Skip to main content

المدن الجميلة والمدن الفارغة!--------- المصدر:-------- عائشة سلطان


المدن الجميلة والمدن الفارغة!

كتب أحد الأشخاص على صفحتي في الفيسبوك كلاماً مسيئاً جداً عن دولة عربية، ومع أنه عربي، إلا أنه كما بدا مما كتبه، من ذلك النوع من العرب اللامنتمين لعروبتهم، أو لإنسانيتهم على الأقل، أو أولئك الذين لا يرون في المدينة سوى وجهها الأنثوي الماجن، أو وجهها المصطنع والمطلي بالأصباغ، أولئك الذين يظنون لقصور في إدراكهم للحياة والمعنى الكامن خلف الموجودات أن المدينة موجودة حيث الأمكنة الفخمة، وحيث يتسكع الرجال بكامل أناقتهم، والنساء وهن مطليات تماماً، ومزركشات بثياب كريستيان ديور وبالابتسامات الزائفة وممتلئات بالبوتوكس والتفاهة.
كل ما كتبه جاء في بند السيئات والسلبيات، فلم ير في المدينة جانباً إيجابياً واحداً جديراً بالذكر، وهذا أمر غير موضوعي تماماً، حيث لا توجد مدينة في العالم لا يمكن تلمس مكان أو جزء مضيء فيها في الماضي أو الحاضر، في الناس أو الطبيعة، في السياسة أو الثقافة... كان كلامه متجنياً جداً ومزعجاً جداً!
وبلا مبالغة فلقد تكوّن لدي انطباع أو إحساس حقيقي - وهو اعتقاد ناتج من محبة - أن كل مصر جميلة، بالرغم من أمور عديدة قد تزعجك وأنت تمارس أمورك الحياتية اليومية فيها، وأعني بالجمال ذلك الجمال الإنساني العميق، البسيط، الحزين، المزعج أحياناً، والمثير للأعصاب أحياناً، لكنه الجمال المتآلف مع تناقضاته الإنسانية، الذي يعترف بعيوبه حتى وإن لم يقدر على حلها أو إلغائها، لكنه في كل الأحوال ليس الجمال البراق المصطنع واللامع والأجوف، فهذا الجمال المصطنع والمسطح ليس جمالاً، هذا شيء نظيف فعلاً، ولكنه فارغ وتافه تماماً وأشبه بزجاج مصقول.
كتبت ولا زلت أؤكد أن المدن العميقة الضاربة في الأرض والروح والإنسان تروقني جداً وبكل تناقضاتها، حتى تلك غير المحتملة أحياناً، كالزحام والفقر والعشوائية والبؤس وارتفاع الأسعار وو.. إلخ، هذه التناقضات لم تخترها المدينة لكن لسيرورة الزمن في الشرق العربي وللتاريخ والسياسة أعباء ثقيلة وتركات لا بد من دفع ثمنها باهظاً.
لماذا ترتبط مدننا العميقة الضاربة في الروح والأرض بالفقر والعشوائيات والفوضى والحرمان والتناقضات المحزنة بين أحياء القصدير وأحياء الطبقات الراقية؟ هذا سؤال لإحدى القارئات، وهو سؤال مشروع يحتاج لإجابة، لكنه واقع وحقيقي، ألا يمكن أن تكون مدننا العربية مثل باريس وروما وبروكسل؟ ربما لن تكون عربية بكل روحها الحالية ساعتها!
مع ذلك تبقى مدننا العميقة تضج بالحياة، وتغنى بكل تناقضاتها الكثيرة، ونبقى نحن نحبها وندافع عن روحها.

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe