د.سعاد إبراهيم عيسى تكتب: جامعة الأحفاد للبنات, المفترى عليها

د.سعاد إبراهيم عيسى تكتب: جامعة الأحفاد للبنات, المفترى عليها

الإثنين, 22 كانون2/يناير 2018 15:07

отдых в Альпах
Joomla 3.5

بداية وحتى يعلق أحدهم, الناس في شنو والحسانية في شنو؟, وهو ذات السؤال الذي ظل مطروحا لمثل ذلك السائل, ممن انصرفوا عن قضيتهم الأساسية المصيرية,  المتمثلة في البحث عن كيفية الخروج من براثن الجوع الجهل والمرض, الفقر والقهر, التي أدخلتهم فيها حكومة الإنقاذ بسياساتها الفاشلة, وقراراتها الباطشة, وهي القضية التي يجب أن تعلو على كل ما عداها, لكن انصرف البعض عن قضيتهم, إلى كيفية أن يجعلوا من, حبة حادثة الأحفاد قبة, تعلو على كل تلك القباب من المشاكل, التي شيدتها الحكومة السودانية, بسياساتها الفاشلة وتبريراتها  سيئة الإعداد والإخراج... 

ولذلك كان لزاماً علي توضيح بعض الحقائق لإجلاء الموقف حتى لا أكون كمن نهى عن خلق واتى مثله, بأن أنصرف أنا الأخرى إلى ذات القضية, التي أعبت على الآخرين مداومة الخوض فيها وفي ذات هذا الوقت العصيب.

.أولا, ما كان لأعود إلى قصة الأستاذ قاسم بدري وجامعته, خاصة وقد ظننت بان سيادته قد أغلق كل الأبواب التي فتحت تجاهه بسبب ضربه لبعض طالباته, باستجابته لمطلب العاقلين الذين رأوا ضرورة وأهمية  أن يتقديم سيادته باعتذاره عما حدث, لكل من يهمهم الأمر, ففعل. ثم لحق بذلك قرار مجلس أمناء جامعته الذي استجاب هو أيضا لطلب التحقيق في الحدث والوصول إلى نتائج, أما لاعتذار الأستاذ قاسم أو إقالتة من موقعه, فأمن المجلس على ما تقدم به أستاذ قاسم من اعتذار, مع توضيح أصل تقلد قاسم لذلك الموقع, ومدى ثقتهم في قدراته وإدارته. وكان كل ذلك كافيا لإغلاق هذا الباب, إلا أن البعض لم يكتف بذلك, بل استمر في اجترار الموضوع, وإقحام الكثير من الاتهامات الباطلة, والافتراءات المقصودة لجامعة الأحفاد للبنات, مما يتطلب التصدي لها بتبيان حقائقها.

وبالطبع لا نشك إطلاقا, في أن الغالبية الغالبة ممن تصدوا لتلك الحادثة, ما فعلوا ذلك إلا بدواعي الغيرة والاهتمام والحرص على جامعتهم, التي لم تخيب ظنهم فيها, خاصة من عرفوا فضلها ونهلوا من فيض علمها, وشاهدوا وشهدوا على سطوع نجمها, وفي ذات الوقت  إدراكهم لمدى استهدافها من أعداء النجاح, المتربصين بها ومن أكثر من جانب, وإلا من الذي التقط تلك الصور لتلك الحادثة وفي حينها, وأرسل بها بمثل تلك السرعة, إلى كل مواقع التواصل الاجتماعي والأسافير, وجعلوها مشكلة المواطنين الأساسية؟ 

ثانيا, أنا بالطبع ضد قهر النساء في أي صورة من صورها, وخاصة ضربهن الذي يمثل قمة القهر, كان ذلك الضرب من الأب, الأخ, الزوج أو المعلم, وعلى الأخص من النظام الحاكم, الذي اعتمده وسيلته المحببة لقهر النساء, فاختط له قانوناً يبيح ويبرر له ذلك الفعل الشائن القبيح.. وهو فانون النظام العام.. ولذلك لست هنا بصدد تبرير ما حدث, ولكن لإجلاء بعض الحقائق, بعد أن انحرف بها البعض, وتخطى بها الواقع والمعلوم.

أما لماذا فعل الأستاذ قاسم بدري ذلك الفعل الذي لا يشبهه؟, فلابد من أن تكون هنالك حقيقة غائبة, توضح ما الذي جعله بخرج عن طوره, فبتصرف بمثل ذلك العنف, وهو المعروف بهدوئه ورزانته, وأدبه وتواضعه الذي لا مثيل له, وهو المعروف بعطفه وهبته لنجدة وحماية كل من يستنجد به, وعلى الأخص طالباته, اللائي درج على الوقوف بجانبهن في اى من ملماتهن, وهو الذي يتصدى لنجدنهن من براثن قانون النظام العام وقهره الذي كان لطالبات الأحفاد النصيب الأكبر من ويلاته..

فقد ذهب البعض لاتهام الأستاذ قاسم  بأنه قد حرم الطالبات من حقهن في الخروج للتعبير عن رفضهن للغلاء, الذي طالهن داخل جامعتهن, ومن قبل طال أسرهن وكل جماهير الشعب السوداني, وهن الأكثر دراية وعلم ببؤس حاله, بموجب وصولهن له في عقر داره, عبر زياراتهن لمختلف أرياف ولايات السودان, وفي وقت معلوم من كل عام, دراسي, لم يسبقهن عليها أو يشاركهن في مثلها, طالبات أي من مؤسسات التعليم العالي الأخرى بالسودان...

ولعل الذين أطلعوا على تلك الصور قد شاهدوا سيادته, وهو يتقدم صفوف طالباته, وهن متجمعات  خارج قاعات الدراسة, ولم نره وهو يدفعهن للرجوع لتلك القاعات, ولكنه كان بصدد منعهن من الخروج إلى الشارع العام, وبكل ما به من مخاطر لا يجهلها أي مواطن, على رأسها العنف المفرط الذي ظلت  تتعامل به قوات الأمن والشرطة المنتشرة بالطرقات مع أي مواطن يقع بين يديها..

وبما انه من السياسة المتبعة بجامعة الأحفاد للبنات, ألا يسمح بخروج الطالبات للشارع العام في مثل هذه الظروف, أثناء ساعات الدراسة, خوفا عليهن من بطش الشارع, لا حرمانا لهن من حقوقهن في التعبير, الذي يمكن ممارسته من منازلهن وتحت مسئولية أسرهن, فهل لأستاذ قاسم في مثل هذه الحالة, ومثل هذا الظرف, أن يتغاضى عن كل ذلك  ويتخلى عن مسؤوليته في حماية طالباته,  فيسمح لهن بالخروج بكل مخاطره, رغم أن حق التعبير بالتظاهر داخل محيط الحرم الجامعي لم يكن محظوراً. وقد شاهدنا الأستاذ قاسم وهو يتقدم تجمع الطالبات بعد خروجهن من قاعات الدراسة ولم نشهده وهو يدفعهن للعودة اليها.

أما الذي حاول بان يذم جامعة الأحفاد للبنات بما هو مفخرة لها, يقول بأنها تتلقى الدعم من جهات خارجية كما ذكر, ورغم جهلنا بالعيب في ذلك, والحكومة ذاتها تتلقى الدعم من الخارج, ونزيده علما, بان الأحفاد تتلقى الدعم من المؤسسات الخيرية والشركات غير الحكومية بالداخل وبما لا تحظى به غيرها من الجامعات أهلية أو خاصة.

أما لماذا انفرادها بمثل ذلك الدعم دون سواها, فللثقة التي تتمتع بها بين الجهات الداعمة, بعد أن اختبرتها وتأكدت من أن كلما يمنح لجامعة الأحفاد, يصرف بأكمله حيث خصص له, ولا يعرف طريقاً للوصول إلى جيوب القائمين على أمرها, ولا مجالا لخدمة اى من أغراضهم الخاصة. الأمر الذي جعل جامعة الأحفاد للبنات, في حالة تطور مضطرد شكلا ومضمونا, حتى تقدمت صفوف كل مؤسسات التعليم العالي حكومية وغيرها بالسودان, بل وبإفريقيا, وفى الطريق إلى العالمية.قريبا أن شاء الله..

ونسال الناقد للأحفاد هذا,عن كيف لجامعة تجد كل ذلك الدعم من الخارج والداخل كما أضفنا له, أن تصبح جامعة تجارية تركض خلف الربح, وهي من أكثر المؤسسات التعليمية ابتعاداً عن كل ذلك, بل هي أقرب للوصف بأنها جامعة خيرية, إذ لا توصد أبوابها أمام أي ممن يقصدها للمساعدة في تعليم بناته فلا ترده صفر اليدين أبداً. ولا نود أن نشير إلى أنواع التجارة التي أصبحت تمارسها الكثير من الجامعات الحكومية, بعد تخلت الحكومة عن دعمها القديم لها.

ثم من من جامعات السودان قاطبة, حكومية وأهليه وخاصة, في مقاعد دراستها, حق معلوم للسائل والمحروم, عدا جامعة الأحفاد للبنات؟, التي فطنت لعجز الأسر بالمناطق التي يصفونها بالتهميش, عن مواصلة تعليم بناتهن لمراحل التعليم العالي بسبب  العجز عن الإيفاء بمطلوباته, وكانت فكرة المنح الدراسية التي فتحت الباب واسعا خاصة لبنات جنوب السودان وغربه وغيرهن, لتمكينهن من  مواصلة تعليمهن.

أما الذين نادوا باستقالة قاسم من موقعه, وبصرف النظر عن انه فد ورث هذا الموقع بمؤهله وبكفاءته وقدراته,عن والده, الذي أحسن تربيته ليجلس على مقعده, ولم يعتليه بالتعيين لولائه لأي جهة كانت, نسألهم, بداية عمن ذا الذي سيقبل بان يخلفه في الموقع, وفي ذات مكتبه الذي يمثل قمة التواضع والبساطة التي يتحلى بها صاحبه, وهو الوضع الذي لا يليق طبعاً, بمدراء الجامعات اليوم, أو حتى بسكرتيراتهم أو مدراء مكاتبهم.. ثم من المدراء سترك أبواب مكنيه مشرعه ليغبرها كل صاحب حاجة دون أن يعترضه الكثير من العوارض على رأسهم الحرس الجامعي. والحرس الخاص في بعض الأحول؟

وقصة أن هذه الجامعة قد استأثرت بها أسرة آل بدري, فعلى المحتجين أولا أن يعلموا أن اسمها جامعة الأحفاد, مما يعني بأنها جامعة، خاصة بالأبناء وأحفادهم  بتسلسل دائم, ولكنها لا يعني بان يقوم أولئك الأحفاد باستغلالها لمصالحهم الخاصة, وهو الأمر الذي لم ولن يحدث, بدليل أن أصولها قد تم تسجيلها بداية, باسم الشعب السوداني, الذي وجد نصيبه فيها كاملا عبر تعليم بناته القادرة منهن والعاجزة. ثم ما الذي يمنع من أن تحتلها أسرة الشيخ بابكر بدري, وهي الأسرة التي يرجع إليها كل الفضل في انتشال بنات السودان من غياهب الجهل والخرافة, إلى أضواء العلم والمعرفة. فالشيخ بايكر بدري عميد هذه الأسرة, هو رائد تعليم المرأة بلا منازع, وهو الذي تصدى لكل العقبات التي وضعها الإستعمار في طريق تعليمها, حتى تكللت جهوده بالوصول إلى فتح أول مدرسة أولية للبنات بمنزله بمسقط رأسه, بمدينة رفاعة عام 1907م. ألحق بها كريماته وبعضاً من كريمات أهله وأصدقائه،

وتولى الشيخ بابكر بدري تلك البذرة التي غرس لتعليم البنات, بكل الرعاية والحماية حتى تعمقت جذورها, وأخذت في النمو والتطور, فأعقبه ابنه السيد يوسف بدري وتولى  تلك الرعاية حتى شبت شجرة تعليم البنات وأثمرت أفضل ثمار تمثل في الوصول إلى مراحل التعليم العالي, الذي توجته جامعة الأحفاد للبنات مفخرة السودان ونساء السودان, وأخيرا يتولاها الأستاذ قاسم الذي ارتقى بها حتى أصبحت جامعة الأحفاد للبنات على قمة مؤسسات العليم  العالي.. فمن من غير أحفاد ذلك الشيخ يمكن أن تنجز ما أنجزوا؟.

أخيراً, فضونا من قصة الأحفاد بعد أن استنفدت كل أغراضها وحققت كل أهداف استمرار العزف على أوتارها فشغلت الناس عما هو حاصل بهم وحولهم, فقوموا لإكمال ما بدأتم من رفض لذلك الحاصل. يرحمكم الله..