Skip to main content

الخوف يدمرنا-------- امين الخال


يواجه الجميع نفس السؤال الذي يلح بشكل غريب على صاحبه، وهو لماذا نحن فاشلون؟
وأنا في هذا المقال لا أدعي أنني أقدم أسباب الفشل كاملةً، ولكني أقدم جزءًا من أسباب فشل المجتمع العربي من وجهة نظر إنسان يعيش في هذا المجتمع؛ ولكي أشرح أسباب الفشل أعتقد أننا يجب أن ننظر في مراحل حياة الإنسان العربي، ولكنا نواجه هنا مشكلة قد تتركني لأكتب مقالًا آخر حول نفس الموضوع، وهذه المشكلة هي مشكلة التمييز بين الرجل والمرأة. ففي مجتمعنا المرأة والرجل لا يعيشان نفس مراحل الحياة، ولا يجمعهما لا وجود ولا مصير مشترك.
وكأن المرأة في مجتمعنا إنسان نخب ثانٍ، لذلك يجب أن أبدأ بمراحل حياة الشاب العربي في هذا المقال، ثم أكتب عن مراحل حياة الفتاة العربية بسبب التمييز.
لنبدأ الآن بمراحل حياة الذكر العربي ولنبدأ بمرحلة الطفولة: الطفولة هي أهم مراحل الحياة وأفضلها، فهي تتسم بأفكارها البريئة والطيبة وترتكز أهميتها في أن الطفل في هذه المرحلة يكون متسائلًا عن كل شيء، ويحاول أن يكتشف كل شيء، ولكن الطفل العربي يعاني من تقييد حبه لاكتشاف الأشياء والطبيعة والمجتمع والمحيط، وذلك بسبب أن الأهل في هذا العمر يبدؤون بتعبئة عقل الطفل بالخرافات، فتارة يجب أن ينتبه من الظلمة خوفًا من الجن، وينتبه من الخلوة خوفًا من الشياطين، وينتبه من العفريت والحنفيش وما إلا هنالك، فيصبح خائفًا لا يستطيع أن يستكشف محيطه ولا أن يتم مرحلة الطفولة ومرافقاتها من حب التساؤل والاكتشاف، ويضطره هذا لأن يدرك مرحلة المراهقة دون أن يتم مرحلة الطفولة، وتكون المراهقة بهذا مكسورة مسبقًا.
المراهقة: هي من أجمل مراحل الحياة، وفيها يجب أن يكون الإنسان حصد معارفه بالطفولة، ويجب أن يتوجه الآن لاختبار خبرته واكتسابها فيعود ليجد نفسه مرة أخرى محاصرًا بالعادات والتقاليد وكلام الأكبر سنًّا، ويترافق هذا مع خوفه الخرافي المكتسب من الطفولة، أما الآن فقد توسع الخوف وأصبح الخوف خوفين، فأصبح اليوم يخاف أن يتكلم أمام الأكبر سنًّا، وأن يتجاهل الأعراف والتقاليد ويحكمه مقولتهم الغريبة «أكبر منك بيوم أعرف منك بسنة» مما يجبره على أن يلوذ بالصمت أمام كلام الآباء والأجداد والأكبر سنًّا عمومًا؛ بل حتى لا يشاركهم أحاديثهم لأنه هو الجاهل بنظرهم وهم الأكبر والأعرف، وكأن السن يرتبط بالمعرفة، ويقف دون حراك أمام عادات المجتمع وتقاليده البالية والسيئة التي لا يستطيع أن يتخطاها أو يكسرها أو حتى يقترب منها، فكله إما عيب أو حرام. وأقول هنا عن الحرام إنه عادات لأن الحرام لدينا لم يعد يرتبط بالدين أبدًا، فالكثير من الأشياء والأسئلة يحرمها المجتمع، ويجعلون تحريمها جزءًا من الدين.
فلكم سمعت أحد المراهقين يسأل معلمه أو أباه أو الأكبر سنًّا إجمالًا أسئلة تجول في خواطره مثل: «إذا كان لكل شيء خالق فمن خلق الله؟» فيكون الجواب الشافي والكافي له أن اقرأ المعوذات واستعذ بالله من هذه الأسئلة، أما فيما يخص الأسئلة الجنسية فهي محاصرة من كل الأطراف، فهي عيب وحرام وتخالف عادات الشرف الكاذبة التي تربط الشرف بعلاقة من المحتم إقامتها، قبل أن يكون الشرف بالصدق والإخلاص والقيم الطيبة والخيرة.
ووسط كل هذا يتجه المراهق العربي لمرحلة الشباب وهو محاط بكل هذه القيود من الخوف وما إلى هنالك، وهو أسير سجنه الفكري الأشد صعوبة من السجون الحديدية، وبحكم كثرة العادات والتقاليد الكاذبة والسيئة يسجن مرة أخرى في شبابه بعادة الزواج المبكر، الذي يضعه أسيرًا راكضًا وراء لقمة العيش دون أن يدركها، ووراء عائلة لا يستطيع إعالتها بسبب تردي الأحوال الاقتصادية بالوطن العربي، لينهي مرحلة شبابه راكضًا وراء رغيف الخبز، وينتقل لمرحلة الشيخوخة مكبلًا بخوفه وأوضاعه المادية المزرية، أسير عادات مجتمع أكل عليها الدهر وشرب، دون أن يقدم شيئًا إلا الخوف لمجتمعه وممارسة دوره بتربية أطفاله على الخوف الذي تربى عليه، ليعود ضحية الأمس مجرم اليوم.
يدخل مرحلة الشيخوخة ليبدأ يعد نفسه لعذاب القبر وجهنم والحمم الحارقة فيها، ناسيًا أن الله محب لعباده ضاربًا برحمته التي وسعت كل شيء عرض حائط، مكملًا حياته مع مخاوفه التي مر بها، يندب حظه ويبكي لعنته التي جعلته يولد في الشرق الأوسط، ويكمل حياته بين جميع هذه القيود والسجون والعادات السخيفة التي ساهمت بجزء كبير في جعله فاشلًا.
لا أزعم أني شرحت في هذا المقال كل مراحل الحياة ومرفقاتها من خوف، فالكلام يطول والخواطر كثيرة، وستكون لنا وقفات أخرى أمام قضايا مجتمعنا، سنستفيد ونفيد بها إن شاء الله، ولا يدفعنا لهذا إلا أن نساهم في إخراج العربي من سجنه، والمارد من قمقمه، وتشجيعه على أن يقدم شيئًا لمجتمعه، ولكوكبه الأخضر الذي أصبح العربي فيه عالة على البشرية، فهو يأكل مما لا يزرع، ويلبس مما لا ينسج، ويشرب مما لا يعصر. وأختم مقالي هذا بالمقولة المعروفة للعظيم جبران خليل جبران.

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe