السيسي وزيارة موسكو: تصفير الدور المصري
يبدو أن سياسة إرضاء الجميع التي يحاول الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي انتهاجها مع حلفائه الإقليميين والدوليين حول الملفات اﻹقليمية العالقة، وفي المقدمة القضية السورية، لن تؤتي أكلها وستضع الأحداث نهاية سريعة لها.
اقرأ أيضاً: زيارة السيسي اقتصادية إلى موسكو... وحياد سوري
اقرأ أيضاً: زيارة السيسي اقتصادية إلى موسكو... وحياد سوري
فحديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع السيسي بعد لقائهما في موسكو، أبرز نية موسكو تشكيل تحالف ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سورية، وذكر بوتين خلاله باقتضاب أن من المقرر ضم مصر إلى هذا التحالف، وأن يكون نظام بشار اﻷسد أيضاً ضمن هذا التحالف.
ومما لا شك أن ما دار في الغرف المغلقة حول هذه النقطة أكثر وأعمق مما ذكره بوتين، غير أن الإعلام المصري، ومن خلفه مؤسسة الرئاسة،
لم يركز إﻻ على اﻻتفاقيات المبدئية بين الطرفين، غير النهائية، بشأن الطاقة الكهرونووية والمنطقة الحرة الروسية بقناة السويس، والتي اقتصر التطور فيها على توقيع مذكرة تفاهم حول المحطة النووية بالضبعة مع شركة "روس آتوم" مع عدم قبول عرضها نهائياً، إضافة إلى ما نقلته وسائل الإعلام الروسية من ترحيب بوتين بمشروع المنطقة الحرة.
وظهر بوضوح من خلال بيان الرئاسة المصرية عن لقاء السيسي وبوتين أن النظام المصري يحاول إرضاء الجميع، لذلك اكتفى بالحديث عن "اتفاق كامل في وجهات النظر حول ضرورة الحل السياسي في سورية مع الحفاظ على كيانات الدول ومؤسساتها".
ويعبر استخدام عبارة "كيانات الدول" الواردة في البيان عن رفض مصر، وكذلك باقي الدول العربية، لأي مقترحات لتقسيم سورية على أسس طائفية أو سياسية، غير أن استخدام لفظ "المؤسسات" يثير قلق حلفاء مصر الإقليميين، وفي المقدمة السعودية التي أكدت رغم تقاربها مع روسيا أن بشار اﻷسد ورقة محروقة وجزء من المشكلة ﻻ الحل.
وتدفع تصريحات بوتين السيسي إلى أن يوضح أكثر من أي وقت مضى موقفه من نظام اﻷسد، واﻻختيار بين الدخول في تحالف روسي عسكري تنشده موسكو في المنطقة، قد يضم أعداء تقليديين للسعودية، وبين اﻻستمرار في "تصفير" الدور المصري إقليمياً، والوقوف على الحياد في محاولة الحصول على مكاسب اقتصادية من جميع اﻷطراف، وبين انتظار حدوث تقارب حقيقي بين روسيا والسعودية.
وأكّدت مصادر دبلوماسية مصرية فضلت عدم نشر اسمها لـ"العربي الجديد"، أن مستشارين سياسيين للسيسي اقترحوا عليه تغيير وتيرة العلاقة مع روسيا والسعودية حول الملف السوري، بلعب دور وسيط بين الطرفين للتقريب بينهما، والدعم اﻹيجابي لأي محاولة إقليمية أخرى لتحقيق موقف موحد ولو مؤقت بين الرياض وموسكو.
وأضافت المصادر أن من السيناريوهات المطروحة حالياً، أن تسعى مصر ﻹقناع السعودية بالدخول في التحالف الروسي ضد "داعش" باعتبار بقاء التنظيم خطرا مشتركا يحدق بالمنطقة، مقابل تجميد مسألة نظام اﻷسد مؤقتاً.
ورفضت المصادر الربط بين هذا المشهد المرتبك وبين طلب السعودية اﻷخير تأجيل اجتماع مجلس الدفاع العربي المشترك الذي كان مقرراً أمس، موضحة أن القيادة السعودية ماتزال غير موافقة على بروتوكول القوات العربية المشتركة الذي أعدته مصر واﻹمارات، وتسعى لإدخال تعديلات عليه أو تعطيل المشروع لحين إنهاء الأزمة في اليمن على اﻷقل.
ويعود الخلاف حول هذا البروتوكول إلى الخلاف بين الرياض من جهة، والقاهرة وأبوظبي من جهة ثانية، حول تعريف الجماعات والمنظمات اﻹرهابية وكيفية اتخاذ قرار التحرك، ونطاق الأعمال الدفاعية والهجومية.
في سياق مصري آخر، أصبح في حكم المؤكد أن يجري السيسي جولة آسيوية أخرى في اليابان وكوريا الجنوبية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، بعد الجولة اﻵسيوية اﻷولى التي يبدأها بعد يومين إلى سنغافورة، والصين، وإندونيسيا، وبعد زيارة الهند المقررة في أكتوبر/تشرين الأول للمشاركة في مؤتمر قمة الهند أفريقيا.
وقالت مصادر في وزارة الصناعة لـ"العربي الجديد"، إن الزيارات المقبلة تتشابه في محاولة جذب أكبر قدر من اﻻستثمارات، وإن الحكومة تسعى لرسم مخطط يقسم الجزء اﻷكبر من منطقة قناة السويس المستهدفة بمشروع التنمية المزمع، لإنشاء مناطق حرة لوجيستية وصناعية لدول مثل روسيا والصين واليابان والهند وألمانيا، على أن تدير هذه الدول مناطقها لمدة زمنية محددة ثم تؤول إلى الحكومة المصرية.
أما الزيارة اﻷخيرة الخارجية للسيسي في العام الحالي والمقررة إلى لندن، فهي ماتزال محل إعداد ودراسة بين حكومتي البلدين من الناحيتين السياسية واﻷمنية، خصوصاً وأنه من المنتظر أن تكتظ العاصمة البريطانية بالفعاليات المعارضة ﻻستقبال السيسي.
اقرأ أيضاً: السيسي في موسكو: استثمارات وتسليح.. وسورية
Comments
Post a Comment