فنانون خليجيون يرتدون البدلة العسكرية… وأنجلينا جولي ممثلة مضادة للسليكون
راشد عيسى:
في حروب عربية سابقة كانت «عدّة» الحرب متوفرة على الدوام، ما إن يعلو
النفير حتى تسارع الإذاعات والفضائيات إلى ذلك الرف من المكتبة، تنفض
الغبار عن مارسيل خليفة وأحمد قعبور وسميح شقير و»العاشقين»، وربما تقرع
«أجراس العودة» لفيروز، أو الأغاني المصرية الشهيرة من قبيل «خللي السلاح
صاحي» و«أصبح عندي الآن بندقية»، وسواها.
لكن حروب اليوم أمر مختلف، لم تعد العدّة القديمة ملائمة. هكذا وجد فنانو الخليج أنفسهم أمام موضوع اليمن المستجد، ولم يكن بإمكانهم أن يتخلفوا عن نداء الواجب، فدُبّجت الأغاني خلال ساعات، وارتدى المغنون لباسهم العسكري الكامل وصرخوا بصوت واحد «يا هلا بالحرب».
لقد كانت هذه بالفعل أغنية المطرب السعودي رامي عبد الله التي أتت دعماً لجنود السعودية وتحالف «عاصفة الحزم». أغنية تقول كلماتها «يا هلا بالحرب واحنا أهلها نور ونار، في السما كلٍ لمحنا واحد وكنّا كثار».
ستكون الأغنية بداية موجة من الغناء غير معهودة في تقاليد الغناء الخليجي الهانئ البال. وبينما نترقب ماذا سيغني حسين الجسمي وأحلام وراشد الماجد وسواهم بعد تغريدات حربية كتبوها على تويتر سنتأمل طويلاً هذه الفاتحة، هذا العنوان «يا هلا بالحرب»، فهل حقاً هناك من يرحب بالحرب، من يحتفل بها، أم أنه يمكن اعتبارها شراً لا بد منه، خصوصاً للمغنين، وماذا يجبرهم على ارتداء البدلة (كما فعل رامي عبد الله)، في وقت ما زال وزير الدفاع نفسه مرتدياً دشداشته البيضاء!
الجدل حول إدلب
الفيديو الذي وصل من مدينة إدلب أمس يصور لحظة تحرير معتقلي فرع أمن الدولة في المدينة معبر للغاية، ففي حمى الجدل الشديد حول فرح البعض بتحرير المدينة، وتحفظ البعض الآخر بسبب وقوعها بين يدي «جبهة النصرة» وسواها من فصائل إسلامية، كان المعتقلون المحررون يعانقون المسلحين الذين فتحوا لهم الأبواب حتى قبل أن يرووا وجوههم ويعرفوا من هم، لأي جهة ينتمون. هؤلاء بالذات لن تفرق معهم من يكون المحرر.
الأم شجاعة
أفردت قناة «فرانس24٤» حلقة من برنامجها «هي الحدث» (وهو يعالج عادة «أخبار المرأة والقضايا التي تهمها عربياً ودولياً، ويسلط الضوء على الممارسات المجحفة بحقها، ويركز على المبادرات المختلفة لتمكين المرأة وينقل قصص نجاحها) لموضوع الصحافية الفلسطينية ومراسلة «الجزيرة الانكليزية» في بيروت سابقاً، والتي كانت تعرضت للاعتقال في عمّان على خلفية موضوع حضانة ابنتها.
أمين، التي اضطرت لمغادرة بيروت، مكان عملها، إلى عمان، كما اضطرت لإجازة من عملها، وهي الصحافية الناجحة والمعروفة، لم تتمكن مع ذلك من الاحتفاظ بابنتها، بل وتعرضت لمضايقات إلى حد أن قوى أمنية اعترضتها في الطريق لتنفيذ أمر توقيف ملتبس.
نجحت الصحافية، والبرنامج (من إعداد وتقديم ميسلون نصار)، في تقديم قضيتها، بل وفي تسليط الضوء على مشكلة حضانة المرأة عموماً في بلادنا. لكن لا بد من الاعتراف أن لوسائل التواصل الاجتماعي السبق في تقديم قضية رولا أمين. ساندت تلك الوسائط الصحافية والأم الشجاعة في خروجها من توقيف تعسفي وظالم، فهل تستمر في الدفاع عن القضية؟
ديوان العصر
أصبحت موضة العصر وديوانه برامج المذيعين الحكواتيين الذين يقتربون في أدائهم من شيوخ الكتّاب أو حكواتيي المقاهي الشعبية، هؤلاء الذين باتوا يشعرون بأنفسهم واعظين ومعلمين لا يردّ لهم كلام، لذلك لم يعد غريباً أن يصف ابراهيم عيسى الصحفي المصري المعروف جمهوره في برنامجه التلفزيوني بـ«الخرفان والخرفان المضادة، القطيع والقطيع المضاد»، أي استهانة بجمهور المشاهدين؟ أليس غريباً أن يهان الناس تلفزيونياً في زمن الثورات بطريقة لم يعهدوها في زمن الديكتاتورية؟!
ارحمونا من هذا الحب القاسي
مجدي شريف مغن من سوريا، تهجّر بسبب الأحداث السورية الأليمة ولم ير أهله منذ أربعة أعوام. جاء إلى برنامج المسابقات xfactor، حكى قصة هجرته وبكى، فبكت المغنية أليسا وتأثرت، وأعلنت تعاطفها. كان واضحاً كيف أثر التعاطف على التصويت للمغني الشاب.
أراد البرنامج أن يوظف هذه القصة لإضفاء لمسات درامية للحلقة، ولعله نجح بذلك. لكن ما لم ينجح فيه هو أن يكون عادلاً مهنياً، أي أن يعطي المغني العلامة التي يستحق. يذكر ذلك بصيحة صاحها الشاعر الفلسطيني محمود درويش ذات مرة حين قال «ارحمونا من هذا الحب القاسي»، كي يقول لمحبي الفلسطينيين أن يتعاطوا معهم كبشر يمكن أن يخفقوا لا كمن يستحق الشفقة وبالتالي يمكن أن يجري التغاضي عنه باسم القضية. صيحة لا بد أن يصيحها السوريون اليوم، ذلك أنجى لهم، وأكثر عدلاً ورأفة بهم وبمواهبهم.
انجلينا جولي
السيدة العظيمة (قبل أن تكون فنانة) انجلينا جولي استأصلت منذ حوالى العام ثديها المهدد جينياً بالسرطان، وعادت أخيراً لاستئصال المبيض. لا ندري إلى أين ستصل. حين كتبتْ كيف تفكر كانت أعظم من زوربا، بطل رواية نيكوس كازانتزاكيس، وهو يقطع إبهامه الذي كان يعيقه في صناعة الفخار. حتى زوربا فكر بأن لذلك حدوداً. كان ذلك هو خيار انجلينا جولي الجدير بالاحترام. لكن بعض المتلقين العرب تهكموا من الأمر، بل أن بعضهم تحدث عن عمليات الشفط والنفخ والسليكون، مع أن خيار انجلينا هو بالضبط ما يمكن أن نعتبره «آنتي سليكون».
كاتب فلسطيني
راشد عيسى:
لكن حروب اليوم أمر مختلف، لم تعد العدّة القديمة ملائمة. هكذا وجد فنانو الخليج أنفسهم أمام موضوع اليمن المستجد، ولم يكن بإمكانهم أن يتخلفوا عن نداء الواجب، فدُبّجت الأغاني خلال ساعات، وارتدى المغنون لباسهم العسكري الكامل وصرخوا بصوت واحد «يا هلا بالحرب».
لقد كانت هذه بالفعل أغنية المطرب السعودي رامي عبد الله التي أتت دعماً لجنود السعودية وتحالف «عاصفة الحزم». أغنية تقول كلماتها «يا هلا بالحرب واحنا أهلها نور ونار، في السما كلٍ لمحنا واحد وكنّا كثار».
ستكون الأغنية بداية موجة من الغناء غير معهودة في تقاليد الغناء الخليجي الهانئ البال. وبينما نترقب ماذا سيغني حسين الجسمي وأحلام وراشد الماجد وسواهم بعد تغريدات حربية كتبوها على تويتر سنتأمل طويلاً هذه الفاتحة، هذا العنوان «يا هلا بالحرب»، فهل حقاً هناك من يرحب بالحرب، من يحتفل بها، أم أنه يمكن اعتبارها شراً لا بد منه، خصوصاً للمغنين، وماذا يجبرهم على ارتداء البدلة (كما فعل رامي عبد الله)، في وقت ما زال وزير الدفاع نفسه مرتدياً دشداشته البيضاء!
الجدل حول إدلب
الفيديو الذي وصل من مدينة إدلب أمس يصور لحظة تحرير معتقلي فرع أمن الدولة في المدينة معبر للغاية، ففي حمى الجدل الشديد حول فرح البعض بتحرير المدينة، وتحفظ البعض الآخر بسبب وقوعها بين يدي «جبهة النصرة» وسواها من فصائل إسلامية، كان المعتقلون المحررون يعانقون المسلحين الذين فتحوا لهم الأبواب حتى قبل أن يرووا وجوههم ويعرفوا من هم، لأي جهة ينتمون. هؤلاء بالذات لن تفرق معهم من يكون المحرر.
الأم شجاعة
أفردت قناة «فرانس24٤» حلقة من برنامجها «هي الحدث» (وهو يعالج عادة «أخبار المرأة والقضايا التي تهمها عربياً ودولياً، ويسلط الضوء على الممارسات المجحفة بحقها، ويركز على المبادرات المختلفة لتمكين المرأة وينقل قصص نجاحها) لموضوع الصحافية الفلسطينية ومراسلة «الجزيرة الانكليزية» في بيروت سابقاً، والتي كانت تعرضت للاعتقال في عمّان على خلفية موضوع حضانة ابنتها.
أمين، التي اضطرت لمغادرة بيروت، مكان عملها، إلى عمان، كما اضطرت لإجازة من عملها، وهي الصحافية الناجحة والمعروفة، لم تتمكن مع ذلك من الاحتفاظ بابنتها، بل وتعرضت لمضايقات إلى حد أن قوى أمنية اعترضتها في الطريق لتنفيذ أمر توقيف ملتبس.
نجحت الصحافية، والبرنامج (من إعداد وتقديم ميسلون نصار)، في تقديم قضيتها، بل وفي تسليط الضوء على مشكلة حضانة المرأة عموماً في بلادنا. لكن لا بد من الاعتراف أن لوسائل التواصل الاجتماعي السبق في تقديم قضية رولا أمين. ساندت تلك الوسائط الصحافية والأم الشجاعة في خروجها من توقيف تعسفي وظالم، فهل تستمر في الدفاع عن القضية؟
ديوان العصر
أصبحت موضة العصر وديوانه برامج المذيعين الحكواتيين الذين يقتربون في أدائهم من شيوخ الكتّاب أو حكواتيي المقاهي الشعبية، هؤلاء الذين باتوا يشعرون بأنفسهم واعظين ومعلمين لا يردّ لهم كلام، لذلك لم يعد غريباً أن يصف ابراهيم عيسى الصحفي المصري المعروف جمهوره في برنامجه التلفزيوني بـ«الخرفان والخرفان المضادة، القطيع والقطيع المضاد»، أي استهانة بجمهور المشاهدين؟ أليس غريباً أن يهان الناس تلفزيونياً في زمن الثورات بطريقة لم يعهدوها في زمن الديكتاتورية؟!
ارحمونا من هذا الحب القاسي
مجدي شريف مغن من سوريا، تهجّر بسبب الأحداث السورية الأليمة ولم ير أهله منذ أربعة أعوام. جاء إلى برنامج المسابقات xfactor، حكى قصة هجرته وبكى، فبكت المغنية أليسا وتأثرت، وأعلنت تعاطفها. كان واضحاً كيف أثر التعاطف على التصويت للمغني الشاب.
أراد البرنامج أن يوظف هذه القصة لإضفاء لمسات درامية للحلقة، ولعله نجح بذلك. لكن ما لم ينجح فيه هو أن يكون عادلاً مهنياً، أي أن يعطي المغني العلامة التي يستحق. يذكر ذلك بصيحة صاحها الشاعر الفلسطيني محمود درويش ذات مرة حين قال «ارحمونا من هذا الحب القاسي»، كي يقول لمحبي الفلسطينيين أن يتعاطوا معهم كبشر يمكن أن يخفقوا لا كمن يستحق الشفقة وبالتالي يمكن أن يجري التغاضي عنه باسم القضية. صيحة لا بد أن يصيحها السوريون اليوم، ذلك أنجى لهم، وأكثر عدلاً ورأفة بهم وبمواهبهم.
انجلينا جولي
السيدة العظيمة (قبل أن تكون فنانة) انجلينا جولي استأصلت منذ حوالى العام ثديها المهدد جينياً بالسرطان، وعادت أخيراً لاستئصال المبيض. لا ندري إلى أين ستصل. حين كتبتْ كيف تفكر كانت أعظم من زوربا، بطل رواية نيكوس كازانتزاكيس، وهو يقطع إبهامه الذي كان يعيقه في صناعة الفخار. حتى زوربا فكر بأن لذلك حدوداً. كان ذلك هو خيار انجلينا جولي الجدير بالاحترام. لكن بعض المتلقين العرب تهكموا من الأمر، بل أن بعضهم تحدث عن عمليات الشفط والنفخ والسليكون، مع أن خيار انجلينا هو بالضبط ما يمكن أن نعتبره «آنتي سليكون».
كاتب فلسطيني
راشد عيسى:
Comments
Post a Comment