Skip to main content

كيف تدمر إنساناً مصرياً؟------

كيف تدمر إنساناً مصرياً؟

2015-08-31 | وائل قنديل- العربي الجديدكيف تدمر إنساناً مصرياً؟
تصلح قصة "صفر مريم" مثالاً نموذجياً لكيف تهزم المواطن المصري في إنسانيته، وتحيله إلى كائن محطم، لا يساوي جناح بعوضة.
مريم ملاك، هي خالد سعيد الحي، الثاني قتلوه تعذيباً على أيدي أفراد "الداخلية"، ثم قالوا إنه ابتلع لفافة من مخدر البانجو، أما مريم فإن عملية قتلها تجري الآن، على أيدي جهاز حكومي يكره التفوق والنجاح، ويزيّف في درجات الحرارة وحالة الطقس، فكيف لا يزيّف نتيجة امتحان طالبة في الثانوية العامة.
أداة القتل المستخدمة في الحالتين واحدة، هي إدارة ضخمة، اسمها مصلحة الطب الشرعي، كما زيّفت تقرير وفاة خالد سعيد، وفصلته على مزاج وزارة الداخلية، زيّفت تقرير نتيجة امتحان مريم في الثانوية العامة، وأصرت على أنها جديرة بدرجة "الصفر"، على الرغم من أن درجاتها في العام السابق، والمراحل التعليمية السابقة، كانت تلامس المائة بالمائة.
هم لا يكرهون مريم، بشخصها، لكنهم لا يطيقون أن ينتصر المواطن المصري في مواجهة إرادة الحكومة، فما بالك والأرقام الكاذبة لعبتهم المفضلة، منذ فرض تقديراتهم المجنونة لحشود الثلاثين من يونيو/ حزيران، وحتى مهزلة المائة مليار، دخلا لتفريعة قناة السويس.
ولو وضعت في الاعتبار أن دولة الصفر"صفر المونديال الشهير" عادت إلى مقاعدها وقواعدها الآن، يمكنك أن تتخيل الدوافع النفسية والوجودية التي تجعل الحكومة تخوض المعركة ضد طالبة الثانوية العامة، بالشراسة نفسها التي حاربت بها في قضية خالد سعيد.
انتصر خالد سعيد، ميتا، في الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011، انتصر حين كسرت صفحته الإلكترونية الدولة العسكرية المتغطرسة التي تضخمت على مدار عقود، انتصر حين تفوق الحلم على آلة القمع، وخلع قائدها، بعد ثورة الكرامة الإنسانية، وانهزمت دولة تزوير الانتخابات وتزييف أسباب الوفيات، والنظر إلى المواطن باعتباره دابة في مراعي الاستبداد.
وعلى ضوء ذلك، يمكنك استيعاب هذا التوحش الانتقامي، من "دولة الصفر"العائدة، ضد" إنسان يناير"، تقتله على الهوية، تحرقه حياً، ثم تجبر أهله على الإقرار بأنه مات منتحراً، وإلا سترمى جثته للكلاب، وتعتقله وتسحله وتسجنه وتعذبه، وتأتي بـ" حانوتي حقوق إنسان"، مثل حافظ أبو سعدة، ليدبج تقريرا عن حالة المحبوسين في السجون، لا يختلف عن تقرير وفاة خالد سعيد، أو نتيجة مريم.
بهذه الكيفية، مات أحمد سيف الإسلام كمداً، بعد أن شطروا قطعتين من لحمه، سناء وعلاء، وألقوا بهما في غيابة السجن، ثم مات مئات المساجين، أكاديميون مرموقون ومحامون وسياسيون محترمون وشبان نابغون، تعذيباً ونهشاً بالمرض والرطوبة، وكثيرون آخرون ينتظرون.
بهذه الرغبة المتوحشة في الانتقام والإذلال والقهر، يعامل عصام سلطان وعلاء عبد الفتاح والبلتاجي وأحمد ماهر والخضيري وإسراء وصهيب وعمر وعادل ويارا وأبو إسماعيل وأبو البخاري وعشرات آلاف، اعترضوا على مشيئة "دولة الصفر".
على أن سيكولوجية التدمير والقهر لا تتوقف على المصري المعارض، فقط، بل تأخذ في حسبانها تدمير المؤيدين أيضاً، من خلال حقنهم بجرعاتٍ لا تتوقف من الوهم والكذب والبلادة، وتسييد نمط من القيم، وصنف من الوطنية المتحللة، يقتل الوعي والحلم والأمل بالتغيير، ويقضي على غدد الفهم والتمييز بين الخير والشر، الحق والباطل، القبح والجمال، والعدو والصديق، والشقيق والغريب، والعالي والواطي، والشريف والمنحط، بحيث لا يرى إلا ما يراه جنرالات دولة الصفر، ولا يعتنق إلا ما يريدونه.
وفي وضعية مثل هذه، من الطبيعي أن ينكسر العالم الفيلسوف الدكتور حسن الشافعي، رئيس مجمع اللغة العربية، ونائبه الدكتور محمد حماسة، أمام رئيس "جامعة الصفر" القاهرة سابقاً، ويصبح من مستلزمات البقاء على قيد الحياة، والنجاة من توحش السجن، أن يتخلص المواطن من جنسيته المصرية، ويتنازل صاغراً عن ممتلكاته وحقوقه وجذوره الممتدة في عمق الزمان والمكان.
قالها صلاح عبد الصبور ورحل:

في بلد لا يحكم فيه القانون/ يمضي فيه الناس إلى السجن بمحض الصدفة/ لا يوجد مستقبل في بلد يتمدد فيه الفقر/ كما يتمدد ثعبان في الرمل/ لا يوجد مستقبل.

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe