Skip to main content

*‎(كسار قلم مكميك) - حقيقه الرواية* ----- ‎ بقلم محمود مادبو

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏٢‏ شخصان‏
*‎(كسار قلم مكميك) - حقيقه الرواية*
‎ بقلم محمود مادبو
‎تعرض سعادة السفير د .حسن عابدين في مقاله المعنون ب (تحقيق الروايات الشفاهية: ود جاد الله.. كسار قلم "مكميك"؟ ! ..رواية .. منحولة. . مصنوعة) والمنشور بتاريخ (23 يوليو 2018).. تعرض للحادثة الشهيرة التي كسر فيها الشيخ عبدالله ود جاد الله قلم الإداري البريطاني ونائب مفتش بارا بمنطقة شمال كردفان .. هارولد ميكمايكل .. واصفاً الحادثة ذاتها بأنها محض إختلاق بلا أسانيد أو مصادر تدعم صحتها . ومضى الدكتور عابدين لأبعد من ذلك حين تحدث عن تفاصيل النزاع حول آراضي المرعى بين الكواهله والكبابيش التي ادت لعزل الشيخ عبدالله ود جاد الله من نظارة الكواهله - ليخلص إلى أن الرواية التي تناقلها السودانيون في هذا الشأن هي روايه مصنوعه يمكن تصنيفها في سياق الشائعة التي تم تناولها عبر الأجيال في مجتمعاتنا من خلال أدب الحكاية الشعبي والتراث الغنائي المحلي . و قد لخص الدكتور عابدين أسباب رفضه للحقائق التي قدمنا لها فيما يلي :
‎١- أن الإداري ماكمايكل في كتابه (قبائل شمال ووسط كردفان) الذي نشر في عام 1912, لم يذكر الحادثه رغم انه كتب عن قبيلة الكواهله وذكر زعيمهم عبدالله ود جاد الله .
‎٢- أشار د .عابدين إلى أنه في بحثه عن الروايه لم يجد مصدرا موثقاً يساند ما حدث عن روايه كسر القلم .
٣- ذكر د. عابدين أن ريتشارد هيل في كتابه (معجم تراجم اعلام السودان) قد ذكر سيرة الشيخ ود جاد الله دون أن يشير لحادثه كسر القلم.
‎٤- أشار د . عابدين أن عبدالله ود جاد الله نتيجة لولائه للمهدية والامام المهدي.. فقد قام المهدي بتزويجه احدى بناته .
‎والذي لا شك فيه هو أن الدكتور حسن عابدين قد أخطأ بوضوح فيما ذهب إليه . و قد رأينا أنه من الأصوب تحليل تلك الأسباب التي أوردها وتبيين خطأ الإعتماد عليها في نفي واقعة تاريخية معروفة و مثبتة بعدة مصادر كحادثة المواجهة الباسلة لشيخ قبيلة الكواهلة مع المفتش الانجليزي ماكميكل والتي كسر فيها الشيخ عبدالله قلم الأخير و قذف به الى الأرض رافضاً جبروت السلطة الاستعمارية الانجليزية .
‎فلنبدأ بما قاله الدكتور عن إهمال ماكمايكل لحادثة كسر القلم في كتابه (قبائل شمال ووسط كردفان) وبالتالي افتراضه ان تلك الواقعة لم تحدث . فالذي لم يتطرق اليه د .حسن عابدين هنا هو أن الأوراق الخاصة بماكمايكل و المحفوظة بإرشيف جامعه درم البريطانية تحتوي على مقال عن وفاه الشيخ عبدالله جاد الله في سنه 1929. و هو ذات المقال المكتوب للإداري جون هاميلتون في سنه 1929م (مساعد مفتش بارا) المفهرس تحت الرقم
SAD.586/5/71 ..
وفيه أشار كاتب المقال الى تلك الحادثة قائلاً : "إكتسب عبدالله جاد الله الشهرة عبر لقبه (كسار قلم مكميك ) - الرجل الذي كسر قلم مكمايكل. . في سياق مشاجرة مع السير هارولد مكمايكل، عندما ضرب القلم في الطاوله حتى انكسر؛ مما ادى الى سجن الشيخ عامين وعزله من النظارة". ولا شك أن هذا المصدر يثبت بوضوح أن واقعة القلم تلك.. تناولتها أقلام انجليزية وبالتالي يتأكد أن ما إستند اليه الدكتور حسن عابدين في تكذيب تلك الحادثة لم يكن دقيقاً .
وبالرجوع الى ما ذكره ماكمايكل نفسه بهوامش النسخة الانجليزية من كتابه بالصفحة رقم ٢٠١ والتي أورد فيها عزل ود جاد الله .. يتضح لنا أكثر أن عدم ذكر ماكمايكل لحادثة كسر القلم يرجع لما لقيت سلطته الاعتبارية كإداري انجليزية من إهانة بسبب تلك المواجهة الشجاعة التي واجهه بها الشيخ عبدالله وبدلاً عن ذلك اتجه ماكمايكل نحو الإقرار بذلك ضمناً في أوراقه الخاصة المودعة بدرم . وكان الأجدى بالدكتور عابدين كباحث هنا هو الاطلاع على كافة المصادر بخصوص ما أراد أن يكتب عنه قبل أن ينجرف نحو إنكار هذه الحقائق جملة وتفصيلاً .
وقد يكون من المهم ايضاً الإشارة لما أضافه المؤرخ السعودي بروفيسر طلال اسد الذي خصص دراسته عن قبيلة الكبابيش حين ذكر أن موقف عبدالله ود جاد الله مع الادارة البريطانية أكسبه اعجاباً وتقديراً بين السودانيين على الرغم من التكلفة العالية التي دفعها نظير مواقفه الصارمة تجاه الحكم الاستعماري مما أدى لخسارته لمنصب النظارة على المستوى الشخصي .
(The Kababish Arabs: Power, Authority and Consent in a Nomadic Tribe . صفحه 169-170)
‎أما عما قاله ريتشارد هيل .. فإن أي متتبع دقيق لتاريخ تلك الفترة سيلحظ ما احتوى عليه كلام هيل من أخطاء تصل لمستوى المغالطات أحياناً .. إذ انه لم يذكر حتى التاريخ الصحيح لعزل الشيخ بل قال انه عزل من النظارة في عام 1916 . و الصحيح ان الشيخ عزل عام 1910م مباشرة بعد الحادثة. و اشار هيل في نفس كتابه إلى ان الشيخ توفى في عام 1922 . تلك كانت معلومة تاريخية أخرى جانبت الحقيقة .. لأن الشيخ عبدالله و د جادالله بقي على قيد الحياة بعد عزله من الزعامه بين منطقه الشقيق والجزيرة ابا وكان وكيلاً للسيد عبدالرحمن المهدي في الدويم-القطينه كما ورد في كتاب (الامام عبدالرحمن المهدي - مداولات الندوة العلميه للاحتفال المئوى، صفحه 140). وفي نفس الإتجاه ، أشار بروفيسر موسى عبدالله حامد إلى ان الشيخ عبدالله جاد الله كان من الحاضرين ومن قادة فرسان الانصار في زيارة الحاكم العام السير جيفري ارشارد الى الجزيرة ابا في فبراير 1926م (إستقلال السودان بين الواقعية والرومانسية ، صفحه 52). كل هذا يثبت عملياً ان عبدالله ود جاد الله قد عاش بعد عام 1922 وبالتالي يثبت غفلة هيل ومن بعده الدكتور حسن عابدين عن حقائق تاريخية في غاية الأهمية .
‎أما عن واقعة تزويج الإمام المهدي لإبنته من الشيخ عبدالله ود جاد الله التي أشار إليها الدكتور عابدين مخطئاً .. فإن الصحيح هنا .. أنه عندما قامت الثورة المهدية كان عبدالله ود جاد الله دون الخامسة عشرة عمراً . وبالتالي كان يتعين على الدكتور أن يعلم أن زواج الشيخ عبدالله من بنت المهدي قد حدث بعد وفاة المهدي وبالتحديد بعد سقوط الدوله المهدية حينما تزوج السيدة ام سلمة بنت الامام المهدي (ارملة الامير عثمان-شيخ الدين ابن الخليفة عبدالله). لذلك يبقى من المهم هنا الإشارة إلى القول بأن المهدي زوج بنته للشيخ عبدالله في حياته _ كما قال الدكتور _ ليس صحيحاً.
ولكن بالعودة لحادثة كسر القلم فإن عدد من المصادر التاريخيه و منها تقرير حكومه السودان المسمى "كردفان ومنطقه غرب النيل الابيض بتاريخ 1912م" (بعد عامين من الحادثه) ، اشارت الى ان عزل الشيخ كان نتيجه لخلاف حول حقوق ملكية حفير مياه حول ارض كانت مصدر نزاع بين قبيلتي الكبابيش والكواهلة ويبدو أن وجود عبدالله ود جاد الله كطرف في هذا النزاع بتاريخ مواجهاته مع البريطانيين منذ معركة كرري التي قاتل فيها فارساً ضد قواتهم .. قد عزز الخلاف ، حيث لم يستطيع الشيخ الصبر على استفزازات ماكمايكل له حين استجوبه الأخير و جاء رده سريعاً بإنتزاع القلم من يد الخواجة و كسره عنوة أمام جميع الحاضرين . على العموم أشار ذلك التقرير بوضوح لتدخل الحكومة بعد ذلك لعزل ود جاد الله و تعيين احمد عبدالقادر الاعيسر ناظراً للكواهلة.
ويبدو أن سياسه الحكومه لم تختلف مع السنوات حيث يشير المؤرخ البريطاني جستين ويليس انه رغم استقلاليه ادارة الكواهلة من الكبابيش الا ان حكومة السودان قد استمرت في سياستها المعادية تجاه القبائل الموالية تاريخياً للثورة المهدية مثل الكواهلة . و أشار ويليس أيضاً انحياز السلطة الاستعمارية الانجليزية في منطقه شمال كردفان للشيخ علي التوم ناظر الكبابيش؛ حينما ساندته في الثلاثينات لتأسيس محكمه رئيسية لإدارة الكبابيش ووعدته بالسلطه الكاملة على ما حوله من القبائل وذلك عن طريق اضافه محاكم القبائل المجاورة مثل الكواهلة الى محكمته لتكون له الكلمة العليا في شؤونهم .
‎(حكم: كريولية السلطة في السودان الثنائي، صفحه 40).
‎لقد كانت عملية كسر عبدالله ود جاد الله لقلم الاداري ماكمايكل (الذي كان يمثل بريطانيا العظمى) في جوهرها هي إسقاط واضح لهيبة و مهابة كلل بها ماكمايكل سلطته الاستعمارية طويلاً مما أدى لإهانته امام جميع اعوان السلطه والقبائل مما استدعى البروفيسر عبدالله علي ابراهيم للأشارة لأبيات الشاعرة في الاغنية (عشميق الاصم) و التي وثقت لشجاعه ود جاد الله وحادثه كسر القلم :
عليك بجر النم يا دقر الحرائق
أصبحت كاتم السم عشميق الأصم
شدولو ركب فوق اصهبا وحشي
رايو مكملو وكلامو ما هبشي
اديتكم أمانه متقنعه وتمشى
عاشقانى الامانه ضيف الهجعه يتعشى
علكيكا كبير ماكميك جنى هكسى
‎ان مصطلح هكسى المستعمل يشير الى الجنرال البريطاني ويليام هيكس الذي لقى هو وجيشه حتفهم في معركه شيكان التاريخيه بسلاح الثورة المهدية ؛ وقد حلل عبدالله علي ابراهيم ابيات الشاعرة مستورة بت كوكو حين ذكر مقارنة كلماتها لتحدي عبدالله ود جاد الله لماكمايكل وكسره لقلمه بعملية كسر الانصار لجيش هيكس في معركة شيكان.
خلاصة القول ، أن واقعة كسر قلم المفتش البريطاني بواسطة الشيخ عبدالله ود جاد الله قد شكلت في مضمونها رمزية مهمة لأدب المقاومة الشعبية عند السودانيين في مراحل الاستعمار البريطاني الأولى .. لذلك جاء تناقلها عبر الأجيال المتتابعة مناسباً و موازياً لما شكلته تلك الواقعة من أثر عميق في الوجدان الشعبي الوطني ، استند على وقائع تاريخية حقيقية جزمت بصحتها عدد من المصادر المحلية والأجنبية .
28 يوليو 2018
المصدر: الفيس بوك حساب الدكتور عبدالله علي ابراهيم 
Abdullahi Ibrahim‎‏  مشاركة معMahmoud Ali Madibo‎‏

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe