التدخل العسكري في اليمن يخيّم على قمة شرم الشيخ---راي القدس العربي
فرض التدخل العسكري الذي تقوده السعودية وتشارك فيه نحو عشر دول عربية
نفسه على جدول اعمال القمة العربية المنعقدة في شرم الشيخ، وكذلك اللقاءات
والمناقشات التي تجري في كواليسها.
وبالرغم من ان اغلبية الدول العربية ستعلن دعمها للتدخل العسكري، أصرت دول مثل العراق على ان تسجل في البيان الختامي الذي سيصدر عن القمة «رفضا صريحا» لهذا التطور الذي وصفه وزير خارجيتها بـ «الخطير»، فيما يتوقع ان تتحفظ دول أخرى مثل الجزائر ولبنان، كما سجلت دول بعض ملاحظات اثناء الجلسة المغلقة التي خصصها وزراء الخارجية لهذه القضية أمس الأول الخميس، قد لا تظهر في البيان، ومنها سلطنة عمان التي اكدت موقفها المبدئي الذي يفضل الحوار كوسيلة لحل النزاع.
ويدعم كثيرون التدخل باعتبار أنه أنهى مرحلة من الجمود، بل والشلل في العمل العربي، وينقله الى مستوى جديد من الفعل، وذهب البعض الى اعتبار أنه أعاد نوعا من التوازن للخريطة الاستراتيجية مع ايران. الا ان البعض أكد أن القصف الجوي لا يمكن أن يحسم الوضع العسكري او يحل الأزمة السياسية في اليمن، بل انه سيؤدي الى اطالة امد الحرب الاهلية، وتوسيع الدمار والمعاناة، الى جانب فتح المجال أمام تصعيد اقليمي من جانب إيران التي لا تفتقد القدرة على الرد.
وثارت تكهنات عديدة بالنسبة لحقيقة المشاركة المصرية في التدخل العسكري، اذ جاء الاعلان عنه عبر بيان سعودي وليس مصريا صدر بعد ساعات قليلة من وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي الى شرم الشيخ قادما مباشرة من اديس ابابا مساء الاربعاء، ما يعني انه لم تجر مشاورته في الأمر، ناهيك عن أن يكون الجيش المصري قد تمكن من دخول المعركة. وبدا واضحا من صياغة البيان الرئاسي الذي صدر بعد ظهر أمس الأول الخميس أنه كتب بصيغة المضطر، أو أنه يبدي لوما خفيا للسعودية على عدم استشارة مصر مسبقا. ووجه عبد الملك الحوثي رسالة اقرب الى العتاب لم تخل من تحذير الى القاهرة على مشاركتها. وباستثناء اربع سفن حربية عبرت قناة السويس في طريقها الى باب المندب لا يتوفر اي دليل على مشاركة مصرية في القصف الجوي.
ويجدر هنا ان نسأل: مع حتمية الحرب البرية للحسم العسكري، هل يوجد استعداد لدى دول التحالف العربي وخاصة السعودية ومصر للدخول في «حرب عصابات» مع ميليشيات تعرف جيدا أرض المعركة؟ وهل سيتمكن الرئيس عبد الفتاح السيسي من استصدار هكذا قرار من مجلس الدفاع الوطني، وهو الجهة الوحيدة المؤهلة حسب الدستورلاتخاذ قرار الحرب، خاصة ان الجيش المصري تكبّد خسائر فادحة لدى تدخله في اليمن العام 1962؟
الواقع أن ثمة تسريبات بدأت تشير بالفعل الى ان التدخل المصري سيقتصر على ارسال سفن بحرية لتأمين باب المندب، وهو أمر حيوي ومشروع لحماية الامن القومي المصري، وحرية التجارة الدولية. وبكلمات اخرى فإن المسارعة السعودية الى اعلان مشاركة مصر في التدخل العسكري كانت خطوة سياسية واعلامية استهدفت منحه عمقا عربيا وغطاء معنويا مهما، الا أن ثمة قيودا في النهاية ستحدد المدى الذي سيذهب اليه الجميع، ما يتطلب خلق قناة موازية للعمل الدبلوماسي، باعتبار ان التدخل العسكري، كما دائما، ل ايمكن الا ان يكون وسيلة للوصول الى حل سياسي عبر مفاوضات مباشرة بين الاطراف المعنية.
وإذا كانت «معاهدة الدفاع العربي المشترك» التي قال الأمين العام للجامعة العربية ان التحالف يستند اليها، ما زالت على قيد الحياة، فأين كانت طوال سبعين عاما من عمر الجامعة العربية، ولماذا لم يتم تفعيلها لإنقاذ ما تبقى من فلسطين، او حماية أرواح مليون عراقي، الى آخره من تاريخ الخذلان العربي الطويل. الواقع ان محاولة الجامعة العربية «تجيير» التدخل العسكري في اليمن لمصلحتها لتعبرعن تهافت لا يليق بها، وهي محاولة مصطنعة لانقاذ ماء وجهها. اذ ان التحالف نشأ استثنائيا للقيام بمهمة محددة، في بلد محدد، ولا علاقة له بالقوة العربية المشتركة التي ينص عليها البيان الوزاري. وإذا كان التدخل ثمرة لجهود الجامعة حقا، فهل يعني هذا أن دماء اليمنيين أغلى عليها من الدماء التي تراق في أكثر من بلد عربي؟
واخيرا فإن التدخل العسكري يجعل خريطة التحالفات والتوازنات الاقليمية أشبه برمال متحركة، ما يجعل من المبكر اقامة الاحتفالات هنا او هناك، فيما يدخل الشرق الاوسط نفقا جديدا يبدو بلا نهاية واضحة.
رأي القدس
وبالرغم من ان اغلبية الدول العربية ستعلن دعمها للتدخل العسكري، أصرت دول مثل العراق على ان تسجل في البيان الختامي الذي سيصدر عن القمة «رفضا صريحا» لهذا التطور الذي وصفه وزير خارجيتها بـ «الخطير»، فيما يتوقع ان تتحفظ دول أخرى مثل الجزائر ولبنان، كما سجلت دول بعض ملاحظات اثناء الجلسة المغلقة التي خصصها وزراء الخارجية لهذه القضية أمس الأول الخميس، قد لا تظهر في البيان، ومنها سلطنة عمان التي اكدت موقفها المبدئي الذي يفضل الحوار كوسيلة لحل النزاع.
ويدعم كثيرون التدخل باعتبار أنه أنهى مرحلة من الجمود، بل والشلل في العمل العربي، وينقله الى مستوى جديد من الفعل، وذهب البعض الى اعتبار أنه أعاد نوعا من التوازن للخريطة الاستراتيجية مع ايران. الا ان البعض أكد أن القصف الجوي لا يمكن أن يحسم الوضع العسكري او يحل الأزمة السياسية في اليمن، بل انه سيؤدي الى اطالة امد الحرب الاهلية، وتوسيع الدمار والمعاناة، الى جانب فتح المجال أمام تصعيد اقليمي من جانب إيران التي لا تفتقد القدرة على الرد.
وثارت تكهنات عديدة بالنسبة لحقيقة المشاركة المصرية في التدخل العسكري، اذ جاء الاعلان عنه عبر بيان سعودي وليس مصريا صدر بعد ساعات قليلة من وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي الى شرم الشيخ قادما مباشرة من اديس ابابا مساء الاربعاء، ما يعني انه لم تجر مشاورته في الأمر، ناهيك عن أن يكون الجيش المصري قد تمكن من دخول المعركة. وبدا واضحا من صياغة البيان الرئاسي الذي صدر بعد ظهر أمس الأول الخميس أنه كتب بصيغة المضطر، أو أنه يبدي لوما خفيا للسعودية على عدم استشارة مصر مسبقا. ووجه عبد الملك الحوثي رسالة اقرب الى العتاب لم تخل من تحذير الى القاهرة على مشاركتها. وباستثناء اربع سفن حربية عبرت قناة السويس في طريقها الى باب المندب لا يتوفر اي دليل على مشاركة مصرية في القصف الجوي.
ويجدر هنا ان نسأل: مع حتمية الحرب البرية للحسم العسكري، هل يوجد استعداد لدى دول التحالف العربي وخاصة السعودية ومصر للدخول في «حرب عصابات» مع ميليشيات تعرف جيدا أرض المعركة؟ وهل سيتمكن الرئيس عبد الفتاح السيسي من استصدار هكذا قرار من مجلس الدفاع الوطني، وهو الجهة الوحيدة المؤهلة حسب الدستورلاتخاذ قرار الحرب، خاصة ان الجيش المصري تكبّد خسائر فادحة لدى تدخله في اليمن العام 1962؟
الواقع أن ثمة تسريبات بدأت تشير بالفعل الى ان التدخل المصري سيقتصر على ارسال سفن بحرية لتأمين باب المندب، وهو أمر حيوي ومشروع لحماية الامن القومي المصري، وحرية التجارة الدولية. وبكلمات اخرى فإن المسارعة السعودية الى اعلان مشاركة مصر في التدخل العسكري كانت خطوة سياسية واعلامية استهدفت منحه عمقا عربيا وغطاء معنويا مهما، الا أن ثمة قيودا في النهاية ستحدد المدى الذي سيذهب اليه الجميع، ما يتطلب خلق قناة موازية للعمل الدبلوماسي، باعتبار ان التدخل العسكري، كما دائما، ل ايمكن الا ان يكون وسيلة للوصول الى حل سياسي عبر مفاوضات مباشرة بين الاطراف المعنية.
وإذا كانت «معاهدة الدفاع العربي المشترك» التي قال الأمين العام للجامعة العربية ان التحالف يستند اليها، ما زالت على قيد الحياة، فأين كانت طوال سبعين عاما من عمر الجامعة العربية، ولماذا لم يتم تفعيلها لإنقاذ ما تبقى من فلسطين، او حماية أرواح مليون عراقي، الى آخره من تاريخ الخذلان العربي الطويل. الواقع ان محاولة الجامعة العربية «تجيير» التدخل العسكري في اليمن لمصلحتها لتعبرعن تهافت لا يليق بها، وهي محاولة مصطنعة لانقاذ ماء وجهها. اذ ان التحالف نشأ استثنائيا للقيام بمهمة محددة، في بلد محدد، ولا علاقة له بالقوة العربية المشتركة التي ينص عليها البيان الوزاري. وإذا كان التدخل ثمرة لجهود الجامعة حقا، فهل يعني هذا أن دماء اليمنيين أغلى عليها من الدماء التي تراق في أكثر من بلد عربي؟
واخيرا فإن التدخل العسكري يجعل خريطة التحالفات والتوازنات الاقليمية أشبه برمال متحركة، ما يجعل من المبكر اقامة الاحتفالات هنا او هناك، فيما يدخل الشرق الاوسط نفقا جديدا يبدو بلا نهاية واضحة.
رأي القدس
Comments
Post a Comment