هافينغتون بوست عربي -
قرر القضاء المغربي اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن الظاهرة الجديدة، التي تفشت بالبلاد، والتي تتمثل في اقتحام مواطنين موكب الملك المغربي محمد السادس، في العديد من المناسبات.
وخلال الأيام القليلة الماضية، ألقت قوات الأمن القبض على شاب يبلغ من العمر 25 سنة على خلفية اختراقه الموكب الملكي المغربي، في أثناء استقبال الملك محمد السادس، العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في الرباط. وقد تم الحكم عليه بالسجن 3 سنوات دون إمكانية تخفيف العقوبة.
وحدثت هذه الواقعة يوم 22 مارس/آذار الماضي، في أثناء مراسم استقبال العاهل المغربي نظيره الأردني الذي قدم للمغرب في زيارة رسمية. وعندما كان الموكب في طريق عودته من المطار في اتجاه القصر الملكي، ظهر فجأة رجل وأخذ يركض نحو سيارة الملك، ولكنه لم يتمكن من تحقيق غرضه. فقد سارع الحراس الشخصيون للملك وسائقو الدراجات النارية إلى التصدي للرجل وإحباط هذه العملية، في حين واصل الموكب طريقه، بحسب La vanguardia الإسبانية.
والجدير بالذكر أن هذه الحادثة لا تعتبر الأولى في المغرب؛ بل على العكس تماماً، فقد تواترت هذه الممارسات كثيراً، خاصة خلال السنة الماضية. ومن المثير للاهتمام أن جل المواطنين الذين اقتحموا الموكب الملكي، كانوا يريدون تقديم قائمة من الشكاوى للملك.
من جانب آخر، تعد العقوبة التي فُرضت على مقتحمي موكب الملك، والتي تقضي بسجنهم 3 سنوات، سابقة من نوعها في مثل هذه القضايا. وفي هذا السياق، أوضحت الشرطة أن العدالة المغربية قد اتخذت هذه المرة، إجراءات لا هوادة فيها بخصوص هذه المسألة.
علاوة على ذلك، اتخذت مخاوف الأمن المغربي على خلفية هذه الحوادث بعداً أعمق بكثير، حيث رَجح أن تستغل أي منظمة إرهابية مثل هذه الممارسات لغايات أخرى. وفي هذا الصدد، صرح محمد حصاد، الذي تولى منصب وزير الداخلية، خلال الأيام القليلة الماضية، بأنه "لحسن الحظ لم تقع أي حادثة خطيرة إلى حد الآن، ولكن ماذا لو نجح شخص ما، في الوصول إلى سيارة الرئيس وبحوزته بندقية أو قنبلة؟".
ومن المفارقات أن أغلب الأشخاص الذين أقدموا على اعتراض موكب الملك كانوا يودون في الواقع تقديم لائحة من الشكاوى. في المقابل، تخشى السلطات المغربية أن يتحين المتطرفون مثل هذه الفرص لتنفيذ هجوم إرهابي ضد الملك. ومنذ شهر يوليو/تموز، حذرت السلطات المغربية المواطنين من القيام بمثل هذه التصرفات التي من شأنها أن تعطل مرور الموكب الملكي، في حين أنهم لن يتمكنوا من تحقيق مبتغاهم.
وفي السياق ذاته، أورد وزير الداخلية أن "هذه الأعمال من شأنها أن تعرض حياة منفذيها للخطر، فضلاً عن أنها جريمة يعاقب عليها القانون". وتجدر الإشارة إلى أنه وإلى حد هذه اللحظة، لم يتم اتخاذ إجراءات صارمة في حق هؤلاء الأشخاص.
في الواقع، كان الملك محمد السادس "رؤوفاً" جداً مع منفذي هذه الحوادث، وهو ما أسهم بدوره في انتشارها في السنوات الأخيرة، وفقاً لما أورده بعض الخبراء.
من ناحية أخرى، أفادت وسائل الإعلام المغربية بأنه نادراً ما يمضي الموكب الملكي دون مواجهة مثل هذه المواقف. ففي شهر أكتوبر/تشرين الأول من سنة 2016، ألقت وحدات الأمن القبض على شخص بتهمة رمي قارورة زجاجية بالطريق في أثناء مرور السيارات الرسمية للموكب الملكي. وفي أعقاب ذلك، كشفت الأبحاث أن هذا الشخص غير متوازن عقلياً. فقد أقر أحد جيرانه بأنه اعتاد رمي الزجاجات على المارة من منزله، ولذلك تم إخلاء سبيله، ومرة أخرى قامت سيدة بإلقاء نفسها أمام موكب الملك.
وفي شهر مارس/آذار من السنة الماضية، قام شاب يبلغ من العمر 37 سنة، بإلقاء نفسه أمام إحدى سيارات الموكب الملكي، إبان توجه الملك للقيام ببعض الأعمال في العاصمة. وقد صرح شاهد عيان بأنه لو لم تتوقف السيارة في الوقت المناسب لكان الرجل في عداد الموتى. دهسته. وقد أسفر الحادث عن القبض على هذا الشاب، الذي أمر محمد السادس بالإفراج عنه في وقت لاحق.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا المواطن المغربي كان يعاني صعوبات مادية كبيرة، فبعد أن عاش بضع سنوات في إسبانيا اضطر إلى العودة إلى البلاد صفر اليدين. وفي الأثناء، حاول هذا الشاب مقابلة الملك حتى يشرح له ظروفه السيئة.
على العموم، لم تنج أي مدينة أو منطقة في المغرب من مثل هذه الوقائع، ففي شهر فبراير/شباط سنة 2016، أدى الملك زيارة، أثارت الكثير من الجدل، إلى الصحراء. وفي الأثناء، أقدمت شابة تبلغ من العمر 18 سنة، على تجاوز الحراسة الأمنية المكثفة التي كانت تحيط بموكب الملك خلال جولته في شوارع مدينة العيون، بقصد إبلاغ رسالة إلى العاهل المغربي. وللأسف، لم تتمكن الفتاة من بلوغ مقصدها، حيث عجزت سيارات الموكب عن التوقف وقامت بدهسها.
وعلى خلفية هذه الحادثة، تعرضت الفتاة لكسر مزدوج في الساق وإصابات بمناطق مختلفة من جسمها، علماً أن الملك قد تعهد شخصياً بالتكفل بنفقات المستشفى. وبعد بضعة أيام من هذه الحادثة، حاول شاب آخر، يبلغ من العمر 19 سنة، تكرار السيناريو ذاته في مدينة سلا المغربية، ولكن هذا الأخير فشل في تحقيق ذلك. ونتيجة لذلك، مثُل الشاب أمام القضاء المغربي، ليتم الحكم عليه بالسجن لمدة سنة واحدة.
من المرجح أنّ تعاطف الملك مع هؤلاء الأشخاص قد شجع العديد من المواطنين المغاربة على الإقدام على مثل هذه الممارسات. في المقابل، وفي ظل الإجراءات القضائية الجديدة، التي تم تطبيقها فعلاً إبان عملية الاقتحام الأخيرة، تأمل السلطات المغربية القضاء على ظاهرة اعتراض المواطنين موكب العاهل المغربي محمد السادس.
Comments
Post a Comment