Skip to main content

فتح بعد خمسين عاماً مراجعتان مطلوبتان


فتح بعد خمسين عاماً مراجعتان مطلوبتان

maan bashour ok55



معن بشور

من الصعب على من شاءت الظروف والأقدار أن يواكب مثلنا تجربة الثورة الفلسطينية منذ انطلاق رصاصاتها الأولى على يد ثوار “العاصفة”، الجناح العسكري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، قبل نصف قرن أن لا يقف أمام الذكرى الخمسين لانطلاقتها مستعيداً الحلو في تلك التجربة والمر، داعياً إلى مراجعتين جريئتين في آن، يقوم بإحداها مناضلو تلك الحركة التي لم تنطلق لتحرير الأرض المحتلة عام  1967 فحسب، بل لأنها ببساطة انطلقت قبل تلك الحرب المشؤومة وكان هدفها تحرير فلسطين كلها من البحر الى النهر، فيما يقوم بالمراجعة الأخرى أولئك الذين قسوا على تلك الحركة التي قدّمت معظم قادتها شهداء والتي يشكل مناضلوها غالبية شهداء النضال الفلسطيني المعاصر وجرحاه وأسراه الذين ما زالوا قابعين في سجون الاحتلال حتى الساعة….

المراجعة الأولى المطلوبة من فتح، مناضلين وكوادر وقادة، تبدأ من المقارنة بين الأهداف الأولى التي انطلقت من اجلها حركة فتح وتحولت في سنوات قليلة إلى  حركة الشعب الفلسطيني بكل تياراته ومشاربه الفكرية والسياسية، وبين سياسات أنزلقت إليها بعض قياداتها فبدا وكأن الحركة التي أطلقت في شعبها وأمتها حيوية استثنائية لا يستطيع حتى المكابر والمتحامل أن ينكرها، قد أصابها وهن وترهل وتعب وفتكت بها أمراض أصابت العديد من الأنظمة التي ما قامت (فتح) أصلاً إلاّ لتحرر قضية شعبها من أسر منطق تلك الأنظمة وذرائعها على طريق تحرير الأرض والإنسان في فلسطين.

فإقدام الفتحاويين على مثل هذه المراجعة الجريئة، يبدو اليوم ضرورياً، لا لكي تستعيد حركة الرصاصات الأولى في مسيرة الشعب الفلسطيني حيويتها وريادتها الثورية فقط، بل لكي تنتزع لفلسطين انجازات كبرى بعد كل ما حققه هذا الشعب بمقاومته العابرة لكل أنحاء الوطن المحتل المغتصب من بطولات، وما قدمه من تضحيات، وبعد أن تحولت قضية فلسطين إلى قضية تتفاعل معها شعوب العالم كلها وتضغط على برلمانات وحكومات كانت إلى وقت قريب تتجاهل الحق الفلسطيني بل تتواطؤ على إنكاره مع العدو الصهيوني وسيّده الأمريكي.

وأبجدية المراجعة المطلوبة  تقوم على استعادة التكامل العضوي بين مقاومة مسلحة وشعبية تدرك أنها تواجه عدواً لا يفهم إلاّ لغة القوة، وبين جهد سياسي وديبلوماسي يدرك إن فلسطين هي جزء من امة مستباحة بكل أنواع الشرور، وجزء من عالم كان حكامه دعامة كبرى للكيان الغاصب قبل قيامه وبعده.

فمثل هذا التكامل كان وراء الانبعاث المتجدد لكفاح الشعب الفلسطيني منذ ثورات العقود الأولى من القرن الماضي حتى انتصارات المقاومة في غزة، واشتعالها كهبّات وانتفاضات في القدس والضفة الغربية وصولاً إلى أراضي 1948 وبلدان الشتات الفلسطيني القريبة والبعيدة.

بل إن مثل هذا التكامل هو  الذي يحصن العمل الديبلوماسي والسياسي، من أن يتسبب بضياع القضية نفسها، بل من أن يقفز فوق الحقوق الثابتة والمعروفة لهذا الشعب، وبالمقابل فان هذا الجهد الديبلوماسي والسياسي هو الذي يفتح للمقاومة الباسلة، ولكل أشكال الانتفاضة، آفاقاً رحبة لترجمة انجازات الميدان إلى مكاسب سياسية على طريق التحرير واستعادة الحقوق.

أما المراجعة الأخرى  فمطلوبة من كل من قسى يوماً على حركة (فتح)، وعموم حركات المقاومة الفلسطينية، سواء كان مثقفاً أو كاتباً أو حزباً أو نظاماً، فسعى إلى شيطنة (فتح) وقادتها، كما هو الحال مع الأسلوب المعتمد في شيطنة حركات ورموز وقادة رفضوا الإذعان لاملاءات أعداء الأمة والسير في مخططاتهم ومشاريعهم.

لقد أُتهمت (فتح) منذ ولادتها، كما أُتهم قادتها ومؤسسوها بأبشع التهم، وكانت الاتهامات تتبدل مع تبدل المراحل والظروف، ولكن الهدف الدائم منها كان إيجاد المبررات والأعذار “للتحرر” من أكلاف الالتزام بالقضية الأكثر صعوبة، والأكثر عدالة، في هذا العالم.

ووصلت هذه القسوة إلى ذروتها حين كان، هؤلاء القساة، وبينهم أعتى الطغاة، ينكرون على (فتح) خصوصاً، وعلى عموم مسيرة النضال الفلسطيني، أي انجاز تحقق، وأي انتصار حصل، وهم يدركون في قرارة أنفسهم إن مسيرة خمسين عاماً من الكفاح كانت مليئة بأساطير من الصمود والمقاومة تحدّت كل الفوارق في  موازين القوى وأعادت الاعتبار لموازين الإرادات في الصراع بين الشعوب وأعدائها.

وإذا كان المجال لا يتسع هنا لتعداد هذه الانجازات منذ معركة الكرامة عام 1968، التي كانت أول ردّ على هزيمة 1967، حتى معركة الصيف الماضي على أبواب غزة، القطاع المحاصر منذ سبع سنوات، فانه يكفي أن نرى إن المقاومة الفلسطينية قد انتقلت من مقاومة عبر الحدود ( وما أدراك ما أهوال تلك المرحلة وصداماتها) إلى مقاومة داخل فلسطين نجحت في أن تتوهج وتتألق فيما الحريق يلتهم معظم الساحات العربية ، لا سيما تلك المحيطة بفلسطين.

قد يخطئ الفلسطيني، وقد أخطأت قياداته بالفعل في أكثر من محطة، لكن كل هذه الأخطاء والخطايا لم تستطع أن تحجب أبداً قدرة الشعب الفلسطيني الخارقة على الاحتفاظ براية الثورة والمقاومة عالية، ليثبت المرة تلو الأخرى انه كما قال عنه الرئيس الشهيد ياسر عرفات ” متقدم على قياداته”,

ولا أنسى هنا تعليقاً جميلاً سمعته من الصديق والمناضل الأممي النائب البريطاني جورج غالاواي، ونحن نقف معاً على أبواب مستشفى بيرسي العسكري الفرنسي لنطمئن على صحة أبي عمار في أيامه الأخيرة من تشرين الثاني/ نوفمبر 2004، وفيما المئات من كاميرات التلفزة العالمية ترابط على باب المستشفى تنتظر خبراً عن صحة القائد الفلسطيني الكبير. يومها قال غالاواي: “يكفي أبو عمار وإخوانه وشعبه أن خفقات قلبه الممتلئ بحب فلسطين أصبحت محط اهتمام العالم، بعد أن كان هذا العالم يردد مع غولدا مائير رئيسة وزراء الكيان الغاصب في ستينات القرن الماضي، ليس هناك شعب فلسطيني”,

وتذكرت هذا القول مجدداً حين أدخل شارون – قاتل ياسر عرفات – المستشفى بعد أن دخل في غيبوبة طويلة وتساءلت كم من قناة تلفزيونية أو محطة  إخبارية كانت مهتمة بمصير خليفة غولدا مائير.

في الذكرى الخمسين لانطلاقة (فتح)، نتذكر قادتها ومناضليها الشهداء وكل شهداء فلسطين، ونحيي جرحاها وكل جرحى فلسطين، ونتضامن مع أسراها وكل أسرى فلسطين، ونردد مع أطفالها ونسائها وشيوخها وكل مجاهديها: فلسطين ستنتصر… وكلما التزمت قياداتها بميثاق (فتح) التأسيسي كلما اقترب موعد النصر بإذن الله…

طائر الفينيق الفلسطيني، بل الفتحاوي، كان دوماً يخرج من الرماد بعد أن ظن كثيرون إن الحرائق المتوالية قد أجهزت عليه… وهو اليوم يخرج مرة جديدة من رماد الانقسام والتخاذل والتواطؤ حاملاً بين جناحيه علم فلسطين وفي قلبه مآذن القدس وكنائسها، ودماء غزة ودمارها، وثبات أهل الضفة وتضحياتهم، وهبّات عرب فلسطين 48 وانتفاضاتهم.

 (فتح) تستحق في عيدها الخمسين من قادتها، كما من خصومها وأعدائها، مراجعة تستأنف معها مسيرة تتحول كل يوم إلى “مفاجأة العروبة لنفسها” بل مفاجأة العالم لذاته.

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe