روسيا - السعودية.. من القطيعة إلى أفق جديد
تشهد العلاقات الروسية السعودية تحسنا مضطردا رغم ما يشوبها من تعقيدات، وقمة اليوم في موسكو تؤكد على تطور هذه العلاقات غير المسبوق في انتظار مزيد من الشراكة خدمة لمصلحة الجانبين.
وبالوقوف على تاريخ العلاقات بين موسكو والرياض التي تمتد لأكثر من تسعين عاما، والقطيعة التي جمدتها لخمسين عاما، يبدو أن أواصرها لا يمكن فكها حتى ولو قطعت لخمسة عقود.
انبعاث العلاقات بين موسكو والرياض سنة 1990، ومرحلة الانفتاح وما أعقبها في الاتحاد السوفيتي وروسيا بعده، رسم بالأحرف العريضة طبيعة الشراكة القديمة الجديدة، وأسس لعلاقات تعاون حددت معالمها زيارة الرئيس فلاديمير بوتين إلى الرياض سنة 2007 والتي كانت الأولى من نوعها لزعيم روسي في ثمانين عاما.
علاقات البلدين استمرت في التطور الرتيب في ميادين الاقتصاد والمشاريع المشتركة، رغم تأزمها في المضمار السياسي على خلفية الأزمة السورية وتضارب سبل الرياض وموسكو في تسوية أزمة بلد شقيق للسعودية وصديق استراتيجي لروسيا، رغم وحدة هدفهما هناك.
اللقاء الذي جمع الرئيس بوتين بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز على هامش قمة "الـ20" الكبار في تركيا شتاء 2015، أعطى زخما جديدا للعلاقات بين موسكو والرياض، وحث عجلة تطبيق اتفاقات المشاريع المبرمة بقيمة 10 مليارات بين البلدين، وتكلل لاحقا بصياغة البلدين موقفا موحدا تجاه أسعار النفط للحد من تقلباتها، بما يخدم الاقتصادين الروسي والسعودي والاقتصادات المرتبطة بهما.
وبين القواسم المشتركة التي تجمع البلدين، وتحتم عليهما التعاون وأخذ كل منهما بمصالح الآخر، أكثر من عشرين مليون مواطن مسلم في روسيا، أو زهاء 13,5 في المئة من إجمالي أبنائها، يحج إلى الديار المقدسة عشرات الآلاف منهم سنويا، لتسهم رحلاتهم كذلك في تعزيز أواصر التعاون الروسي السعودي ورفده.
زيارة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى موسكو اليوم، واستقبال الرئيس فلاديمير بوتين له في الكرملين، جاءت نتاجا طبيعيا للتطور المتوازن الذي تشهده العلاقات بين البلدين الطامحين لعلاقات استراتيجية تسم الشراكة في شتى الميادين، لاسيما وأن التبادل التجاري بين موسكو والرياض قد حقق نموا غير مسبوق في الآونة الأخيرة وسجل زيادة قدرها 130 في المئة حسب الرئيس بوتين الذي فاخر بهذه الزيادة في حضرة ضيفه الذي طالب بدوره بإحراز المزيد.
المصدر: RT
صفوان أبو حلا
Comments
Post a Comment