الضباع
تأكل غالباً ما تصيده الوحوش «النبيلة» التي تصطاد فرائسها وتأكل منها
حاجتها من الغذاء، وتترك للضباع والحيوانات الخسيسة ما يفضل من الفريسة
«الفضلة».
احتلت «داعش»، في حالة تشبه صيد الضباع، المناطق التي ساهمت الكتائب الإسلامية و «الجيش الحر» في إخراجها من يد النظام، بخاصة في ريفي حلب وإدلب، قبل أن يستعيد «الجيش الحر» المبادرة، تسانده كتائب إسلامية أخرى، ويطرد «داعش» من قسم كبير من تلك المناطق، بينما تستمر مجاميع ميليشوية غير سورية في مساندة النظام في مناطق متعددة، وفي تحقيق تقدم ينسبه الجيش السوري (الضبع) لنفسه.
عدا هذا التشابه، لا دليل على تعاون أكيد بين «داعش» ونظام الأسد، على رغم توافر قرائن عديدة تضعهما في كفة واحدة مقابل الشعب السوري الأعزل، أما ما بين «داعش» والنظام من جهة، وحملة السلاح من مدعي الدفاع عن السوريين فشأن آخر، كونهما عدوين يمتلكان القوة، ومعيار الغلبة بينهما هو السلاح فقط.
صفة «الضبعنة» جعلتهما يتشابهان تالياً في اكتساب مزيد من الأعداء بين «رعاياهما» من الشعب السوري.
كلاهما يعمّق جراح السوريين مادياً ومعنوياً، وكلاهما ساهم ويساهم في تهجيرهم بفضل أساليبهما الناعمة والقاسية، من فرض الحجاب والنقاب عند «داعش»، إلى البراميل المتفجرة التي باتت السلاح المفضل لنظام الأسد.
ويقتسم الطرفان أسوأ أمثلة القسوة تجاه السوريين. «داعش» تعلن صراحة عن طمعها بكرسي الرسول لتعيد سيرة الحكم بـ «شريعته»، والنظام يتستر بعلمانية مغلفة بـ «ثارات الحسين»، ولا تنويع في كلا الإعلانين ما دام ما يصدر عنهما يتجه عكس ما خرج السوريون من أجله في ثورتهم.
وإذا كان لا بد من بحث أسباب تشابههما، فعلينا مراجعة قائمة قادة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، هؤلاء الذين كانوا في سجون النظام حتى بدايات حزيران (يونيو) 2011، حيث أطلق النظام سراح عدد يتراوح بين 900 و1200 إسلامي من خلفية أصولية، أو قاعدية، بعد إلغائه قانون الأحكام العرفية «استجابة» لمطالب الشعب، وتنفيذاً لنصائح أصدقائه.
لا أحد يلوم النظام في ذلك، فهو يطبق مفعول إلغاء الأحكام العرفية، وهؤلاء سجناء قدامى، ومنهم من حوكم وأطلق بالاستفادة من ربع المدة. لكن معتقلين سياسيين آخرين ما زالوا في السجون، ونقصد بهم من سجنوا قبل قيام الثورة في 15 آذار (مارس) 2011. فلماذا أطلق النظام الإسلاميين، وبصفة انتقائية، واستثنى آخرين، لو لم يكن في نفس الضبع ما في نفسه، ولماذا أطلق سراح قادة التنظيم العراقيين الذين كانوا معتقلين في العراق بين 2003 و2011، وهل يمكن ربط توقيت إطلاق المجموعتين في الدولتين، كتنسيق بين نظامي المالكي والأسد، أم أن المالكي والأسد ينفذان أوامر إمبريالية في انسجام مع معكوس نظرية المؤامرة الكونية التي أطلقها الأسد نفسه؟
ينقل كمال شيخو في موقع «قنطرة» في 8 كانون الثاني (يناير) 2014 عن المعارض دياب سرية، الذي اعتقل في سجن صيدنايا العسكري بين 2006 و2011، أنّ عدد الإسلامويين الذين أطلقهم النظام السوري خلال النصف الأول من عام 2011 بلغ قرابة 900 سجين، معظمهم كانوا على علاقة بالقتال في العراق، سواء من تنظيم «الدولة الإسلامية في بلاد الرافدين»، أو من خلال تنظيم «فتح الإسلام».
ووفق سرية، كان أبرز هؤلاء أبو محمد الجولاني قائد «جبهة نصرة أهل الشام»، الذي كان معتقلاً في فرع فلسطين لدى المخابرات العسكرية بدمشق منذ 2008، وأطلق سراحه عام 2011، وأن المطلق سراحهم شكلوا النواة الأولى والخلايا الأساسية للمجموعات الأصولية المتطرفة الأساسية التي تقاتل النظام الآن.
ويضيف سرية في تقرير آخر نشرت «القبس» الكويتية ملخصاً له (17/11/2013) نقلاً عن «الأوبسرفاتور» الفرنسية: «النظام السوري ليس غبياً، فقد أطلقهم ليفعلوا بالضبط ما هم يفعلون اليوم. فأبو محمد الجولاني، وأبو طه، وجميل زين المعروف بأبي الحسين، خرجوا ليشكلوا «جبهة النصرة»، بينما انتمى أبو حفيظة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. والمجموعتان متصلتان بالقاعدة، وتتحكمان بشمال سورية. أما أحمد عيسى الشيخ فيقود لواء صقور الشام، بينما يقود حسن عبود لواء أحرار الشام، ويرأس زهران علوش جيش الإسلام... وكل هؤلاء كانوا نزلاء سجون النظام».
أمام كل ذلك، لا يزال يجادل متابعون للشأن السوري، من أخوة عرب ممانعين، فضلاً عن سوريين ممانعين، أو مترددين، في أن المسألة هي الاختيار بين «داعش» والنظام، من دون أن يعلموا أنهم اختاروا «داعش» والنظام معاً.
احتلت «داعش»، في حالة تشبه صيد الضباع، المناطق التي ساهمت الكتائب الإسلامية و «الجيش الحر» في إخراجها من يد النظام، بخاصة في ريفي حلب وإدلب، قبل أن يستعيد «الجيش الحر» المبادرة، تسانده كتائب إسلامية أخرى، ويطرد «داعش» من قسم كبير من تلك المناطق، بينما تستمر مجاميع ميليشوية غير سورية في مساندة النظام في مناطق متعددة، وفي تحقيق تقدم ينسبه الجيش السوري (الضبع) لنفسه.
عدا هذا التشابه، لا دليل على تعاون أكيد بين «داعش» ونظام الأسد، على رغم توافر قرائن عديدة تضعهما في كفة واحدة مقابل الشعب السوري الأعزل، أما ما بين «داعش» والنظام من جهة، وحملة السلاح من مدعي الدفاع عن السوريين فشأن آخر، كونهما عدوين يمتلكان القوة، ومعيار الغلبة بينهما هو السلاح فقط.
صفة «الضبعنة» جعلتهما يتشابهان تالياً في اكتساب مزيد من الأعداء بين «رعاياهما» من الشعب السوري.
كلاهما يعمّق جراح السوريين مادياً ومعنوياً، وكلاهما ساهم ويساهم في تهجيرهم بفضل أساليبهما الناعمة والقاسية، من فرض الحجاب والنقاب عند «داعش»، إلى البراميل المتفجرة التي باتت السلاح المفضل لنظام الأسد.
ويقتسم الطرفان أسوأ أمثلة القسوة تجاه السوريين. «داعش» تعلن صراحة عن طمعها بكرسي الرسول لتعيد سيرة الحكم بـ «شريعته»، والنظام يتستر بعلمانية مغلفة بـ «ثارات الحسين»، ولا تنويع في كلا الإعلانين ما دام ما يصدر عنهما يتجه عكس ما خرج السوريون من أجله في ثورتهم.
وإذا كان لا بد من بحث أسباب تشابههما، فعلينا مراجعة قائمة قادة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، هؤلاء الذين كانوا في سجون النظام حتى بدايات حزيران (يونيو) 2011، حيث أطلق النظام سراح عدد يتراوح بين 900 و1200 إسلامي من خلفية أصولية، أو قاعدية، بعد إلغائه قانون الأحكام العرفية «استجابة» لمطالب الشعب، وتنفيذاً لنصائح أصدقائه.
لا أحد يلوم النظام في ذلك، فهو يطبق مفعول إلغاء الأحكام العرفية، وهؤلاء سجناء قدامى، ومنهم من حوكم وأطلق بالاستفادة من ربع المدة. لكن معتقلين سياسيين آخرين ما زالوا في السجون، ونقصد بهم من سجنوا قبل قيام الثورة في 15 آذار (مارس) 2011. فلماذا أطلق النظام الإسلاميين، وبصفة انتقائية، واستثنى آخرين، لو لم يكن في نفس الضبع ما في نفسه، ولماذا أطلق سراح قادة التنظيم العراقيين الذين كانوا معتقلين في العراق بين 2003 و2011، وهل يمكن ربط توقيت إطلاق المجموعتين في الدولتين، كتنسيق بين نظامي المالكي والأسد، أم أن المالكي والأسد ينفذان أوامر إمبريالية في انسجام مع معكوس نظرية المؤامرة الكونية التي أطلقها الأسد نفسه؟
ينقل كمال شيخو في موقع «قنطرة» في 8 كانون الثاني (يناير) 2014 عن المعارض دياب سرية، الذي اعتقل في سجن صيدنايا العسكري بين 2006 و2011، أنّ عدد الإسلامويين الذين أطلقهم النظام السوري خلال النصف الأول من عام 2011 بلغ قرابة 900 سجين، معظمهم كانوا على علاقة بالقتال في العراق، سواء من تنظيم «الدولة الإسلامية في بلاد الرافدين»، أو من خلال تنظيم «فتح الإسلام».
ووفق سرية، كان أبرز هؤلاء أبو محمد الجولاني قائد «جبهة نصرة أهل الشام»، الذي كان معتقلاً في فرع فلسطين لدى المخابرات العسكرية بدمشق منذ 2008، وأطلق سراحه عام 2011، وأن المطلق سراحهم شكلوا النواة الأولى والخلايا الأساسية للمجموعات الأصولية المتطرفة الأساسية التي تقاتل النظام الآن.
ويضيف سرية في تقرير آخر نشرت «القبس» الكويتية ملخصاً له (17/11/2013) نقلاً عن «الأوبسرفاتور» الفرنسية: «النظام السوري ليس غبياً، فقد أطلقهم ليفعلوا بالضبط ما هم يفعلون اليوم. فأبو محمد الجولاني، وأبو طه، وجميل زين المعروف بأبي الحسين، خرجوا ليشكلوا «جبهة النصرة»، بينما انتمى أبو حفيظة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. والمجموعتان متصلتان بالقاعدة، وتتحكمان بشمال سورية. أما أحمد عيسى الشيخ فيقود لواء صقور الشام، بينما يقود حسن عبود لواء أحرار الشام، ويرأس زهران علوش جيش الإسلام... وكل هؤلاء كانوا نزلاء سجون النظام».
أمام كل ذلك، لا يزال يجادل متابعون للشأن السوري، من أخوة عرب ممانعين، فضلاً عن سوريين ممانعين، أو مترددين، في أن المسألة هي الاختيار بين «داعش» والنظام، من دون أن يعلموا أنهم اختاروا «داعش» والنظام معاً.
Comments
Post a Comment