قوانين النظام العام بولاية الخرطوم ملاحظات نقدية((2-2 ))
كتب /د. أمين حسن عمر
معاد للمناسبة
كتب /د. أمين حسن عمر
معاد للمناسبة
مما لاشك فيه أن دوافع أهل التشريع والتنفيذ فى ولاية الخرطوم من سن ما يسمى بتشريعات النظام العام دوافع خيرة ، بيد أن الدوافع والنوايا الحسنة وحدها لا تكفى ولذلك ينبغى إدارة حوار كثيف ومعمق حول الموضوعات التى تقع فى تصنيف ولاية الخرطوم تحت هذا العنوان وذلك للتأكد بالفعل أنها لا تخالق مبادىء الشريعة التى أوجزنا بعضها فى المقال السابق ,اهم من ذلك أنها لا تسىء إلى كرامة المواطنين أو تنتهك حقوقا محفوظة بالشرع وبالدستور.
صيانة الحقوق والكرامة هى أساس التشريع:
وأساس التشريع الهادف لتنظيم المجتمع على الاستقامة على الحق أنما ينهض على احترام حقوق الانسان وكرامته . واول الطريق لذلك هو أحسان الظن بالأنسان ، فلا تجعل التهمة هى الأساس بل براءة الذمة والأحقية فى التكريم هى الأساس . ولا يسعى المشرع ولا المنفذ للتجريم بل للتبرئه ، حتى ولو تكاثفت الظنون والريب ، فالبينة على من يتهم وليست البينة على من يُتهم . ولا جرم الا ما جرمته الشريعة بعبارة صريحة لا لبس فيها. فتعريف الجرائم في الشريعه الاسلاميه بانها محظورات شرعية زجر الله عنها بحد او تعريز ، والمحظورات هي اما إتيان فعل منهي عنه او ترك فعل مأمور به . وقد وصفت المحظورات بانها شرعيه لأن الشريعه هي وحدها التي تحدد ما هو سوي وما هو منحرف طبقا لمعايير محددة . وهذا يعني ان الفعل او الترك لا يعتبر جريمه الا اذا اوضحت الشريعة ذلك ، ورتبت عليه عقوبه فاذا لم تكن هناك عقوبة على الفعل او الترك لا يعد أي منهما جريمه .
وهذا هو مبدأ الشريعه التي وضعته وأسسته الشريعه الاسلاميه ثم أخذه عنها علماء القانون حين تحدثواعن مبدأ قانونية الظواهر الإجراميه وأن القانون هو الذى يحدد الجريمة ويصفها ويحدد أركانها فلا جريمة بلا قانون.
خصائص ما يمكن أن نطلق عليه وصف الجريمة أيا كان نوعها :
وأساس التشريع الهادف لتنظيم المجتمع على الاستقامة على الحق أنما ينهض على احترام حقوق الانسان وكرامته . واول الطريق لذلك هو أحسان الظن بالأنسان ، فلا تجعل التهمة هى الأساس بل براءة الذمة والأحقية فى التكريم هى الأساس . ولا يسعى المشرع ولا المنفذ للتجريم بل للتبرئه ، حتى ولو تكاثفت الظنون والريب ، فالبينة على من يتهم وليست البينة على من يُتهم . ولا جرم الا ما جرمته الشريعة بعبارة صريحة لا لبس فيها. فتعريف الجرائم في الشريعه الاسلاميه بانها محظورات شرعية زجر الله عنها بحد او تعريز ، والمحظورات هي اما إتيان فعل منهي عنه او ترك فعل مأمور به . وقد وصفت المحظورات بانها شرعيه لأن الشريعه هي وحدها التي تحدد ما هو سوي وما هو منحرف طبقا لمعايير محددة . وهذا يعني ان الفعل او الترك لا يعتبر جريمه الا اذا اوضحت الشريعة ذلك ، ورتبت عليه عقوبه فاذا لم تكن هناك عقوبة على الفعل او الترك لا يعد أي منهما جريمه .
وهذا هو مبدأ الشريعه التي وضعته وأسسته الشريعه الاسلاميه ثم أخذه عنها علماء القانون حين تحدثواعن مبدأ قانونية الظواهر الإجراميه وأن القانون هو الذى يحدد الجريمة ويصفها ويحدد أركانها فلا جريمة بلا قانون.
خصائص ما يمكن أن نطلق عليه وصف الجريمة أيا كان نوعها :
ولا شك أن هناك مجموعه من الخصائص لابد من توافرها للحكم على سلوك أنسان ما بانه ينطبق عليه وصف وأسم جريمه وهذه الخصائص هي:
- الضرر وهو المظهر الخارجي للسلوك ، فالسلوك الاجرامي يودي الي الاضرار بالمصالح الفرديه او الاجتماعيه أو بهما معا . وهذا هو الركن المادي للجريمه فلا يكفي القصد او النيه وحدهما وقد سبق الاسلام الى تاكيد الأهمية القصوى لهذا الركن المادي للجريمة .
2- يجب ان يكون هذا السلوك الضار محرماً قانونياً ومنصوصاً عليه في قانون العقوبات . وقد سبق الاسلام الى تاكيد هذا الركن الشرعي للجريمه
3- ضرورة وجود تصرف سواء كان إيجابياً او سلبياً عمدياً أوغير عمدي يؤدي الى وقوع الضرر. ويقصد من هذا القول توافر عنصر الحرية واختفاء عنصر الاكراه ، وهذا الركن سبق اليه الاسلام فيما يطلق عليه الركن الانساني للجريمه . فالمسئوليه تسقط في الاسلام في حالات محددة وهي الإكراه والسكرفى حالات محددة والجنون والصغر وحالة اباحة الفعل المحرم اما بسبب استعمال الحق المسلم به لصاحبه اوبسبب اداء واجب مطلوب أداؤه.
4- توافر القصد الجنائي وقد سبق الاسلام الى تاكيد أهمية هذا الركن في الجرائم فالاسلام لا يحاسب الانسان الا اذا كان أهلاً للعقاب وهذه الأهلية تتطلب ان يكون الجاني مكلفاً ومختاراً ومسئولاً . فالجريمه التي يرتكبها الانسان العاقل عن قصد ورغبه وتصميم تختلف عن تلك التي يُكره الانسان المجترح لها عليها، او التي قد يرتكبها الطفل أو المجنون .
5- كذلك لابد من وجود توافق بين التصرف والقصد الجنائي.
6-كذلك يجب توافر العلاقه العلية بين الضرر المثبت قانوناً وسوء التصرف او السلوك المنسوب للشخص المعين حتى يمكن تجريمه .
7- يجب النص على عقوبه للفعل المحرم قانوناً وهذا هو مبدأ الشرعية الذي ينص انه لا جريمه ولا عقوبه الا بنص ، والشريعه الاسلاميه هى من جلب وأرسى هذا المبدأ العادل للثقافة القانونية ..
- الضرر وهو المظهر الخارجي للسلوك ، فالسلوك الاجرامي يودي الي الاضرار بالمصالح الفرديه او الاجتماعيه أو بهما معا . وهذا هو الركن المادي للجريمه فلا يكفي القصد او النيه وحدهما وقد سبق الاسلام الى تاكيد الأهمية القصوى لهذا الركن المادي للجريمة .
2- يجب ان يكون هذا السلوك الضار محرماً قانونياً ومنصوصاً عليه في قانون العقوبات . وقد سبق الاسلام الى تاكيد هذا الركن الشرعي للجريمه
3- ضرورة وجود تصرف سواء كان إيجابياً او سلبياً عمدياً أوغير عمدي يؤدي الى وقوع الضرر. ويقصد من هذا القول توافر عنصر الحرية واختفاء عنصر الاكراه ، وهذا الركن سبق اليه الاسلام فيما يطلق عليه الركن الانساني للجريمه . فالمسئوليه تسقط في الاسلام في حالات محددة وهي الإكراه والسكرفى حالات محددة والجنون والصغر وحالة اباحة الفعل المحرم اما بسبب استعمال الحق المسلم به لصاحبه اوبسبب اداء واجب مطلوب أداؤه.
4- توافر القصد الجنائي وقد سبق الاسلام الى تاكيد أهمية هذا الركن في الجرائم فالاسلام لا يحاسب الانسان الا اذا كان أهلاً للعقاب وهذه الأهلية تتطلب ان يكون الجاني مكلفاً ومختاراً ومسئولاً . فالجريمه التي يرتكبها الانسان العاقل عن قصد ورغبه وتصميم تختلف عن تلك التي يُكره الانسان المجترح لها عليها، او التي قد يرتكبها الطفل أو المجنون .
5- كذلك لابد من وجود توافق بين التصرف والقصد الجنائي.
6-كذلك يجب توافر العلاقه العلية بين الضرر المثبت قانوناً وسوء التصرف او السلوك المنسوب للشخص المعين حتى يمكن تجريمه .
7- يجب النص على عقوبه للفعل المحرم قانوناً وهذا هو مبدأ الشرعية الذي ينص انه لا جريمه ولا عقوبه الا بنص ، والشريعه الاسلاميه هى من جلب وأرسى هذا المبدأ العادل للثقافة القانونية ..
تشريعات الضبط الأجتماعى بولاية الخرطوم :
تأسيسا على المقدمات السابقة سوف ندلى بملاحظات نقدية على تشريعات ما سمى بالضبط الاجتماعى بولاية الخرطوم.وقد اختارت الولاية أن تستخدم مصطلحات شديدة العمومية على موضوعات ذات خصوصية وصفة متقاربة أو متشابهة . فمرة إستخدمت أسم قانون النظام العام لضبط مظاهر صنفتها جرمية ، وهى تدخل باب تنظيم السلوك الفردى والجماعى مثل إزاحةالمعتوهين من الطرق العامة وأمور أخرى متعلقة بالحسبة العامة مثل الاستحمام عارياً بالنيل، أو إشتغال الرجال بمحلات تصفيف شعر النساء وأماكن نفصيل ملابسهن ، وأمور أخرى لا رابط بينها مثل تنظيم وترخيص أقامة الحفلات وحظر إستحدام مكبرات الصوت والفصل بين الرجال والنساء فى الصفوف ، وفتح المحلات التجارية ظهيرة الجمعة أو المطاعم نهار رمضان. صيغت كل هذه الأمور المتنوعة تحت عنوان قانون النظام العام لسنة 1996 . وصدر بمرسوم مؤقت من والى الخرطوم آنذاك. وصدور القانون بمرسوم مؤقت ينبيك عن الحالة الحماسية التى أوجبت أصداره بالصورة التى صدر بها . فقد صدر أثر ضغط كبير من أئمة ومشائخ وشباب متحمسون إستهجنوا أستمرار بروز بعض الظواهر السلوكية السالبة فى ظل دولة الشريعة ، فأرادوا القضاء على تلكم الظواهر بتشريع واحد حازم وجازم ضربة لازب . بيد أن القانون ألغى فى العام 2007 ، وحل محله قانون الضبط الاجتماعى لسنة 2007 ، وعدل الأخير فى سنة 2010، ومع قانون الضبط الاجتماعى صدرت حزمة قوانين أخرى كان جلها مضمناً فى قانون النظام العام وهى تتعلق بترقية البيئة أو تنظيم الأسواق والأعمال التجارية أو الحفلات العامة وهى موزعة على هذه الأبواب كما يلى:
تأسيسا على المقدمات السابقة سوف ندلى بملاحظات نقدية على تشريعات ما سمى بالضبط الاجتماعى بولاية الخرطوم.وقد اختارت الولاية أن تستخدم مصطلحات شديدة العمومية على موضوعات ذات خصوصية وصفة متقاربة أو متشابهة . فمرة إستخدمت أسم قانون النظام العام لضبط مظاهر صنفتها جرمية ، وهى تدخل باب تنظيم السلوك الفردى والجماعى مثل إزاحةالمعتوهين من الطرق العامة وأمور أخرى متعلقة بالحسبة العامة مثل الاستحمام عارياً بالنيل، أو إشتغال الرجال بمحلات تصفيف شعر النساء وأماكن نفصيل ملابسهن ، وأمور أخرى لا رابط بينها مثل تنظيم وترخيص أقامة الحفلات وحظر إستحدام مكبرات الصوت والفصل بين الرجال والنساء فى الصفوف ، وفتح المحلات التجارية ظهيرة الجمعة أو المطاعم نهار رمضان. صيغت كل هذه الأمور المتنوعة تحت عنوان قانون النظام العام لسنة 1996 . وصدر بمرسوم مؤقت من والى الخرطوم آنذاك. وصدور القانون بمرسوم مؤقت ينبيك عن الحالة الحماسية التى أوجبت أصداره بالصورة التى صدر بها . فقد صدر أثر ضغط كبير من أئمة ومشائخ وشباب متحمسون إستهجنوا أستمرار بروز بعض الظواهر السلوكية السالبة فى ظل دولة الشريعة ، فأرادوا القضاء على تلكم الظواهر بتشريع واحد حازم وجازم ضربة لازب . بيد أن القانون ألغى فى العام 2007 ، وحل محله قانون الضبط الاجتماعى لسنة 2007 ، وعدل الأخير فى سنة 2010، ومع قانون الضبط الاجتماعى صدرت حزمة قوانين أخرى كان جلها مضمناً فى قانون النظام العام وهى تتعلق بترقية البيئة أو تنظيم الأسواق والأعمال التجارية أو الحفلات العامة وهى موزعة على هذه الأبواب كما يلى:
تشريعات متعلقة بالبيئة والبيئة الحضرية :
قانون 13 مخالفات ترقية البيئة
قانون 17رقم 2007التشجير الحضرى
قانون رقم23 سنة 2007 هيئة نظافة الخرطوم
قانون رقم19 لسنة 2007 السكن العشوائى
قانون رقم 16 لسنة 2007 السكن داخل المؤسسات
قانون 13 مخالفات ترقية البيئة
قانون 17رقم 2007التشجير الحضرى
قانون رقم23 سنة 2007 هيئة نظافة الخرطوم
قانون رقم19 لسنة 2007 السكن العشوائى
قانون رقم 16 لسنة 2007 السكن داخل المؤسسات
تشريعات متعلقة بالسلوك فى الاماكن العامة
قانون رقم 15 لسنة 2007 الضبط الاجتماعى تعديل 2010
قانون رقم 24 لسنة2010 منع تدخين الشيشة
قانون رقم 15 لسنة 2007 الضبط الاجتماعى تعديل 2010
قانون رقم 24 لسنة2010 منع تدخين الشيشة
تشريعات متعلقة بتنظيم النشاط التجارى والخدمى
قانون رقم14 لسنة 2007تنظيم المحلات التجارية
قانون رقم 18 لسنة 2007 العقارات المفروشة
قانون رقم21 لسنة2007النقل الداخلى بالركشات
قانون رقم 23 النقل الداخلى المركبات العامة
قانون رقم25 لسنة 2008 ادارة وتشغيل الموقف المركز التجارى
قانون رقم 20 لسنة 2007 البيع تجوالا
قانون رقم 26 لسنة 2008 بيع العملات خارج اماكن بيعها
ومثله مثل قانون النظام العام حمل قانون الضبط الاجتماعى عنواناً يفتقر الى الدقة ،ويستند ربما على حماسة عاطفية . فالضبط الاجتماعى ينسب للقانون بأجمعه ، وليس الى طائفة محدودة من التشريعات المحلية ، بل أن القانون وبخاصة فى الرؤية الأسلامية أنما يضطلع بدور محدود فى عملية الضبط الاجتماعى. فمصطلح الضبط الاجنماعى أنما يشير الى قدرة المجتمع على التنظيم الذاتى من خلال وسائل غير رسمية وأخرى رسمية. والوسائل الاجتماعية غير الرسمية أكثر بكثير من الوسائل الرسمية التى يقع القانون مع السياسات العامة على رأس القائمة منها . وتُعد القيم المجتمعية الموجودة لدى الأفراد منتجات من الضبط الاجتماعي غير الرسمي، والذي يمارسه المجتمع ضمنيًا من خلال تقاليد وقيم ومعايير يرعاها الفرد ويتمثل بها ، وأعراف تحيلها الشريعة الى جزء لا يتجزأ من منظومتها العامة . يستوعب الأفراد قيم مجتمعهم، سواءً كان ذلك بوعي أو بغير وعى ، ويعتمد المجتمع الاسلامى في غالب وسائله على الضبط الاجتماعي غير الرسمي المرسخ في ثقافته العرفية ، لتعليم أعضائه الاندماج فيه. فى التجربة الغربية تاريخيًا، كانت المجتمعات قادرة بسهولة على طرد الأفراد غير المرغوب فيهم من الأماكن العامة من خلال قوانين التشرد وغيرها من أشكال الإبعاد. وبعض المجرمين أخرجوا الى جزر قصية جغرافيا . فأستراليا أنما بدأت سجناً للمنفيين ، ولكن الغرب تطور فى مفهومات حقوق الانسان ليقترب من المعايير الاسلامية ، بينما تدهورت المجتمعات الاسلامية لتبدأمن المفاهيم التى بدأ بها الغرب ،مفاهيم الطرد والإبعاد لا مفاهيم التأهيل والاصلاح . ان تشريعات الضبط الاجتماعى بولاية الخرطوم رغم إنطلاقها من دوافع اسلامية ربما متحمسة بعض الشىء الا انها لم تصدر عن رؤية مستبصرة للأصول والمقاصد الاسلامية فى ترقية المجتمع من خلال تمكينه من تعظيم قدرته على الاصلاح والضبط الذاتى .ولاشك ان النسق السريع فى الخرطوم نحو التحول لمدينة حضرية حديثة يدفع بأتجاه الحلول المتعجلة التى جربها الغرب من قبل ثم هجرها الى مفاهيم أقرب لتحقيق حقوق أفضل لجميع المواطنين. وفي المدينة ما بعد الصناعية، تهتم السياسات أولاً ببيع التجزئة والسياحة وقطاع الخدمات ، ولا يوجد شك في أن الضغوط المتزايدة لخلق صورة لمدينة منظمة وملائمة للعيش تساعد في الأشكال الأحدث للضبط الاجتماعي. حتى أن هذه التقنيات الجديدة تتضمن محاولات مكثفة بشكل أكبر لطرد بعض الأفراد مكانيًا من الأماكن الحضرية منذ تكليف الشرطة باستخدام سلطة أكبر في فحص الأفراد، على أساس الشك بدلاً من الدليل القاطع عن وجود إجراءات غير مشروعة.
إن أوامر الاستبعاد من الحدائق والاسواق بأسم التشرد والتسول (تمنع الأفراد من ارتياد أحد أو بعض أو كل الحدائق في المدينة لفترة طويلة من الزمن بسبب القيام بمخالفة سابقة) وقوانين التعدي على ممتلكات الغير . وما ذكرناه هو عدد قليل من تقنيات الضبط الاجتماعي الجديدة التي تستخدمها السلطات بالمدن لتهجير بعض الأفراد إلى أطراف المجتمع. وتهدف هذه التشريعات والتقنيات الى تعزيزالقدرة على تقييد الأفراد مكانيًا في أجزاء من مدينتهم. ويعد معارضة أي من القوانين أعلاه جريمة جنائية تؤدي إلى الحبس المحتمل. وبالرغم من أنه لا يتعرض جميع الأفراد لأمر إستبعاد يلتزمون به، إلا أن هؤلاء الأفراد، على أقل تقدير، يتم تقييد حركتهم مكانيًا من خلال تقليل حركتهم وحريتهم في جميع أنحاء المدينة.وهذا التقييد المكاني للأفراد يؤدي إلى اضطراب خطير وتدخل في حياتهم. وبشكل عام، يتردد الأفراد المشردون على الحدائق لأنها منطقة توفر لهم مقاعد للنوم ومراحيض عامة وخدمات عامة في بعض الأحيان وشعور عام بالأمن من خلال وجودهم بالقرب من آخرين في ظروف مماثلة لهم . وبدلاً من تمثل القيم الأسلامية فى التعاطف مع الضعفاء فإن الحل الأمنى السهل هو ما يفرض نفسه بدلاً من اتباع اساليب تقوم على استحثاث المجتمع ليعين ضعفائه وفقرائه بتوفير الأمن والخدمات الضرورية لهم حيث يعيشون . ولو أن الولاية من خلال موسساتها جعلت للرعاية الاجتماعية أولوية قصوى وبنت الشراكات الخيرية مع الأغنياء الأثرياء لكان ذلك أجدى من أعادة بعث قوانين التشرد والتسول الموروثة من الحقبة الاستعمارية. ويدخل فى طائفة المقصيين المستبعدين الباعة الجوالة وصغار مقدمى الخدمات مثل بائعات الشاى المتعرضات بإستمرار للمطاردة بسبب قوانين الضبط الاجتماعى . وأحرى بنا ان لم يجر اصلاح تلكم القوانين أن نسميها قوانين الظلم الاجتماعى. وطائفة أخرى من هذه القوانين تتعلق بترقية البيئة الحضرية وهى تشريعات ضرورية ، ولكنها تكاد تقتصر على الحل الأمنى الذى يسعى لتحقيق الالزام للضعفاء على إطاعة القانون ولوجاء ذلك على حساب مضاعفة معاناتهم . وكان يجب أن يشتمل القانون على حزمة من الحلول لمقاربة المشكلات التى يتغيأ معلجتها لايجاد الحلول لها. ويدخل فى هذه الطائفة محاربة السكن العشوائى وما يسمى بالمهن الطفيلية .كما يدخل فبها تنظيم سكن خفر المبانى الرسمية والخاصة وهو بلا شك سكن للفقراء فى أواسط الأغنياء . وطائفة أخرى من هذه التشريعات تتعلق بمنع اختلاط الرجال بالنساء ، وعيب هذه التشريعات أنها تعمل بعكس منطق الشرع الذى يفترض براءة الذمم ، والقانون الذى يفترض البراءة الاصلية . فهذه التشريعات تبنى على الريبة والشك وتجعلهما أساساً لتصرف السلطات الماس بحقوق الانسان مثل التفتيش بغير شك معقول ، وغير أذن من سلطات قضائية . ومثل المداهمات الفجائية التى تهتك الخصوصيات بغير مسوغ ،الا الشك أو سابقة الوقوع فى الجرم الأمر الذى ليس له أعتبار فى الشرع . فان سابقة الوقوع فى الجرم لاتحل عرض ولا خصوصية المجرم السابق ما لم يكن مجاهراً .
وهذه التشريعات جميعا تعانى من كونها لا تنطلق عن رؤية شاملة للوضع الاجتماعى ، والموارد المتاحة للتوظيف فيه لتحقيق معنى الاحاطة والضبط السلوكى بكافة الوسائل الرسمية وغير الرسمية . كما أنها غير قادرة لبناء حزمة متجانسة من التشريعات التنظيمية والجزائية يعضد بعضها بعضا لتحقيق مطلوب استقامة الافراد والجماعات على ما يحقق الأمن والنظام لهم بغير تضييق بأسم القانون على المجموعات الأضعف والأكثر عددا وهنالك وأختلال فلى مفهوم التجريم وخلط بين ما هو مخالفة تستدعى الجزاء وليس العقوبة وبين الجريمة التى تستدعى العقاب المتقصد للردع والمنع والزجر ..كذلك فان هذه القوانين تفتقر الى الصياغة المتينة، وتعانى من غموض يتبدى فى أسمائها العمومية مثل النظام العام وأمن المجتمع والضبط الاجتماعى . وكلها عنوانين عمومية ليست بمانعة لدخول سائر التشريعات الأخرى فى حدها اللفظى .والمواد المفصلة هى الأخرى تشكو ذات العلة فهى فى أحيان كثيرة حمالة للمعانى قابلة للتفسير من قبل الجهات التنفيذية على وجوه عديدة . وهى تحيل أحيانا تفصيلها الى الجهة التنفيذية من خلال أعطاء تلك الجهة الحق فى اصدار لوائح تعتبر عند صدورها جزءاً لا يتجزأ من القانون وبذلك تتحول الجهة التنفيذية مثل المعتمد أو المحافظ على سبيل الشرح الى جهة تشريعية عقابية .
خاتمة:
لاشك ان ولاية الخرطوم لا مندوحة لها من اصدار القوانين المنظمة للحياة الحضرية فيها ولابد لها وهى تفعل ذلك أن تنطلق من الرؤية المقاصدية للشريعة الاسلامية . ولابد لها كذلك أن تنتفع بأفضل الممارسات المتعارف عليها فى تنظيم المراكز الحضرية والتى نجحت فى تحقيق ترقية البيئة والسلوك العام بغير انتقاص يؤبه له من حقوق الانسان . وهنالك لحسن الحظ تجارب لحواضر اسلامية فى هذا الصدد مدينة أستانبول هى الجوهرة المتألقة بينها . فهى حققت نجاحاً لم تحققه حتى الحواضر الغربية لأنها زاوجت بين تحسين شكل ونظام المدينة وتحسين أوضاع المواطنين الأضعف حالا فى المدينة . وتلك تجربة قمينة بأن تدرسها المدائن الاسلامية والغربية على حد سواء .ان تشريعات ما يسمى بالضبط الاجتماعى فى الخرطوم فى حاجة الى حوار علمى وشفيف بشأنها ليجرى أصلاحها بما يحقق مقاصدها فى الرقى الاجتماعى . والفرصة سانحة من خلال المراجعة الكبرى التى أعلنتها الدولة لأصلاح الدولة وتسريع نسق تقدمها لتكون بحق دولة متطورة متقدمة آمنة حرة وموحدة .
والله ولى كل ذلك والقادرعلى هداية المسير اليه.
فله الحمد أولا وآخرا
قانون رقم 18 لسنة 2007 العقارات المفروشة
قانون رقم21 لسنة2007النقل الداخلى بالركشات
قانون رقم 23 النقل الداخلى المركبات العامة
قانون رقم25 لسنة 2008 ادارة وتشغيل الموقف المركز التجارى
قانون رقم 20 لسنة 2007 البيع تجوالا
قانون رقم 26 لسنة 2008 بيع العملات خارج اماكن بيعها
ومثله مثل قانون النظام العام حمل قانون الضبط الاجتماعى عنواناً يفتقر الى الدقة ،ويستند ربما على حماسة عاطفية . فالضبط الاجتماعى ينسب للقانون بأجمعه ، وليس الى طائفة محدودة من التشريعات المحلية ، بل أن القانون وبخاصة فى الرؤية الأسلامية أنما يضطلع بدور محدود فى عملية الضبط الاجتماعى. فمصطلح الضبط الاجنماعى أنما يشير الى قدرة المجتمع على التنظيم الذاتى من خلال وسائل غير رسمية وأخرى رسمية. والوسائل الاجتماعية غير الرسمية أكثر بكثير من الوسائل الرسمية التى يقع القانون مع السياسات العامة على رأس القائمة منها . وتُعد القيم المجتمعية الموجودة لدى الأفراد منتجات من الضبط الاجتماعي غير الرسمي، والذي يمارسه المجتمع ضمنيًا من خلال تقاليد وقيم ومعايير يرعاها الفرد ويتمثل بها ، وأعراف تحيلها الشريعة الى جزء لا يتجزأ من منظومتها العامة . يستوعب الأفراد قيم مجتمعهم، سواءً كان ذلك بوعي أو بغير وعى ، ويعتمد المجتمع الاسلامى في غالب وسائله على الضبط الاجتماعي غير الرسمي المرسخ في ثقافته العرفية ، لتعليم أعضائه الاندماج فيه. فى التجربة الغربية تاريخيًا، كانت المجتمعات قادرة بسهولة على طرد الأفراد غير المرغوب فيهم من الأماكن العامة من خلال قوانين التشرد وغيرها من أشكال الإبعاد. وبعض المجرمين أخرجوا الى جزر قصية جغرافيا . فأستراليا أنما بدأت سجناً للمنفيين ، ولكن الغرب تطور فى مفهومات حقوق الانسان ليقترب من المعايير الاسلامية ، بينما تدهورت المجتمعات الاسلامية لتبدأمن المفاهيم التى بدأ بها الغرب ،مفاهيم الطرد والإبعاد لا مفاهيم التأهيل والاصلاح . ان تشريعات الضبط الاجتماعى بولاية الخرطوم رغم إنطلاقها من دوافع اسلامية ربما متحمسة بعض الشىء الا انها لم تصدر عن رؤية مستبصرة للأصول والمقاصد الاسلامية فى ترقية المجتمع من خلال تمكينه من تعظيم قدرته على الاصلاح والضبط الذاتى .ولاشك ان النسق السريع فى الخرطوم نحو التحول لمدينة حضرية حديثة يدفع بأتجاه الحلول المتعجلة التى جربها الغرب من قبل ثم هجرها الى مفاهيم أقرب لتحقيق حقوق أفضل لجميع المواطنين. وفي المدينة ما بعد الصناعية، تهتم السياسات أولاً ببيع التجزئة والسياحة وقطاع الخدمات ، ولا يوجد شك في أن الضغوط المتزايدة لخلق صورة لمدينة منظمة وملائمة للعيش تساعد في الأشكال الأحدث للضبط الاجتماعي. حتى أن هذه التقنيات الجديدة تتضمن محاولات مكثفة بشكل أكبر لطرد بعض الأفراد مكانيًا من الأماكن الحضرية منذ تكليف الشرطة باستخدام سلطة أكبر في فحص الأفراد، على أساس الشك بدلاً من الدليل القاطع عن وجود إجراءات غير مشروعة.
إن أوامر الاستبعاد من الحدائق والاسواق بأسم التشرد والتسول (تمنع الأفراد من ارتياد أحد أو بعض أو كل الحدائق في المدينة لفترة طويلة من الزمن بسبب القيام بمخالفة سابقة) وقوانين التعدي على ممتلكات الغير . وما ذكرناه هو عدد قليل من تقنيات الضبط الاجتماعي الجديدة التي تستخدمها السلطات بالمدن لتهجير بعض الأفراد إلى أطراف المجتمع. وتهدف هذه التشريعات والتقنيات الى تعزيزالقدرة على تقييد الأفراد مكانيًا في أجزاء من مدينتهم. ويعد معارضة أي من القوانين أعلاه جريمة جنائية تؤدي إلى الحبس المحتمل. وبالرغم من أنه لا يتعرض جميع الأفراد لأمر إستبعاد يلتزمون به، إلا أن هؤلاء الأفراد، على أقل تقدير، يتم تقييد حركتهم مكانيًا من خلال تقليل حركتهم وحريتهم في جميع أنحاء المدينة.وهذا التقييد المكاني للأفراد يؤدي إلى اضطراب خطير وتدخل في حياتهم. وبشكل عام، يتردد الأفراد المشردون على الحدائق لأنها منطقة توفر لهم مقاعد للنوم ومراحيض عامة وخدمات عامة في بعض الأحيان وشعور عام بالأمن من خلال وجودهم بالقرب من آخرين في ظروف مماثلة لهم . وبدلاً من تمثل القيم الأسلامية فى التعاطف مع الضعفاء فإن الحل الأمنى السهل هو ما يفرض نفسه بدلاً من اتباع اساليب تقوم على استحثاث المجتمع ليعين ضعفائه وفقرائه بتوفير الأمن والخدمات الضرورية لهم حيث يعيشون . ولو أن الولاية من خلال موسساتها جعلت للرعاية الاجتماعية أولوية قصوى وبنت الشراكات الخيرية مع الأغنياء الأثرياء لكان ذلك أجدى من أعادة بعث قوانين التشرد والتسول الموروثة من الحقبة الاستعمارية. ويدخل فى طائفة المقصيين المستبعدين الباعة الجوالة وصغار مقدمى الخدمات مثل بائعات الشاى المتعرضات بإستمرار للمطاردة بسبب قوانين الضبط الاجتماعى . وأحرى بنا ان لم يجر اصلاح تلكم القوانين أن نسميها قوانين الظلم الاجتماعى. وطائفة أخرى من هذه القوانين تتعلق بترقية البيئة الحضرية وهى تشريعات ضرورية ، ولكنها تكاد تقتصر على الحل الأمنى الذى يسعى لتحقيق الالزام للضعفاء على إطاعة القانون ولوجاء ذلك على حساب مضاعفة معاناتهم . وكان يجب أن يشتمل القانون على حزمة من الحلول لمقاربة المشكلات التى يتغيأ معلجتها لايجاد الحلول لها. ويدخل فى هذه الطائفة محاربة السكن العشوائى وما يسمى بالمهن الطفيلية .كما يدخل فبها تنظيم سكن خفر المبانى الرسمية والخاصة وهو بلا شك سكن للفقراء فى أواسط الأغنياء . وطائفة أخرى من هذه التشريعات تتعلق بمنع اختلاط الرجال بالنساء ، وعيب هذه التشريعات أنها تعمل بعكس منطق الشرع الذى يفترض براءة الذمم ، والقانون الذى يفترض البراءة الاصلية . فهذه التشريعات تبنى على الريبة والشك وتجعلهما أساساً لتصرف السلطات الماس بحقوق الانسان مثل التفتيش بغير شك معقول ، وغير أذن من سلطات قضائية . ومثل المداهمات الفجائية التى تهتك الخصوصيات بغير مسوغ ،الا الشك أو سابقة الوقوع فى الجرم الأمر الذى ليس له أعتبار فى الشرع . فان سابقة الوقوع فى الجرم لاتحل عرض ولا خصوصية المجرم السابق ما لم يكن مجاهراً .
وهذه التشريعات جميعا تعانى من كونها لا تنطلق عن رؤية شاملة للوضع الاجتماعى ، والموارد المتاحة للتوظيف فيه لتحقيق معنى الاحاطة والضبط السلوكى بكافة الوسائل الرسمية وغير الرسمية . كما أنها غير قادرة لبناء حزمة متجانسة من التشريعات التنظيمية والجزائية يعضد بعضها بعضا لتحقيق مطلوب استقامة الافراد والجماعات على ما يحقق الأمن والنظام لهم بغير تضييق بأسم القانون على المجموعات الأضعف والأكثر عددا وهنالك وأختلال فلى مفهوم التجريم وخلط بين ما هو مخالفة تستدعى الجزاء وليس العقوبة وبين الجريمة التى تستدعى العقاب المتقصد للردع والمنع والزجر ..كذلك فان هذه القوانين تفتقر الى الصياغة المتينة، وتعانى من غموض يتبدى فى أسمائها العمومية مثل النظام العام وأمن المجتمع والضبط الاجتماعى . وكلها عنوانين عمومية ليست بمانعة لدخول سائر التشريعات الأخرى فى حدها اللفظى .والمواد المفصلة هى الأخرى تشكو ذات العلة فهى فى أحيان كثيرة حمالة للمعانى قابلة للتفسير من قبل الجهات التنفيذية على وجوه عديدة . وهى تحيل أحيانا تفصيلها الى الجهة التنفيذية من خلال أعطاء تلك الجهة الحق فى اصدار لوائح تعتبر عند صدورها جزءاً لا يتجزأ من القانون وبذلك تتحول الجهة التنفيذية مثل المعتمد أو المحافظ على سبيل الشرح الى جهة تشريعية عقابية .
خاتمة:
لاشك ان ولاية الخرطوم لا مندوحة لها من اصدار القوانين المنظمة للحياة الحضرية فيها ولابد لها وهى تفعل ذلك أن تنطلق من الرؤية المقاصدية للشريعة الاسلامية . ولابد لها كذلك أن تنتفع بأفضل الممارسات المتعارف عليها فى تنظيم المراكز الحضرية والتى نجحت فى تحقيق ترقية البيئة والسلوك العام بغير انتقاص يؤبه له من حقوق الانسان . وهنالك لحسن الحظ تجارب لحواضر اسلامية فى هذا الصدد مدينة أستانبول هى الجوهرة المتألقة بينها . فهى حققت نجاحاً لم تحققه حتى الحواضر الغربية لأنها زاوجت بين تحسين شكل ونظام المدينة وتحسين أوضاع المواطنين الأضعف حالا فى المدينة . وتلك تجربة قمينة بأن تدرسها المدائن الاسلامية والغربية على حد سواء .ان تشريعات ما يسمى بالضبط الاجتماعى فى الخرطوم فى حاجة الى حوار علمى وشفيف بشأنها ليجرى أصلاحها بما يحقق مقاصدها فى الرقى الاجتماعى . والفرصة سانحة من خلال المراجعة الكبرى التى أعلنتها الدولة لأصلاح الدولة وتسريع نسق تقدمها لتكون بحق دولة متطورة متقدمة آمنة حرة وموحدة .
والله ولى كل ذلك والقادرعلى هداية المسير اليه.
فله الحمد أولا وآخرا
Comments
Post a Comment