بليلة مباشر ( 2 )
هل تنسى الروح وسط ذكريات الجسد . . . ؟ة < حنين > للروائية السورية سهير عبد الله
هل تنسى الروح وسط ذكريات الجسد . . . ؟
الروح هي المحرك الأساسي لحياتنا اليومية , هي النبض الذي يحركنا جسداً وكيان . . . !! التقينا . . كان لقاءً عابراً وغير عادي بين زحمة الموظفين بالوزارة حيث كنت أعمل وأنا بسنواتي الجامعية الأولى بكلية الآداب وأنت . . لا أعرف عنك أي معلومة . لم أشاهدك من قبل ألا قرب مكتب السكرتارية بيدك مجموعة أوراق اصطدمنا ببعض وصدمتني المفاجأة حين تناثرت الأوراق التي كنت أحملها , لتقع على الأرض وتقع معها رائحة عطرك , لتمتزج برائحة عطري , فلم أعد أميز الرائحة التي عبقت بيننا وشدت نظراتنا ليرى كل منا الآخر . . توقفت يدانا وهي تلملم تلك الأوراق المبعثرة , هنا وهناك . ونظراتنا لا زالت تبحث عن شيء وقع منا وأصبح بيننا لا ندري ما هو ؟
أخذنا نعتذر بصوت لا يكاد يسمعه أحد سوانا , أخذت أوراقي متابعة ما جئت من لأجله . . . !! وأنت تلملم أوراقك , وأخذت طريقك عائداً من حيث أتيت لم أكن أعلم أنك تعمل بالمجال الاقتصادي , وتتابع أوراق تعيينك , هذا ما عرفته من زميلتي الموظفة ( دعاء ) , في مكتب السكرتارية , حيث وقفت تضحك مني عندما رأتني مرتبكة والأوراق بيدي , استقبلتني قائلة : حنان ألم تعرفينه ؟ أليس شاباً ظريفاً ؟؟ لم تترك لي مجال للرد , تابعت. . إنه ( ناجي ) , خريج تجارة واقتصاد , يتابع أوراق تعيينه بعد انتهائه من الخدمة الإلزامية ما أظرفه من لقاء .
& : الرواية بدأت بمدخل جيد , فيه سؤال فلسفي , لعل الكاتبة تريد أن تكشف ما بداخل خطابها الروائي . وهذا المدخل مهم رغم أن البعض يعتبره تدخلاً مباشراً من الكاتب , ولكن هذه الجملة التي جاءت بصيغة السؤال , تدخل ضمن الأنا الساردة , أو الراوية . ويمكن أن يكون المخاطب هنا هو ( الحبيب ) , أيضاً . وقد كانت الجملة محفزة , كضربة البداية الأولى للرواية . والرواية بدأت بقران سردي رائع , بين ( أنا ) , ساردة ومتحكمة فيما يبدو ومنذ البداية في مجريات الأحداث كلها , وبين ( مخاطب ) , يبدو بأنه كان غائباً في البداية من إعجاب البطلة ( حنان ) به . لقد تدرجت الروائية سهير عبد الله في السرد بحرفية عالية , حتى تصير البداية في روايتها محفزة للمتابعة , وحيث أصبحت البداية في الرواية الحديثة جد مهمة لقارئ أمامه عشرات الروايات ليختار منها واحدة وذلك بدءاً من اختيار العنوان كعتبة أولى للنص . فقد عرفنا البطلة طالبة في كلية الآداب , ومتدربة في إحدى الوزارات , ومن ثم عرفنا ( ناجي ) كمشروع حب سيكون محور الرواية كلها . وقطعا سيبدأ المتصفح للرواية في قفلها , ليستعد ويتهيأ لقراءتها بطقوسه القرائية التي تتقمصه بمزاجها الخاص .
• إعلامنا وذلك الهدف المسجل دائماً في مرمانا .
حدثني خبير أجنبي غربي , كان يعمل في إحدى المنظمات الطوعية الإنسانية في بلادنا , وقبل أن تنتهي مدته ويسافر , وهو يتحدث العربية بطلاقة , ويحمل الدكتوراه في الإعلام , قال لي أن أكثر ما أضر بلادكم وشوه صورتها وظلمها وظلم وطنكم كله قبل الحكومة هو إعلامكم . وخاصة صحفكم اليومية . قلت له كيف ؟ قال لي يمكن أن أعذر الصحف التي هي معارضة للحكومة , رغم أن هنالك خطوطاً حمراء يجب أن لا تتعداها , وهي الحديث عن جيش البلاد وعن السلام الوطني . وأن لا تضخم صورة أعدائه وتقلل من شأنه أمامهم . وبلادكم أكثر البلاد مراقبة ورصدا . وهذا ما لم يحدث في التاريخ الحديث . وقال لي أنه وللأسف , فحتى الصحف الموالية للحكومة تفعل ذلك . وقد تفعله عن خطأ وجهل وهي لا تدري وتلك هي المصيبة الأعظم . قلت له أظنك تقصد تضخيم صورة الخصم وتكبيرها , قال لي وبمبالغة , فقد ضخمت صورة الراحل جون قرنق , وجعلت منه بطلاً ومفكراً ومخلصاً , حتى قبل أن يصالح الحكومة , فلا تخلو صحيفة من مانشيت عريض باسمه يومياً . وضخمت صور كل من يقاتل الحكومة وأبرزتها بالخطوط العريضة ولا تزال تفعل حتى الآن وهذا ما جعل منهم أبطالاً حتى في عيون الغرب . ومثل هذا التضخيم , يجعل حتى الشخص العادي يحلم بحكم أفريقيا كلها وليس السودان وحده . وصحفكم هي الصحف الوحيدة في العالم التي تتصدر الأسماء فيها وبمبالغة العناوين الرئيسية للصحف . وبقدر ما يضخم التكرار البعض فإنه قد يحرق أيضاً بدون أن ندري ذلك . أما الطامة الكبرى كما قال لي فإن إعلامكم قد ضخّم صورة أميركا في بلادكم أكثر من اللازم , وللأسف لم تتنبه الحكومة عندكم لذلك , فكل تصريح لمسئول أميركيي حتى ولو كان دبلوماسيا عادياً في السفارة الأمريكية إلا ويتصدر عناوين صحفكم الرئيسية , وغالبا ما يكون هجوما ووعيدا ولا يحدث هذا في بلد إلا في بلادكم . ولقد استمرؤوا ذلك ووجدوا فيه لذة كبيرة حتى أن بعض دولنا الغربية غارت من ذلك وأصبحت تتوعد وتتدخل وتهدد أيضاً وكل هذا يرجع الفضل فيه لصحفكم وإعلامكم . ولا يمكن لوطني في العالم مهما كانت درجة عداوته للنظام في بلده أن يستعدي عليها دولة أخرى . وكان بتوجيه بسيط من وزارة الإعلام للصحف أن لا تفعل ذلك , منذ عشرين عاماً وهو لا يزال مستمراً حتى الآن , وخطورة ذلك على أجيالكم القادمة هو أن تتربى علي الخوف والخلاص علي يد الدول الكبرى , وأحسب أن أجيالكم قد تربت علي ذلك . تربت علي كلمات العقوبات الاقتصادية , والبند السابع , ومشروع العقوبات , وحفظت أسماء الذين يقاتلون الحكومة , وأن البندقية هي التي ستعطيك حقك ونصيبك من الغنائم والحقائب الوزارية ,وأن الخلاص والحل دائماً ليس بيدكم , وإنما بيد الآخر الغريب . قلت له , يمكن أن نقول بأن الحكومة لا وجيع ولا ناصر إعلامي لها , قال لي لوطنكم كله فقد توجهت سهام الإعلام ضد الوطن والمواطن لأن الحكومات زائلة , فإذا تشوهت الصورة فيبقى من الصعب تحسينها وتعديلها .
• نبضات مغتربة قصة قصيرة
حمد بن راشد بن راشد ( عُمان ) .
يبحلق ببلاهة , متفرساً تلك الوجوه الواجمة , المصقولة المحلوقة بعناية – وحده الآن في قطار الليل الرتيب – بقايا أوراق خريفية ميتة تحيط بموكب ذلك القطار الهادر .. حركة القطار تتناغم ودقات قلبه المضطربة .. يجتر هموماً كبعير شره .. بغتة – يكش – حشرة فضولية قطعت حبل صمته وهناك بصيص نجم يتراقص كلما سنحت لع غيوم ملبدة . نسمات باردة رطبة تهب معلنة انخفاض حرارة جو أوربي قاتم ورائحة عبقة مصدرها احتراق قهوة حبشية في قمرة مجاورة . تجتاحه فيالق الحنين إلي وطنه .. يتابعه مشوار قلق مبهم .. لقد توغل في مجاهل الغربة بأوامر من عقول تميل حيث تميل الأهواء .. وتبيع العهود كما تباع تميل الجبنة القديمة . يحاول اقتناء أحلام اليقظة بأحلام الرجوع .. لكنه يترقب نتائج اليانصيب أكثر من نتائج ( تنبيت النخل ) .. صهر كل نبضة وأعاد تشكيل خلاياه ليتأقلم وهذه الديار , إلا أن قارب نجاته تائه في خضم بحر متلاطم . يتسول السعادة في أروقة ( الريالبوليتيك ) .. استبدل بطاقته الصدئية , بوريقات ملونة تحاكي أوراقاً مدموغة تثبت دخول قطط سيامية مستوردة . أية موجه هادرة حملته إلي هذا الثرى الغريب ؟؟ وهل يحتضر الإرهاق والوهن الذي تكابده أحلامه الغارقة في الهلوسة والكلام المباح ؟؟ هل سيشهد انطفاء شمعة فرحة بعيداً عن مضارب ( خثعم ) وغطفان ؟! . القطار مستمر في عويله , وباعة الكعك والشاي يلوحون بأيديهم المتلهفة لنقود معدودة تمارس لعبتها في اللف والدوران لتستقر أخيراً في كنف بخيل حريص مثل( شايلوك ) .
صاحبنا يحلق بشجن متلهفاً لاصطياد شذرات من طفولته .
اللعب بالوحل المخضب .. مطاردة مجانين القرية .. الأزقة الضيقة الملتوية .. المطر القادم في غير موعده .. الأطفال العائدون من ثكنات مدارسهم .. يتغلغل في ثنايا أحلامه كمتاهة فيلم هندي طويل
ساعة يده القلقة تعلن نهاية مطاف قطاره المنهك .. ليصبح مجرد رقم مبتور في حاسوب بنك مفلس وجملة غير مفيدة في ملفات دائرة الهجرة .
&:- القصة تكتب آلام الغربة ولوعتها . وهي مكثفة بطريقة أفادت الفكرة أكثر من التطويل الذي كان سيخل بها . فالراوي يتداعى بلغة استرجاعية سلسة . مستدعياَ ذاكرته الطفولية والمكانية . فهو يحاول اقتناء أحلام اليقظة بأحلام الرجوع . فهو ليس له ما يحلم به وهو يقظان , غير أن يحلم بالرجوع . والشخصية تائهة بين مكان هي فيه ولم تتأقلم به , ومكان كانت فيه وهي الآن خارجة عنه بإرادة الآخرين . وهي قمة الصراع النفسي الذي جسده النص ببراعة سردية وبتيار وعي قوي . فهو استرجع , واستدعى , واستنفر كل الحواس والذاكرة في نص قصير ولكنه يساوى رواية كاملة . فهي قصة سياقية تحركها المقارنة بين مكانين مختلفين ,وليس الانطباع الوقتي والخاطرة العابرة .
• مؤتمر أدب الأطفال لجزر المحيط الهندي في جزيرة سيشل .
في الشهر الماضي , وفي جزيرة سيشل الساحرة , قام مؤتمر أدب الأطفال . لكتاب مدغشقر , وسيشل , والرينيون , وموريشص , وجزر المايوت . وهذه الدول تعتبر من الدول الفرانكفونية , رغم أن بعضها يكتب بلغة ( الكريول ) , وقد كانت أهم الأوراق التي قدمت , تلك التي قامت بتعريف أدب الأطفال . وكتاب أدب الأطفال في كل العالم , هم من لهم علاقة بالسرد عامة مثل القصة والرواية. وقد أجمعت الأوراق المقدمة بأن القصة التي تكتب للطفل , يجب أن تكون أقرب للأسطورة الحية , لأن الطفل لا يحب أن تحكي له الواقع الحي الذي يحيا ويعيش فيه . وهذه الأسطورة يجب أن تتنزل إلي واقعه وبلغة يجب أن يفهمها . وحتى استنطاق الحيوان والذي عادة ما يكون داخلا في أغلب قصص الأطفال , فيجب أن يكون الرابط الذي يربط بين الحيوان والإنسان , والأشياء ربطاً منطقياً مقنعاً لعقلية الطفل . ومن أهم ما أوصى به هذا المؤتمر , أن قصص وحكايات الأطفال , يجب أن لا تكون كتابات مدرسية وأن تبتعد عن توجيه السؤال , لأن الطفل في هذه السن يحب أن يكون ما يقدّم إليه جاهزاً . فهي للمتعة الذهنية , ويجب أن تكون خالية من الرمزية والغموض . وفي تعريف أدب الأطفال , في القواميس الحديثة فهو : خيال محكي بتقنية اللغة الواقعية . وحتى تاريخ الوطن يجب أن نحكيه له حكاية , وبطريقة مبسطة . وقد أوصت بعض الأوراق , أن تكون الكتابة للأطفال أخلاقية بدون أن تكون وعظية . وأن تبتعد عن زراعة العنف والشر في نفوس الأطفال . ولذلك يجب أن ينتصر الخير دائماً في نفوس الأطفال . وأن تكون النهاية هي لحظة تنوير أخلاقي للطفل . وهذا التنوير يجب أن يكون عماده , الأسرة , والكبار , واحترام الآخر . ومن أهم معايير الكتابة للطفل , هي أن يكون المكان مفتوحاً , وليس مغلقاً , كالغابة والصحراء والفضاء الخارجي . والحيوان يجب أن يكون معروفاً لدى الطفل , وليس غابياً متوحشاً . فيمكن أن ننسبه إليه فيكون واحداً من أفراد أسرته التي يعرفه ويتعايش معه . فالإنسانية يجب أن تكون موطن الحكاية للطفل . ومن وصايا هذا المؤتمر , أن نجعل الطفل في القصص , يحس بقوة الطبيعة من حوله , حتى يتفتح خياله , وينمو وعيه ويحس بالقوة الخالقة المتمثلة في السماء والسحاب والبحر والرياح . ويجب أن لا نجعله يخاف منها , وإنما أن يحترمها كقوة أكبر منا جميعاً . ومن أهم مبادئ الكتابة للأطفال , هو أن لا تكون الغاية فيها إضحاك الطفل , وإنما تقديم وجبات تربوية في غالب ممتع وشهي . ويجب أن تكون خيالاً مدجناً يخضع للواقع , فيها بعض الخوف و واللعب , والضحك , وأن نستدعى فيها قيم الحياة التي يجب أن نزرعها برفق وعناية في نفوس الأطفال .
• الصمت في داخلنا للشاعرة التونسية ( أمينة سعيد ) .
نحن . . يا من في حافة العالم .
كالمعلقين في اللاشيء .
هل سيكون هنالك شعر مكتوباً على
جناح عصفور .
أو على ذيل نجمة في الفضاء البعيد ؟
لكي نفترض خلاصاً .. وحرية .
فأنت في بلاد الظلمات ,
وأنا هنا لا أرى الشمس .
فأغنية الغيب , غزت سمائي .
كضائع بين عالمين ,
كملاك يضحك حيناً , ويبكى آخر .
أكثر من لا شيء , فإن الليل ,
مسكون بالبشر .
واليوم يتمدد في اللا نهاية .
كرفرفة طائر لا مرئي .
يمر كحلم سريع , علي . .
خط الأفق الوهمي .
أكثر من اللا شيء , ينكشف العمق .
ولغة الصمت المهول ,
هي كل ما تبقى لنا ..
والحياة تلعب بنا لعبة المغامرة ,
بالرهان علي وجهي العملة ,
لعبتها الزائلة ,
والتي لا تخطئك أبداً ,
منذ البدء , كنت أنتظر ,
في بحر الظلمة والصمت ,
أنتظر ...
حجراً , يدوي في الصدى ,
كي أنا وأنت , نتقاسم سوياً ,
البصيص الذي سيقودنا,
في العتمة .
(( من ترجماتي عن الفرنسية )) .
• وقفات , ونقد , وملاحظات .
& : يوم الخميس الماضي مرت ذكري وفاة العلامة عبد الله الطيب وكانت احتفالا وتقديراً لما قدم لخدمة الأدب واللغة العربية , فقد كان الاحتفال في قاعة الشارقة يليق فعلاً بمقام الرجل , فقد كان الحضور بهياً يمثل كل المقامات الأدبية في السودان , فالرجل كان قامة وهامة تشرف الوطن وإلي الأبد بما قدم للعربية والأدب . ويكفي أن المرشد لفهم أشعار العرب يعتبر من أقيم الكتب النقدية في تاريخ الأدب العربي الحديث .
& : في مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي قدمت يوم الاثنين الماضي , جلسة نقدية تدشينية , لديوان الشاعر عبد الله جلاب , الجديد , ( وتأتي السماء راجلة ) , وهي أشعر كتبت بعد توقف عن كتابة الشعر دام طويلاً , نتيجة للغربة والانصراف للدراسات الأكاديمية . ويعتبر عبد الله جلاب من شعراء السبعينات في السودان وهو جيل له ميزاته وسماته الشعرية الخاصة حتى في العالم العربي كله . فهو رغم أنه جيل كتب بتقنية التفعيلة , ولكن لكل شاعر سماته الفردية الخاصة .
& : يحكي لي أحد الروائيين من الشباب الجدد , أنه زار ملحقنا الثقافي في إحدى سفاراتنا العربية ليدله عن أسماء الكتاب والنقاد في البلد , وعن إمكانية تنظيم ليلة ثقافية لعمله الجديد , وعن إمكانية التحدث فيها , وقد أحبط الروائي الشاب أولاً , لأن الملحق لم يرحب به , وثانياً لأن الكاتب الشاب قد اكتشف بأن سعادته لا علاقة له بالرواية ولا بالكتابة ولا يعرف أي واحداً من أهل الثقافة في البلد الذي يعمل فيه , ونحن علي البعد نحفظ أسمائهم , وتألمت وقارنت ذلك بالمراكز الثقافية الغربية وملحقيها الثقافيين الذين يعرفون ثقافتنا أكث من الكثيرين منا , والذين يحتفون بكتابنا ويدشنون أعمالهم وكتبهم . وآخرهم الكاتبة الشابة ( صباح سنهوري ) في المركز الثقافي الفرنسي . مشكلة أن تخضع مثل هذه المناصب الحساسة والتى تحتاج لمثقفين موسوعيين وحداثويين , وقوميين , يؤمنون بالتعدد الثقافي السوداني , أن تخضع لأصحاب الولاء السياسي فقط وهم هنالك ستنكشف بضاعتهم , وهذا ما يضر الثقافة السودانية .
& : كنت مدعوا في مؤتمر وزراء الثقافة الإقليميين الأخير , والذي استضافته ولاية الخرطوم . وقد أعجبتني المشاريع الثقافية التي قدمها , وزراء الثقافة في الأقاليم وهي مشاريع طموحة تحتاج فعلا للمال والدعم القومي لأن الثقافة هي ستوحد هذا البلد , وقد سررت جدا ً , بوعي وثقافة وبلاغة خطاب وزير الثقافة , الطيب حسن بدوي , ووزير الدولة للثقافة الأستاذ تيراب , والبعض قد تخوف من أن تكون وزارة الثقافة ضحية للترضيات السياسية , ولكن عندما استمعت للوزير , وما يحمله من أفكار بدأت أطمئن , لأن وزير الثقافة ليس بالضرورة أن يكون كاتباً معروفاً , فالكاتب غالباً ما يكون , إدارياً فاشلا , ويكفي أن يحمل الوزير أفكاراً ومشاريع ثقافية قابلة للتنفيذ , وأن يستشير أهل الفن والثقافة من خارج طاقمه الوظيفي , وأحسبه سيفعل ذلك .
& : يحق لي أن أشكر كل قبيلة الكتاب والمثقفين وأهل الصحافة الذي قاموا بالتعزية في وفاة الوالد يرحمه الله , بالزيارة أو الهاتف , وأشكر صحيفة ألوان والأستاذ فتح الرحمن النحاس الذين نشروا التعزية في إحدى صفحاتها , وليرحم الله موتانا جميعاً .
هل تنسى الروح وسط ذكريات الجسد . . . ؟ة < حنين > للروائية السورية سهير عبد الله
هل تنسى الروح وسط ذكريات الجسد . . . ؟
الروح هي المحرك الأساسي لحياتنا اليومية , هي النبض الذي يحركنا جسداً وكيان . . . !! التقينا . . كان لقاءً عابراً وغير عادي بين زحمة الموظفين بالوزارة حيث كنت أعمل وأنا بسنواتي الجامعية الأولى بكلية الآداب وأنت . . لا أعرف عنك أي معلومة . لم أشاهدك من قبل ألا قرب مكتب السكرتارية بيدك مجموعة أوراق اصطدمنا ببعض وصدمتني المفاجأة حين تناثرت الأوراق التي كنت أحملها , لتقع على الأرض وتقع معها رائحة عطرك , لتمتزج برائحة عطري , فلم أعد أميز الرائحة التي عبقت بيننا وشدت نظراتنا ليرى كل منا الآخر . . توقفت يدانا وهي تلملم تلك الأوراق المبعثرة , هنا وهناك . ونظراتنا لا زالت تبحث عن شيء وقع منا وأصبح بيننا لا ندري ما هو ؟
أخذنا نعتذر بصوت لا يكاد يسمعه أحد سوانا , أخذت أوراقي متابعة ما جئت من لأجله . . . !! وأنت تلملم أوراقك , وأخذت طريقك عائداً من حيث أتيت لم أكن أعلم أنك تعمل بالمجال الاقتصادي , وتتابع أوراق تعيينك , هذا ما عرفته من زميلتي الموظفة ( دعاء ) , في مكتب السكرتارية , حيث وقفت تضحك مني عندما رأتني مرتبكة والأوراق بيدي , استقبلتني قائلة : حنان ألم تعرفينه ؟ أليس شاباً ظريفاً ؟؟ لم تترك لي مجال للرد , تابعت. . إنه ( ناجي ) , خريج تجارة واقتصاد , يتابع أوراق تعيينه بعد انتهائه من الخدمة الإلزامية ما أظرفه من لقاء .
& : الرواية بدأت بمدخل جيد , فيه سؤال فلسفي , لعل الكاتبة تريد أن تكشف ما بداخل خطابها الروائي . وهذا المدخل مهم رغم أن البعض يعتبره تدخلاً مباشراً من الكاتب , ولكن هذه الجملة التي جاءت بصيغة السؤال , تدخل ضمن الأنا الساردة , أو الراوية . ويمكن أن يكون المخاطب هنا هو ( الحبيب ) , أيضاً . وقد كانت الجملة محفزة , كضربة البداية الأولى للرواية . والرواية بدأت بقران سردي رائع , بين ( أنا ) , ساردة ومتحكمة فيما يبدو ومنذ البداية في مجريات الأحداث كلها , وبين ( مخاطب ) , يبدو بأنه كان غائباً في البداية من إعجاب البطلة ( حنان ) به . لقد تدرجت الروائية سهير عبد الله في السرد بحرفية عالية , حتى تصير البداية في روايتها محفزة للمتابعة , وحيث أصبحت البداية في الرواية الحديثة جد مهمة لقارئ أمامه عشرات الروايات ليختار منها واحدة وذلك بدءاً من اختيار العنوان كعتبة أولى للنص . فقد عرفنا البطلة طالبة في كلية الآداب , ومتدربة في إحدى الوزارات , ومن ثم عرفنا ( ناجي ) كمشروع حب سيكون محور الرواية كلها . وقطعا سيبدأ المتصفح للرواية في قفلها , ليستعد ويتهيأ لقراءتها بطقوسه القرائية التي تتقمصه بمزاجها الخاص .
• إعلامنا وذلك الهدف المسجل دائماً في مرمانا .
حدثني خبير أجنبي غربي , كان يعمل في إحدى المنظمات الطوعية الإنسانية في بلادنا , وقبل أن تنتهي مدته ويسافر , وهو يتحدث العربية بطلاقة , ويحمل الدكتوراه في الإعلام , قال لي أن أكثر ما أضر بلادكم وشوه صورتها وظلمها وظلم وطنكم كله قبل الحكومة هو إعلامكم . وخاصة صحفكم اليومية . قلت له كيف ؟ قال لي يمكن أن أعذر الصحف التي هي معارضة للحكومة , رغم أن هنالك خطوطاً حمراء يجب أن لا تتعداها , وهي الحديث عن جيش البلاد وعن السلام الوطني . وأن لا تضخم صورة أعدائه وتقلل من شأنه أمامهم . وبلادكم أكثر البلاد مراقبة ورصدا . وهذا ما لم يحدث في التاريخ الحديث . وقال لي أنه وللأسف , فحتى الصحف الموالية للحكومة تفعل ذلك . وقد تفعله عن خطأ وجهل وهي لا تدري وتلك هي المصيبة الأعظم . قلت له أظنك تقصد تضخيم صورة الخصم وتكبيرها , قال لي وبمبالغة , فقد ضخمت صورة الراحل جون قرنق , وجعلت منه بطلاً ومفكراً ومخلصاً , حتى قبل أن يصالح الحكومة , فلا تخلو صحيفة من مانشيت عريض باسمه يومياً . وضخمت صور كل من يقاتل الحكومة وأبرزتها بالخطوط العريضة ولا تزال تفعل حتى الآن وهذا ما جعل منهم أبطالاً حتى في عيون الغرب . ومثل هذا التضخيم , يجعل حتى الشخص العادي يحلم بحكم أفريقيا كلها وليس السودان وحده . وصحفكم هي الصحف الوحيدة في العالم التي تتصدر الأسماء فيها وبمبالغة العناوين الرئيسية للصحف . وبقدر ما يضخم التكرار البعض فإنه قد يحرق أيضاً بدون أن ندري ذلك . أما الطامة الكبرى كما قال لي فإن إعلامكم قد ضخّم صورة أميركا في بلادكم أكثر من اللازم , وللأسف لم تتنبه الحكومة عندكم لذلك , فكل تصريح لمسئول أميركيي حتى ولو كان دبلوماسيا عادياً في السفارة الأمريكية إلا ويتصدر عناوين صحفكم الرئيسية , وغالبا ما يكون هجوما ووعيدا ولا يحدث هذا في بلد إلا في بلادكم . ولقد استمرؤوا ذلك ووجدوا فيه لذة كبيرة حتى أن بعض دولنا الغربية غارت من ذلك وأصبحت تتوعد وتتدخل وتهدد أيضاً وكل هذا يرجع الفضل فيه لصحفكم وإعلامكم . ولا يمكن لوطني في العالم مهما كانت درجة عداوته للنظام في بلده أن يستعدي عليها دولة أخرى . وكان بتوجيه بسيط من وزارة الإعلام للصحف أن لا تفعل ذلك , منذ عشرين عاماً وهو لا يزال مستمراً حتى الآن , وخطورة ذلك على أجيالكم القادمة هو أن تتربى علي الخوف والخلاص علي يد الدول الكبرى , وأحسب أن أجيالكم قد تربت علي ذلك . تربت علي كلمات العقوبات الاقتصادية , والبند السابع , ومشروع العقوبات , وحفظت أسماء الذين يقاتلون الحكومة , وأن البندقية هي التي ستعطيك حقك ونصيبك من الغنائم والحقائب الوزارية ,وأن الخلاص والحل دائماً ليس بيدكم , وإنما بيد الآخر الغريب . قلت له , يمكن أن نقول بأن الحكومة لا وجيع ولا ناصر إعلامي لها , قال لي لوطنكم كله فقد توجهت سهام الإعلام ضد الوطن والمواطن لأن الحكومات زائلة , فإذا تشوهت الصورة فيبقى من الصعب تحسينها وتعديلها .
• نبضات مغتربة قصة قصيرة
حمد بن راشد بن راشد ( عُمان ) .
يبحلق ببلاهة , متفرساً تلك الوجوه الواجمة , المصقولة المحلوقة بعناية – وحده الآن في قطار الليل الرتيب – بقايا أوراق خريفية ميتة تحيط بموكب ذلك القطار الهادر .. حركة القطار تتناغم ودقات قلبه المضطربة .. يجتر هموماً كبعير شره .. بغتة – يكش – حشرة فضولية قطعت حبل صمته وهناك بصيص نجم يتراقص كلما سنحت لع غيوم ملبدة . نسمات باردة رطبة تهب معلنة انخفاض حرارة جو أوربي قاتم ورائحة عبقة مصدرها احتراق قهوة حبشية في قمرة مجاورة . تجتاحه فيالق الحنين إلي وطنه .. يتابعه مشوار قلق مبهم .. لقد توغل في مجاهل الغربة بأوامر من عقول تميل حيث تميل الأهواء .. وتبيع العهود كما تباع تميل الجبنة القديمة . يحاول اقتناء أحلام اليقظة بأحلام الرجوع .. لكنه يترقب نتائج اليانصيب أكثر من نتائج ( تنبيت النخل ) .. صهر كل نبضة وأعاد تشكيل خلاياه ليتأقلم وهذه الديار , إلا أن قارب نجاته تائه في خضم بحر متلاطم . يتسول السعادة في أروقة ( الريالبوليتيك ) .. استبدل بطاقته الصدئية , بوريقات ملونة تحاكي أوراقاً مدموغة تثبت دخول قطط سيامية مستوردة . أية موجه هادرة حملته إلي هذا الثرى الغريب ؟؟ وهل يحتضر الإرهاق والوهن الذي تكابده أحلامه الغارقة في الهلوسة والكلام المباح ؟؟ هل سيشهد انطفاء شمعة فرحة بعيداً عن مضارب ( خثعم ) وغطفان ؟! . القطار مستمر في عويله , وباعة الكعك والشاي يلوحون بأيديهم المتلهفة لنقود معدودة تمارس لعبتها في اللف والدوران لتستقر أخيراً في كنف بخيل حريص مثل( شايلوك ) .
صاحبنا يحلق بشجن متلهفاً لاصطياد شذرات من طفولته .
اللعب بالوحل المخضب .. مطاردة مجانين القرية .. الأزقة الضيقة الملتوية .. المطر القادم في غير موعده .. الأطفال العائدون من ثكنات مدارسهم .. يتغلغل في ثنايا أحلامه كمتاهة فيلم هندي طويل
ساعة يده القلقة تعلن نهاية مطاف قطاره المنهك .. ليصبح مجرد رقم مبتور في حاسوب بنك مفلس وجملة غير مفيدة في ملفات دائرة الهجرة .
&:- القصة تكتب آلام الغربة ولوعتها . وهي مكثفة بطريقة أفادت الفكرة أكثر من التطويل الذي كان سيخل بها . فالراوي يتداعى بلغة استرجاعية سلسة . مستدعياَ ذاكرته الطفولية والمكانية . فهو يحاول اقتناء أحلام اليقظة بأحلام الرجوع . فهو ليس له ما يحلم به وهو يقظان , غير أن يحلم بالرجوع . والشخصية تائهة بين مكان هي فيه ولم تتأقلم به , ومكان كانت فيه وهي الآن خارجة عنه بإرادة الآخرين . وهي قمة الصراع النفسي الذي جسده النص ببراعة سردية وبتيار وعي قوي . فهو استرجع , واستدعى , واستنفر كل الحواس والذاكرة في نص قصير ولكنه يساوى رواية كاملة . فهي قصة سياقية تحركها المقارنة بين مكانين مختلفين ,وليس الانطباع الوقتي والخاطرة العابرة .
• مؤتمر أدب الأطفال لجزر المحيط الهندي في جزيرة سيشل .
في الشهر الماضي , وفي جزيرة سيشل الساحرة , قام مؤتمر أدب الأطفال . لكتاب مدغشقر , وسيشل , والرينيون , وموريشص , وجزر المايوت . وهذه الدول تعتبر من الدول الفرانكفونية , رغم أن بعضها يكتب بلغة ( الكريول ) , وقد كانت أهم الأوراق التي قدمت , تلك التي قامت بتعريف أدب الأطفال . وكتاب أدب الأطفال في كل العالم , هم من لهم علاقة بالسرد عامة مثل القصة والرواية. وقد أجمعت الأوراق المقدمة بأن القصة التي تكتب للطفل , يجب أن تكون أقرب للأسطورة الحية , لأن الطفل لا يحب أن تحكي له الواقع الحي الذي يحيا ويعيش فيه . وهذه الأسطورة يجب أن تتنزل إلي واقعه وبلغة يجب أن يفهمها . وحتى استنطاق الحيوان والذي عادة ما يكون داخلا في أغلب قصص الأطفال , فيجب أن يكون الرابط الذي يربط بين الحيوان والإنسان , والأشياء ربطاً منطقياً مقنعاً لعقلية الطفل . ومن أهم ما أوصى به هذا المؤتمر , أن قصص وحكايات الأطفال , يجب أن لا تكون كتابات مدرسية وأن تبتعد عن توجيه السؤال , لأن الطفل في هذه السن يحب أن يكون ما يقدّم إليه جاهزاً . فهي للمتعة الذهنية , ويجب أن تكون خالية من الرمزية والغموض . وفي تعريف أدب الأطفال , في القواميس الحديثة فهو : خيال محكي بتقنية اللغة الواقعية . وحتى تاريخ الوطن يجب أن نحكيه له حكاية , وبطريقة مبسطة . وقد أوصت بعض الأوراق , أن تكون الكتابة للأطفال أخلاقية بدون أن تكون وعظية . وأن تبتعد عن زراعة العنف والشر في نفوس الأطفال . ولذلك يجب أن ينتصر الخير دائماً في نفوس الأطفال . وأن تكون النهاية هي لحظة تنوير أخلاقي للطفل . وهذا التنوير يجب أن يكون عماده , الأسرة , والكبار , واحترام الآخر . ومن أهم معايير الكتابة للطفل , هي أن يكون المكان مفتوحاً , وليس مغلقاً , كالغابة والصحراء والفضاء الخارجي . والحيوان يجب أن يكون معروفاً لدى الطفل , وليس غابياً متوحشاً . فيمكن أن ننسبه إليه فيكون واحداً من أفراد أسرته التي يعرفه ويتعايش معه . فالإنسانية يجب أن تكون موطن الحكاية للطفل . ومن وصايا هذا المؤتمر , أن نجعل الطفل في القصص , يحس بقوة الطبيعة من حوله , حتى يتفتح خياله , وينمو وعيه ويحس بالقوة الخالقة المتمثلة في السماء والسحاب والبحر والرياح . ويجب أن لا نجعله يخاف منها , وإنما أن يحترمها كقوة أكبر منا جميعاً . ومن أهم مبادئ الكتابة للأطفال , هو أن لا تكون الغاية فيها إضحاك الطفل , وإنما تقديم وجبات تربوية في غالب ممتع وشهي . ويجب أن تكون خيالاً مدجناً يخضع للواقع , فيها بعض الخوف و واللعب , والضحك , وأن نستدعى فيها قيم الحياة التي يجب أن نزرعها برفق وعناية في نفوس الأطفال .
• الصمت في داخلنا للشاعرة التونسية ( أمينة سعيد ) .
نحن . . يا من في حافة العالم .
كالمعلقين في اللاشيء .
هل سيكون هنالك شعر مكتوباً على
جناح عصفور .
أو على ذيل نجمة في الفضاء البعيد ؟
لكي نفترض خلاصاً .. وحرية .
فأنت في بلاد الظلمات ,
وأنا هنا لا أرى الشمس .
فأغنية الغيب , غزت سمائي .
كضائع بين عالمين ,
كملاك يضحك حيناً , ويبكى آخر .
أكثر من لا شيء , فإن الليل ,
مسكون بالبشر .
واليوم يتمدد في اللا نهاية .
كرفرفة طائر لا مرئي .
يمر كحلم سريع , علي . .
خط الأفق الوهمي .
أكثر من اللا شيء , ينكشف العمق .
ولغة الصمت المهول ,
هي كل ما تبقى لنا ..
والحياة تلعب بنا لعبة المغامرة ,
بالرهان علي وجهي العملة ,
لعبتها الزائلة ,
والتي لا تخطئك أبداً ,
منذ البدء , كنت أنتظر ,
في بحر الظلمة والصمت ,
أنتظر ...
حجراً , يدوي في الصدى ,
كي أنا وأنت , نتقاسم سوياً ,
البصيص الذي سيقودنا,
في العتمة .
(( من ترجماتي عن الفرنسية )) .
• وقفات , ونقد , وملاحظات .
& : يوم الخميس الماضي مرت ذكري وفاة العلامة عبد الله الطيب وكانت احتفالا وتقديراً لما قدم لخدمة الأدب واللغة العربية , فقد كان الاحتفال في قاعة الشارقة يليق فعلاً بمقام الرجل , فقد كان الحضور بهياً يمثل كل المقامات الأدبية في السودان , فالرجل كان قامة وهامة تشرف الوطن وإلي الأبد بما قدم للعربية والأدب . ويكفي أن المرشد لفهم أشعار العرب يعتبر من أقيم الكتب النقدية في تاريخ الأدب العربي الحديث .
& : في مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي قدمت يوم الاثنين الماضي , جلسة نقدية تدشينية , لديوان الشاعر عبد الله جلاب , الجديد , ( وتأتي السماء راجلة ) , وهي أشعر كتبت بعد توقف عن كتابة الشعر دام طويلاً , نتيجة للغربة والانصراف للدراسات الأكاديمية . ويعتبر عبد الله جلاب من شعراء السبعينات في السودان وهو جيل له ميزاته وسماته الشعرية الخاصة حتى في العالم العربي كله . فهو رغم أنه جيل كتب بتقنية التفعيلة , ولكن لكل شاعر سماته الفردية الخاصة .
& : يحكي لي أحد الروائيين من الشباب الجدد , أنه زار ملحقنا الثقافي في إحدى سفاراتنا العربية ليدله عن أسماء الكتاب والنقاد في البلد , وعن إمكانية تنظيم ليلة ثقافية لعمله الجديد , وعن إمكانية التحدث فيها , وقد أحبط الروائي الشاب أولاً , لأن الملحق لم يرحب به , وثانياً لأن الكاتب الشاب قد اكتشف بأن سعادته لا علاقة له بالرواية ولا بالكتابة ولا يعرف أي واحداً من أهل الثقافة في البلد الذي يعمل فيه , ونحن علي البعد نحفظ أسمائهم , وتألمت وقارنت ذلك بالمراكز الثقافية الغربية وملحقيها الثقافيين الذين يعرفون ثقافتنا أكث من الكثيرين منا , والذين يحتفون بكتابنا ويدشنون أعمالهم وكتبهم . وآخرهم الكاتبة الشابة ( صباح سنهوري ) في المركز الثقافي الفرنسي . مشكلة أن تخضع مثل هذه المناصب الحساسة والتى تحتاج لمثقفين موسوعيين وحداثويين , وقوميين , يؤمنون بالتعدد الثقافي السوداني , أن تخضع لأصحاب الولاء السياسي فقط وهم هنالك ستنكشف بضاعتهم , وهذا ما يضر الثقافة السودانية .
& : كنت مدعوا في مؤتمر وزراء الثقافة الإقليميين الأخير , والذي استضافته ولاية الخرطوم . وقد أعجبتني المشاريع الثقافية التي قدمها , وزراء الثقافة في الأقاليم وهي مشاريع طموحة تحتاج فعلا للمال والدعم القومي لأن الثقافة هي ستوحد هذا البلد , وقد سررت جدا ً , بوعي وثقافة وبلاغة خطاب وزير الثقافة , الطيب حسن بدوي , ووزير الدولة للثقافة الأستاذ تيراب , والبعض قد تخوف من أن تكون وزارة الثقافة ضحية للترضيات السياسية , ولكن عندما استمعت للوزير , وما يحمله من أفكار بدأت أطمئن , لأن وزير الثقافة ليس بالضرورة أن يكون كاتباً معروفاً , فالكاتب غالباً ما يكون , إدارياً فاشلا , ويكفي أن يحمل الوزير أفكاراً ومشاريع ثقافية قابلة للتنفيذ , وأن يستشير أهل الفن والثقافة من خارج طاقمه الوظيفي , وأحسبه سيفعل ذلك .
& : يحق لي أن أشكر كل قبيلة الكتاب والمثقفين وأهل الصحافة الذي قاموا بالتعزية في وفاة الوالد يرحمه الله , بالزيارة أو الهاتف , وأشكر صحيفة ألوان والأستاذ فتح الرحمن النحاس الذين نشروا التعزية في إحدى صفحاتها , وليرحم الله موتانا جميعاً .
Comments
Post a Comment