ثمنًا باهظًا: تاريخ صفقات تبادل الأسرى الإسرائيليين
في الخمسين سنة الأخيرة، أطلقت إسرائيل سراح ما يزيد عن 4000 أسير أمني، في صفقات تبادل الأسرى
15 يونيو 2014, 18:34
0
لا شكّ أن صفقة إطلاق سراح الأسرى هي إحدى
أكثر القضايا تعقيدًا في المجتمَع الإسرائيلي. ولقد أعلنت إسرائيل في
الماضي أنّها لن تُطلق سراح الأسرى مقابل الإرهاب أبدًا. وفعلا، قامت
بعمليات تحرير الأسرى أحيانًا، إذ كان بعضها ناجحًا مثل عملية "إنتيبي"
وبعضها أقل نجاحًا مثل حادثة الجندي المخطوف نحشون فاكسمان. رغم كلّ ذلك،
ففي نهاية المطاف أفرجت إسرائيل، مع مرور السنوات، عن عدد كبير من
الإرهابيين مقابل إطلاق سراح الجنود والمواطنين.
والحادثة الأبرز والتي تم تسليط الضوء عليها
كثيرًا في الإعلام هي حادثة الإفراج عن الجندي جلعاد شاليط الأخيرة، والتي
تمت مقابل الإفراج عن ألف أسير فلسطيني وأكثر، وكان من بينهم بضع عشرات ممن
ملطخة أيديهم بالدماء. كجزء من الاتفاق بين إسرائيل وحماس، خلال المرحلة
الأولى من الصفقة، التي خرجت إلى حيّز التنفيذ في 18 تشرين الأول عام 2011،
أفرجت إسرائيل عن 450 أسيرًا، وبالمقابل، نقلت حركة حماس شاليط إلى
القاهرة، ثم نُقل إلى إسرائيل. وفي إطار المرحلة الثانية من الصفقة، التي
خرجت إلى حيّز التنفيذ في كانون الأول عام 2011، أفرجت إسرائيل عن 550
أسيرًا أمنيًّا آخر.
في شباط عام 1989، صعد الجندي، آفي سسبورتس، إلى
سيارة بعد أن قام بإيقافها ولم يرجع بعد ذلك. وقد جلس في السيارة التي صعد
إليها رجلان من حماس متنكّران لحاريديان، وعلى ما يبدو قتلاه بعد وقت
قصير. ولقد بحثت عنه الدولة بأكملها، ولكنّ فشلت الجهود التي استمرّت لأشهر
طويلة.
بعد ثلاثة شهور من ذلك، حدث حادث خطف آخر هزّ
البلاد؛ إذ قام الجندي إيلان سعدون بإيقاف سيارة وصعد إليها لوحده واختُطف
بنفس الطريقة. سعى الخاطفون إلى تهريبه إلى قطاع غزة ولكنّهم أجبروا على
تغيير خطّتهم. فخلال الرحلة، تعارك سعدون مع خاطفيه إلى أن أطلقوا النار
على رأسه.
وخلال جهود البحث عن سعدون، تم العثور على جثّة
سسبورتس في أحد مفترقات الطرق الشمالية في إسرائيل. بعد سبع سنوات من ذلك،
تمّ العثور على رفات سعدون في منطقة الشاطئ الجنوبي قرب غزة.
وبعد مرور خمسة سنوات، في التاسع من تشرين الأول
عام 1994، صعد الجندي نحشون فاكسمان إلى سيارة في أحد مفترقات الطرق
الجنوبية. وقام أربعة إرهابيين من حماس، وهم متنكرون لمستوطنين، بخطفه
واقتياده إلى قرية بير نبالا وفي اليوم التالي نشروا تسجيلا تم تصوير
فاكسمان حين يقف خلفه إرهابي مسلّح.
وأعلن الخاطفون تحذيرًا؛ جاء فيه إن لم تفرج
إسرائيل عن إرهابيين حتى يوم الجمعة في الثامنة مساء، فسيتمّ قتل الأسير
فاكسمان. في نفس اليوم، حدّدت قوات الشاباك موقع المنزل الذي تم فيه احتجاز
فاكسمان وأصدرت أوامر لإنقاذه من خلال عملية عسكرية. حين سمع الإرهابيون قوة سرية هيئة الأركان
العامة داخل المبنى الذي تواجدوا فيه، أطلقوا النار على فاكسمان وأردوه
قتيلا. كذلك، قُتل في العملية قائد القوة، وذلك عندما فتح أحد الإرهابيين
النار باتجاه القوة التي فجّرت باب الغرفة التي احتُجز فيها الأسير.
كانت هناك حادثة خطف أخرى لأوفير رحوم الذي كان
طالبًا ثانويًا في السادسة عشرة من عمره من مدينة أشكلون، ومثل الكثير من
أصدقائه، قام بإجراء محادثات دردشة في الإنترنت. كانت إحدى هذه المحادثات
التي تبدو بريئة، مع فتاة تدعى سالي وصفت نفسها بأنّها مهاجرة جديدة من
المغرب. ولكن، تخفّتْ وراء الاسم المستعار الإرهابية آمنة منى، التي نجحت
بعد عدّة أشهر من إجراء المحادثات باكتساب ثقة الفتى وأقنعته بلقائها في
منطقة القدس. فانتقل من سيارة إلى أخرى، ثم اختُطف في ضواحي رام الله،
وهناك أطلق الإرهابيون النار عليه حتى لاقى حتفه.
وعندما لم يعد رحوم إلى منزله في تلك الليلة،
اكتشف المحقّقون المحادثات التي أجراها مع منى، ولذلك، ألقت الشرطة القبض
عليها. تم العثور أيضًا على جثّة الفتى. وبعد عشرة سنوات، تم إطلاق سراحها
في صفقة شاليط.
عام 2004، تم إطلاق سراح مصطفى الديراني والشيخ
عبيد، ورقة المساومة الأقوى لدى إسرائيل، كجزء من إطلاق سراح 400 أسير، تم
الإفراج عنهم في صفقة "الأزرق والأبيض"، مقابل المواطن الحنان تننبويم
وأسرى موقع هار دوف الثلاثة. قالت المصادر العسكرية والسياسية وقتئذ، إنّ
هذه هي المرة الأخيرة التي يتمّ فيها تنفيذ عملية كهذه. ولكنها لم تكن
المرة الأخيرة.
مع نهاية حرب لبنان الثانية (حرب تموز) عام 2006
أعاد حزب الله إلى إسرائيل جثث الجنديّين إيهود غولدفاسر وألداد ريغيف، في
حين لم يكن مصيرهما واضحًا حتى اللحظة الأخيرة. وفي النهاية، تمّ إرجاع
جثتيهما إلى البلاد، ومقابل إطلاق سراحهما، أفرجت دولة إسرائيل عن أحد
القاتلين الأكثر شهرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي؛ سمير القنطار.
وقد أفرجت إسرائيل أيضًا عن 190 جثّة لمقاتلي حزب الله. أدى الإفراج عن
قنطار، إلى جدل عاصف جدّا في الدولة حول إذا كان الثمن يستحقّ ذلك حقّا،
وخاصة لأنّ الحديث عن جثث وليس عن جنود أحياء.
إن الصراع مع الوقت، الماضي الصعب والرغبة التي
لا تكلّ، للتوصل إلى نهاية جيّدة، ترافق جميعها الجنود الذين يزحفون في كلّ
زاوية آملين العثور على ذرّة من معلومات تؤدّي إلى إرجاع الشبّان بسلام. وقد أخبر أولئك الشبّان أنّهم في طريقهم إلى المنزل، ولكن منذ ذلك الحين اختفت آثارهم.
Comments
Post a Comment