Dec 31, 2014

هبة جوهر: سجن النسا ومقاربات الاعدام في الاردن.. نجوى كرم حين تبالغ في تأثرها بالوطن.. قطبية حق المعرفة والكساسبة “لغز″ لن يحلّ !

في الوقت الذي كانت  الأردن  تعيد تفعيل عقوبة  الإعدام،  كنت أتابع  مسلسل  “سجن النسا”  على  “ام بي سي دراما”، وحين  استيقظ الشارع  الأردني على تنفيذ شنق  أحد  عشر مجرما، كان الحقد الطبقي  يتنامى في نفس  “رضا” التي باتت  قاتلة.

في  سجن القناطر  نفذ  حكم الإعدام  بحق  “رضا” التي  جسدت شخصيتها  الفنانة  روبي،  وأخذتنا  المخرجة  كاملة أبو  ذكري  إلى  الساعة الأخيرة  قبل تنفيذ الحكم، حين  تحدثت  القاتلة  رضا  مع “شبح” ضحيتها في كلمات  تقطر قهراّ وخوفاً، وحتى  “شبح” ضحيتها  كان  أقوى منها وأكثر نفوذا وأعظم  جاهاً، في حين  ظلت  “رضا” هي الخادمة المقهورة رغم إجرامها.

ذلك المشهد  أحد أقوى  المشاهد في مسلسل يعاود إنعاش الدراما المصرية، وروبي واحدة من مجموعة بطلات  تميّزن  في أداء أدوارهن لنشاهد عمل يحافظ  على نجومية بطلاته  ويمنح  الشاشة نجمات جدد، عمل  يتحدث عن الجريمة  وأسبابها  وعقاب مرتكبيه  تاركا  الحكم  للمتلقي.

وبالعودة  إلى “رضا”  لم  يكن عندها  أي وصية غير  رجاء  لم  يتحقق  بمشاهدة والدتها حين علمت  أن المشنقة بانتظارها، في حين كانت وصايا  الأحد عشر محكموما بالاعدام  مليئة بالحياة،  مثلاً هنالك من  أوصى  بتسليم  الأعمال اليدوية والخرز الذي قام به  لأهله،  وطلب  شرب كأس  شاي وأن يخن سيجارة قبل الموت.

وصيتان أخريتان  كانتا  سلاح  عاطفي لدى  مناهضي عقوبة الإعدام ،  حيث أوصى أحدهم بالتبرع  في جميع أعضائه،  في حين  منح  آخر  قرنيته لابن  وبنت أخيه، أما الوصايا فكانت  تشير إلى منح  أهالي المعدومين  ما يملكون  من  مال  حتى  إن لم  يكن المبلغ يتجاوز الثلاثين دينار.

لم يحاول  الإعلام والصحافة الأردنية  البحث  في القضايا أكثر،  ولم  تقدم  أي  قصص  حول  جرائم ومشاعر المعدومين أو  أهاليهم أو حتى الذهاب  إلى أهل الضحايا ، وظلت معظم  الصحافة الأردنية  أسيرة  للأخبار، وحتى حين  حصلت على الوصايا  قدمتهم على  شكل خبر يسرد معلومات عادية،  لم نجد إجتهاد قدّم لنا  قصة شخص من  بين  الأحد عشر .

حينها شعرت بأهمية متابعة  المسلسل في هذا التوقيت  فما  لم تستطع الصحافة نقله، استطاعت الدراما تجسيده،  وما غفلت عنه  وسائل الاعلام قدمته  كاملة أبو  ذكري  في رائعتها  “سجن النسا”.

**

مبالغة في التأثر

في نهاية  التسعينيات وبداية  الألفين أثناء الانتفاضة الثانية،  كانت الفضائيات  تمتلأ بالغناء  للوطن العربي، حينها  كان الجرح هو فلسطين،  وكان  شكل الغناء  والموسيقى مختلف،  فخرجت علينا “أوبريت الحلم العربي”.

كانت  الأمنيات التي  تبكينا هو “الحضن الي  يضمنا”،  كانت “الاحلام”  تحقيقها “مباح”، اليوم  اتسع  الجرح  وأصبح  “الحضن”  الذي يتمناه الآلاف هو “ضمة” من دولتهم، و شعاع  النور لم  يصل إلى بيوتنا بعد، والطفولة هرمت  في العراق وسوريا ولم يعد  أطفال الحجارة وحدهم  من  شاخوا  مبكرا، وما عادت  لغة “الضاد”  تجمعنا مع تشويه  اللغة  بما  يسمى  بـ “العربيزي”.

تكلم  الأوبريت عن  حلم الوحدة  الذي سنتوارثه  جيل بعد  جيل، إلا  أن  الأوبريت  ودموعنا  التي كانت تتأثر في  هذا المشهد  العربي، لم تتوقع  أن  يكون  الحلم  هو  فهم  ما يجري  فقط  الاستيعاب  “من  مع من” و  “من  ضد  من”.

أذكر  جملة غنائية بصوت  نور مهنا “حلمنا  وفي كل زمان وحدة كل الأوطان كل الخلافات حتزول  وكفاية إنك إنسان”،  اليوم  بعد  أكثر من  15 عاما  هل يكفي فعلا  أنك  إنسان،  أم  كل التعريفات  والصفات  التي تأتي قبل  “الإنسان”،  وما الزمان  الذي نعيشه الآن الذي أصبح حلمنا  به  “وحدة كل أفراد العائلة” على رأي واحد.

كل هذه  الذاكرة  لتبرير عدم  تأثري  فيما قدمه  التسابق في  برنامج “أرابز جوت تالنت” تحت  عنوان “موطني هو”، بل وشعرت أن نجوى كرم  بالغت  في  تأثرها، وعدد  المشاهدات  على موقع  “يوتيوب” مبالغ  بها.

صراحة تمنيت  لو أنني مخدوعة باللعب  على أوتار “الوحدة”  في عروض مكررة  وعادية، يتفوق  الواقع  عليها حتى من ناحية فنية!

**

حق  المعرفة

بعد  التعميمات  التي أصدرتها السلطات الأردنية  لمنع تداول  أخبار تسيء للطيار معاذ الكساسبة، ظهرت  أصوات تنادي بحق سريان  المعلومة وبحرية الرأي والتعبير  وكأن  هناك  من  يقيدها.

تلك  الأصوات وهي تطالب  بالحرية ومنح المعلومات لوسائل الاعلام  لأن المعرفة حق،  كانت  جريدة يومية  محلية  تعيد نشر  خبر  من موقع  يبث أخبارا  افتراضية  تسخر من  الواقع،  الصحيفة أعادت  نشر الخبر على أنه حقيقة ودون  أن  تذكر المصدر،  وكانت  المادة من الموقع الأصلي  مفرطة  في  سخريتها بالعنوان والمتن، ويمكن  للمتلقي إذا  قرأ المادة كاملة  معرفة ذلك وبسهولة، فكيف مرت على الصحفي والمحرر ورئيس التحرير دون الملاحظة.

ولأن المعرفة  حق، يجب أن  يحاسب من  يبدد  هذا الحق ويضلله، من  يحمي  حق المعرفة للجمهور  إن منحت المعلومة لمن  يشوهها ويشوّه الحقيقة؟

  نعم حرية الرأي والتعبير حق أيضا  على  أن لا تعتدي تلك الحرية  وسهولة إطلاق  “المعلومات” منها على حق  الناس بالمعرفة، وأن لا تكون تلك  الأخبار  تقود  إلى التجهيل،  أو أن تكون تلك الأخبار كاذبة !

المعرفة حق وتقديم  المعلومات بشكل مشوّه  إعتداء على هذا الحق.