Skip to main content

علاء الأسواني: قراءة في عقل همجي..

علاء الأسواني: قراءة في عقل همجي..

في هذا المقال* يشرح علاء الأسواني كيف يفكر الإرهابيون.
Kolumnisten Al-Aswani
ثلاثون قبطيا في المنيا قتلهم الإرهابيون بدم بارد أمام أطفالهم. ماذا سيحدث بعد المذبحة؟ لن يجرؤ أحد بالطبع على اتهام الأمن بالتقصير لأن وزارة الداخلية غير مسموح بانتقادها في عصر السيسي، ستتوالى الإدانات للإرهاب في وسائل الإعلام وسيخرج علينا الشيوخ ليحدثونا عن سماحة الإسلام. أما الإعلاميون والممثلون ولاعبو الكرة فسيبكون على الضحايا في التليفزيون وسيستغلون الفرصة للإشادة بحكمة السيسي وعبقريته. هكذا الدورة المعتادة بعد كل مذبحة ضد الأقباط ثم ينسى الجميع الموضوع، حتى يفيقوا على مذبحة جديدة. الإسلام دين إنساني عظيم ومتسامح لكن الفقه الإسلامي الذي نتبع أحكامه قام بتأليفه فقهاء بشر مثلنا عاشوا منذ ألف عام ولم يعد يصلح لعصرنا، الإرهابيون الهمج يستندون إلى نصوص فقهية تبرر له جرائمهم البشعة. المسيحيون في نظر معظم الفقهاء كفار.
سيقول البعض إن المسلمين أيضا كفار في نظر الكنيسة. هذا صحيح. الدين اعتقاد حصري. كل دين يعتبر أنه الوحيد الصحيح وبقية الأديان في ضلال، لكن المشكلة في الفقه (وليس في الإسلام) أنه ينتقص من حقوق الأقباط لأنهم كفار . معظم الفقهاء يعتبرون المسيحي أقل منزلة من المسلم، ولا يجوز الاستعانة به في المناصب إلا عند الضرورة وهناك واقعة في كل المصادر تؤكد أن سيدنا عمر بن الخظاب نهر أبا موسى الشعري لأنه استعمل كاتبا مسيحيا، وقال له "لا أكرمهم (النصارى) إذ أهانهم الله ولا أعزهم إذ أذلهم الله".
معظم الفقهاء يرفضون شهادة المسيحي ضد المسلم في المحاكم باستثناء حالة واحدة عندما يكون المسلم على سفر ثم يحضره الموت ولا يجد من يبلغه وصيته إلا رجل مسيحي. يرى معظم الفقهاء أنه إذا تم قتل المسيحي بطريق الخطأ فإن قاتله يدفع نصف الدية التي يدفعها إذا كان المقتول مسلما. كما أن المسلم لا يقتل بكافر، عملا بحديث صحيح للرسول عليه الصلاة والسلام ورد في البخاري. بمعنى أن المسلم إذا قتل قبطيا لا يجوز أن يحكم بإعدامه، وإنما يكتفي بدفع الدية. أي أن الإرهابيين الهمج الذين ارتكبوا هذه المذبحة البشعة لا يجوز الحكم بإعدامهم عند معظم الفقهاء. الفقه الإسلامي بشكله الحالي لا يصلح لإقامة دولة المواطنة لأن المسيحي عند معظم الفقهاء مواطن من الدرجة الثانية ولا يجوز أن يتمتع بنفس حقوق المسلم.
لماذا يقتل الإرهابيون الأقباط بشكل ممنهج؟ لأنهم يعتبرون أنهم كانوا أهل ذمة ونقضوا العهد. أهل الذمة هم الكفار المقيمون في ديار الإسلام. الإرهابيون يعتبرون حكم الإخوان حكم الإسلام ويعتقدون أن الأقباط نقضوا العهد في 30 يونيو عندما انضموا إلى الشعب في عزل مرسي. عند معظم الفقهاء: إذا نقض أهل الذمة العهد وأعانوا أهل البغي على قتل المسلمين، فإن دمهم ومالهم مباح لأنهم تحولوا من أهل ذمة إلى كفار محاربين يجب قتلهم.
الإرهابيون يقيسون ما حدث في 30 يونيو على مافعله الرسول صلى الله عليه وسلم مع بني قريظة، وهي قبيلة يهودية كانت في المدينة وعاهدها الرسول على الأمان، لكن يهود  بني قريظة خانوا المسلمين في غزوة الخندق وساعدوا الكفار ولما انتصر المسلمون أمر الرسول بقتل رجال بنى قريظة وسبي نساءهم وأطفالهم.
لماذا طلب الإرهابيون من الأقباط النطق بالشهادتين ولما رفضوا ذلك قتلوهم..؟ لأنهم يعتقدون أنهم ينفذوا حديث الرسول: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا اله الا الله وأن محمدا رسول الله فاذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم".
هذه قراءة سريعة في فكر  الارهابيين وهذا الكلام يعرفه الشيوخ الذين يظهرون في النليفزيون بعد كل مذبحة ليدينوها لكنهم لا يفعلون أي شيء من أجل تغيير الفقه الذى يسمح بمثل هذه الجرائم. الإسلام الحقيقي دين المحبة والسلام لكن الفقه القديم الذي نقرأ منه غير صالح لأنه متخلف عن العصر ويقدم لنا أحكاما تساعد على القتل. نحتاج إلى فهم جديد للدين، إلى فقه جديد يحترم حقوق الإنسان ويطبق مفاهيم الإسلام الحقيقية على حياتنا المعاصرة.
للأسف كلما طالبنا بفقه جديد خرج علينا الإسلاميون المتطرفون بشتائمهم ولعناتهم لأنهم يعتبرون كل من ينادي بالتجديد عدوا للإسلام، كما أن النظام الاستبدادي الذي يحكم مصر لايهمه في الواقع إلا أن يبقى في الحكم وهو يقول شيئا ويفعل عكس ما يقول، إنه ينادي بتجديد الخطاب الديني ثم يحاكم المجددين بتهمة ازدراء الأديان لأنه يريد أن يقنع المسلمين البسطاء بأنه حريص على الدين أكثر من الإخوان الذين يصارعونه على الحكم.
نظام السيسي يفتح المجال للسلفيين الذين ينشرون خطاب الكراهية والتعصب، هذه المعاملة المميزة للسلفيين سببها تعاون السلفيين مع أجهزة الأمن وعلاقتهم الوطيدة بالسعودية. كما أن النظام يستعمل تطرف السلفيين كفزاعة ليقول للناس إذا لم تقبلوا بالديكتاتورية سيحكمكم الإرهابيون.. السلطة في مصر استعملت قانون الطواريء للتنكيل بمعارضي السيسي بدلا من مقاومة الإرهاب. المجهود الذي تبذله وزارة الداخلية في اعتقال الشباب بسبب تعليقاتهم على فيس بوك، لو أنها بذلته في تعقب الإرهابيين لما حدثت المذبحة. لا يمكن القضاء على الإرهاب إلا بقراءة جديدة للدين والتخلص من الفقه القديم الذي هو سبب تخلف المسلمين عن الحضارة، لا يمكن تجديد الفكر الديني إلا في إطار دولة مدنية ديمقراطية، الأنظمة الاستبدادية لا تعبأ بالفكر ولا بأرواح المواطنين، كل ما يهمها الاستمرار في السلطة مهما يكن الثمن ومهما سالت دماء الأبرياء.
الديمقراطية هي الحل
draswany57@yahoo.com

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil...

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن...

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m ...