Skip to main content

مانديلا وسمفونية التآخي: أنا قبطان روحي --------عبد الله علي إبراهيم

مانديلا وسمفونية التآخي: أنا قبطان روحي
عبد الله علي إبراهيم
ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏
(دعوت في كلمتي "سائحين زي ديل" إلى أن الصلح الوطني التاريخي في الوطن لن يقع لنا ما لم تورق فينا روحانية لقبول الآخر وإن شط طالما تبين لنا جميعاً أن "من فش غبينته ودر مدينته"، في كلمة عذبة للإمام الصادق المهدي. وسأنشر تباعاً كلمات هنا عن ما أعنيه بهذه الروحانية المدنية).
نبهني جاري الفلبيني على طائرة الأماراتية المغادرة الخرطوم لدبي إلى فيلم يعرض على تلفزيوناتها عن نلسون ماندلا. لم أكترث. ما الجديد عن الرجل؟ أيريدون حلب مأثرته في صناعة الفيلم؟ كنت دَرَّست تلك المأثرة باحترام كبير ضمن مقرر تاريخ جنوب أفريقيا على طلابي منذ 1993. وفضلت أن استرخي على مقعدي من وعثاء "مقاضي" السودان قبيل السفر.
ثم حملني السأم بعد نومة طويلة للعودة إلى التلفزيون فالفيلم. وظللت مسمراً في مكاني أشاهد شئياً عجبا. الفيلم مأخوذ من كتاب لجون كارلن عنوانه "ملاعبة العدو: نلسون ماندلا والمبارة التي صنعت أمة". وهي عن المباراة النهائية بين جنوب أفريقيا ونيوزيلندا في كأس العالم للرقبي لعام 1995 بعد عام واحد من تولي ماندلا رئاسة الجمهورية. فازت فيها جنوب أفريقيا بالكأس لعباً كما لم يتوقع الناس. ولكن سياسة النصر الذي لم شعث أمة البيض والسود المتباغضين هي التي تكلب شعرة الجلد. فالفيلم قطعة نادرة مما سماه مارتن لوثر كنج ب"سمفونية التآخي".
يبدأ الفيلم بمشهد لصبية سود يلعبون كرة القدم وآخرين بيض يلعبون الرقبي مع فارق الميادين و"الحادات". ووضعنا الفيلم بهذا الكادر أمام الهوة التاريخية التي فرقت بين سود البلد وبيضها حتى في الرياضة المفضلة. ثم تحول الفيلم بنا إلى اجتماع أمه سود متنفذين في المدينة قرروا بعده تجريد فريق سبرنقبوك الوطني للرقبي، معبود البيض، من ألوانه، الأخضر والذهبي، إذلالاً له لهزائمه المتكررة. وهم بالحق أرادوا إشباع غرائز الانتقام من بيض ساموهم الخسف مذ حلوا في افريقيا في 1621. وتنازع من الجهة الأخرى حراس ماندلا السود مع حرس بيض جاؤوا بأمر من ماندلا نفسه ليكونوا بين طاقم حراسه.
وتحرك ماندلا (لعب دوره الأمريكي الأسود مورقان فريمان). قال للحرس السود إن "يشدوا حيلهم" لأن رئيس البلد سيكون محمياً بالبيض والسود معاً من تلك اللحظة فصاعداً. وغادر مكتبه بعد سماعه بقرار الهزء بسبرنقبوك واقتحم الاجتماع واستهدى أنصاره الطائفيين بعيداً عن قرارهم البغيض. وقال لهم إن البيض يحبون فريقهم فلماذا لا نبدأ معهم بما يحبون لا بما لم يعقلوه من قبل عن الآخاء. وساد الذهن الرجيح.
وكانت خطوته التالية أن طلب باينار، كابتن سبرنقبوك، (أداه الأمريكي مات دِمن) في مكتبه وتبادلا حديثاً شفيفاً عن القيادة ومقوماتها. وفي هذا للقاء أطلع ماندلا الكابتن على بعض ذكرياته في سجنه الطويل. وزار باينار السجن لاحقاً مع زملائه. ومن ثنايا لقاء الرئيس والكابتن خرجت قصيدة قال ماندلا إنه كان يعزي نفسه بها في سكرات السجن. وهي لشاعر إيرلندي هو وليام إ بنتلي (1849-1903) اسمها "إنفيكتس" وهي "الذي لا يٌهزم" في اللآتينية. وصارت اسماً للفيلم:
خارج الليل الذي يلفني
أسود كسجم "الدواك" من قطب لقطب
أنا حامد للأربَاب أياً كانوا
لروحي التي لا تقهر
##

في براثن الحادثات
لم يطرف لي رمش، لم أتجرس
وتحت ضربات القدر
تضرج رأسي بالدم ولكنه لم ينحن
##
ووراء هذا المكان الخضل بالغضب والدموع
لا يٌطَوف إلا رعب الظلال
ولكن السنين
تجدني، وستجدني، خلواً من الخوف
# #

لا يهم كم عسيرة بوابات المخرج
لا يهم كيف أِسوَد كتابي بالعقوبات
أنا سيد قدري
أنا قبطان روحي
ولم أتمالك دمعة طفرت من عيني والفيلم يٌطَوف بمشاهد لتآخى السود والبيض على بينة النصر. وترقرقت عيون ماندلا نفسه عند معجزة الإخاء التي تفجرت في الشارع. وحين طلب منه الحرس ان يتخذ طريقاً أهدأ قال: "لا داعي للعجلة". وجاء الصوت:
أنا سيد قدري
أنا قبطان روحي

 ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏نص‏‏‏

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe