حيرة الباب
تاريخ النشر: الجمعة 30 يناير 2015
لا تنتظر فرجا قرب بابٍ من حجر. ولكي تفوز بكسرة من خبز يومكَ، عليك أن تصعد جبل الصبر وحدك، وأن تعبر نهر العرق، وأن تعرف طريق الخروج كلما تلاطمت أيامك ببعضها ودارت فوق رأسك مراوح التيه.
|
افتح باب الكتاب بكلتا يديك، وادخله بقلبك قبل عقلك. اشرب من نهر الحبر ما يجعلك سفينة تطفو فوق موج الاسئلة. وفي كل ورقة تمر فوقها، أغرف من ذهب الرؤى. هذه الكلمات إنما نُقشت كي يستريح عقلك من العبط، وكي تتفتح روحك في مشارب لا تُرى إلا بالكلام. وإن أوهموك يوما بأن شخصاً ما لمس الحقيقة وفض سرّها الأبدي، لا تصدق هذا ولا تكذب ذاك. ذلك لأن الوهم يظل يطل برأسه من كل الزوايا، وقد يلبس ثوب الحقيقة ويرقص حول النار التي ستكويك إن لم تنتبه لما يمور تحت الرماد، للجمرة التي تبقى تتقد والناس يظنونها مطفأة.
الشك باب المتاهة. فإن ولجت منه يوما خسرت مفاتيحك كلها. يصير عقلك نهباً لعراك الضد بالضد. وتفطس خطواتك وأنت تمشي في الفراغ عائداً من سدٍ ومصطدماً بسد. وسترى أنك تهلك في مكانك، لا تبارح فكرة إلا وعدت إليها أكثر ضعفاً وفي عيونك غبش لا ينقشع أبداً، ومهما فركت جفن الحيرة، لن ترى سوى الغموض يتفتح درباً لمسراك الدائري.
وهذا باب الشعر، ادخله إن شئت أن تتقلب في الأوصاف وتخسر بعضاً من جمود عقلك. وعليك أن تدرك، أن القصيدة مثل حجر الرحى، قد تطحنك لتصير نثراً، وربما حملتك من أذنيك، كي تسمع أنّات مغدورين ماتوا في قطار العشق ولم تنته قصائدهم بعدُ.
اهجع في السكون مغمض العينين، وابدأ بالتأمل في المدى. سترى أنك مركز الكون، وعلى إيقاع قلبك ترقص أفلاك المجرَة، وأنك بالنية الصافية، تُزيحُ إعوجاج الفكر، وترسل في فضاء الأرض، همسةً حرّة.
Comments
Post a Comment