المفكر العالمي د.حسن الترابي dr.Hassan Al-Turabi-- ان الله شاء أن يبسط للإنسان مشيئة حرة يختار سبيل الحياة.
إن الله شاء أن يبسط للإنسان مشيئة حرة يختار سبيل الحياة. فعلى أساس من الإرادة الطلق يُحيي الإنسان عهد الإيمان بالله رباً المطبوع في الفطرة ويزكيه ويمدهبعقد عن تراض وتذكرة برسالات الوحي أن يعبده ويطيعه مخلصاً متجاوزاً تعلقات الدنيا المشهودة والهوى العاجلة لا تفتنه ترغيباً ولا ترهيباً بل يعاقد الله على وعده الصادق أن يجزيه في الآخرة: «إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً» (سورة المزمل الآية 19)، «إنها لإحدى الكبر نذيراً للبشر لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر
كسبت رهينة إلاّ أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر» (سورة المدثر الآيات 35 ـ 42). ولو كان ذلك كرهاً لسلك الإنسان طوع أقدار الله كالأشياء الطبيعية ما انبسطت فيه إرادة ولا تزكت طاقات عزائم تتعاظم عظم إيمانه، ذهنه يجتهد لا يرتخي متفقهاً في الدين منزلاً على ظروف دنيا الابتلاء وجوارحه تجاهد لا تنثني عملاً صالحاً يُعبر عن إيمانه. الدين ممارسة حرية ويبلغ درجات الحزم الإحسان مبلغ قوة الإيمان الذي يصدق، والمكره ديناً ليس كالمؤمن بل معهود كسبه لو اضطر فأطاع أنه لا يبلغ إلا ضئيلاً قدره كافياً مظهره لأن يجيزه لدى من يكرهه وينجو من المكروه. والمستكبرون في الأرض المتجبرون على الناس ما هم مثل الله تعالى الخبير البصير بما يعمل الناس ولا جزاؤهم مثل جزائه الذي لا مفر ولا مستنصر ولا متشفع دونه ولا مبلغ لعظم ثوابه وعقابه. والمؤمن يحفزه للعمل في سبيل الله محض معرفة جميل ربه عليه يجتهد لأداء شكره على نعمة الخلق والهداية وتسخير الكون حوله زينة ورزقاً وعلى رحمة الحلم على من كفر وجحد النعمة يمدهم ويمهلهم إلى أجل ولا يأخذه حسماً فوراً. وتنشأ في قلب المؤمن مشاعر حب لله فوق مودة البشر لمحدود الإحسان بينهم، فما يأمره الله إلا أقبل بذلك الحب يعبر عنه حق التعبير يبتغي أن يجاوبه الله حباً ورحمة ورضواناً. ويتأيد حافز تلك المشاعر والخواطر حباً لله وشكراً بحافز الرجاء عند المؤمن يقيناً أن الله يجزي على عمل الصالحات، قد يقدم لصاحبها عاجلاً أن يتم له الجهد الصالح فيوفقه إلى المقصود العسر أو يبارك فيفتح له مدى وراء القصد أو يفيض عليه خيراً من حيث لم يحتسب في مساقات الحياة الأخرى، وما يؤخره ليوم الدين نعيماً مادياً أحب وخيراً من الدنيا وأبقى ووقاية من المكروه ونعيماً معنوياً أكبر هو سلام الأقران والملائكة ورضوان الله الأكبر.
Comments
Post a Comment