فاضل الربيعي: طهران أنذرت أنقرة بأن الرئيس بشار الأسد خط أحمر
أجرى الحوار: فهيم الصوراني.
نص الحوار:
سؤال:
كما نتابع في آخر تطورات الموقف حول العراق وسوريا، والبرلمان التركي أقر
بأغلبية كبيرة مشروع قرار يجيز للجيش التركي شن عمليات ضد مقاتلي داعش في
سوريا والعراق، هذا يأتي في وقت يواصل فيه مقاتلو الدولة الإسلامية هجومهم
على البلدات الحدودية في سوريا، هناك ترحيب أمريكي وترحيب أوروبي بقرار
البرلمان التركي وهناك قلق إيراني واعتراض وتنديد سوري بهذا القرار وتحذير
من أي عمليات تركية داخل الأراضي السورية سيوصف بالعدوان، يبدو أن هناك
عملية خلط للأوراق تجري الآن تباعا، ما خلفيات القرار التركي، وهل العمليات
التي تقوم بها الولايات المتحدة بالفعل هي بحاجة لهذا التدخل؟
جواب:
أولا قرار البرلمان التركي كان متوقعا لأن حزب العدالة حزب الأخوان
المسلمين التركي لديه الأغلبية في البرلمان، وتمرير مثل هذا القرار كما
يريد أردوغان كان أمرا متوقعا.
الأمر الآخر أن
الولايات المتحدة الأمريكية سربت منذ بدء عمليات القصف الجوي، أن عمليات
القصف لن تكون مجدية إلا بوجود قوات برية على الأرض، والأمريكيون يعرفون
أنه لا يمكنهم تأمين جيوش قادرة على اختراق الحدود العراقية والسورية
ومواجهة داعش إلا بواسطة تركيا، الدول العربية الأخرى ستجد الكثير من الحرج
وستتردد قبل أن تتفق مع الولايات المتحدة الأمريكية على إرسال قوات، ولكن
هل يستطيع أردوغان فعليا أن يرسل قواتا برية إلى العراق وسوريا؟ أشك في
ذلك، وأعتقد أن هذا القرار هو مصمم لكي يكون له طابع ابتزازي للضغط على
سوريا والعراقي.
إمكانية إرسال قوات سوف تصطدم
بجملة من العوائق الاستراتيجية، والعائق الاستراتيجي الكبير هو الموقف
الإيراني، الإيرانيون لن يسمحوا باختراق قوات تركية للحدود مع سوريا
والعراق، وهذا يعني أن تركيا ستدفع بالمنطقة إلى حرب إقليمية باصطدام تركي
إيراني.
سؤال:
فيما يتعلق بالموقف الإيراني، هناك قراءة تقول بأن إيران قد تستخدم ورقة
الغاز للضغط على تركيا، أي هناك مجال للتصعيد مع تركيان برأيك هل من الممكن
أن تلجأ طهران إلى استخدام هذه الورقة لدفع تركيا بالتوقف عن إرسال قوات
إلى سوريا والعراق؟
جواب: غذا حدث مثل
هذا الصدام العسكري فكل الوسائل سوف تستخدم، وأنا أظن أن الإيرانيين أبلغوا
أنقرة بوضوح منذ أشهر، في حال قامت أنقرة بقصف القوات المسلحة السورية أو
اخترقت القوات البرية التركية الأراضي السورية فإن طهران ستدخل المعركة
بقوة وأنها ستقصف كل سدود المياه التركية، هذا يعني أن أنقرة إذا ما طبقت
هذا القرار فهي ستأخذ المنطقة إلى حرب إقليمية، ولذلك أنا اشك أن هذا
القرار قابل للتطبيق، وهو قرار للضغط السياسي العنيف، وتطبيقه يعني أن
المنطقة ستذهب إلى اصطدام عسكري متشعب ومتعدد الأطراف، السوريون سيردون
بقوة على أي اختراق لحدودهم، والعراقيون جاهزون للرد، واليوم نائب رئيس
الجمهورية نوري المالكي حذر أنقرة من مغبة هذا القرار ودعا البرلمان
العراقي إلى اتخاذ قرار رادع.
ولدى إيران أوراق
كثيرة تلعبها، وتستطيع إيران أن ترمي بثقلها العسكري في العراق وسوريا
بسهولة، بينما لا تستطيع تركيا أن ترمي بثقلها العسكري في هذين البلدين
لأنها ستواجه برد حازم، عدوان تركي من هذا النوع يعني أن المنطقة ذاهبة إلى
صدام شامل قد تصبح اسرائيل طرفا فيه، وبالتالي يمكن أن نتخيل اشتباكا على
الحدود الشمالية بين حزب الله وإسرائيل وإشعال هذه المنطقة وقذائف وصواريخ
تنهال من كل حد وصوب، والمقاومة الفلسطينية عندها ستجد نفسها في قلب
المواجهة وستشتبك مع الإسرائيليين، وفي هذه الحالة ستشتعل المنطقة وتنفجر
وتصبح برميلا متفجرا لا تعرف شظاياه.
بتقديري الشخصي المرحلة الأولى من هذا القرار هي محاولة للضغط من جانب أنقرة لتحقيق ما يسمى بالمنطقة العازلة على الحدود مع سوريا.
سؤال:
كانت تركيا مترددة بالقيام بدور نشط في الحملة العسكرية التي تقودها
الولايات المتحدة ضد داعش، ولكن ما حصل هو أن تنظيم الدولة الإسلامية تقدم
نحو مقبرة تضم رفاة أحد مؤسسي الامبراطورية العثمانية في جيب تركي في شمال
سوريا، برأيك هل هذه الحادثة كافية ومقنعة لتقوم تركيا بدور خطير من هذا
النوع، أم أن هناك ربما محاولة لتوريط أنقرة في الصراع الدائر؟
جواب:
داعش هي ذراع من أذرع حلف الناتو، وداعش ليست مجموعة إسلاميين مهووسين، بل
هي نواة صلبة من قوات الناتو والبلاك ووتر والمهووسين الإسلاميين، وهؤلاء
تديرهم تركيا بالتعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية ومع الناتو،
ومسألة ضريح جد أردوغان هذه أكذوبة سخيفة في الحقيقة وهي تذكرنا بقصة
الرهائن الذين اعتقلتهم داعش عندما دخلت الموصل.
أنقرة
تبحث عن أي ذريعة للتدخل العسكري، وقيام داعش بتهديد ضريح جد أردوغان هو
واحدة من هذه الذرائع، ولكنها ذريعة مكشوفة وسخيفة ولا يمكن أن تنطلي على
أحد.
العراق وسوريا لا يشكلان أي تهديد جدي أو حقيقي على الأمن القومي التركي.
تركيا
هي التي تشكل التهديد الجدي على أمن العراق وسوريا من خلال دعمها لداعش
واحتضانها للمعارضين العراقيين والسوريين، ولذلك أنا بتقديري هم سيحاولون
سواء ما بعد اتخاذ البرلمان لقرار التدخل العسكري، سيحاولون ما يلي:
أولا:
سيضغطون باتجاه جعل مسألة الحظر الجوي أو المنطقة العازلة أمرا واقعا من
خلال قيام داعش باحتلال هذا الشريط الحدودي الطويل بين سوريا وتركيا، ويصبح
أمرا واقعا وجود منطقة عازلة تقوم تركيا بحراستها عبر الطيران وبالحجز
العسكري، وفي هذه الحالة سوف تصبح تركيا جزءا من المواجهة الفعلية مع إيران
ومع سوريا ومع العراق، أما السوريون لن يوافقوا ولن يقبلوا بمنطقة عازلة،
والسعوديون سيرفضون بكل الوسائل قيام أنقرة بتأسيس منطقة عازلة على الحدود
بين سوريا وتركيا، لأنهم يعتبرون هذا الاختراق التركي هو تقدم للأخوان
المسلمين الذين تقاومهم السعودية، ومصر لن تسمح لأنها تعتبر أمن سوريا في
العقيدة العسكرية المصرية أمنا قوميا، وبالتالي تعتبر اقتراب داعش أو
الأتراك أو إنشاء منطقة عازلة هو تهديد للأمن القومي المصري، وفي الحقيقة
سيستخدم الأخوان المسلمين السوريين في هذه المسألة، والقوات الحقيقية
الفعلية في الشريط الحدودي الذي سينتزع لا سمح الله ستشغله ما يسمى القوات
المعتدلة وهي في الغالب عناصر الاخوان المسلمين الذين سيتم تدريبهم وحشدهم
وعددهم بحدود 5000- 10000 وهذا يعني أن مصر والسعودية لن توافقا أو لن
تقبلا بوجود الأخوان المسلمين المسلحين المدعومين من تركيا في منطقة عازلة
وسيقاومون، والوضع غاية في التعقيد وتركيا لا تستطيع فرض منطقة حظر جوي إلا
إذا لجأت إلى مجلس الأمن وفي هذه الحالة ستصطدم بالفيتو الروسي.
بتقديري
هذه مرحلة من التكتيكات والمناورات التركية الغرض منها الضغط على العراق
وسوريا لتقديم تنازلات، ما يريده الأتراك في سوريا هو بوضوح شديد فرض نظام
حكم أو على الأقل فرض حكومة سورية موالية لأنقرة وفرض وضع سياسي في العراق
يكون قريبا من تركيا وليس فقط قريبا من إيران.
الوضع
غاية في التعقيد، فتركيا تحاول أن تخلط الأوراق، وبتقديري لن تتمكن لا من
فرض حظر طيران لأن هذا يتطلب قرار من مجلس الأمن، والقرار سيصطدم بيفيتو
روسي، ولن تتمكن من إرسال قوات في المدى المنظور، لكن مع ذلك أود التنبيه
والتحذير أن السيناريو الذي تعده الولايات المتحدة الأمريكية عبر عمليات
القصف الجوي وتحرك داعش باتجاه بغداد، وأنا أتوقع بأن الأيام القادمة سوف
تشهد معارك طاحنة في بغداد وقد تنقسم بغداد إلى بغداد شيعية وبغداد سنية،
وستسقط أحياء بكاملها بيد مقاتلي داعش في داخل بغداد، وفي هذه الحالة إذا
ارتبكت الظروف في بغداد واشتعلت الجبهة في سوريا عن طريق تنظيم هجوم جديد
في جبهة درعا وإشعال المنطقة من جديد في الغوطة الشرقية السورية، هذا يعني
أن تركيا ستجعل من مسألة إرسال قوات مسألة أكثر إلحاحا، وبالتالي أنا أعتقد
أن المنطقة ذاهبة إلى أشهر من التجاذبات العسكرية العنيفة ولكن ستظل هناك
أكثر من إمكانية لمنع نشوب حرب إقليمية، والحرب الإقليمية قد تؤدي إلى
اصطدام دولي، ولذلك فأنقرة يمكن أن تهدد أمن العالم وليس أمن سوريا أو أمن
العراق. أردوغان الاخونجي مهووس بإيقاف الرئيس السوري بشار الأسد وهذا
مستحيل، والإيرانيون قالوا بصراحة وبوضوح بشار الأسد خط أحمر ولن يسقط
النظام ولن تتمكن أنقرة من القيام بأي اختراق بري حقيقي وستواجه وستردع،
وأعتقد أن هناك الكثير من الأوراق لدى الإيرانيين والسوريين والعراقيين،
ولنتذكر فقط أن هناك 120 ألف مقاتل بالحرس الوطني العراقي، وهؤلاء لا يعرف
عنهم الكثيرون أي شيء، وهؤلاء يستعدون لخوض معارك أعنف وأشرس ولم يدخلوا
المعارك بعد.
...المزيد: http://arabic.ruvr.ru/2014_10_03/278161119/
...المزيد: http://arabic.ruvr.ru/2014_10_03/278161119/
Comments
Post a Comment