اساطير صنعناها و صدقناها
يعني ايه اسطورة..؟!
في رأيي ان الأسطورة دي حاجة خيالية احنا
اللي بتصنعها لأسباب كثيرة اماعلشان نخاف منها و اما علشان نحبها و نعشقها
بس في كل الأحوال احنا بنصدقها او بمعنى اصح بمرور الوقت احنا بنصدق نفسنا و
بنصدق الكذبة اللي احنا صنعناها و بنحولها لأسطورة خالدة تتوارثها الأجيال
بدون تفكير او نقاش..!
زي اسطورة ذكاء الطفل المصر بإعتبار ان الطفل المصري هو اذكى طفل في العالم..!
و انا مش عارف دة يحصل بأمارة ايه او ليه؟!
هل الجينات المصرية مختلفة عن بقية سكان الكوكب..؟!
ام ان مخ الطفل المصري بيختلف في تركيبه عن بقية امخاخ خلق ربنا..فيه حتة زيادة مثلا..؟!
الغريب ان صانع تلك الأسطورة لم يوضح لنا طيب ايه اللي بيحصل بعد كدة لمخ الطفل المصري لما بيتحول لصبي ثم لشاب ثم لرجل مصري..؟!!
اسطورة مصرية اخرى و هي اسطورة (مياه النيل)..!!
اللي يشرب من مية النيل لازم يرجع لها تاني...؟!!
هو بداية مفيش حد اجنبي بيزور مصر و بيشرب من مياه النيل اصلا...!
دة المصريين نفسهم مابيشربوش من مياه النيل..!
وبعدين لو صحت تلك الأسطورة الوطنية النبيلة
يبقى لازم و بالضرورة تنطبق على زائري رواندا و تنزانيا و اوغندا بإعتبار
ان النيل بيمر برضة من الدول دي و اللي شرب من نيلنا و انجذب لنا اكيد
برضة لو شرب من نيلهم هيقع في غرام رواندا و اوغندا و لازم يرجع لهم
تاني..!
من ضمن اساطيرنا الوطنية التاريخية برضة ان مصر بلد فيها حاجة مختلفة..!!
طبيعي ان اي بلد بالنسبة لمواطنيها تبقى فيها حاجة مختلفة و حلوة و رائعة كمان
و طبيعي ان اي بلد لو قضى فيها اي سائح وقت
لطيف و له فيها ذكريات رائعة هتبقى بالنسبة له هي المفضلة و بلد مختلفة و
روحها حلوة و جميلة..!
دة بينطبق على كل دول العالم بلا استثناء..!
الموضوع مرتبط بحب المواطن لبلده او
بالذكريات الجميلة اللي عاشها السائح في البلد دي مش مرتبط اطلاقا ان بلدنا
فيها حاجة مختلفة عن سائر بقاع الأرض..!
اساطير كثيرة احنا بنصنعها علشان بترضي غرورنا و احيانا بترضي كسلنا و عجزنا عن العمل و التطور و الإبتكار..!
يعني بدل ما نشتغل و نطور في بلدنا و نجعلها
اكثر جذبا للسياحة بنريح نفسنا بأسطورة ان كدة كدة السائح هيرجع تاني
علشان هو شرب من ماء النيل او ان احنا بأقل مجهود هننجح علشان احنا شعب ذكي
و اطفالنا عم اذكى اطفال العالم..!
نوعية اخرى من الأساطير نجحت السينما المصرية في غرسها في عقولنا حتى اصبحت من المسلمات
اسطورة ان الخير لازم و حتما ينتصر في نهاية الفيلم...!!
مش بالضرورة على فكرة خالص ان الخير لازم
ينتصر في النهاية او ان البوليس لازم يوصل في الوقت المناسب او ان البطل
لازم يتجوز البطلة بعد ما يقضي على الشرير..!!
الواقع بيقول غير كدة خالص..!
دة الطبيعي اصلا ان الخير لازم يتسحل و ان
دائما الشرير هو الأقوى بأدواته المختلفة و ان البطلة ممكن جدا تسيب البطل
الطيب علشان الشرير الغلس اغنى و عنده شقة و عربية و هيحيب لها شغالة
اسيوية..!!
كله كوم و اساطيرنا اليومية اللي محدش عارف اصلها و لا فصلها و لا سببها اصلا كوم تاني..!
طيب حد يعرف هو ليه ماينفعش تسيب فردة الشبشب او الجزمة مقلوبة مثلا..؟!
ناس تقول لك مكروه و ناس تقول لك حرام و ناس بتقول انها كدة بتجيب الفقر للبيت و احيانا سوء الحظ و احيانا اخرى النحس.!
نفسي اعرف ايه العلاقة بين فردة جزمة مقلوبة على وشها و النحس..!!
و لكنها الأسطورة و الخرافة التي نتوارثها
جيلا بعد جيل حتى اصبحت من البديهيات زيها زي الكنس بالليل المكروه علشان
بيطرد الملائكة و دق الهون في السبوع علشان الرضيع لما يكبر يطلع جريء و
قلبه ميت و اسطورة الخمسة و خميسة اللي بتمنع العين و الحسد..!
الأساطير برضة موجودة في حياتنا من باب الإرهاب..!
و كثيرا ما نستخدمها من احل تربية و تهذيب الأطفال (اللي هم اذكى اطفال العالم) ووضع حد لشقاوتهم المفرطة و المبالغ فيها..!
زي بالضبط اسطورة امنا الغولة اللي بتخطف
العيال الصغيرين اللي مابيسمعوش الكلام و اسطورة البيت المسكون اللي بتتقال
على اي بيت مهجور او في مكان نائي..!
انا عن نفسي عشت طفولتي و انا مصدق تماما اسطورتين عجيبتين:
اسطورة (الدولاب) و اسطورة (الشرابات)..!
اما عن اسطورة الدولاب فتقول الأسطورة انك
لو نمت و انت سايب دولاب الملابس بتاعك مفتوح على مصراعيه فأنت كدة بتسمح
بخروج العفاريت منها و انت نايم..!
لو مش عايز العفاريت تشرفك بالزيارة و انت نايم يبقى لازم تقفل دولابك جيدا قبل النوم..!
الطريف ان الأسطورة دي بقيت ملازماني لحد ما كبرت حتى اصبحت عادة اصيلة
ماينفعش انام و الدولاب مفتوح...!
اما الأسطورة الثانية فهي اسطورة (الشرابات) ..الجوارب يعني
تقول الأسطورة انك لو نمت و انت لابس شراب في رجلك...نظرك هيضعف...!
و علشان تحافظ على بصرك حاد...اياك و ارتداء الجوارب اثناء النوم..!!
و يبدو ان الأسطورة دي برضة اثرت في بشكل او
بأخر لدرجة اني فعلا لا ارتدي جوارب اثناء النوم ابدا ليس خوفا من ضياع
بصري بالطبع و انما بسبب العادة...!
اساطير....اساطير ثقافية و سياسية و
فلكلورية و ايضا دينية توارثناها و تناقلناها جيلا بعد جيل حتى اصبحت غير
قابلة للنقاش او الجدال...!
نحن شعب يعشق صنع الأساطير حول الأشخاص...!
و اصبح مجرد البحث حول حقيقة تلك الأساطيرهو عداء لهذا الشخص الذي تحول بمرور الوقت لأسطورة تاريخية محصنة لا تقبل المساس..!
فعلناها مع سياسيين كثر و زعماء حتى تحولوا لاساطير لا تقبل المساس بهم او مناقشة اقوالهم و افعالهم..!
و نفعلها دائما مع الصالحين الذين بعد
رحيلهم يتحولوا تدريجيا الى اساطير يتم نسج حولهم حكايات وهمية و معجزات
خارقة و تصير اضرحتهم قبلة لكل مشتاق و ملهوف و باحث عن معجزة ما
وستستمر صناعة الأساطير دائما بل و ستزدهر طالما استمر الواقع تعيس والفشل يحاصرنا دائما..!
ستبقى الأساطير القديمة و سننسج اساطير جديدة اما بحثا عن القدوة و المثل حتى و لو بالمبالغة..!
او هربا من الواقع التعس الى الخيال المثالي الجميل طالما لا نقدر على صنعه في الواقع فلنصنعه في الخيال.
*نشر هذا الموضوع بصفحات ضربة شمس بجريدة التحرير ويك اند (بتصرف)
*نشر هذا الموضوع بصفحات ضربة شمس بجريدة التحرير ويك اند (بتصرف)
Comments
Post a Comment