Skip to main content

*أساطير صغيرة منصور الصُويّم "الطيب" سواق اللوري وتاجر السمسم

Mansour El Souwaim
*أساطير صغيرة
منصور الصُويّم
"الطيب" سواق اللوري وتاجر السمسم

والمهنتان "السواقة" و"تجارة السمسم" كان يمتهنهما صديقي الطيب، وكنت أنتظره كل يومي ثلاثاء وخميس، وهما اليومان اللذان يأتي فيهما بحصاد تسوقه بأسواق "أم دورو" في قرى وفرقان جنوب دارفور، جهة تلس وبرام وما حولهما من أسواق أسبوعية صغيرة في النخارة والعمود الأخضر وغيرهما. يسافر في هذه الرحلة طوال موسم المحاصيل، نشط وحيوي ومفعم الشباب، ويشاركه الرحلة عدد قليل من تجار المحاصيل الصغار، يتاجرون في الكركدي والفول والعرديب والصمغ العربي والذرة والسمسم الأحمر، أما هو "سواق اللوري" فمختص فقط بالسمسم الأبيض، وهو الوكيل الشرعي لكل من يسافر على ظهر لوريه السفنجة "بيد فورد" زرقاء المقدمة، والطيب وكيلهم الرسمي، وكنت أنا من يحاسبه ويراجعه في أوزان بضائعه وقناطير محاصيله وأسلمه أمواله وأموال من معه كاملة لا تنقص فلسا.مغ العربي والذرة والسمسم الأحمر، أما هو "سواق اللوري" فمختص فقط بالسمسم الأبيض، وهو الوكيل الشرعي لكل من يسافر على ظهر لوريه السفنجة "بيد فورد" زرقاء المقدمة، والطيب وكيلهم الرسمي، وكنت أنا من يحاسبه ويراجعه في أوزان بضائعه وقناطير محاصيله وأسلمه أمواله وأموال من معه كاملة لا تنقص فلسا.
العلاقة بيننا كانت محصورة فقط في المعاملات التجارية ولم تتعد ذلك قط في أيامها الأولى؛ استلم الأوزان، أراجع المبالغ المستحقة، أسلمها للطيب، ثم انسحب بعيدا وأراقبه وهو يحاسب بدوره تجاره الصغار من مرافقيه على اللوري، يضاحكهم ويمازحهم وهم يلتفون حوله في حب كبير، إلى أن جاء يوم ولسبب ما تخلف الطيب عن السفر وفضل أن يقضي بقية يومه معنا في الدكان، واليوم – بلا عمل – طويل وممل في سوق نيالا الكبير.. دردشنا قليلا، وكنت باردا لأني اقتنص مثل هذه الفرص في القراءة، فاغتنمت لحظة صمت ما تمددت بيننا وأخرجت من درج مكتبي ديوان البحر القديم للشاعر مصطفى سند، وحاولت الانسحاب تكتيكا من الطيب سواق اللوري والانزواء مع كتابي، لكني سمعته يردد من مكانه: " للريح خمرك للمساء وللظلال والبرق لي.. والرعد والسحب الخطاطيف الطوال
تروى هجير النار تحت أضالعي الحرّى وتلحف في السؤال كيف ارتحالك في العشيِّ بلا حقائب أو لحاف؟".
في ذلك اليوم البعيد، عرفت ما لم أعرفه من قبل عن مصطفى سند، وشعراء آخرين، تدفق الطيب السواق بشكل أذهلني وهو يتلو الأشعار، متنقلا من شاعر إلى آخر، ومتحدثا بين كل قصيدة وأخرى عن مسألة نقدية، فنية وجمالية، أو عن مناسبة مزعومة أو طرفة عن الشاعر والقصيدة.. دهشت، وصرت كل خميس وثلاثاء انتظر مقدم لوري السمسم الأبيض، ومعه كتاب أو اثنان وحديث حول الرواية والفلسفة والدين والسياسة والتاريخ وأخيرا جدا.. المحاصيل.
في يوم خميس أو لعله ثلاثاء من أيام نيالا البعيدة لم يحضر الطيب، ولكن حضر شركاؤه الصغار، ثم رويدا رويدا تسرب الخبر: (اغتالته بالأمس عصابات النهب).. تحاسبنا ومضت الحياة.
لم يخطر لي – وقتها – أن أسأله من هو ولمَ هو سواق لوري وليس شاعرا وأين محاصيله من الكتابة؟
*زاوية يومية بصحيفة (اليوم التالي)

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe