لغرض في نفس الباقر العفيف: كفيل الهوية
د.عبد الله علي إبراهيم
جاء الدكتور الباقر العفيف في مقاله المعروف " أزمة الهوية في شمال السودان: متاهة قوم سود ذو ثقافة بيضاء" بتعريف للهوية غير مسبوق إليه. فقال إن ثمة ثلاثة عوامل تستطيع، إذا ما تفاعلت مع بعضها البعض، أن تفسر كل هوية اجتماعية. فالعامل الأول هو تصور المجموعة لنفسها. والعامل الثاني هو تصور الآخرين للمجموعة. أما العامل الثالث، ومربط الفرس، فهو "الاعتراف أو عدمه من قبل مركز الهوية بهذه المجموعة". ولم نسمع بوجوب العامل الثالث في تعريف الهوية. فإن فهمنا الباقر جيداً فهو يشترط لزاعم هوية ما أن يكون له "كفيل" يتحقق من حيثيات زعمه، ويجيزه، أو يرده عن ادعائه. ويقع الباقر، بمثل اشتراطه لمثل هذا الكفيل، في تناقض استثنائي. فكيف تكون الهوية هي تصور المجموعة لنفسها في حين يملك هذا الكفيل حق الموت والحياة على هذا التصور. ماذا لو أنكر هوية الجماعة؟ هل سنطلب من الجماعة أن "أعد" التصور؟ ومتى لم تعد التصور بقيت بغير هوية مما يخالف طبيعة الأشياء. ويعجزني أن افهم لماذا لم يُدْخل الباقر هذا الكفيل في دائرة العامل الثاني: "تصور الآخرين للمجموعة"؟ فهو آخر في آخر التحليل.
شرط الباقر بالكفيل لإجازة هوية الجماعة مفصل على الحالة السودانية. وهو باب كبير في الاحتيال. فالمراد منه افحام أمثالي ممن يزعمون هوية عربية. فمتى قلت لهم أنا عربي قالوا لك ولكن عرب المركز لن يقبلوا بك بشلوخك الأفقية والرأسية، وبشعرك القرقدي، وبلونك الذي في مثل سجم الدواك. فانطم! وعد إلى أفريقيتك أيها الواهم. كن أفضل الأفارقة بدلاً من تمرغك في تراب العرب! جاء الباقر بشرط الكفيل لغرض في نفس الباقر. فشرطه ليس شرط وجوب للهوية بل شرط عدم لها متى ما أنكرك الكفيل ثلاثاً.
كثيراً ما قيل إن زعمنا (نحن عرب السودان) للعروبة هو زلفى منا للعرب. وأننا لسنا عرباً ولكن جماعة منا تلعب هذا الدور في الجامعة العربية مع استثقال لبنان لنا منذ خطبنا ود هذه المؤسسة. ربما كان منا من يلعب هذا الدور. ولكن قل لي بربك أي وجه للكباشي في مضارب البادية ليتملق عرب المركز الذين ربما لم يعلم حتى بوجودهم؟ ولماذا ينتظر بصمتهم علة هويته وهو يلاقي الكباشي الآخر فيسلم عليه بقوله:
-عربك كيفنهم؟
بل: من الكفيل على الهوية الذي ستنتظر إجازته الكباشية التي قالت:
ودي (تصغير وادي) الريل ساعلاكا بالسارية (سحب تمطر ليلاً) التملاكا
عرباً كانو حداكا زول دوّار ما جاكا
لم تنتظر هذه الكباشية العاشقة كفيلاً رتبه الباقر ليجيز هوية "عرباً كانو حداكا". لم تفعل ذلك لأنها تصدر عن فطرة عروبتها. فطرة لم يلوثها دخن ولا تشوش ولا كراهة ذات.
د.عبد الله علي إبراهيم
جاء الدكتور الباقر العفيف في مقاله المعروف " أزمة الهوية في شمال السودان: متاهة قوم سود ذو ثقافة بيضاء" بتعريف للهوية غير مسبوق إليه. فقال إن ثمة ثلاثة عوامل تستطيع، إذا ما تفاعلت مع بعضها البعض، أن تفسر كل هوية اجتماعية. فالعامل الأول هو تصور المجموعة لنفسها. والعامل الثاني هو تصور الآخرين للمجموعة. أما العامل الثالث، ومربط الفرس، فهو "الاعتراف أو عدمه من قبل مركز الهوية بهذه المجموعة". ولم نسمع بوجوب العامل الثالث في تعريف الهوية. فإن فهمنا الباقر جيداً فهو يشترط لزاعم هوية ما أن يكون له "كفيل" يتحقق من حيثيات زعمه، ويجيزه، أو يرده عن ادعائه. ويقع الباقر، بمثل اشتراطه لمثل هذا الكفيل، في تناقض استثنائي. فكيف تكون الهوية هي تصور المجموعة لنفسها في حين يملك هذا الكفيل حق الموت والحياة على هذا التصور. ماذا لو أنكر هوية الجماعة؟ هل سنطلب من الجماعة أن "أعد" التصور؟ ومتى لم تعد التصور بقيت بغير هوية مما يخالف طبيعة الأشياء. ويعجزني أن افهم لماذا لم يُدْخل الباقر هذا الكفيل في دائرة العامل الثاني: "تصور الآخرين للمجموعة"؟ فهو آخر في آخر التحليل.
شرط الباقر بالكفيل لإجازة هوية الجماعة مفصل على الحالة السودانية. وهو باب كبير في الاحتيال. فالمراد منه افحام أمثالي ممن يزعمون هوية عربية. فمتى قلت لهم أنا عربي قالوا لك ولكن عرب المركز لن يقبلوا بك بشلوخك الأفقية والرأسية، وبشعرك القرقدي، وبلونك الذي في مثل سجم الدواك. فانطم! وعد إلى أفريقيتك أيها الواهم. كن أفضل الأفارقة بدلاً من تمرغك في تراب العرب! جاء الباقر بشرط الكفيل لغرض في نفس الباقر. فشرطه ليس شرط وجوب للهوية بل شرط عدم لها متى ما أنكرك الكفيل ثلاثاً.
كثيراً ما قيل إن زعمنا (نحن عرب السودان) للعروبة هو زلفى منا للعرب. وأننا لسنا عرباً ولكن جماعة منا تلعب هذا الدور في الجامعة العربية مع استثقال لبنان لنا منذ خطبنا ود هذه المؤسسة. ربما كان منا من يلعب هذا الدور. ولكن قل لي بربك أي وجه للكباشي في مضارب البادية ليتملق عرب المركز الذين ربما لم يعلم حتى بوجودهم؟ ولماذا ينتظر بصمتهم علة هويته وهو يلاقي الكباشي الآخر فيسلم عليه بقوله:
-عربك كيفنهم؟
بل: من الكفيل على الهوية الذي ستنتظر إجازته الكباشية التي قالت:
ودي (تصغير وادي) الريل ساعلاكا بالسارية (سحب تمطر ليلاً) التملاكا
عرباً كانو حداكا زول دوّار ما جاكا
لم تنتظر هذه الكباشية العاشقة كفيلاً رتبه الباقر ليجيز هوية "عرباً كانو حداكا". لم تفعل ذلك لأنها تصدر عن فطرة عروبتها. فطرة لم يلوثها دخن ولا تشوش ولا كراهة ذات.
Comments
Post a Comment