Skip to main content

أنظمة عربية أنتجت تطرفا.. الاردن مثالا


أنظمة عربية أنتجت تطرفا.. الاردن مثالا

khalid-ayasra.jpg-new


خالد عياصرة

بعد عودتهم من جبال تورا بورا في افغانستان، عام 1989 إلى الأردن، اثر مشاركتهم في جيش الجهاد الأميركي المرعب ذو التمويل السعودي، وبعد سقوط الإتحاد السوفيتي، استقبل عناصر التيار السلفي الجهادي الأردني  استقبال الفاتحين، سواء من قبل الدولة التي سهلت خروجهم سابقاً، أو من قبل المجتمع الذي رآى فيهم أبطالاً، تعقد عليهم الآمال والأحلام.

اعتمد النظام الأردني على ما يمكن تسميته بسياسة الإستخدام الناعم للتيار السلفي، لمواجهة التحدي الناشئ من قبل تيار الاخوان المسلمين القوى انذاك، وصاحب القاعدة الجماهرية العريضة.

 اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً لإعادة دمجهم في المجتمع، إذ اعتقد النظام بمقدرته على استخدام السلفيين لمواجهة الإخوان المسلمين شكلوا له هاجساً مقلقاً يتوجب تحديده وإن لزم الأمر منعه.

هذا السيناريو ذو الطابع الأمني البحت، جعل النظام يفتح ابوابه على مصرعيها لعناصر التيار السلفي لنشر افكاره، وفق الصيغة التكفيرية، في كفة أرجاء المملكة.

شهر عسل متفجر هذه العودة لقيت ترحيباً من قبل النظام، خصوصا وانها جاءت بعد انتهاء الأحكام العرفية في عام 1989، نتيجة هبة تشرين، واسهامها في استعادة الحالة الديمقراطية، وما رافق ذلك من العودة القوية لتيار الإسلام السياسي بقيادة الإخوان المسلمين، الذين شاركوا في الانتخابات النيابية للمجلس الحادي عشر ( 1989 – 1993 ) وفوزهم بـ 22 من أصل 80 مقعداً، وتشكيلهم لقاعدة معارضة ضاربة، تحدت خطى الحكومة ومشاريعها في تلك الفترة الخطرة..

انطلاقا من هذه الرؤية اعتمد النظام المواجهة الفكرية مع تنظيم الإخوان – وفق وصفة السادات المصرية -  فألغى قانون محاربة الشيوعية، وسمح للتيارات السلفية بالعمل بذات الوقت بحرية، خصوصاً في مدينة الزرقاء التي شكلت قاعدة انطلاق صلبة لهم..

رؤيا النظام اعتمدت السياسة النفعية في تعاطيها مع التيار السلفي، وكأنها تقول: تضربون الإخوان لدى الرأي العام، ونفتح لكم أبواب التبليغ والدعوة، فالحرب مع الإخوان أهم من التركيز على التيار السلفي وبرامجه، واولوية التخلص من الإخوان، أكثر أهمية من محاصرة السلفية الجهادية، سيما وأن الإخوان عمليا اصبحوا بعد الإنتخابات جزء من منظومة الدولة التشريعية..

مسجد السلفية الأول لإجل هذا نرى أن النظام قد تغاضى عن سيطرة السلفية الجهادية على مسجد عبد الله بن عباس عباس – رضي الله عنه – في الزرقاء تحديداً في حي معصوم، حيث نشط المقدسي شخصياً في ذات المسجد، وكان يؤدي فيه معظم صلواته، وجمع حوله الكثير من الأتباع والمؤيدين، بعدما سيطرت السلفية عليه واعتبرته قاعدة انطلاق لها، لنشر افكارها ومشاريعها، فمنه تم استقطاب الأعضاء الجدد، ومنه تم إعادة تفعيل الكوادر السلفية، ومنه تم تأسيس واطلاق جيش محمد عام 1991 ، بعدما تم أزاحة الإخوان المسلمين منه، سيما وأن المقدسي جعله منبراً سياسياً لمهاجمة الإخوان بعد مشاركتهم في انتخابات مجلس النواب الحادي عشر. .

في حينها بدا بعض الشباب يلتفون حول المقدسي منهم: عبد الرحيم السفاريني، وإبراهيم الرواشدة الذي نجح في استقطاب عدد كبير من أقاربه للفكر ذاته، هنا صار التيار السلفي بمثابة السيف الذي يحارب فيه الدولة الإخوان المسلمين. إلا ان هذا الإلتقاء بين الطرفين تحول إلى صدام دامي، فيما بعد.

خمارة اريزونا السيطرة على المسجد شكلت نقطة فارقة في حياة التيار السلفي الأردني، إلا أن الإعلان الحقيقي عن قوة التيار ووجوده، جاءت بصورة عملية إذ شهد عام 1990 حادثان نفذاهما عناصر التيار السلفي في مدينة الزرقاء، تمثلا في تفجير خمارة ” أريزونا”، مما أسفر عن مقتل منفذها أحمد رضوان الزواهرة، واعتقال خالد الهنيني، وفي العام ذاته تم تفجير سينما سلوى، بواسطة عبوة ناسفه وضعت في داخلها، دون أن تسفر عن وقوع اصابات..

 التفجيران شكلا الإنطلاقه الفعليه  للتيار السلفي الجهادي، كقوة عملية يحسب لها ألف حساب، سيما وان التفجيرين عملا على نسف شهر العسل التعاوني ما بين الدولة والتيار السلفي، قاد فيما بعد الى الصدام المباشر بين كلا الطرفين. .

هنا انتفضت الدولة وافاقت من سباتها، فالخطر المميت الذي كانت تتوجه من قبل قبل الاخوان، طرق أبوابها بيد من اوجدتهم ودعمتهم وسهلت لهم، وما كان يعتبره النظام يداً حديدية يرفعونها لمواجهة الإخوان، تحول إلى سلاح عابر للمدن والقوى والمخيمات الأردنية، يمتلك المخططات لضرب النظام واوجاعه. هنا تيقن النظام بفشل رؤيته.

 ولأن الدولة لم تكُ تمتلك لحلولاُ وقائية لمواجهته التيار السلفي، عملت على استفزازهم، ومن ثم اعتقالهم والزج بهم في غياهب سجونها، لاعتقادها أنها بذلك تمنع شرورهم، وتفشل مخططاتهم، إلا أن رياح السلفية الجهادية جرت بما لا تشتهي سفن النظام، فالنظام بخطوته هذه عمل على تشريع استمراريتهم، كما قاد إلى ترحيل مشكلتهم للمستقبل..

أساتذه وتلاميذ  عقب عودة أحمد الخلايلة الملقب بـ” ابو مصعب الزّرقاوي ” (1966 – 2006 ) إلى الأردن قادماً من افغانستان عام 1993، أتصل مباشرة بأستاذه الفكري عصام طاهر البرقاوي الملقب ” ابو محمد المقدسي ” وذلك للعمل معاً لنشر الدّعوة السلفية الجهاديّة في الأردن :” لتقيت أبا مصعب لأوَّل مرة في يشاور  بيشاور، ثم لمّا عاد من أفغانستان زارني في بيتي، يتشوق لنصرة التّوحيد والدعوة إلى الله” يقول المقدسي في لقاءه مع مجلة العصر.

 في هذا الوقت شكلت العناصر الجهادية الأردنية قوة ضاربة ومرجعية للتيارات السلفية حول العالم، سواء أكان ذلك من الجانب الفكري أم من الجانب الميداني.

فأهم قيادات التنظيم كانوا أردنيون، فمن عبد الله العزام والذي يمثل ” النواة ” إلى ابو قتادة وصولاً إلى المقدسي، منظرا التيار وليس نهاية بالزرقاوي القائد الميداني المرعب، شكل هؤلاء مرجعيات شرعية للسلفية العالمية.

الترابط العضوي بين الزرقاوي والمقدسي، أخذ طابع الإستمراريه منذ ذلك الحين إلى أن تم سجنهما معاً في سحن سواقة، عام 1996، بعد إدانتهما من قبل النظام الأردني، بتأسيس تنظيم “بيعة الإمام” 1994، والذي انطلق ايضاً من مسجد عبد الله بن عباس، بالشراكة مع عين الأشخاص الذين أسسوا جيش محمد، من مسجد عبد الله بن عباس !

عفو قاتل

خلال هذه الفترة، الممتدة من لحظة عودة العناصر الجهادية من افغانسان إلى لحظة خروجهم من المعتقالات عام 1999، أسس السلفيون عدد من التنظيمات الجهادية، أخذت تفكر وتخطط من داخل السجون، بهدف زعزعة أمن الأردن واستقراره. تلك السجون التي أعادت انتاجهم، بل وطورت أدواتهم وصقلتها، فمن السجون تم تأسيس جيش محمد 1991، النفير الإسلامي، 1992. ومن السجون ايضاً، تم تأسيس تنظيمات الأفغان الأردنيون، التجديد الاسلامي، بيعة الإمام عام 1994، تنظيم الإصلاح والتحدي 1997، تنظيم

الألفية 2000.

 جزء من التنظيمات أشرف عليها قادة التنظيم السلفي، والجزء الآخر قائم عليه تلاميذهم، وقد حقق هؤلاء بعض النتائج النوعية كان اخطرها تفجيرات الفنادق داخل العاصمة عمان عام2005، المسؤول عنه ابو مصعب الزرقاوي. هذا إلى جانب عدد آخر من التنظيمات التي استمرت في التكاثر بعد بداية الألفية الجديدة، كنتيجة فعليه لعجز الدولة عن احتوائهم، وحصر تحركاتهم، وفق برامج مضادة تعتمد مبادئ المواجهة المعرفية الثقافية، والمجتمعية،

والإقتصادية، ضد قادة التنظيم وعناصره. المصيبة التي لم ينتبه لها النظام الأردني في حينها على ما اعتقد، تمثلت في سجن السلفيين في مكان واحد خلال الفترة الممتدة من عام 1989 – 2000، ما أسهم في إعادة نسج الروابط القديمة فيما بينهم وتقويتها، وساعدهم على تأسيس عدد من المنظمات والمشاريع المستقبلية .

خلاف قطري لا منهجي

استمرت علاقة الأستاذ بالتلميذ ما بين المقدسي، والزرقاوي، إلى أن اشتعل الخلاف فيما بيهما، على قيادة التيار داخل السجن، فالمقدسي منظر التيار الفلسطيني الأصل، لكن الزرقاوي أردني – القائد الميداني المهم وصاحب مدرسة الصدام المباشر مع الأنظمة – ذلك الخلاف الذي اعتلت أمواجه بعد الرسالة الشهيرة ” مناصرة ومناصحة “  من قبل منظر التيار المقدسي إلى تلميذه الزرقاوي، والذي اعتبرها الزرقاوي اجحافاً بحقه من قبل أستاذه المهادن للنظام الأردني، مع أن أساس الخلاف المسكوت عنه له إتصال بأردنية الزرقاوي وفلسطينية المقدسي، قبل أي شيء آخر، فالاول يرى أن أولوية العمل السلفي، لأبد وأن تكون سلمية اتجاه الأردن وهذا يتطلب مهادنة النظام، للإنطلاق منه فيما بعد إلى فلسطين، كواجهة أسمى وأهم في سلم أولويات المقدسي، وهو الأمر الذي لم يعجب الزرقاوي ومريديه الذين اعتبروا أن أولوية العمل السلفي لأبد وأن توجه إلى ضد النظام الأردني، لا إلى خارجه، فترتيب البيت الداخلي أولى من ترتيب بيت الجيران، هذا الخلاف لم ولن ينتهي، حتى بعدما تم قتل ابو مصعب الزرقاوي عام 2006.

تجدر الإشارة إلى أن الخلاف الذي شهده التيار السلفي الجهادي، أمتد وتغلغل داخل حزب جبهة العمل الإسلامي، ما أدى إلى انشقاق مجموعة زمزم مثلاً، هذا بالإضافة إلى وجود تيارات ثورية عديدة ترى بضرورة إعادة إنتاج الإخوان وفق الصيغة الأردنية لا الإقليمية الدولية !.

عشائرية حاضنة

الذي يتتبع نشأة التيار السلفي الأردني، منذ اللحظات الأولى لعودة الأفغان الأردنيين من أفغانسان، يجد أن عدداً كبيراً من قادة التنظيمات التكفيرية، هم اردنييون، من أبناء العشائر المعروفة، هذه العشائر التي نظروا اليها بإعتبارها حاضنة حامية لعناصرهم، بل حزان إمتداد إستراتيجي لهم، يتحركون في فلكها وقت ما دعت الحاجة إلى ذلك، وهم بذلك لا يختلفون عن طبقة الفساد المؤسسي التي سيطرت على الدولة ومواردها، حيث احتمت بعشائرها، لتلوذ عنهم، فيما حال تمت ادانتهم من قبل النظام، بعدما يقطع

الروابط النفعيه ما بينه وبينهم !.

 كما أن اهم قواعد التيار تحتضنها مدن ذات سيطرة عشائرية، مدن تعد بلا أدنى شك معقلاً قيادياً للجماعات، فمدينة السلط مثلاً المعقل الرسمي الأهم لقيادات التنظيم السلفي، كما تعد محافظة الزرقاء الحاضن الأكبر للتيارات السلفية كما هو معلوم، وهذا يظهر من خلال التنظيمات التي تم تأسيسها، والعناصر التي تم اعتقالها. إضافة الى ذلك تعد مدينة معان قاعدة التيار في الجنوب

 وهذا ما جعل السلفية العشائرية كما أطلق عليهم خلال فترات معينة تتحصن بالعشائر، للحيلوله دون المساس بهم، والدفاع عنهم في حال تعرض لهم النظام واجهزته الأمنية.

وعليه، هل النتائج السلبية التي نشهدها اليوم جاءت كنتيجة لغياب المخططات الفعلية للحكومة الأردنية في تعاطيها مع أعضاء التنظيمات الجهادية العائده من افغانستان؟ وهل كان لجمع السلفيين في أماكن واحدة، وفصلهم عن غيرهم من المساجين، أو القبول بفصل أنفسهم عنهم داخل السجون، دوراً في تعزيز مشاريعهم، واستعادة مخططاتهم الموجهة ضد الأردن ؟ خصوصا تلك الفترات التي تم الجمع فيها بين قادة التنظيمات في سحن واحد – لننظر إلى جال سجن السواقة عام 1994 حيث ضم في جنباته كلاً من المقدسي وأبو مصعب الزرقاوي – ما جعلهم يخرجون قيادات جديدة أشد خطراً من سواهم، عملوا على

تهديد الأردن عملياً لا نظرياً. وهل شكل العفو الملكي عن عناصر التيارات السلفية عام 1999 الشعرة التي قصمت ظهر البعير كما يقال؟ إلى جانب هذا كله، إلا يتوجب الإلتفات إلى دواعش الداخل، ومحاربتهم قبل التوجه إلى محاربة دواعش الخارج ؟ .

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe