ضوان مرتضى -
إستشهادي يجنّب الضاحية مجزرة
قبيل منتصف الليل بدقائق، هزّ دويّ انفجار الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت. منفِّذ الهجوم انتحاري فجّر سيارة مفخّخة كان يستقلّها، قرب حاجز للجيش على مدخل جادة الشهيد هادي نصر الله من جهة مستديرة شاتيلا (المدخل الشمالي للضاحية). وعلى الفور، سقط شهيد للأمن العام وسقط نحو ١٥ جريحاً، فيما نجا مقهى «أبو عساف» القريب من مكان الانفجار من مجزرة محققة، حالت بينها وبين زبائنه، المحتشدين بالعشرات لمتابعة المونديال، أمتار قليلة.
وفي المعلومات الأولية، حاول منفّذ الهجوم الدخول بسيارته عكس وجهة السير، محاولاً تفادي حاجز الجيش الكائن على مدخل أوتوستراد الشهيد هادي نصرالله في اتجاه الشياح، قبل أن يوقفه عنصران من الأمن العام. تفاصيل تلك الدقائق التي سبقت الانفجار لا تزال غامضة، وكذلك هدف السائق الانتحاري، لكن روايات شهود عيان لـ «الأخبار» تقول إن عنصرَي الامن العام طلبا الاطلاع على الاوراق الثبوتية للسائق الذي بدا من لهجته أنه سوري، فيما ذهب العنصر الآخر، وهو علي جابر، في اتجاه حاجز الجيش، بعدما تذرّع السائق بأن مفتاح سيارته قد كُسر. وبحسب الرواية، لحظات قليلة ودوّى الانفجار. وذكّرت مصادر امنية بإفادة احد أفراد خلية إرهابية سبق أن تم توقيفه قبل نحو 4 أشهر، قال حينها للمحققين إن الجماعات التي نفذت عمليات تفجير في الضاحية كانت تخطط لتنفيذ أكثر من تفجير في منطقة الشياح، بهدف استدراج اهل المنطقة لردة فعل تؤدي إلى خلق حالة توتير مذهبي. لكن هذا الهدف لم يتحقق أمس، إذ حال الشهيد وزميله في الامن العام دون وصول السيارة إلى عمق شوارع الشياح.
حاول الإنتحاري الدخول عكس وجهة السير قبل أن يوقفه عنصران من الأمن العام
على مسافة أمتار من حاجز الجيش، اشتعلت ثلاث سيارات. كانت الأشلاء والزجاج المتطاير تملأ المكان. وكما في كل انفجار، الفوضى سيدة الموقف. لم تكن الأجهزة الأمنية قد أحكمت قبضتها على مسرح الجريمة. اجتمع عشرات الشبّان هاتفين بغضب: لبيكِ يا زينب.
عصف التفجير قذف الأشلاء المتناثرة مسافة تصل إلى أكثر من مئة متر عن موقع الانفجار. وكان بعض المواطنين المتجمهرين يلتقطون بعضها، فيما يُرشد آخرون العناصر الأمنية إليها. هنا محرّك سيارة مجهولة النوع يتولّى أحد عناصر الأمن العام تصويره. في المقلب الآخر من الشارع، يتصاعد الدخان من سيارة متفحّمة من نوع مرسيدس، طراز ١٩٠ تاريخ صنعها عام ١٩٦١ (نبيذية اللون، تُركن في المكان منذ أشهر ولا علاقة لها بالتفجير)، يقترب منها متفحّصاً خبير متفجّرات في الشرطة القضائية. بعد مرور أكثر من ساعة، توصلت الأجهزة الأمنية إلى تحديد نوع السيارة المستخدمة في الهجوم: سيارة مرسيدس بيضاء. جرى ذلك بعدما عثرت العناصر الأمنية على رقم الشاسيه وقطع من المحرّك.
إحصاء أعداد الإصابات، سواء الجرحى أو الشهداء، كان صعباً في البداية. وفيما هرعت سيارات الإسعاف إلى مسرح الجريمة لنقل المصابين إلى المستشفيات، انشغلت عناصر الأجهزة الأمنية بتحديد نوع السيارة المستخدمة في الهجوم. وبعيداً عن إفادات الشهود، كانت فرضية أن تكون السيارة المفخّخة قد جرى ركنها قبل مغادرة سائقها لا تزال قائمة قبل أن يُجزم بوجود انتحاري، قالت مصادر إمنية أنه عُثر على النصف العلوي من جثته.
أحصيت أعداد الجرحى وتناقلت وسائل الإعلام أسماءهم. بقي مفقود واحد. أحد عنصري الأمن العام المفتش ثاني عبد الكريم حدرج. شُغل أصدقاؤه بالبحث عنه في كل المستشفيات التي نُقل إليها الجرحى. وحده العنصر في الأمن العام علي جابر الذي خضع لعملية جراحية في رجله، أبلغ رؤساءه أن زميله حدرج كان معه في موقع الانفجار. لم يعثر لحدرج على أثر. حتى كتابة هذه السطور، كان زملاء حدرج في الأمن العام يقولون إنه الاستشهادي الذي افتدى الضاحية بجسده.
Comments
Post a Comment