خراب سوبا الباكر. وقام اجتهاده في هذه الناحية على تجشمه فتح أرشيف وثائقي مبتكر من مرويات القبائل والآثار. وتوافر مثل هذا الإرشيف هو شرط التجديد في كتابة التاريخ . وأتمنى أن يكون استنطاقه هذه المصادر المستحدثة وخلاصته منها موضوعاً يبعث راقد التاريخ فينا. أو راكضه. وهكذا
Comments
Post a Comment