Skip to main content

إسرائيل تحضر الحفلة وتشارك في تقسيم الكعكة-----

إسرائيل تحضر الحفلة وتشارك في تقسيم الكعكة

2015-08-25 18:49---د. مصطفى يوسف اللداوي
إسرائيل تحضر الحفلة وتشارك في تقسيم الكعكة
بوقاحةٍ وغير خجلٍ، وسفالةٍ وقلة أدبٍ، يرتفع الصوت الإسرائيلي انتصاراً للإنسان العربي المعرض للقصف والموت، وكأنهم يقفون معه، وينتصرون لحياته، ويؤيدون مطالبه، ويحزنهم ما أصابه وما لحق به، ولا يرضيهم ما ينزل به من محنٍ ومصائب، في الوقت الذي لا تتوقف طائراتهم عن الإغارة، وصواريخهم عن القصف، ولا تهدأ عملياتهم الأمنية اليومية، وعمليات المداهمة والاعتقال، وكأنهم في فلسطين رحماء، ومع المواطن الفلسطيني كرماء وعدول، وطيبون وصادقون ومخلصون، ولا يظلمون ولا يعتدون، ولا يقتلون ولا يغدرون، وكأنهم هم المثال الأفضل، والنظام الأنسب، وعلى الآخرين أن يحذوا حذوهم، وأن يكونوا مثلهم ويتعلموا منهم.
إسرائيل ليست غائبة عما يجري في المنطقة العربية، فهي حاضرةٌ تتابع وتراقب، وليست بريئة مما ينفذ فيها ويخطط، فهي إن لم تكن تنفذ جرائمها بيديها، فإنها توكل إلى عملائها وزبائنها القيام بما تريد، وتنفيذ ما ترغب، وتحقيق ما تصبو إليه وتأمل، وما تدمير بلادنا، وخراب أوطاننا، وشتات شعوبنا، وتمزيق أمتنا، وضياع مستقبلنا إلا أحلاماً يهودية، وأمنياتٍ صهيونية، عملوا من أجلها طويلاً، ودفعوا في سبيلها كثيراً، وتآمروا مع الكون كله لتكون، إذ أن فيها بقاءهم، وفي تحقيقها أمنهم وسلامتهم، وعكسها خطرٌ عليهم، وتهديدٌ لمصالحهم، وتعريضٌ لأمن ومستقبل وجودهم، ولهذا فإنهم لا يغيبون عن الساحة، ولا يتأخرون عن المساهمة، ويتدخلون حيث يرون لهم نفعاً، وينسحبون عندما يعتقدون أن انسحابهم خيرٌ لهم وأفضل.
بلغ الأمر في الإسرائيليين، حكومةً وجيشاً، ومثقفين وإعلاميين، وقاحةً عجيبة، وصفاقةً غريبة، وتدخلاً سافراً وصريحاً في شؤوننا العربية، إذ بات لهم رأيٌ فيما يجري ويحدث، وكأنهم أشقاء وإخوان، وأصدقاءٌ وجيران، ولهم الحق في أن يكون لهم دورٌ ورأي، ونصحٌ ومشورةٌ، وهو ما بات يمارسه الإسرائيليون جميعاً، العامة قبل الخاصة، في الشارع وعبر وسائل الإعلام، وفي الندوات والمؤتمرات، وفي الحوارات العامة وعلى صفحات الجرائد، وكأنهم ليسوا مجرمين، ولم يسبق لهم أن قصفوا وقتلوا، واحتلوا وطردوا، وصادروا ودنسوا، وارتكبوا أشد الجرائم وأخطر الانتهاكات، فيبدون وكأنهم حكماء وعقلاء، وإنسانيون وحضاريون، يدعون إلى العدل، ويرفضون الظلم، ولا يقبلون بالصمت إزاء الجريمة، ولا بالسكوت عن قول الحق لأنه فضيلة.
إنهم يتحدثون عن حقوق الإنسان، وأن الإنسان العربي مهدور الكرامة، ومحرومٌ من الحقوق، وأن حياته مستباحه، وممتلكاته منهوبة، ومقدساته غير مصانة، وأنه يتعرض للموت الرخيص بلا ثمن، ويقتل بالعشرات والمئات دون مساءلة ولا محاسبة، وأنه يقصف بلا رحمة، وتلقى فوق رؤوسه الحمم والمتفجرات، التي تقتل بلا تمييز، وتدمر بوحشيةٍ، ويعيبون على العالم صمته وسكوته، ويحرضونه على التدخل في الوقت الذي يرونه مناسباً، ليكون للعالم دورٌ في حماية المواطن العربي، والانتصار لكرامته، والحفاظ على حياته، وعدم السماح للقوى المتصارعة بالاعتداء عليه وقتله.
بل إنهم يطالبون بتغيير أسماء الكيانات العربية، وشطب القواسم المشتركة بين سكانها، وإعادة تشكيلها من جديد، والاعتماد في التقسيم على معايير جديدة، تأخذ بعين الاعتبار مصالحهم ومنافعهم، وتراعي أمنهم وسلامة كيانهم، وهذا لا يكون بزعمهم في ظل دولةٍ عربيةٍ واحدةٍ، تجمع بين حدودها كل الأقليات والإثنيات والأديان، ليكونوا جنباً إلى جنب مع الأغلبية العربية السنية، إذ أن هذه الدولة برأيهم قد أثبتت فشلها، وتسببت في إلحاق أضرارٍ فادحة بمكونات شعوبها، ولم تتمكن من الحفاظ على موروثات التاريخ العرقية والإثنية.
للأسف فإن الكيان الصهيوني يشعر بغير قليلٍ من الراحة والطمأنينة، وبالكثير من الثقة والاعتداد بالنفس، ولا يبدو عليه الرعب ولا الخوف، ولا يسكنه القلق وهواجس الخطر الذي اعتاد أن يسيطر عليه على مدى العقود الستة التي مضت، التي صبغت حياته بالخوف والحيطة والحذر، وجعلته دائماً في أعلى درجات الاستعداد والجاهزية، ولكنه الآن يشعر بأنه قد تجاوز التحديات، وتحدى الصعاب، وسقطت من أمامه الجيوش التي كانت تخيفه، والقوى التي اعتادت أن تهدده، ولم يعد أمامه ما يعتقد بأنه يهدد وجوده، ويستهدف بقاءه، ويعرض هويته للشطب، ومواطنيه للخطر، ومستقبل كيانه للزوال.
هو ربما يشعر بالكثير من الشماتة في أنظمةٍ هددت أمنه، واستهدفت استقرار كيانه، وألحقت الضرر بمواطنيه وسكانه، وأشغلت جيشه ومؤسساته، وأربكت سنواتٍ طويلةً مخططاته ومشاريعه، عندما رعت المقاومة واحتضنتها، وآوتها واستضافتها، وزودتها بالسلاح ومكنتها من التدريب والتنظيم، ومنحتها مكاتب ومقراتٍ، وقواعد ومعسكراتٍ، ودعمت مواقفها وعززت شعاراتها، وتمسكت بالأهداف الفلسطينية والثوابت العربية، وطالبت باستعادة الحقوق وتحرير الأرض وطرد المحتل، الأمر الذي مكَّن للمقاومة في المنطقة، وأرسى قواعدها عميقاً في الأرض، وسهل لها التمدد والانتشار، والتوسع والتأثير، ورفع صوتها عالياً، ومكنها من الحضور والمشاركة، والتمثيل وفرض الرأي.
الإسرائيليون يتطلعون لأن يكون لهم مما يحدث نصيبٌ وأجر، وحصةٌ كبيرة تليق بصمتهم، وتستحق حيادهم، فهم يدعون أنهم لم يتدخلوا مع فريقٍ ضد آخر، ولم يناصروا طرفاً، ولم يكن لهم على الأرض فريقٌ يمثلهم، ويقاتل نيابةً عنهم، لذا فإنهم ينتظرون أن تكون لهم من الكعكة العربية التي بات تقسيمها لزاماً وواجباً حصةً كبيرة، بل إنهم يتطلعون أن يقوموا هم بالتقسيم والتوزيع، فهم أدرى بالمنطقة ومصالحها، وأعلم بشؤونها وما يخدمها، فلماذا لا يكونون هم الذين يحملون سكين التقسيم وقلم الحدود.
ألا يدرك العرب أنهم يخدمون عدوهم، وأنهم يمكنون له في الأرض، وأنهم يؤدون عنه الدور بالنيابة، وأنه يستخدمهم لمصالحه، ويسخرهم لخدمته، وأن ما يجري في المنطقة العربية لن يخدم أحداً غير الإسرائيليين وحلفائه، وأن المتضرر من كل ما يجري هم شعوبنا وأوطاننا وخيراتنا، فلنفق ونستيقظ، ولنعد إلى حكمتنا وعقلنا، ولنحمِ أنفسنا ومستقبلنا، وأبناءنا وأجيالنا، وليتنازل لبعضنا لنحميَ ما بقي من إرثنا، وإلا فلا نحلم بعد اليوم بوطنٍ واحدٍ، ولا بأمةٍ عربيةٍ موحدةٍ، وإن كانت ذات رسالةٍ خالدة.

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe