ملمح عن الرواية:
تتحدث عن ملامح الساحل الغربي لهضاب البحر الاحمر وجباله الاسطورية التي تحمل نكهات متعددة لمدائن كائنة- سواكن ،مصوع،عصب،بربرا..- مدائن اخرى سادت ثم بادت
رحلت انسان ساحل جبال البحر الاحمر الغربية في مواجهة تبدلات الطبيعة
مقتطع من رواية العودة الى مسمار- حاتم بابكر عوض الكريم
تتحدث عن ملامح الساحل الغربي لهضاب البحر الاحمر وجباله الاسطورية التي تحمل نكهات متعددة لمدائن كائنة- سواكن ،مصوع،عصب،بربرا..- مدائن اخرى سادت ثم بادت
رحلت انسان ساحل جبال البحر الاحمر الغربية في مواجهة تبدلات الطبيعة
مقتطع من رواية العودة الى مسمار- حاتم بابكر عوض الكريم
التكوين:
رايت لافتة في مدخل المدينة عند مفترق الطرق حيث
تتاسقط المفاهيم القديمة التي تحاصر الروح بالهتافات التي ذبلت في عقلي وصارت
جارحة تهز جسدي هزات متتالية.مكتوب في اللافتة عبارة صريحة خفية:"اول العتمة
غيوم بيضاء اموجها متلاطمة تلد الظلام حين تجتاح تخوم الفوضى شواطىء
الهزيان".خلف اللافتة تتراكم المدينه كانهاغرفة مغلقة لاأضوء فيها ولااثاث
ولامخارج عدا سلم الخروج الذي يمد لسانه هازئا بالمقدسات كانه يهيئ لمعركة فاصلة في عالم الغيب تتناسل منها الطرق لصحراء الجامدة
اولتفضي لغيبوبة تامة.
الساعةالثانيةعشر ليلا ينتهى دوام
العمل فيصير قلبي كومة قلق
فيتحول وجهي ناحية الذبول فيغدو شاحبا كنسمة راكضة في حقل الذكريات
المفخخة بالفشل كغمامة متسكعة تخشى الليل
مصادرة من رعب اخبار النهار فتبتلعها رعشة
الخوف العاجزة عن الصراخ حين نحط الرؤوس على وسادة الهلوسة الاستسلام لعنف السلطات
فتنفجر في الاوردة كل اغاني الموت القديمة
الجديدة العاجزة عن تعليل جذر الخراب وانهيار "علوة" وتلاشي
"سوبا" و تفرق ذهب " شيبون"في المساحات الممتدة في الارض اليباب
واجهدنا انفسنا بصناعة الاكاذيب"الطازجة" حتى لاترحل
الابتسامات الندية
والاغاني الدافئة الى سواحل البوح المتمهل
ارتباكا في جغرافيا الثرثرة وحنين "الامير
"الذي يحمل عنا التزامتنا ويرفع قصورنا وعجزنا دون مبالة " بعقل
جامد" اوبمخالب مقوسة داكنه تنشد
المال والخضوع فتنسج ضفائر الريح العابثة اغاني راقصة لاهية بهدوء يقودها
الى الممر الخفي بعد الذاكرة فتهرب
الوقائع ويسافر العقل فيفضي كل عنفوانه للحانة واناخب الخمور الرديئة التي تصيد الرؤوس الحليقة
بالتطلعات والانتفاخات الغبية الواهمة هنا حيث المفاهيم القاصرة منذ ان
كانت "هضبة الحبشة" تحمي
"بيضة الايمان" من الايادي
المرتخية الفاجرة جميعها .. كانت خارج
الحدث لكنها الحدث عينه حين صنعت قوانين التطور والارتقاء لذلك انفقت جبال الساحل الغربي النهار جله تنسج خيوط الخضوع منكبةعلى اسطح المكاتب
الفارغة من غير رؤية فتظل نقطة عمل عيشه وتكسب ككل الابنية الحكومية ودور العبادة
لقديمة والجديدة التي ماانفكت تسترجي بالاكاذيب الارض البكر العنيدة و تمايل
الظلال بالاحابييل والدفء القاتل والاحلام الخبيثة التي حطمت
الاستقرار واورثت"سواجن" و" مصوع" و" مقديشو" بعض
وهجها او قل لحظات الهدوء النادرةحين يعجز
الاستبداد عن جر عربة الحياة المثقلة بالتاريخ العميق الى المزبلة و"مكب
القمامة".
"النخاس " في ساحل غرب المالح
مازل يسرق الاطفال ويتوارى عن الاعين
كفراشة تدور حول النار كان عقلي مسجون في داهليز الهزيمة مضطربا و كان جهي يتحول
لمسخ غريب ككل الوجوه الغريبة التي
دمرت"مروي" و" اكسوم" و" بلاد بنط" اعرفها اولااعرفها هذا ليس جوهر القضيةذلك لاني
اخذت اصيح بصوت ساذج لذيذ رتيب غير مسموع بفعل رياح الهبابي العاتية فكم مرة كررته
دون انقطاع :"لاغالب ولامغلوب..لامنتصر ولامهزوم...كلنا جزء من الفضيحة
الانهيار" في الوقت المعروف من
غيبوبتي ايام "منقستو وسياد بري وجعفر" كانت تهرب من ذاكرتي الصور
الاغاني وتضمحل المعاني فاجد نفسي انكش الوثائق القديمة ،فلم اجد لنفسي وثيقة
صادقة تعرفني من انا؟ ومن هم ؟ومن هؤلاء،؟ غير ورقة بيضاء مكتوب عليها فهمي
وضيقي ومظالمي بقلم من الحزن والدموع
والدماء ،بهذا القلم حاولت مرارا ان اشرخ صدر الحائط الباكي كي اجد النور المرتسم في مخيلتي واكمل مراجعة الكتب القديمة والجديدة من ثم افلت الى
الابد من هيمنة الجاذبية الارضية المحتشية بالعواطف فلا اشرح تاريخي "المغامرة
العظيمة "التي لم اختارها مطلقا الحق الحق اقول اني احاول دوما اصعد للغيبوبة بعربة التفائل الوردية حتى لااهبط خارج سلطة الليل الذي يسكن قلبي بلا اجنحة اوقنابل عنقودية في زمن" الرصاص
المسكوب" وعلو كف العجز والتطاول لحظة "احتلال العراق" وبلا مقدمات
صارت تسير عقارب التاريخ متراجعة للهاوية وبالسرعة الملائمة للانتحار او الانكفاء الى الدوخل في غيمة العتمة انها حالة العجز القديمة الجديدة.
في ساحل
بحر المالح الغربي اترك لك عقلي التارحج على ارجوحة الطريق المتعرج كزوايا
الظلمة في العقل والممرات الضيقةفي النفس الانسانية التي تنتشر منها الروائح
النتنة كالاشاعة بان الحرية سهلة عادية كماء المطر الهاطل دون انقطاع في عروض
الاستواء فيصبح سيلا ياخذ كل شىء ولايبقى امامي الا الصراحة حين اسال عن بيتي
القديم الذي استولى علية الضيوف الذين
سمحنا لهم باعمار المساحة الخالية التي كان اطفال الحي يلعبون وسطها ،سيطر علينا
الاستسلام وهزمنا رغم ذلك لم ارتكب جرما فنبشت باظافري الجرح وتركته ينزف هاهو
"بوب ساندر" امير ايرلندا المقاتلة يمضي الى حتفه دون ان يستسلم او يعلن
نهاية اضرابه عن الطعام اوتخرج ايلندا من المملكة القديمة التي لاتغرب الشمس عنها رغم سقوط شعره بعد ان
اصابة العجز في اخضاع المراة الحديدية " مارجريت تتاشر"التي تعلمت الصلابة
القاسيةفي ساحل بحر المالح الغربي-الخرطوم واديس ومقديشو- يوم تمسكت انجلترابسواجن
ومصوع ولم تسلمها "للدراويش"
الذين شيدوا بالدماء والدموع "ام درمان"........... تكونت من رواسب الطمي الذي حمله النيل أرض صالحة
للزراعة فابتدع الإنسان العمل فتطورت "تانحسي" و"اكسوم " بلاد بنط"بعيداً عن
سلطة "طيبة الفرعونية" مع الاحتفاظ معها بصلات عميقة عبر الحروب
والتجارة والاتفاقات هنا يكمن جذر رغد العيش والعمران ، فانتظم وادي النيل حيويةً
تشكلت خضرة وأتاحت فرص الرعي أكثر مما هو عليه في العصور السابقة تلك النعم امتدت
إلى الجنوب الذي انتظم جبال الامهر والتقراي والبجا حتى شلال السبلوقة وملتقى
الأنهار حيث تقطن قبائل "أرثن" فصار وادي النيل "قبطي" بالكامل فأنتشرت
"الفرعونية "ثقافة وديانه ومعابد وطرق دفن للموتى فصنع الفخار والأواني
الخزفية فصار أدنى النيل محدود المجال كشريط ضيق على الشواطئ يتسع إلى حد ما في
بعض البقاع ويضيق أحيانا جراء تراكم الصخور النارية . اندلعت النزاعات ودارت
الصراعات فشهدت تلك الصخور الانتصارات والهزائم وإراقة الدماء لعقود طويلة في حقب
متباينة فتأثر سكان الوادي وجبال البحر
الغربية فغزت حياتهم الروح الاستهلاكية الناعمة بتلك الحروب ولدت
المدائن فصاروا يتذكرونها كحلم مؤلم فقد دون
ذلك في كتابات قديمة سماها بعض القدماء "توراة البركل"
اوبألاسفار البريئة التي جمعت عن الذين عاشوا وطأة الحروب بحماس مثقل بالأوهام
الشخصية فمن مما ورد في تلك الإسفار أن مَنْ في الصحراء والجبال والنيل لم يسألوا أنفسهم من يحاربون ولأي شيء تدور
الحروب ؟ فإنسان الصحراء الأمر عنده سيان لديه وكذلك اهل الجبال ،لان شح الموارد
وسلطة الطبيعة أنجبا التهور القاتل ومن بعده نما الحقد الذي أغشى العيون وأعماها
بالكراهية فتشكلت سحابة صارت غشاوة دموية غطت على العقول فترك الصبيان والصبايا
المعاول وهجروا الأرض وامتشقوا السلاح وتزاحموا على ساحات الموت فطحنتهم الة العنف
وأدمي وادي النيل جبال البحر وهضبة الحبشة
دون أسباب معقولة أكثر من مرة لان شباب الصحراء والجبال أدهشتهم الأسلحة والأنظمة العسكرية والانطلاق
عبر ا الاوديةالبائسة بأغاني بسيطة ساذجة فاحشة
كتبت في القديم دون بحث وتنقيب صبور
يتطلع لمعرفة مكونات شخصية إنسان الساحل الجبلي و النيل بقواسمة المشتركة
وتناقضاته وعقده القديمة والجديدة .
لا يذكر في الاسفار القديمة متى أصبح
الكون مسكوناً بقضايا وموضوعات الوادي ومن
ثم الساحل الجبلي ولا يعرف لماذا اهتم بتلك القضايا بصفة محددة فبحسب الاسفار
القديمة البالية لايقين حوله انما يُقرَّب ذلك تقريباً على أساس "طيبة" التي تبدو في ميدانها الرئيسي
كواحدة من أروع وأفخم المدائن فكل شيء مبني بصورة عظيمة ليترك انطباعا بالفخامة
والثراء . لكن بالنظرة الأقرب تتضح حقيقة مختلفة تماماً كانت مدائن اخرى في"غندر"
و"سواجن" و" مصوع" و" مقديشو". فخلف عظمة المباني
الرسمية تكمن "العشش" المنهارة و مدن الفقر المدقع ومبالغات القيادة
القاسية . فاغلب الظن إن كاتب الاوراق
القديمة تحمس لمعرفة تفاصيل حياة وادي النيل وساحل البحر الغربي فسجلها في سجله بلغته ايام اشتد البرد والجوع بالأجساد المرهقة من
جراء المشي الطويل في الظلمة لقد تعود أن يذهب في الظلمة إلا أنه ضل طريقه تماماً
واخذ يدور حول نفسه ولم يعد يهمه أن يعثر على مفتاح حل للواقع المحيط به لكنه يتوق
جاهداً لمخرج من هذا التيه ذلك بإيجاد منظور يفسر له لماذا وادي النيل وجبال
الاحمر منهكة قاحلة برغم المطر ؟ لماذا الإنسان هنا فريسة في شبكة من الصراعات
والانقسامات والخلافات والممارسات الخاطئة ؟ لماذا يُستخدم الإنسان ألعوبة في عبث
مصالح الكبار حتى ضربت الزلة الجاهلة على الوادي والجبل من أعلاه إلى أدناه ؟
يُرجح كاتب الاوراق في كتاباتهم التي جمعوها
أن كل ذلك يرجع إلى ثقل سلاسل الظلم الذي وقع على أطفال المجاعات التي ضربت الوادي
مراراً وتكراراً بسبب العصيان والسيل والفيضان ، قد يكونوا كتبوا تصوراتهم على ضوء ما جمعوه من معلومات لكنهم اظهروا اعتقاد
خاطىء يرى ان وادي النيل وارض الجبل يقطنهما اقواماً لا أمل فيهم لأنهم
بلغوا درجة من الشَّر لا يستطيعون معها أن يتغيروا فصاروا سفاحين مغتصبين أقطاب
الإرهاب قساة مملئين حقداً وكراهية فالمهم الذي يدعونا إلى إعادة النظر في
الاسفار ليست قيمتها العلمية المعرفية
او ان هناك من يعتقد فيها ،بل لأنها كتبت بمهارة عالية تجذب الانتباه فتلك الاسفار تناولت ارض النيل والصحراء وجبال
البجا, وكشفت أسس علاقات وصداقات مع عشائر بعيده لا ارتباط بينها سوى التبادل
والمعاشرة فاهم ماكشفته أن الإنسان واحد مهما اختلفت القبائل وان البدايات الحقيقية لكل الوجود واحدة قبل
بداية الكون المادي في روح الالهة قبل ان تحدث الانقسامات والصراعات والممارسات
الخاطئة التي قسمت الناس إلى جزائر متحاربة فطبيعي أن يتشطى وادي النيل والجبال إلى
جزائر مبعثرة بعد أن تعمقت الجراحات من أقصى شمال الصحراء وساحل البحر إلى
حيث لا يُعلم له نهاية فقد أعترفت
الاسفار القديمة وتحديدا في الاسفاره الاخيرة قبل تدخل الاجيال
الجديدة مهاراتها في المعالجة والترقيع
فهذه ناموس الحياة كل عمل روتيني معرض للمراجعة والتشكيك
والثقة فمن مماحواه هذا الكنز من
مادة خام مهولة عن الإنسان فقد توصلت
الاجيال الجديدةأن الاسفار مجرد انطباعات
شخصية وقصص عاطفية ووقائع معممة وأخيلة
حافلة بالمزاجية وأفكار شخصية جامحة فكل ذلك مادة غنية غير أنها ليست كافية للبناء
عليها أو التعويل على صدقيتها وأن تكن تصلح للنظر فيها بعين الحكمة القادرة على المراجعة لارض الوادي وساحل بحر المالح فقد تتكرر في الكتابات مفردات" النهايات"
و"البدايات" "المنبع" و"المصب" فقد يصلح
مجازاً استخدام مفردة المصب أن يكون نهاية
غير النهاية المتخيلة عن الكون فلا يعقل منطقاً أن يكون المنبع نهاية بأي حال لأن
المنبع يوحي فيما يوحي باحتياج إنسان أصيل للانتماء خلافاً للنهاية التي تعني
الموت والاختفاء بالرغم من كثافة المادة التي
تعرضها الكتابات غنية إلا أنها مشحونة بكلمات متهورة تخترق
الهواء دون أن يلقي لها بالاً معظم الذين تعاطوا معها في فترة الاضطرابات فالمهم
أن الاسفار تحوي جهداً صبوراً على
المراقبة المستمرة المرتكزة على حق كل البشر في إعمار الأرض والتمتع بخيراتها لهذا
نعرض جزء مهم من الاسفار للاهمال والابعاد والتجاهل فقررنا ان نقطع منها هذه الأجزاء مقاطع
تكشف الحدس الإنساني العميق والرغبة المحبة للتواصل والعمل المشترك من الامن والسلام وراينا ان نرصد رحلة العودة الى هيا
ومسمار المكتوبة في الاسفار فمما وجدنا في
هذه الاسفار رصدا لرحلة العودة لمسمار
Comments
Post a Comment