سفينة بَـــوْح – هيثم الفضل
أحمد ( مطالبات ) .. !!
عندما تباغتني الحِيرة من أمري في شيء ما من مجريات حياتي اليومية ، غالباً ما أتذكر (أحمد مُطالبات) ، لأنه رجل تتمثل فيه حالة الإندهاتش في إنسان الأمس بكل ما يحمل من قيِّم وأخااقيات ومُثل إذا ما إصطدم في كل لحظة وثانية بالنواميس الجديدة التي أصبحت تتحكم في عصرنا الحالي ، هو رجلٌ مُقاوِّم وذو عزيمةٍ باذخة إذا ما قارَّنا ما يتحمَّل من تضادات أفكاره وقناعاته بعالم اليوم الذي أصبح أساسه التغيُّر والتحوُّل والمراوغة ، (أحمد مُطالبات) وأمثاله من الذين ما زالوا يتمترسون حول مفاهيم الأمس للأشياء والأعمال والأحداث والعواطف ، تبُاغتهم حالة الإندهاش يومياً لما يجري على ساحات عصرنا الحالي من تدابير جديدة قامت بهدم ما كان مُتعارف عليه سابقاً ، هم على موعد كل يوم للشعور بالغربة في أوطانهم من منظورات (غرابة) ما يرون وما يسمعون وما يدلفون إليه من باب التجارب والإحتكاك اليومي بعالم اليوم ، أخينا (أحمد مطالبات) كان وما زال رجلاً يقاوِّم الأحداث والحقائق اليومية ليُحافظ على ما هو عليه من صفات ورثها بكل طيب خاطر من جذوة مجتمع سابق يبدو أنه في الطريق إلى الإنقراض ، هو طبيعي وعادي النشأة ، خريج جامعي عبر مسار متعارف عليه فحواه القصة التقليدية لإبن القرية الريفي الطباع والمندفع في آماله وطموحاته في آنٍ واحد ، دراسته قبل الجامعية أغلبها قضاها بين أقرانه في داخليات وزارة التربية ، حين كانت وزارة التربية إمبراطورية داخل دولة ، ثم دلف إلى الجامعة حين كان أهلنا في ذلك الزمان يقولون للذي يتمكن من وصول الجامعة (دربك مرق) ، فيصبح بذلك متحفزاً للنماء والمُضي قدماً في درب تحصيل (مستقبله كله) من كونه فقط حاز على شهادٍة جامعية ، وبالمناسبة لا يفوتني أن ألفت إنتباه القاريء أن في ذلك الزمان وبالتحديد في القُرى والأرياف كان (مستقبل الفرد) إذا كان جامعياً يُقصد به مستقبل أسرته الصغيرة وربما الممتدة وأحياناً القرية بأكملها ، كان الخريجون نجوم المجتمع وفي معية ما يقدمونه للوطن ولأسرهم ومجتمعهم وأنفسهم إلتزامات أخلاقية وإجتماعية ومادية وأحياناً تربوية وسياسية ، نعود إلى صاحبنا (أحمد مطالبات) الذي بعد أن تخرج وجد وظيفة مناسبة ولكن كالعادة لم تكن كما كان يُخطِّط ويحلم ، لكنه رضى بقسمته وحمد ربه على ما أعطى ، ثم تزوَّج وأنجب طفلين ، أما طبيعة وظيفته التي لُقِّب بها فكانت قيامه بتحصيل الأموال من العملاء أوما تم تعريفة عبر الوصف الوظيفي بمصطلح (مطالبات) ، وهنا وجد أحمد مطالبات مكمن الصعوبات التي باعدت بين قيِّمه وأخلاقه المثالية وما يجري اليوم في عالم المعاملات أو المطالبات ، خاض مندهشاً ومهزوماً ومستغرباً في بحور من أجادوا فنون المراوغة والكذب والنفاق والتدليس والغش ، ثم الوعود الكاذبة وعدم الحياء العام الذي إستشرى بين طيات النفوس بفضل ما إتسم به هذا العصر ما مادية بحته في الحكم على الأمور ومعالجتها ، وهكذا ظل (أحمد مطالبات) يكابد مشاقه الروتينية بين قريته القريبة من العاصمة وبين مقر عمله ، ثم يغرق في مكابداته النفسية للتعامل مع أناس بدوا بالنسبة إليه وكأنهم جاءوا من كوكبٍ آخر ، رأيته اليوم فتفاعلت مع ما يدور في خلده وهو مثالٌ لكثيرين وقفوا مقام الحيارى وهم يتفرَّجون على سمات عصر اليوم والتي تبدأ بالظلم والفقر والمرض والعجزعن الوفاء بالضروريات وتنتهي بالإستسلام لموجةِ صمتٍ حائر في وقتٍ يزأرُ فيه الطغيان والتشريد وتكميم العقول والألسنة وإنكسارُ الأقلام.
أحمد ( مطالبات ) .. !!
عندما تباغتني الحِيرة من أمري في شيء ما من مجريات حياتي اليومية ، غالباً ما أتذكر (أحمد مُطالبات) ، لأنه رجل تتمثل فيه حالة الإندهاتش في إنسان الأمس بكل ما يحمل من قيِّم وأخااقيات ومُثل إذا ما إصطدم في كل لحظة وثانية بالنواميس الجديدة التي أصبحت تتحكم في عصرنا الحالي ، هو رجلٌ مُقاوِّم وذو عزيمةٍ باذخة إذا ما قارَّنا ما يتحمَّل من تضادات أفكاره وقناعاته بعالم اليوم الذي أصبح أساسه التغيُّر والتحوُّل والمراوغة ، (أحمد مُطالبات) وأمثاله من الذين ما زالوا يتمترسون حول مفاهيم الأمس للأشياء والأعمال والأحداث والعواطف ، تبُاغتهم حالة الإندهاش يومياً لما يجري على ساحات عصرنا الحالي من تدابير جديدة قامت بهدم ما كان مُتعارف عليه سابقاً ، هم على موعد كل يوم للشعور بالغربة في أوطانهم من منظورات (غرابة) ما يرون وما يسمعون وما يدلفون إليه من باب التجارب والإحتكاك اليومي بعالم اليوم ، أخينا (أحمد مطالبات) كان وما زال رجلاً يقاوِّم الأحداث والحقائق اليومية ليُحافظ على ما هو عليه من صفات ورثها بكل طيب خاطر من جذوة مجتمع سابق يبدو أنه في الطريق إلى الإنقراض ، هو طبيعي وعادي النشأة ، خريج جامعي عبر مسار متعارف عليه فحواه القصة التقليدية لإبن القرية الريفي الطباع والمندفع في آماله وطموحاته في آنٍ واحد ، دراسته قبل الجامعية أغلبها قضاها بين أقرانه في داخليات وزارة التربية ، حين كانت وزارة التربية إمبراطورية داخل دولة ، ثم دلف إلى الجامعة حين كان أهلنا في ذلك الزمان يقولون للذي يتمكن من وصول الجامعة (دربك مرق) ، فيصبح بذلك متحفزاً للنماء والمُضي قدماً في درب تحصيل (مستقبله كله) من كونه فقط حاز على شهادٍة جامعية ، وبالمناسبة لا يفوتني أن ألفت إنتباه القاريء أن في ذلك الزمان وبالتحديد في القُرى والأرياف كان (مستقبل الفرد) إذا كان جامعياً يُقصد به مستقبل أسرته الصغيرة وربما الممتدة وأحياناً القرية بأكملها ، كان الخريجون نجوم المجتمع وفي معية ما يقدمونه للوطن ولأسرهم ومجتمعهم وأنفسهم إلتزامات أخلاقية وإجتماعية ومادية وأحياناً تربوية وسياسية ، نعود إلى صاحبنا (أحمد مطالبات) الذي بعد أن تخرج وجد وظيفة مناسبة ولكن كالعادة لم تكن كما كان يُخطِّط ويحلم ، لكنه رضى بقسمته وحمد ربه على ما أعطى ، ثم تزوَّج وأنجب طفلين ، أما طبيعة وظيفته التي لُقِّب بها فكانت قيامه بتحصيل الأموال من العملاء أوما تم تعريفة عبر الوصف الوظيفي بمصطلح (مطالبات) ، وهنا وجد أحمد مطالبات مكمن الصعوبات التي باعدت بين قيِّمه وأخلاقه المثالية وما يجري اليوم في عالم المعاملات أو المطالبات ، خاض مندهشاً ومهزوماً ومستغرباً في بحور من أجادوا فنون المراوغة والكذب والنفاق والتدليس والغش ، ثم الوعود الكاذبة وعدم الحياء العام الذي إستشرى بين طيات النفوس بفضل ما إتسم به هذا العصر ما مادية بحته في الحكم على الأمور ومعالجتها ، وهكذا ظل (أحمد مطالبات) يكابد مشاقه الروتينية بين قريته القريبة من العاصمة وبين مقر عمله ، ثم يغرق في مكابداته النفسية للتعامل مع أناس بدوا بالنسبة إليه وكأنهم جاءوا من كوكبٍ آخر ، رأيته اليوم فتفاعلت مع ما يدور في خلده وهو مثالٌ لكثيرين وقفوا مقام الحيارى وهم يتفرَّجون على سمات عصر اليوم والتي تبدأ بالظلم والفقر والمرض والعجزعن الوفاء بالضروريات وتنتهي بالإستسلام لموجةِ صمتٍ حائر في وقتٍ يزأرُ فيه الطغيان والتشريد وتكميم العقول والألسنة وإنكسارُ الأقلام.
Comments
Post a Comment