حلقة اليوم من مصابيح بجريدة عمام، ملحق مرايا
صاحب تجربة حرق الأشياء من على البعد
ابن سهل.. مكتشف انكسار الضوء--- عماد البليك
ابن سهل.. مكتشف انكسار الضوء--- عماد البليك
ابن سهل واسمه أبو سعد العلاء ابن سهل، وقد عاش في الفترة من 940 إلى 1000 ميلادية، هو عالم مسلم تعود جذوره إلى بلاد فارس وقد عمل في بلاط العباسيين في بغداد. ذاع صيته في الرياضيات والفيزياء والهندسة والطب، كما اشتهر بشكل خاص في علم البصريات الذي له فيه العديد من الأبحاث والنظريات العلمية حول الأشكال الهندسية، حيث أنه أول من اكتشف قانونا لانكسار الضوء ووظفه في تصميم العدسات التي تقوم بتركيز الضوء من غير انحراف والمعروفة بعدسات الانكسار وهي غير دائرية الشكل.
وقد استفاد من علم ابن سهل العالم الكبير الذي ضرب مجده الآفاق وهو ابن الهيثم الذي عاش في الفترة من 965 إلى 1040 ميلادية، ويمكن القول إنه لولا ابن سهل لما كان ابن الهيثم قد توصل إلى الكثير من اكتشافاته المهمة في علم الضوء والبصريات فابن سهل هو الذي مهد الطريق فعليا بما أسسه لظهور ابن الهيثم.
وإذا كان ثمة من يشير اليوم إلى أن مكتشف قانون انكسار الضوء المعروف بقانون "سنيل" هو العالم الهولندي ويلبرورد سنيليوس الذي عاش في الفترة من 1580 إلى 1626م فالواقع أن ابن سهل هو أول من لفت الانتباه لمسألة انكسار الضوء وانعطافته عندما ينتقل من سطح لآخر كأن يعبر من الفراغ إلى الزجاج أو الماء.
وقد اهتم العرب بعلم البصريات نسبة لارتباطه الكبير بعلم الفلك في صنع المناظير الفلكية لمتابعة حركة الأجرام ورصد قبة السماء، ونجد أن ابن سهل قد استفاد ممن سبقه وهم قلة في هذا المجال أبرزهم عالم البصريات أبو يوسف الكندي الذي توفي سنة 873 ميلادية، وهو من قام بتحقيق نظرية أرسطو حول رؤية الأشياء بالعين المجردة.
ولابن سهل كتاب مشهور في الغرب بوجه أكبر، واسمه "كتاب في المرايا المحرقة والعدسات" عالج فيه موضوعات العدسات بجميع الأنواع من بيضاوية الشكل إلى مقعرة كما تطرق إلى رسم المنحنيات حيث لها علاقة وثيقة بالبصريات وهندسات الفلك.
إن المساهمات التي قدمها ابن سهل سواء في اكتشاف انكسار الضوء أو التطبيقات التي قام بها في هذا الإطار من تصميم العدسات التي تركز الضوء واشتقاق المزيد من أنواع العدسات كل ذلك يكشف عن عقلية متمكنة استطاعت أن تمزج بين المعارف المتنوعة التي اكتسبها من الرياضيات والفيزياء والهندسة.
ومن التجارب المدهشة التي قام بها ابن سهل تعرفه على كيفية إحراق جسم من على البعد وحدد كيف يمكن عمل ذلك باستخدام العدسات ودقق الحسابات المتعلقة بهذا الموضوع، وهو موضوع ليس ابتكاريا في حد ذاته حيث عرفه اليونانيون لكنه أضاف فيه وعمّقه بالشكل العلمي وشرح لنا كيف يتم توجيه العدسة للشمس ليتم تجميع الضوء الحارق في نقطة معينة هي بؤرة العدسة التي تكون خارجها على مسافة معينة يمكن حسابها بمعرفة قطر العدسة وأمور معينة في علم البصريات، وفي كتابه "كتاب في المرايا المحرقة والعدسات" يناقش هذا الأمر بالتفصيل. وبشكل عام فإن العلوم التي أثارها الرجل كانت مثار دهشة للمؤرخين وبعض ابتكاراته عدت من فنون الحيل المبتكرة.
وقد كتب ابن سهل عن موضوع الإحراق يفيد الآتي: "وقد غَبرت دهرا أبحث عن حقيقة ما يُنحَل أصحاب التعاليم من القدرة على إحراق جسم بضوء على مسافة بعيدة، ويضاف إلى أرشميدس من إحراقه سفن الأعداء بهذا الضرب من الحيل حتى عرفت جملة الحال فيه، وتعقّبتها بالتفصيل فاستعنت عليه بما وجدته من كتب القدماء وانتزعت منها ما تضمّنت به، وهو وصف الإحراق بضوء الشمس المنعكس عن مرآة على مسافة قريبة، ونوع من الإحراق بضوء جسم قريب ينعكس عن مرآة. وواصلت النظر فيما لم يتضمن منه حتى استخرجته وهو وصف الإحراق بضوء الشمس الذي ينفذ في آلة وينعطف في الهواء".
واليوم في عدد من الجامعات الغربية يعاد النظر في فكر ابن سهل ودوره التجديدي في علم البصريات والعدسات والمرايا والآفاق التي فتحها بحق لمن جاؤوا بعده عبر ما نسجه من براعة، وما خلفه من مخطوطات مهمة في هذه العلوم لاسيما في موضوعات الانكسار والمرايا والعدسات.
وقد استخدم ابن سهل ما يعرف بمفهوم "الاعتبار" الذي يعني تفحص الاشياء ودلالاتها لاستقراء الكامن من المنظور ما يشير إلى استكشاف الإمكانيات المدخرة في الأشياء والموجودات، ويشير المختصون إلى أن ابن سهل استخدم هذا الفهم فيما يمكن أن يفسر بالتجربة أو الاختبار في علوم البصريات ما قاده إلى الاكتشافات والابتكارات المتعددة فمثلا. ولكي يحدد ابن سهل قرينة الانكسار استعمل فعل "اعتبر" في شرح الأمر.. فعندما تحدث عن العدسة المستوية المحدبة، وأيضاً عندما تحدث عن العدسة محدبة الوجهين، ويفرض كل مرة أن تكون العدسة المستعملة منحوتة من المادة نفسها التي استعملت أثناء التجربة المخصصة لتحديد قرينة الانكسار، قال ابن سهل: "من نفس الجوهر الذي اعتبرنا به"، وفعل "اعتبر" هنا استعمله بمعنى جرب أو اختبر . وقد بات "الاعتبار" منهجا في علوم البصريات عنده وعند ابن الهيثم ويعني كما تمت الإشارة التجريب والاختبار.
إن ما قدمه ابن سهل وإن كان يبدو بسيطا من الوهلة الأولى إلا أن الرجل قد أحدث نقلة كبيرة في العالم باكتشافه انكسار الضوء فقبله لم يكن يتوقع أن ما يحدث من خلل لمناظير الأشياء ما بين سطح وآخر يرجع للضوء وانتقاله بين المواد والأسطح، بل ربما ارتبط الأمر عند البعض بالخرافة والأساطير ففي فترات كان بعض من العلماء يغذي علومه بالخرافة التي يصدقها كثير من الناس. كذلك فمع قضية كالإحراق عن بعد من خلال المرايا والعدسات كان قد نفي أيضا خرافات وأثبت حقائق دامغة تدل على قدرة العلم والتكنولوجيا في وقت مبكر على إعادة ترتيب وعي الناس وحياتهم بما يجعل الحياة الإنسانية أكثر فاعلية وقدرة على التجدد والدهشة.
ولاشك أن هذه الاكتشافات والاختراعات ما زالت تؤثر وفاعلة إلى اليوم حتى في آخر تجليات النهضة البشرية في الوصول إلى الكواكب البعيدة عبر المسبارات الفضائية، إنها بحق أمور تستحق التأمل العميق من قبل الأجيال وكيف أن هؤلاء الناس اتسموا بالدأب والعمل والإخلاص للأفكار والعمل بكل محبة لما يقومون به من عمل لأجل أن يكون مفيدا للإنسانية كذلك مسألة تحرير العلوم والعالم من الخرافة وجعل العلم نقيا وسهلا يقوم على العقلنة والهندسة.
وقد استفاد من علم ابن سهل العالم الكبير الذي ضرب مجده الآفاق وهو ابن الهيثم الذي عاش في الفترة من 965 إلى 1040 ميلادية، ويمكن القول إنه لولا ابن سهل لما كان ابن الهيثم قد توصل إلى الكثير من اكتشافاته المهمة في علم الضوء والبصريات فابن سهل هو الذي مهد الطريق فعليا بما أسسه لظهور ابن الهيثم.
وإذا كان ثمة من يشير اليوم إلى أن مكتشف قانون انكسار الضوء المعروف بقانون "سنيل" هو العالم الهولندي ويلبرورد سنيليوس الذي عاش في الفترة من 1580 إلى 1626م فالواقع أن ابن سهل هو أول من لفت الانتباه لمسألة انكسار الضوء وانعطافته عندما ينتقل من سطح لآخر كأن يعبر من الفراغ إلى الزجاج أو الماء.
وقد اهتم العرب بعلم البصريات نسبة لارتباطه الكبير بعلم الفلك في صنع المناظير الفلكية لمتابعة حركة الأجرام ورصد قبة السماء، ونجد أن ابن سهل قد استفاد ممن سبقه وهم قلة في هذا المجال أبرزهم عالم البصريات أبو يوسف الكندي الذي توفي سنة 873 ميلادية، وهو من قام بتحقيق نظرية أرسطو حول رؤية الأشياء بالعين المجردة.
ولابن سهل كتاب مشهور في الغرب بوجه أكبر، واسمه "كتاب في المرايا المحرقة والعدسات" عالج فيه موضوعات العدسات بجميع الأنواع من بيضاوية الشكل إلى مقعرة كما تطرق إلى رسم المنحنيات حيث لها علاقة وثيقة بالبصريات وهندسات الفلك.
إن المساهمات التي قدمها ابن سهل سواء في اكتشاف انكسار الضوء أو التطبيقات التي قام بها في هذا الإطار من تصميم العدسات التي تركز الضوء واشتقاق المزيد من أنواع العدسات كل ذلك يكشف عن عقلية متمكنة استطاعت أن تمزج بين المعارف المتنوعة التي اكتسبها من الرياضيات والفيزياء والهندسة.
ومن التجارب المدهشة التي قام بها ابن سهل تعرفه على كيفية إحراق جسم من على البعد وحدد كيف يمكن عمل ذلك باستخدام العدسات ودقق الحسابات المتعلقة بهذا الموضوع، وهو موضوع ليس ابتكاريا في حد ذاته حيث عرفه اليونانيون لكنه أضاف فيه وعمّقه بالشكل العلمي وشرح لنا كيف يتم توجيه العدسة للشمس ليتم تجميع الضوء الحارق في نقطة معينة هي بؤرة العدسة التي تكون خارجها على مسافة معينة يمكن حسابها بمعرفة قطر العدسة وأمور معينة في علم البصريات، وفي كتابه "كتاب في المرايا المحرقة والعدسات" يناقش هذا الأمر بالتفصيل. وبشكل عام فإن العلوم التي أثارها الرجل كانت مثار دهشة للمؤرخين وبعض ابتكاراته عدت من فنون الحيل المبتكرة.
وقد كتب ابن سهل عن موضوع الإحراق يفيد الآتي: "وقد غَبرت دهرا أبحث عن حقيقة ما يُنحَل أصحاب التعاليم من القدرة على إحراق جسم بضوء على مسافة بعيدة، ويضاف إلى أرشميدس من إحراقه سفن الأعداء بهذا الضرب من الحيل حتى عرفت جملة الحال فيه، وتعقّبتها بالتفصيل فاستعنت عليه بما وجدته من كتب القدماء وانتزعت منها ما تضمّنت به، وهو وصف الإحراق بضوء الشمس المنعكس عن مرآة على مسافة قريبة، ونوع من الإحراق بضوء جسم قريب ينعكس عن مرآة. وواصلت النظر فيما لم يتضمن منه حتى استخرجته وهو وصف الإحراق بضوء الشمس الذي ينفذ في آلة وينعطف في الهواء".
واليوم في عدد من الجامعات الغربية يعاد النظر في فكر ابن سهل ودوره التجديدي في علم البصريات والعدسات والمرايا والآفاق التي فتحها بحق لمن جاؤوا بعده عبر ما نسجه من براعة، وما خلفه من مخطوطات مهمة في هذه العلوم لاسيما في موضوعات الانكسار والمرايا والعدسات.
وقد استخدم ابن سهل ما يعرف بمفهوم "الاعتبار" الذي يعني تفحص الاشياء ودلالاتها لاستقراء الكامن من المنظور ما يشير إلى استكشاف الإمكانيات المدخرة في الأشياء والموجودات، ويشير المختصون إلى أن ابن سهل استخدم هذا الفهم فيما يمكن أن يفسر بالتجربة أو الاختبار في علوم البصريات ما قاده إلى الاكتشافات والابتكارات المتعددة فمثلا. ولكي يحدد ابن سهل قرينة الانكسار استعمل فعل "اعتبر" في شرح الأمر.. فعندما تحدث عن العدسة المستوية المحدبة، وأيضاً عندما تحدث عن العدسة محدبة الوجهين، ويفرض كل مرة أن تكون العدسة المستعملة منحوتة من المادة نفسها التي استعملت أثناء التجربة المخصصة لتحديد قرينة الانكسار، قال ابن سهل: "من نفس الجوهر الذي اعتبرنا به"، وفعل "اعتبر" هنا استعمله بمعنى جرب أو اختبر . وقد بات "الاعتبار" منهجا في علوم البصريات عنده وعند ابن الهيثم ويعني كما تمت الإشارة التجريب والاختبار.
إن ما قدمه ابن سهل وإن كان يبدو بسيطا من الوهلة الأولى إلا أن الرجل قد أحدث نقلة كبيرة في العالم باكتشافه انكسار الضوء فقبله لم يكن يتوقع أن ما يحدث من خلل لمناظير الأشياء ما بين سطح وآخر يرجع للضوء وانتقاله بين المواد والأسطح، بل ربما ارتبط الأمر عند البعض بالخرافة والأساطير ففي فترات كان بعض من العلماء يغذي علومه بالخرافة التي يصدقها كثير من الناس. كذلك فمع قضية كالإحراق عن بعد من خلال المرايا والعدسات كان قد نفي أيضا خرافات وأثبت حقائق دامغة تدل على قدرة العلم والتكنولوجيا في وقت مبكر على إعادة ترتيب وعي الناس وحياتهم بما يجعل الحياة الإنسانية أكثر فاعلية وقدرة على التجدد والدهشة.
ولاشك أن هذه الاكتشافات والاختراعات ما زالت تؤثر وفاعلة إلى اليوم حتى في آخر تجليات النهضة البشرية في الوصول إلى الكواكب البعيدة عبر المسبارات الفضائية، إنها بحق أمور تستحق التأمل العميق من قبل الأجيال وكيف أن هؤلاء الناس اتسموا بالدأب والعمل والإخلاص للأفكار والعمل بكل محبة لما يقومون به من عمل لأجل أن يكون مفيدا للإنسانية كذلك مسألة تحرير العلوم والعالم من الخرافة وجعل العلم نقيا وسهلا يقوم على العقلنة والهندسة.
صورة:
نسخة من صفحة بمخطوط ابن سهل تظهر اكتشافه لقانون انكسار الضوء.
Comments
Post a Comment