المدن الجميلة والمدن الفارغة!
كتب أحد الأشخاص على صفحتي في الفيسبوك كلاماً مسيئاً جداً
عن دولة عربية، ومع أنه عربي، إلا أنه كما بدا مما كتبه، من ذلك النوع من
العرب اللامنتمين لعروبتهم، أو لإنسانيتهم على الأقل، أو أولئك الذين لا
يرون في المدينة سوى وجهها الأنثوي الماجن، أو وجهها المصطنع والمطلي
بالأصباغ، أولئك الذين يظنون لقصور في إدراكهم للحياة والمعنى الكامن خلف
الموجودات أن المدينة موجودة حيث الأمكنة الفخمة، وحيث يتسكع الرجال بكامل
أناقتهم، والنساء وهن مطليات تماماً، ومزركشات بثياب كريستيان ديور
وبالابتسامات الزائفة وممتلئات بالبوتوكس والتفاهة.
كل ما كتبه جاء في بند السيئات والسلبيات، فلم ير في المدينة جانباً إيجابياً واحداً جديراً بالذكر، وهذا أمر غير موضوعي تماماً، حيث لا توجد مدينة في العالم لا يمكن تلمس مكان أو جزء مضيء فيها في الماضي أو الحاضر، في الناس أو الطبيعة، في السياسة أو الثقافة... كان كلامه متجنياً جداً ومزعجاً جداً!
وبلا مبالغة فلقد تكوّن لدي انطباع أو إحساس حقيقي - وهو اعتقاد ناتج من محبة - أن كل مصر جميلة، بالرغم من أمور عديدة قد تزعجك وأنت تمارس أمورك الحياتية اليومية فيها، وأعني بالجمال ذلك الجمال الإنساني العميق، البسيط، الحزين، المزعج أحياناً، والمثير للأعصاب أحياناً، لكنه الجمال المتآلف مع تناقضاته الإنسانية، الذي يعترف بعيوبه حتى وإن لم يقدر على حلها أو إلغائها، لكنه في كل الأحوال ليس الجمال البراق المصطنع واللامع والأجوف، فهذا الجمال المصطنع والمسطح ليس جمالاً، هذا شيء نظيف فعلاً، ولكنه فارغ وتافه تماماً وأشبه بزجاج مصقول.
كتبت ولا زلت أؤكد أن المدن العميقة الضاربة في الأرض والروح والإنسان تروقني جداً وبكل تناقضاتها، حتى تلك غير المحتملة أحياناً، كالزحام والفقر والعشوائية والبؤس وارتفاع الأسعار وو.. إلخ، هذه التناقضات لم تخترها المدينة لكن لسيرورة الزمن في الشرق العربي وللتاريخ والسياسة أعباء ثقيلة وتركات لا بد من دفع ثمنها باهظاً.
لماذا ترتبط مدننا العميقة الضاربة في الروح والأرض بالفقر والعشوائيات والفوضى والحرمان والتناقضات المحزنة بين أحياء القصدير وأحياء الطبقات الراقية؟ هذا سؤال لإحدى القارئات، وهو سؤال مشروع يحتاج لإجابة، لكنه واقع وحقيقي، ألا يمكن أن تكون مدننا العربية مثل باريس وروما وبروكسل؟ ربما لن تكون عربية بكل روحها الحالية ساعتها!
مع ذلك تبقى مدننا العميقة تضج بالحياة، وتغنى بكل تناقضاتها الكثيرة، ونبقى نحن نحبها وندافع عن روحها.
كل ما كتبه جاء في بند السيئات والسلبيات، فلم ير في المدينة جانباً إيجابياً واحداً جديراً بالذكر، وهذا أمر غير موضوعي تماماً، حيث لا توجد مدينة في العالم لا يمكن تلمس مكان أو جزء مضيء فيها في الماضي أو الحاضر، في الناس أو الطبيعة، في السياسة أو الثقافة... كان كلامه متجنياً جداً ومزعجاً جداً!
وبلا مبالغة فلقد تكوّن لدي انطباع أو إحساس حقيقي - وهو اعتقاد ناتج من محبة - أن كل مصر جميلة، بالرغم من أمور عديدة قد تزعجك وأنت تمارس أمورك الحياتية اليومية فيها، وأعني بالجمال ذلك الجمال الإنساني العميق، البسيط، الحزين، المزعج أحياناً، والمثير للأعصاب أحياناً، لكنه الجمال المتآلف مع تناقضاته الإنسانية، الذي يعترف بعيوبه حتى وإن لم يقدر على حلها أو إلغائها، لكنه في كل الأحوال ليس الجمال البراق المصطنع واللامع والأجوف، فهذا الجمال المصطنع والمسطح ليس جمالاً، هذا شيء نظيف فعلاً، ولكنه فارغ وتافه تماماً وأشبه بزجاج مصقول.
كتبت ولا زلت أؤكد أن المدن العميقة الضاربة في الأرض والروح والإنسان تروقني جداً وبكل تناقضاتها، حتى تلك غير المحتملة أحياناً، كالزحام والفقر والعشوائية والبؤس وارتفاع الأسعار وو.. إلخ، هذه التناقضات لم تخترها المدينة لكن لسيرورة الزمن في الشرق العربي وللتاريخ والسياسة أعباء ثقيلة وتركات لا بد من دفع ثمنها باهظاً.
لماذا ترتبط مدننا العميقة الضاربة في الروح والأرض بالفقر والعشوائيات والفوضى والحرمان والتناقضات المحزنة بين أحياء القصدير وأحياء الطبقات الراقية؟ هذا سؤال لإحدى القارئات، وهو سؤال مشروع يحتاج لإجابة، لكنه واقع وحقيقي، ألا يمكن أن تكون مدننا العربية مثل باريس وروما وبروكسل؟ ربما لن تكون عربية بكل روحها الحالية ساعتها!
مع ذلك تبقى مدننا العميقة تضج بالحياة، وتغنى بكل تناقضاتها الكثيرة، ونبقى نحن نحبها وندافع عن روحها.
Comments
Post a Comment