Skip to main content

المصالح السعودية – التركية .. تقاطُع وتصادُم (ليلى الرحباني)

المصالح السعودية – التركية .. تقاطُع وتصادُم (ليلى الرحباني)
د. ليلى نقولا الرحباني -
في خطوة لافتة، تقدَّم الجيش السوري ميدانياً هذا الأسبوع، فسيطر على مواقع استراتيجية هامة، أهمها مدينة كسب في ريف اللاذقية الشمالي، وبعض مناطق ريف حمص الشمالي. تأتي أهمية السيطرة على كسب، لموقعها الجغرافي المحاذي للأراضي التركية، والتي شكّلت عمقاً جغرافياً استراتيجياً للمسلحين، ورافداً بشرياً ولوجستياً لهم، وهو ما أكّدته التقارير الصحفية التي أشارت إلى وجود سيارات تركية عسكرية استخدمها الجيش التركي المتدخّل في سورية عسكرياً، بالإضافة إلى سيارات إسعاف تركية استخدمها المسلحون لنقل جرحاهم إلى الداخل التركي.
وهكذا، تستمرّ الإشارات الميدانية والتقارير العسكرية والصحفية بتأكيد التدخُّل العسكري التركي المباشر وغير المباشر على خط المعارك في سورية، منذ بداية الأزمة ولغاية اليوم، فتدخُّل الجيش التركي بدأت ملامحه الواضحة تظهر منذ بدء المعارك على الحدود بين البلدين، وأهمها معارك جسر الشغور، ثم مروراً بالقصف التركي للطائرات العسكرية السورية التي كانت تقوم بضرب معاقل المسلحين، وصولاً إلى منطقة كسب، التي ظهر جلياً تدخُّل الأتراك العسكري المباشر فيها، بالإضافة إلى تأمين الدعم للمسلحين وتسهيل مرورهم، وتأمين متطلباتهم اللوجستية، وتأمين ملاذ آمن للمجموعات الإرهابية لتتحصّن، تمهيداً للانقضاض على الأراضي السورية.
رغم كل هذا التدخل العسكري التركي الواضح، بالإضافة إلى التدخل السياسي لأنقرة، الذي تمظهر بإيواء المعارضة السورية وتأمين الملاذ والدعم السياسي والمالي لها، أضف إلى ذلك التقارير المؤكدة التي تفيد باستفادة - إن لم يكن تشجيع ومشاركة - تركية من نهب المصانع السورية في حلب، ثم نهب النفط السوري في المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة بعد إعلان الاتحاد الأوروبي رغبته بشراء النفط المسروق الخ... رغم كل ذلك، كان لافتاً توجيه الرئيس السوري بشار الأسد مؤخراً الاتهام إلى السعودية بأنها الدولة الإقليمية الأكثر استمراراً في عدائيتها لسورية بعد "إسرائيل"، رغم أنه لم ينفِ عدائية كل من تركيا وقطر لدولته.
وفي محاولة تفسير هذا التصنيف، يمكن لنا تصوُّر الأسباب الآتية:
- فشل مشروع "الإخوان المسلمين" في المنطقة، وترنُّح أصحاب هذا المشروع وسقوطهم رغم بقاء بعض ركائزه على قيد الحياة، لذا لا يملك مشروع "الإخوان المسلمين" سوى أن يمدّ اليد لإيران لتنقذه من الموت المحتّم، وبما أن إيران باتت خشبة الخلاص الوحيدة لمشروعهم، يحاول الرئيس الأسد أن يعطي الإيراني فرصة لمحاولة تعديل الموقف "الإخواني" من الحرب الدائرة في سورية، ما سيؤدي حكماً إلى تفكك الجبهة المعادية بأكملها.
- يعرف الأسد أنه في ظل صراع "إخواني - وهابي" يتجلى اقتتالاً مسلَّحاً في سورية، ومعارك إلغائية في كل من مصر وتونس واليمن وغيرها، يجب عدم فتح المجال لهذين المحورين بالالتقاء على مصلحة واحدة، كما حصل سابقاً حين تكاتفا للنيل من الدولة السورية في بداية المعارك، بل من مصلحته ومصلحة المحور المقاوم أن يزيد الشرخ بينهما وتوسيع هامش الاقتتال.
-  يدرك الأسد أن ما قامت به "داعش" في العراق كان بدعم تركي وسعودي معاً، لتقاطع مصالحهما ضد الحكومة العراقية، لكن لكل منهما منطلقاته في دعم المجموعات المسلحة في العراق، فالسعودية تريد أن تستعيد الساحة العراقية بعدما خسرت في سورية، بينما تريد تركيا أن تدفع الولايات المتحدة إلى التعاون والتنسيق معها لمكافحة الإرهاب، ما يعيد الاعتبار إلى دور تركيا في الترتيبات الإقليمية الجديدة، ويعطي دفعاً أميركياً لأردوغان وحزب "العدالة والتنمية" في مواجهة خصومه الداخليين، بعدما تبيّن أن الأميركيين غير بعيدين عما يحصل في تركيا منذ حزيران 2013 ولغاية الآن.
بكل الأحوال، وبغض النظر عن حجم العداء السعودي أو التركي لسورية أو مركزيته، يبقى أن المنطقة اليوم، وبعد سيطرة "داعش" على أجزاء واسعة من العراق، لن تشهد اقتتالاً طائفياً سُنياً شيعياً فحسب كما يريد البعض، بل ستشهد المنطقة العربية بأكلمها اقتتالاً أشدّ بين "الإخوان" و"الوهابيين"، وأبرز الدول المتأثرة فيه ستكون الأردن، والمملكة العربية السعودية، وباقي الدول الخليجية.

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe