مين اللي كسب من ثورة ٢٥ يناير و مين اللي خسر؟!
يفترض ان تكون الإجابة المنطقية و طبقا
لطبيعة الأشياء ان الثوار او مؤيدي الثورة بالقطع هم اكثر من استفادوا من
نجاح ثورتهم في تحقيق هدفها الأسمى و هو الإطاحة بنظام مبارك الذي ظل جاثما
فوق صدور البلاد و العباد لمدة ثلاثين عاما..!
اما من قامت ضدهم الثورة فيفترض بالتأكيد ان
يكونوا ضمن الفريق المنهزم الذي يتجرع ويلات الحسرة و الذل و الندم على ما
اقترفوه في حق البلد و العباد او على الأقل (طرمخوا) عليه و سهلوا حدوثه
بالتواطؤ مع النظام الحاكم الفاسد..!
السطور السابقة هي السيناريو المفترض بل و البديهي لأي ثورة ناجحة (او يفترض انها ناجحة)..!
الا ان ثورة ٢٥ يناير و لأسباب عديدة اسهم
فيها العشرات من الأطراف السياسية و العوامل المختلفة اتت بحقيقة مغايرة
تماما للمنطق و المفترض..!
ثورة ٢٥ يناير و للأسف الشديد كانت وبالا
على اغلب من ساهموا في نجاحها او حتى طالبوا و ناضلوا من اجل ان تقوم سواء
بالفعل او بالكلمة..
بل ان اغلب من قامت ثورة ٢٥ يناير من اجل ان
تزيحهم من صدارة المشهد قد عادوا الى الواجهة من جديد في حلة اكثر وجاهة و
قوة و بأسا..!!
و لكي ادلل على كلامي تعالوا نستعرض كلا المعسكرين..
معسكر من هم محسوبون على (الثوار) او بأضعف الإيمان (المناضلين) و معسكر من هم محسوبين على (الفلول) او كارهي الثورة..!!
في المعسكر الأول معسكر (الثوار) و بنظرة بعدما يقرب من ثلاث سنوات على قيام ثورة يناير و نجاحها -نظريا على الأقل- نجد الأتي:
اغلب نجوم التوك شو ما قبل ثورة يناير و
التي اسهمت برامجهم الناجحة في تأجج الغضب الشعبي ضد نظام مبارك و في تأييد
المصريين للغضب الشعبي نظرا لما كانت تحتويه برامجهم من كشف لقضايا فساد
العصر المباركي اما فقدت برامجهم بريقها و انصرف الناس عنها و اما هم
انفسهم فقدوا برامجهم و اما اتجهوا اتجاهات اعلامية اخرى بعيدا عن السياسة و
بلاويها..
منى الشاذلي تركت برنامجها الأكثر نجاحا و
شهرة من بين برامج التوك شو فيما قبل ثورة يناير و اتجهت الى قناة وليدة
حديثة العهد لتقدم برنامج توك شو اخر جاء باهتا للغاية و بلا ادنى جماهيرية
او متابعة قبل ان تترك تلك القناة لتتجه لقناة اخرى لتقوم بتطليق
السياسة بالثلاثة و ترتاح من وجع الدماغ و
تقوم بتقديم برنامج اجتماعي يقوم بإستضافة فنانين و عملا و طلاب نوابغ و
تحلل ظواهر اجتماعية..!!
يسري فودة مقدم البرامج السياسية الأشهر و
الأنجح قبل قيام ثورة ٢٥ يناير و الذي ساهم فيما يطرحه من موضوعات جريئة
قبل و اثناء الثورة في نجاحها..!
ها هو برنامجه يترنح ما بين توقفات كثيرة و
عودة باهتة و تغييرات في موعده حتى فقد الناس الاهتمام به و انصرفوا عنه
بعدما كان واحدا من انجح برامج التوك شو قبل ان يعلن يسري فودة توقف و
انتهاء برنامجه نهائيا و للأبد..!!
ابراهيم عيسى الذي كان قبل ثورة يناير
بمثابة ايقونة النضال الصحفي ضد الفساد و استبداد نظام مبارك و الذي حصل
على احدى جوائز الصحافة العالمية ها هو يتحول بعد قيام ثورة يناير الى صوت
محسوب على نظام الحكم و بوق موجه بالأساس ضد الإخوان المسلمين و الإسلام
السياسي
تاركا القضايا الجماهيرية الأخرى غاضا الطرف
عن اي نقائص او تواطؤ او اهمال من نظام الحكم الحالي تجاه قضايا هامة و
حساسة تهم المواطن المصري البسيط..!
بلال فضل الذي طالما ناضل و كافح ضد نظام
مبارك و سطوته و فساده و تم التضييق عليه و محاربته في رزقه بمنعه من تقديم
البرامج و الظهور على القنوات ابان عصر مبارك
ليصل الأمر به الى ان يقوم بعرض افكاره من خلال مواقع على الإنترنت ناشئة و تبحث عن الجماهيرية من خلاله...!!
علاء عبد الفتاح ابو التدوين في مصر و الذي
كان بمثابة الشرارة التي اندلعت من الإنترنت لتصرخ في وجه مبارك و نظامه ب
(لا) من خلال التدوين و احتضانه لتلك التجربة البكر الناشئة في بدايات
الألفية
هاهو بعد قيام ثورة ٢٥ يناير و نجاحها يتعرض لما لم يتعرض له خلال عصر مبارك و نظام حكمه الأمني الحديدي..!
ما ينطبق على علاء عبد الفتاح ينطبق على
احمد دومة و اسماء محفوظ و نوارة نجم و كل النشطاء الذيم اسهموا في الحراك
الشعبي المحرك الأساسي لثورة يناير بل و شاركوا في فعاليات ال ١٨ يوما
الأكثر تخليدا في تاريخ مصر حتى سقط نظام مبارك (او هكذا توهمنا)..!
اين هم الأن..؟!
كيف نجحت تلك الخطة الجهنمية التي افقدت الشعب المصري تعاطفه و حبه و تقديره لهؤلاء...؟!
كيف نجحت بعض وسائل الإعلام في ان تدس السم للشعب حتى يكره هؤلاء الشباب النشط الوطني و ينعتهم و يصمهم بالعمالة و الخيانة..؟!
كيف ان ثلاث سنوات كانت كفيلة بأن تتغير
مشاعر قطاع لا بأس به من المصريين تجاه ثورتهم ليصير الجدل لا ينتهي حول هل
هي ثورة ام مؤامرة؟!!!
الأمثلة كثيرة و لا تحصى حول الخاسرين في معركة يناير و الذين فقدوا الكثير اما من سمعتهم او من اقواتهم او من حريتهم
اما معسكر الرابحين فالعدد كبير و لا يمكن
حصره على الرغم ان اغلبهم مممن قامت ثورة ينتير اما ضدهم او ضد اسيادهم في
نظام مبارك القمعي الأمني الفاسد..!
احمد موسى و الذي كان معروفا قبل الثورة بكونه مندوب وزارة الداخلية في الأهرام و ليس العكس
و الذي كان مفروضا على برنامج القاهرة اليوم من قبل الأمن
ثورة كان من المفترض ان تزيحه و ان تجعله
يقض المتبق له من العمر منزويا في منزله يشعر بالخسة و العار نظير ما
اقترفه ابان حكم مبارك بإعتباره كان عينا للداخلية و المتحدث الرسمي بإسمها
فإذا به يصير احد نجوم الفضائيات..!
توفيق عكاشة و الذي اشتهر بتلك اللقطة
المخزية بتقبيله يد صفوت الشريف احد اكبر المفسدين سياسيا ايام عصر مبارك و
احد نواب الحزب الوطني ببرلمان ٢٠١٠ سيء السمعة
فإذا به و قد اصبح صاحب احد اشهر البرامج الليلية له عشاقه و مريديه و تابعيه..!
رجال اعمال نظام مبارك الذين اثروا من قوت
هذا الشعب و من نهبهم لأراضيه و ثرواته و قد خرجوا للعلن مرة اخرى بعد ان
تواروا اياما و شهورا عقب الثورة مباشرة و منهم من يستعد الأن لخوض
انتخابات البرلمان المقبلة لكي يبدأ جولة جديدة من جولات الفساد و النهب و
السرقة..!
نواب الوطني التقليديين الذين احتلوا
مقاعدهم البرلمانية لسنوات طويلة بالزور و التزوير و الذين ادمنوا الفساد و
الإفساد ها هم يستعدون لتبوأ مقاعدهم البرلمانية مرة اخرى اما بأنفسهم او
من خلال اولادهم الذين بكل تأكيد لن يقلوا عنهم بأي حال من الأحوال قدرة
على الفساد و الإفساد..!
اربع سنوات مرت على ثورة يناير ٢٠١١
و بدلا من ان نحتفل جميعا في الميادين و
الشوارع بذكرى ثورة اطاحت بنظام فاسد و حاكمت رموزه و اقصت تابعيه و راقصيه
من المشهد السياسي تماما
فإذا بالذكرى الرابعة لتلك الثورة المجيدة
تأتي و الشعب ينعم بالأجازة في المنازل بينما تغلق الشركة الميادين العامة
في اغلب المحافظات بالمصفحات و المدرعات
و يستعد الفلول و ابناءهم و اخوتهم لجولة
الإنتخابات البرلمانية القادمة بينما يقبع الإخوان و تابعيهم في السجون وسط
تفجيرات هنا و هناك..!
بينما ثوار يناير منهم من يقبع في السجون و منهم من لايزال يحاكم بتهمة (خرق قانون التظاهر) في انتظار السجن
و منهم و هم الأغلبية من قرر الجلوس في منزله اما يأسا او احباطا و اما انتظارا لهبة جديدة و انتفاضة اخرى من الشعب
و منهم من انضم الى الأغلبية الصامتة الكاسحة يراقبوا ما يحدث في صمت تام و كأن ما يحدث يخص بلدا اخر لا يمت لهم بصلة.
Comments
Post a Comment