Skip to main content

الآخَر ! -------خولة مرتضوي

الآخَر !

إنَّهُ لا يُمكن لنا أن نُغلق آذاننا وأبوابنا عنِ الثقافة العالمية التي نعيشُها مع مدِّ الإعلام الجديد الذي جعل الكون قرية عالمية صغيرة؛ جسَّرَت المسافات الكبيرة بين أطياف الأديان والمذاهب والملل، وجعلت العالم أمام أمرٍ واقع؛ أمام حلّ التعايش السلمي الإيجابي، أو التناحر المُهلِك السلبي!
إننا نحتاج إلى الآخر لنأخُذ منهُ ما يُفيدُنا ويعيننا على أمر ديننا ودنيانا؛ نأخُذ منه ما يتفقُ مع عقائِدنا وقِيمنا ومبادئنا وثوابتنا وأخلاقنا، حيثُ منَ الخطأِ أن نتهم كُل ما يَردُنا من الآخر على أنَّهُ غزو ونخر عقلي وديني ودنيوي؛ فهي ليست فاسدة في مجموعها، وفي الُمقابل نحنُ بحاجة ماسَّة إلى نشرِ تعاليم ديننا وتوجيهاته الساميَّة ليستفيدَ مِنها الآخَر، فإسلامُنا الحنيف الذي يُقِرّ بمبدأ الحرية الدينية؛ يُقِرّ كذلك بمبدأِ السَماحة الإنسانية التي تُؤكد حقوقَ المُحتاجين جميعًا في أن ينالوا المساعدة والعَون دونَ نظرٍ لعقائدهم المُختلفة عنّا.
وبوجهٍ عام؛ فالمجتمعات التي لديها حُكمٌ مُسبق عن الآخر من حيث المعتقد ومن حيث الثقافة سوف تُواجه الكثير من الصعوبات في إدراك الآلية المتناسبة لتحقيق منهجية يمكن من خلالها فهمها للآخر بشكل عميق وليس بشكل مسطح، ومِنَ الصعب تغيير موقف بعض المجتمعات لمجرد طرح ثقافة قبول الآخر، ومن هنا يأتي دور الباحثين والعلماء المتخصصين في مجال حوار الأديان في عالمنا المسلم المعاصر، فمن اليوم عليهم أن يعملوا جاهدين كي يُخرجوا مفهوم (فهم الآخر) من معناه النظري العقيم إلى شكله التطبيقي الملموس والمؤثر في جيلنا الذي يسكن القرية الكوكبية ويتطلع بنهم لسبر أغوار الظواهر الحياتية وعلى رأسها الظواهر الدينية العالمية ليتعرف عليها بجدية ووضوح، الأمر الذي يَفرِش الأرضية المناسبة لحياة الإنسان في هذا العالم شديد التعقيد والتداخل وَسَطَ بيئةٍ تحترم النزعات الإنسانية المختلفة دينياً، وذلك نحوَ بلورةِ مفهومٍ جديدٍ للتحضر والتعايش الإنساني العالمي.
لقد أصبح موضوع فهم الآخر؛ يستلزم بشكلٍ مباشر فهمه عقائديًا ودينيًا، كما أنّ فهمنا المباشر لمكنونات الثقافات والحضارات المتنوعة يُلزمنا في جانبٍ كبيرٍ منه بفهم خلفياتها الدينية وظروفها العقائدية السائدة في تلك الحقب جنباً إلى جنب باقي ظروفها المعيشية اقتصادياً وسياسياً وعلمياً وثقافياً وما إلى ذلك، كما أنّ العالم الذي أصبح اليوم قرية واحدة بفضل وسائل التواصل الاجتماعي والشبكات الاتصالية المختلفة مهد لظهور علاقاتٍ افتراضية مع أبناءِ الكرة الأرضية (المختلفين) في كل شيء ومهد التقانة الجديدة لظهور نوعٍ خاص من التواصل والحوار الحضاري الديني الأمر الذي شكَّلَ تحديًا أمام الكثير لسبر أغوار الآخر وفهمه بالشكل الموضوعي العميق لاسيما في مجال العقائد والأديان المعاصرة.
إنَّ العالمَ الذي نعيشُ فيهِ اليَوم؛ عالمٌ يقومُ على التعايشِ والتواصلِ وتبادل المَصالح والمنافع التي تقُوم عليها حياةُ الإنسان، وإنَّ مِن المُغالطة القول بإمكان حياةِ الإنسان في هذا العالم مُنعزلًا عن مُجتمعه المحليّ والدوليّ، ذلك المُجتمع الذي كتبَ اللهُ عليهِ أن يكون مختلفًا على مذاهب شتّى في الأديانِ والمُعتقدات وأساليبِ الحياة.
إلا أنّ ذلكَ التعايُش الضروريّ لا بُدَّ أن يُؤدي إلى نوعٍ من الخِلاف الذي قد يصل أحيانًا إلى النزاعِ والتنافر والتباغُض والتقاتل، ما لم يُضبط بضوابط تحُكم حياةَ المجتمعاتِ باختلاف مذاهبها ومعتقداتها، وما لم يُؤمن أصحابُ تلك المذاهب بأهمية الحوار في تحقيق التعايش السلمي الراقي.
إعلامية وباحثة أكاديمية

بقلم : خولة مرتضوي

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe