فزاعة العمالة لاسرائيل و ال CIA لن تخيف أحدا ولن تحل مشاكل السودان
د. صدقى كبلو
ليس هي المرة الأولى التي يتهم فيها رئيس المؤتمر الوطني وقيادات حزبه المعارضين له بالعمالة لإسرائيل والولايات المتحدة أو رهن مستقبل البلاد بجهات أجنبية أو الاستقواء بقوى أجنبية، لم يعد ذلك يخيف أحداً أو يحرك شعرة جلد في مواطن في السودان، بما في ذلك منسوبي المؤتمر الوطني، ليس لأن كل هؤلاء ينكرون أن للاستعمار العالمي وربيبته إسرائيل أطماع في السودان، ولكن لأنهم يعتقدون أن كل ذلك هروبا من حل القضايا الوطنية التي تهتك جسم الوطن كقضايا الحرب ومصادرة الحريات والديمقراطية وانهيار الاقتصاد بكل سمات الانهيار من تدهور معيشة المواطنين وخدمات التعليم والصحة والنقل والمواصلات وتعمق الفوارق الطبقية والاقليمية والنزاعات القبلية المسلحة وحريق ممتلكات الشعب في قطاع التعليم العالي.
إن المؤتمر الوطني يهرب من مواجهة القضايا جميعها وبعضها قد طرحها رئيسه فيما سمي بخطاب الوثبة، وبعضها ضمنته ما يسمى بلجنة الحوار الوطني أجندتها وورقتها والبعض الآخر أشترطته المعارضة للإشتراك في الحوار، ولم يخرج إعلان باريس واتفاق أديس أبابا ونداء السودان عن كونه تناولاً لبعض هذه القضايا في خطوطها العامة، مما يجعل المؤتمر الوطني في موقف حرج، ذلك أنه قد طرح الحوار الوطني لشغل الناس حتى إجراء انتخابات جديدة مخجوجة بالطبع يعتقد خطأ” أنها ستجدد شرعيته ولكن المعارضة بكل فصائلها التي صدقته والتي كذبته وشكت في نواياه قررت أن تصل مع الكذاب لخشم الباب فأنكشف المستور والمغطى وأتضح الوجه الحقيقي للمؤتر الوطني من جديد بعد أن زالت عنه مساحيق الوثبة والتهريج باسم الحوار الوطني لحل مشاكل السودان. المؤتمر الوطني لم يجد امام تحدي المعارضة غير الرجوع لمصكوكاته القديمة من التخوين والعمالة وحتى لحس الكوع.
البلاد تواجه أزمة عميقة وليس من حل لها سوى تغيير النظام الذي يمثل عنصرا اساسيا في حدوثها وتعميقها واستمرارها، وتغيير النظام يتم بطريقين بالتفكيك من خلال حوار وطني مسؤول يؤدي لفترة انتقالية قومية يعقد خلالها مؤتمر دستوري شامل وتنتهي بانتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة وشفافة، ويتم خلال الفترة الانتقالية تصفية الحكم الشمولي وايقاف الحرب واستعادة الأموال المنهوبة واقامة العدالة الناجزة وتعويض ضحايا الحرب وانتهاكات حقوق الانسان وحل الأزمة الاقتصادية وفك العزلة الدولية للسودان مما يسمح بتصفية ديون السودان واستجلاب العون الانساني والتنموي الاقتصادي للبلاد ووضع الأسس السليمة لاصلاح المشاريع والمؤسسات التي دمرها النظام وفي مقدمتها مشروع الجزيرة ومشاريع الري والسكك الحديدية والنظام المصرفي خاصة البنوك المتخصصة في تمويل الزراعة والصناعة والتعاونيات والتمويل الصغير. وكما قلنا تنتهي الفترة الانتقالية بمؤتمر دستوري ووضع دستور ديمقراطي للبلاد تجرى عليه الانتخابات الديمقراطية والحرة والنزيهة والمراقبة من قبل المجتمع الدولي ومن ثم يخضع تبادل السلطة للتداول السلمي وفقا لإرادة الشعب السوداني.
أما الطريق الآخر الذي يقود المؤتمر الوطني البلاد إليه فسيؤدي للإنتفاضة الشعبية التي تتوج بالإضراب السياسي العام أو العصيان المدني، وهو تغيير سياسي سلمي آخر جرب الشعب طريقه من قبل مرتين، ورغم إختلاف الظروف الآن فما زال طريقا ممكنا إذا ما قامت قوى المعارضة بدورها في توحيد نفسها وتوحيد جماهير الشعب حول برنامجها للبديل الديمقراطي والذي يعبر نداء السودان خطوطه العامة والتي تحتاج لتفاصيل.
وهنا ينبغي الاستفادة من تجارب الماضي بألا تصبح وحدة المعارضة شكلية تحبس نشاطها في رسم واعادة رسم الخطط البديلة وهيكلة واعادة هيكلة مؤسساتها القيادية، رغم أهمية كل ذلك، بل أن تنطلق للعمل وسط الجماهير من البسيط من مطالبها وقضاياها وحتى المركب الذي يؤدي بها للإنتفاضة الظافرة التي ترسل الحكم الشمولي في السودان لمتحف التاريخ السياسي.
الميدان
Comments
Post a Comment