قانون مصادرة حق تكوين النقابات
الحد الأدنى لعضوية النقابة...والتنظيم القسري
عرض/ محمد على خوجلي
تستعين كل اطراف الساحة النقابية السودانية ودائما عندما تكون خارج قياداتها بالقوانين الدولية بشأن الحق النقابي. وتقدم في هذه الفترة (الانتقالية) بضاعتها بهدف الهيمنة (غير المعلن) على النقابات... وظل العمال بأداة قوانين النقابات التي تفرضها الحكومات يواجهون القيود والتدخلات الادارية والتأثير من الخارج .
وهذا العرض، وعروض اخرى ستسلط الاضواء على الموضوعات التي عندما يتضمنها او يغفلها قانون / أو مشروع قانون للنقابات العمالية فانه يتحول الى قانون لمصادرة حق التكوين النقابي والديمقراطية النقابية وهي موضوعات يسهل على القارئ العزيز التعرف عليها دون حاجة الى عون من خبير او اختصاصي او مكتب استشاري...
القوانين الدولية والحق النقابي
- الاعلان العالمي لحقوق الانسان (لكل شخص الحق في ان ينشئ وينضم الى نقابات حماية لمصلحته).
- العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:
(حق كل فرد في تشكيل النقابات والانضمام الى ما يختاره منها ولا يجوز وضع القيود على ممارسة هذا الحق..)
- واعلان التقدم والتنمية الصادر من الجمعية العامة للأمم المتحدة "كل الحريات الديمقراطية للنقابات وحرية التجمع لكل العمال."
- واتفاقيات منظمة العمل الدولية:
(للعمال الحق في تكوين المنظمات التي يختارونها بأنفسهم او الانضمام اليها بدون حاجة الى اذن مسبق ودون الخضوع الا لقواعد هذه المنظمات...)
المؤشر الثابت: احترام قوانين النقابات الوطنية للمعايير الدولية او الحد الأدنى للحقوق النقابية المتفق عليها والتي تستند عليها اطراف الساحة.
الحريات المدنية في الدولة المدنية
الحريات المدنية في الدولة المدنية لا تتجزأ والمجتمع المدني هو الذي يتيح ويدافع عن (حق التنظيم) فلا يجوز مصادرته او تقييده.
وتفرض الحكومات –دائماً- على عمال السودان قوانين نقابات لا تعبر عنهم ولا تمثلهم. والحرية النقابية هي تعبير اخر عن حرية المجتمع: حق الاجتماع وحرية الراي والتعبير ، وحرية النشر وحرية الانتخاب والترشيح.. وغير ذلك. والحرية النقابية تعني اعتراف الاطراف بحق الجمعية العمومية التي تمثل اعضائها في تكوين تنظيمها النقابي واختيار شكل تنظيمها دون قسر قانوني...
سؤال وجواب
تضع قوانين النقابات الوطنية غالبا متطلبات حد ادني للعضوية المؤسسة للنقابة. فمتى يكون الحد الأدنى متفقا مع مبادئ حرية تأسيس النقابات وحرية الانضمام؟
1- اذا كان الحد الادنى يمكن الوصول الية من ناحية واقعيه.
2- يجب الا يكون معرقلا او معوقا لقيام النقابات في الممارسة.
وحق تكوين النقابات هو حق لكل عامل (شخص / فرد) كما القوانين الدولية وهذا الحق يجب ان يكفله القانون الوطني.
أذن: 1- الحد الادنى للعضوية المؤسسة (من حيث المبدأ) تقييد لمبدأ الحرية النقابية
2- وان نتيجة تنظيم الحق يجب الا تكون تعطيله او تقييده.
لجنة الحريات النقابية
وبالمعايير الدولية، وبحسب لجنة الحريات النقابية لمنظمة العمل الدولية فأنه:
(يفضل عدم اشتراط توافر عدد معين من الاعضاء لأنشاء النقابة واذا كان ذلك الاشتراط ضروريا من وجهة نظر المشرع الوطني فانه لا ينبغي ان يزيد هذا العدد عن عشرين عضواً).
قانون المنظمات النقابية العمالية المصري
حدد قانون المنظمات النقابية العمالية المصري للعام 2017م ، الحد الأدنى للعضوية المؤسسة للنقابة بمائه وخمسين عضواً. وبأثر الشكاوى التي رفعت الى منظمة العمل الدولية، اصدر مجلس الوزراء المصري في 22مايو 2019م (مستبقا انعقاد مؤتمر منظمة العمل الدولية) تعديلات لبعض احكام القانون فقرر:
1- الحد الادنى للعضوية المؤسسة للتنظيم النقابي خمسين عاملاً.
2- المنشآت التي يقل عدد العمال فيها عن خمسين عاملاً وكذا العاملين من ذوي المهن والحرف يتم تكوين لجنة نقابية مهنية عمالية على مستوى المدينة/ المحافظة لا يقل عن خمسين وذلك بالاشتراك مع غيرهم من العاملين المشتغلين في مجموعات مهنية او حرفية او صناعات مماثلة او مرتبطة ببعضها او مشتركة في انتاج واحد.....وفقا للمعايير الدولية المطبقة في هذا الشأن.
الحد الأدنى للعضوية المؤسسة في السودان
اولاً: من المعلوم ان الحد الأدنى للعضوية المؤسسة للنقابة يتم النص عليه في صلب القانون، لا اية لوائح، وكذلك الفئات التي ينطبق عليها القانون.
ثانياً: الحد الادنى للعضوية المؤسسة منذ قيام النقابات 1948م كان (عشره) (ثلاثين) (وخمسين).
ثالثاً: كل قوانين النقابات التي صدرت في السودان نصت على الحد الأدنى للعضوية المؤسسة باستثناء قانون 2010م حيث تم النص عليه في لائحة تكوين النقابات (غير مستوفية للإجراءات القانونية) بالمادة (5):-
- يجب ان لا يقل عدد اعضاء الهيئات النقابية عن مئتين وخمسين عضواً.
- وتتكون الهيئات الفرعية على اساس المنشأة او القطاع او الصناعة او المخدم او المحلية او المهنة ويجب الا تقل عضويتها عن مائتي عضو.
- وتتكون الوحدة النقابية وفق النظام الاساسي في المواقع التي لا تقل فيها العضوية عن مائة عضو.
مصادرة حق تكوين النقابات
1- وفقا للمسح الميداني الذي تم اجراءاه من خلال مشاريع منظمة العمل الدولية في السودان (2013|) فان عدد الاجراء في المشاريع الصغيرة والصغرى والمتوسطة المسجلة في السودان بلغ حوالي 20% من جملة الوظائف القائمة (1,5 مليون).
(وجميع هذه المنشأة / المشروعات يقل عدد المستخدمين عن خمسين في المنشأة/ المشروع الواحد).
2- وتصل نسبة العمال من العمالة المستضعفة (تقرير منظمة العمل الدولية عن سياسات الاستخدام في السودان) وهى العمالة التي لا تطبق عليها أي قوانين 52% من اجمالي العمال. والنساء اكثر عرضة بكثير لخطر الوجود ضمن العمالة المستضعفة مقارنة بأقرانهن من الذكور 66.2% و 47.7% على التوالي. على الرغم من ان الرجال يشكلون الكتلة الاكبر ، حوالي اربعة ملايين عامل.
3- وان معدل نمو القطاع المتوسط 77% سنويا وان العدد الاجمالي للعاملين في القطاع غير المنظم يمثل 65% من العمال (واحد من اصل خمسة اشخاص من العمالة غير المنظمة من الشباب).
وعلى ذلك: عندما يقرر قانون ان الحد الادنى المؤسس للنقابة مائة او حتى خمسين فانه يصادر حق تكوين النقابات وعندما يفرض قانون شكل التنظيم بالفئة لألاف المنشآت الصغيرة فانة ايضا يصادر حق تكوين النقابات.
4- والمسح الصناعي (2011) بشراكة وزارة العمل والجهاز المركزي للإحصاء ومنظمة العمل الدولية فمن نتائجه (2013) من جملة 30 مليون من السكان (عدد السكان التقديري في 2018 حوالي 42 مليون)
قوة العمل 9,3 مليون والمشتغلين 7,5 مليون
اكثر من 3,5 مليون منهم اجراء و 42% يعملون لحساب انفسهم (نقابات المهنة العمالية)
وحملة الشهادات الجامعية يمثلون 10% من المشتغلين.
اذن: فان عدد العاملين المتوقع تكوينهم لنقابات يصل الى سته مليون وان 84% من المشتغلين لا نقابات لهم.
لكن: عضوية اتحاد نقابات عمال السودان في 2018 حوالي المليون او تزيد قليلاً.
أنظر: عدد المشتركين في نظام المعاشات والتامين الاجتماعي في 2018 ايضا حوالي المليون. فما هي العلاقة؟
5- واذا فرض قانون للنقابات ، الفئة وحدها شكلاً للتنظيم وقام بإلغاء نظام المنشأة نهائيا بالواقع الذي سلطنا الضوء على بعضه ، فأنه ايضا يصادر حق التكوين النقابي لذات الملايين التي حرمها الحد الادنى المؤسس للنقابة من تكوين النقابات وفي الحالتين تتم معارضة المعايير الدولية التي تستند عليها كل الاطراف.
القانون الذي يحترم المعايير الدولية
1- لا ينص على الحد الأدنى للعضوية المؤسسة مع الاشارة لتطبيق المعايير الدولية بشأنها.
2- يتم النص عليها في القانون لا اللائحة.
3- لا يزيد الحد الادنى عن عشرين عندما ينص عليها في القانون.
4- لا ينوب عن الجمعيات العمومية في اختيار شكل التنظيم.
ومن النتائج: ان أي قانون/ مشروع قانون للنقابات صرف النظر عن شكل التنظيم الذي يفرضه (قسرا) منشأة/ فئة ممكن ان يتحول الى قانون بمصادرة حق التكوين النقابي.
والحل: التأكيد على الحرية النقابية في الدولة المدنية وترسيخ حقوق الجمعية العمومية.
أنظر...واختار..
للتواصل: هاتف: 0126667742 بريد الكتروني:
khogali17@yahoo.com
Comments
Post a Comment