خمسة أقنعة للإخوان فى السودان ! |
|
23 اغسطس 2014 | |
كتب : عبدالواحد إبراهيم |
حطت
به الطائرة فى مطار القاهرة الدولى فأخذ يتأمل معالم المدينة ويردد مع كل
بناية تطاولت فى السماء سبحان الله.. سبحان الله ونفس العبارة يرددها مع كل
كوبرى يربط بين طريقين سبحان الله.. سبحان الله، ثم خاطب سائق التاكسى
قائلاً: «يا ولدى لكن مبارك دى كب أسمنت كتير فى البلد» وضحك سائق التاكسى
بعد ثوانى هى الحد الفاصل بين المحكية المصرية والمحكية السودانية وقال
«راح .. ميشى»، وكان صعيدياً ذكياً لا تختلف مفرداته كثيراً عن تلك المحكية
فى عموم السودان ثم وصل الجميع إلى الجيزة وبدأت تلك المخلوقات العجيبة
تطوى الطرق أمام أعيننا فقال الرجل السودانى: بالله «الركشة» برضو وصلت
البلد دى؟
ويقصد ذلك البغل الصناعى «التوك توك» والذى يسمى فى السودان بنفس اسمه فى
منشئه «الركشة» كما فى الهند تماماً فضحك السائق ونظر الى الرجل الكبير
قائلاً: «دا توك توك فأجابه الرجل الكبير: أها أها! الركشة يا ها التوك توك
والتوك توك ياهو الركشة» ثم نزل إلى مكان مسكنه وما هى ساعات إلا ونودى
لصلاة الصبح فذهب إلى الجامع الصغير، فصلى لربه ثم قام للخروج فأحاط به نفر
من المصلين وبعد السلام والتحايا أخذوا يبشرونه ببرنامج حزب الحرية
والعدالة فسألهم من هؤلاء قالوا له: يا شيخ دى حزب أسسه الإخوان المسلمين
لكل المصريين ثم أعطوه لفافة من الورق فأخذها وذهب إلى مسكنه.
وحين سألته فى اليوم التالى لقدومه بالدارجة السودانية «آها كيف مصر معاك
إنشاء الله البلد رحبت بيك» فقال: «يا ولدى التوم ريحته واحدة» وأردف
«التكتك ياهو الركشة والركشة ياها التكتك» حينها علمت أن الرجل يتحدث عن
الوضع السياسى فى مصر وهو ما لم نكن نتمناه لها بحكم الجيرة والأخوة والملح
والملاح والمياه والدماء المشتركة ومنها تلك التى سالت فى الحروب بين مصر
وإسرائيل 48 و56 و73 حيث قاتل الجنود السودانيون إلى جانب أشقائهم
المصريين.
أقول وللأسف كنا فى السودان وإلى وقت قريب نتعامل مع من يطرح حق تقرير
المصير لجنوب السودان بوصفه خائناً للوطن ولا نكمل حتى بقية حديثنا معه ثم
أصبح حق تقرير المصير «الانفصال» جزءاً من أطروحات الأحزاب بفعل سياسة
النظام العرجاء ثم استلف النظام نفس الخطاب المعلن لأحزاب التجمع الوطنى
الديمقراطى التى أقرته فى العاصمة الإريترية «أسمرا» فى وثيقة عرفت بميثاق
أسمرا للقضايا المصيرية السودانية فى العام 1995م ثم تعمقنا قليلاً لندرك
أن النظام نفسه ألعوبة فى أيدى الأمم ينفذ أجندتها بسخاء وهو نظام مميت
لكل طموح وطنى وقاتل لكل أمل فى الوحدة الوطنية.
بالتعمق أكثر وبالعودة إلى تاريخ تنظيم الإخوان المسلمين فى السودان وجدنا
أنهم يغيرون اسم تنظيمهم كالحرباء من عهد إلى آخر مرة باسم جبهة الدستور
الإسلامى فى نهاية الخمسينات ثم «جبهة الميثاق الإسلامى» الستينيات
والسبعينيات وحتى الانتفاضة الشعبية فى أبريل 1985م حيث تغير إلى «الجبهة
الإسلامية القومية» ليستمر كل مرحلة الديمقراطية الثالثة 1986م حتى قاموا
بتنفيذ انقلابهم العسكرى فى 30 يونيو 1989م حيث تغير اسم التنظيم إلى
«المؤتمر الوطنى»، وأصبح قائد الانقلاب رئيساً للتنظيم. بالعودة إلى
تاريخهم فى السودان نجد أنهم قاموا بتقسيم الشعب سياسياً إلى مسلمين
ومسيحيين ووثنيين كما هو واقع اجتماعيا، وهذا الأمر موجود وغير منكور فهناك
تعدد دينى ولكن فى موضوع الوطن ووحدة أراضيه وسيادته وكرامته الجميع
متساوون فى الحقوق وفى الواجبات أو يفترض ذلك إذا كنا فى دولة المواطنة
وحقوق الإنسان، ولكن جوهر برنامج الإخوان المسلمين فى السودان وفى غيره من
البلدان هو عبارة عن مشروع تقسيم المواطنين باختلاف أديانهم بهدف تطبيق ما
يسمونه (الشريعة الإسلامية)!. وقد استشعر إسلاميو السودان فكرة أن وجود
المسيحيين عائق كبير أمام مشروعهم والذى هو فى جوهره أسلمة المجتمع وتطبيق
الشريعة الإسلامية لأغراض شتى!
منذ الحقبة الديمقراطية 86-1989م وعلى هذا الأساس التقسيمى وإلى ما بعد
ذلك التاريخ أى عقب استيلائهم على السلطة، خاضوا حربهم المجنونة لإخضاع
الجنوبيين وجعلهم يقبلون هذا المشروع الذى فتت الوطن ليصبح وطنين «جمهورية
السودان» و«جمهورية جنوب السودان»، وإلى أوطان عديدة للباحث المتتبع
والمتعمق فى دراسة مثل هذه الأفكار التى تبرز الظاهرة الاستعمارية فى
قدرتها على خلق انشطارات واسعة النطاق ابتدأت من تقسيم الهند إلى دولتين
الهند وباكستان ثم انشطرت باكستان على أساس الاختلاف الدينى، فخرجت إلى
دنيا الدول بنغلاديش وكلتا الدولتين بأغلبية مسلمة، هذا هو تأثير الإخوان
المسلمين فى الأوطان وفى وحدة أراضيها منذ القدم.
أما إذا تحدثنا عن تكتلات إقليمية مثل التكتلات العربية والأفريقية فنجد
الإجابة واضحة ففى مواجهتها ترفع شعارات الأولوية للوحدة الإسلامية والوحدة
بين المسلمين، ويجب علينا ترك تقليد الأوروبيين والوحدة واجب بين
المسلمين، هذه هى الإجابة الجاهزة والمعلبة التى تقدم حين تحاور أصحاب هذا
الاتجاه.
أما بخصوص الانتماء إلى الوطن فالوطن هو الإسلام وديار الإسلام، «والولاء
للوطن شىء مكروه عندهم والواجب أن يكون الولاء للإسلام»! أى بمعنى أنهم
يضعون الإسلام الدين فى مقابل الوطن وسبق وأن حضرت ندوة تحدث فيها «الطيب
مصطفى»- رئيس منبر السلام العادل- الداعى لفصل جنوب السودان عن شماله وخال
الرئيس السودانى البشير قال فيها «إنه لا يعطى الأهمية للانتماء للسودان،
وولاؤه للإسلام ومع ذلك لا يحاكم مثل هذا الرجل بتهمة الخيانة الوطنية»!
ويقصد ذلك البغل الصناعى «التوك توك» والذى يسمى فى السودان بنفس اسمه فى منشئه «الركشة» كما فى الهند تماماً فضحك السائق ونظر الى الرجل الكبير قائلاً: «دا توك توك فأجابه الرجل الكبير: أها أها! الركشة يا ها التوك توك والتوك توك ياهو الركشة» ثم نزل إلى مكان مسكنه وما هى ساعات إلا ونودى لصلاة الصبح فذهب إلى الجامع الصغير، فصلى لربه ثم قام للخروج فأحاط به نفر من المصلين وبعد السلام والتحايا أخذوا يبشرونه ببرنامج حزب الحرية والعدالة فسألهم من هؤلاء قالوا له: يا شيخ دى حزب أسسه الإخوان المسلمين لكل المصريين ثم أعطوه لفافة من الورق فأخذها وذهب إلى مسكنه.
وحين سألته فى اليوم التالى لقدومه بالدارجة السودانية «آها كيف مصر معاك إنشاء الله البلد رحبت بيك» فقال: «يا ولدى التوم ريحته واحدة» وأردف «التكتك ياهو الركشة والركشة ياها التكتك» حينها علمت أن الرجل يتحدث عن الوضع السياسى فى مصر وهو ما لم نكن نتمناه لها بحكم الجيرة والأخوة والملح والملاح والمياه والدماء المشتركة ومنها تلك التى سالت فى الحروب بين مصر وإسرائيل 48 و56 و73 حيث قاتل الجنود السودانيون إلى جانب أشقائهم المصريين.
أقول وللأسف كنا فى السودان وإلى وقت قريب نتعامل مع من يطرح حق تقرير المصير لجنوب السودان بوصفه خائناً للوطن ولا نكمل حتى بقية حديثنا معه ثم أصبح حق تقرير المصير «الانفصال» جزءاً من أطروحات الأحزاب بفعل سياسة النظام العرجاء ثم استلف النظام نفس الخطاب المعلن لأحزاب التجمع الوطنى الديمقراطى التى أقرته فى العاصمة الإريترية «أسمرا» فى وثيقة عرفت بميثاق أسمرا للقضايا المصيرية السودانية فى العام 1995م ثم تعمقنا قليلاً لندرك أن النظام نفسه ألعوبة فى أيدى الأمم ينفذ أجندتها بسخاء وهو نظام مميت لكل طموح وطنى وقاتل لكل أمل فى الوحدة الوطنية.
بالتعمق أكثر وبالعودة إلى تاريخ تنظيم الإخوان المسلمين فى السودان وجدنا أنهم يغيرون اسم تنظيمهم كالحرباء من عهد إلى آخر مرة باسم جبهة الدستور الإسلامى فى نهاية الخمسينات ثم «جبهة الميثاق الإسلامى» الستينيات والسبعينيات وحتى الانتفاضة الشعبية فى أبريل 1985م حيث تغير إلى «الجبهة الإسلامية القومية» ليستمر كل مرحلة الديمقراطية الثالثة 1986م حتى قاموا بتنفيذ انقلابهم العسكرى فى 30 يونيو 1989م حيث تغير اسم التنظيم إلى «المؤتمر الوطنى»، وأصبح قائد الانقلاب رئيساً للتنظيم. بالعودة إلى تاريخهم فى السودان نجد أنهم قاموا بتقسيم الشعب سياسياً إلى مسلمين ومسيحيين ووثنيين كما هو واقع اجتماعيا، وهذا الأمر موجود وغير منكور فهناك تعدد دينى ولكن فى موضوع الوطن ووحدة أراضيه وسيادته وكرامته الجميع متساوون فى الحقوق وفى الواجبات أو يفترض ذلك إذا كنا فى دولة المواطنة وحقوق الإنسان، ولكن جوهر برنامج الإخوان المسلمين فى السودان وفى غيره من البلدان هو عبارة عن مشروع تقسيم المواطنين باختلاف أديانهم بهدف تطبيق ما يسمونه (الشريعة الإسلامية)!. وقد استشعر إسلاميو السودان فكرة أن وجود المسيحيين عائق كبير أمام مشروعهم والذى هو فى جوهره أسلمة المجتمع وتطبيق الشريعة الإسلامية لأغراض شتى!
منذ الحقبة الديمقراطية 86-1989م وعلى هذا الأساس التقسيمى وإلى ما بعد ذلك التاريخ أى عقب استيلائهم على السلطة، خاضوا حربهم المجنونة لإخضاع الجنوبيين وجعلهم يقبلون هذا المشروع الذى فتت الوطن ليصبح وطنين «جمهورية السودان» و«جمهورية جنوب السودان»، وإلى أوطان عديدة للباحث المتتبع والمتعمق فى دراسة مثل هذه الأفكار التى تبرز الظاهرة الاستعمارية فى قدرتها على خلق انشطارات واسعة النطاق ابتدأت من تقسيم الهند إلى دولتين الهند وباكستان ثم انشطرت باكستان على أساس الاختلاف الدينى، فخرجت إلى دنيا الدول بنغلاديش وكلتا الدولتين بأغلبية مسلمة، هذا هو تأثير الإخوان المسلمين فى الأوطان وفى وحدة أراضيها منذ القدم.
أما إذا تحدثنا عن تكتلات إقليمية مثل التكتلات العربية والأفريقية فنجد الإجابة واضحة ففى مواجهتها ترفع شعارات الأولوية للوحدة الإسلامية والوحدة بين المسلمين، ويجب علينا ترك تقليد الأوروبيين والوحدة واجب بين المسلمين، هذه هى الإجابة الجاهزة والمعلبة التى تقدم حين تحاور أصحاب هذا الاتجاه.
أما بخصوص الانتماء إلى الوطن فالوطن هو الإسلام وديار الإسلام، «والولاء للوطن شىء مكروه عندهم والواجب أن يكون الولاء للإسلام»! أى بمعنى أنهم يضعون الإسلام الدين فى مقابل الوطن وسبق وأن حضرت ندوة تحدث فيها «الطيب مصطفى»- رئيس منبر السلام العادل- الداعى لفصل جنوب السودان عن شماله وخال الرئيس السودانى البشير قال فيها «إنه لا يعطى الأهمية للانتماء للسودان، وولاؤه للإسلام ومع ذلك لا يحاكم مثل هذا الرجل بتهمة الخيانة الوطنية»!
Comments
Post a Comment