عجوزان
هيلاري كلينتون ودونالد ترامب نقيضان متوازيان. التناقض لا يعكس فقط التمايز الجنسي أو الانتماء الحزبي. على قدر التعاطف بين هيلاري والقاعدة الديمقراطية تضطرب العلاقة بين ترامب والوسط الجمهوري.
التعاطف على الصعيد الديمقراطي لا ينبع من قناعات بقدر ما هو وليد انطباعات. الحزب يرى في هيلاري فرصة لتحقيق إنجاز تاريخي. دخول سيدة البيت الأبيض يكتب تاريخاً أميركياً، إذ تكون أول امرأة تدير شؤون الولايات المتحدة. ذلك سبق لا يبدو قريب المنال من الجمهوريين.
هيلاري لا تتمتع بقسمات الكاريزما على نحو يؤكد فوزها في السباق الرئاسي. امرأة عادية عارية من سطوة الجاذبية وهيبة الإقناع. هي سيدة صلبة أثبتت قوة معدنها في وجه فضيحة مونيكا لوينسكي. عندما هبت العاصفة اهتز الزوج والحزب والإدارة بينما تسلحت الزوجة بالثبات والصمود. حينما تولت حقيبة الخارجية لم تحقق اختراقاً غير أن أداءها لم يخل من الديناميكية.
فوز هيلاري يشكل إغراء أميركياً إذ ستلحق الدولة الأعظم بركب أقطار في الغرب والشرق حققت إنجازاً حضارياً عندما انتخبت نساء لإدارة شؤون شعوبها.
هكذا تلحق هيلاري بقامات من طراز، بندرانيكا، مارغريت تاتشر، انديرا غاندي، انغيلا ميركل، غولدا مائير، كرستينا فرنانديز وايفا بيرون.
دونالد ترامب ليس إغراء جمهورياً. هو رجل يفرض نفسه بجرأته وثروته. غالبية الجمهوريين لا يريدونه مرشحاً حزبياً أو مستقلاً. هو وبال عليهم في الحالتين.
ترامب ليس خياراً مطلوباً على مستوى الحزب لأنه لا يجسد أنموذج المنافس الجمهوري ومن ثم صورة الرئيس. دخوله المعركة الانتخابية مستقلاً يحدث تآكلاً على مستوى القاعدة الجمهورية إذ يملك ما يجعله قادراً على الاستئثار بقطاع من معسكر اليمين العريض. عناصر الانشقاقات داخل المعسكر أكبر من كل فرص التوحد تجاه ملك العقارات العجوز.
Comments
Post a Comment